مبارك بن حويل في أمان الملك ورحاب رئيس الوزراء

الملك أبّاً للمُعذِّبين وخصماً للمُعذَّبين

2013-07-01 - 10:25 م

مرآة البحرين (خاص): لقد قالها حمد بن عيسى منذ أشهر، عندما ذهبت إليه قبيلة المعذب المعروف مبارك بن حويل، تترجاه لتبرئة ابنها من جرائمه التي ارتكبها ضد المعتقلين السياسيين، الأطباء خصوصاً، قال الملك لكبيرهم مبتسماً ومطمئناً: قولوا له اعتبرها قرصة إذن من أبوك.

كان الجميع هناك يعلم، الملك وقبيلة المُعذِّب، أن بن حويل (رئيس قسم مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية والذي قام بالتحقيق مع الكادر الطبي وتعذيبهم وأخذ اعترافاتهم تحت التعذيب)، ليس أكثر من أداة تنفيذ لما أُريد منه، وأنه كان يأتي جرائمه في التعذيب من أجل كسب رضا الأب، لذلك لن يخذل الأب الابن المطيع، وإن كان مضطراً لعمل محاكمة شكلية فرضتها عليه ورطته بتوصيات تقرير بسيوني، كما يعلم الجميع أن جلسات المحاكمة هي أقصى ما في حد القرصة، لهذا كانت ابتسامة الملك تسبق رجاءات من أتوه معاتبين: مبارك بن حويل هو ابنكم وخادمكم الوفي والمطيع.

اليوم 1 يوليو 2013 ، انتهت لعبة القرصة، قرصة الأب الاضطرارية، وجاء الحكم حاسماً: البراءة. بن حويل إذاً، لم يعذّب أحداً من الأطباء الذين شهدوا جميعهم ضده، كل شهاداتهم باطلة أو زائفة أو واهمة أو غير موثوقة، هكذا رأت عدالة المحكمة، المحكمة التابعة لإرادة الأب، لا لإرادة الحق والقانون والعدالة.

وهكذا أراد الملك، أن يكون أبّاً للمُعذِّبين، وخصماً للمُعذَّبين. يقرص إذن الأول بالحد الأدنى، ويضرب الثاني بالحد الأقصى، ولولا إحراج المجتمع الدولي الذي يسأل النظام عن محاكمة المعذِّبين، لما أصاب الفريق الأول حتى قرصة، ولولا المجتمع الدولي الذي استنكر الأحكام التي صدرت في حق معتقلي الرأي والأطباء والمهنيين، لما خرج من سيف الضربة أحد من الفريق الثاني. 

العائلة التي ذهبت للملك قبل أشهر معاتبة وراجية، سيكون لها -بطبيعة الحال- زيارة أخرى خلال الأيام القليلة القادمة. هذه المرة، لشكر الأب، على تخليص الابن من ورطة القرصة، واستبدالها بطبطة حانية على الخد.
وتأكيداً لأبوة النظام للمُعذِّبين ورعايته لهم، لم يتأخر رئيس الوزراء، مساء يوم الحكم نفسه، فقد فاجأ مجلس المُعذِّب بن حويل بالحضور الشخصي، ليقدم له تهانيه الحارة وتبريكاته لنهاية لعبة القرصة، وليؤكد له أن الأب لا يخذل أبناءه المطيعين.  ليس هذا جديداً على رئيس الوزراء الأب، الذي تعودنا على رؤيته يتعنى للحضور شخصياً حيث أماكن التحريض والكراهية، ليخاطب المجتمعين بخطاب الأب الحاني، كما فعل عندما زار ساحة البسيتين في أوج تصدرها للكراهية وللوحات الجلاد عادل فليفل الابن المدلل لرئيس الوزراء،الذي خاطب أتباع فليفل بـ"أنتم أبنائي"، و"نحاول نسوي هالساحة لكم"، و"كلنا وياكم".

حتى اليوم، لم تتم محاكمة أي من القتلة أو المعذِّبين في أجهزة الدولة إلا على سبيل قرصة الأب الراعي للتعذيب والمعذِّبين. أحكام هزلية لقتلة الشهيد فخراوي والشهيد هاني عبد العزيز، دون التأكد حتى من وجودهم داخل السجن حتى الآن، وتبرئة قتلة الشهيد العشيري، وتبرئة المعذبين المتورطين في عدة قضايا مثبتة بالتقارير الطبية وتوثيق لجنة تقصي الحقائق، مثل قضية معذبة الصحافية نزيهة سعيد وعدد من الأطباء. كل هؤلاء القتلة والمعذِّبين أبناء الملك، وها هو يقول لهم واحداً وراء الآخر: اعتبروها قرصة إذن من (أبوكم).

لقد افتتح الملك عهد الإصلاحي بإعطاء حصانة قانونية للمعذبين، فقد أصدر مرسوم بقانون رقم (56) لسنة 2002 بالعفو عن مرتكبي الانتهاكات. وينص المرسوم بشكل لا لبس فيه على "عدم سماع أية دعوى تقام أمام أية هيئة قضائية، بسبب، أو بمناسبة الجرائم محل العفو، أياً كان شخص رافعها، وأياً كانت صفة المقامة ضده، سواء كان مواطناً عادياً، أو موظفاً عاماً مدنياً أو عسكريا، وأياً كانت مساهمته في تلك الجرائم، فاعلاً أصلياً أو شريكاً".

لا شك أن الجرائم التالية لهذا المرسوم تفوق فظاعة ما قبله، ولا شك أيضاً أن الحصانة التي يتمتع بها جيل المعذبين التاليين لهذا المرسوم تفوق ما كان يتوقعه عادل فليفل.

سيظل التعذيب يبعث من جديد في البحرين، وستظل البحرين عاصمة للتعذيب الممنهج، مادام الملك أبّاً للمُعذِّبين وخصماً للمُعذَّبين.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus