قاتل برجل مكسورة

الأخطر، هي الوثيقة التي قدمتها النيابة العسكرية، وهي شهادة الوفاة الصادرة للشرطي كاشف منظور، والتي تثبت أنه توفي في الساعة 7:30 صباحاً، في حين أن الحادثة بحسب الشهود والتقرير الإخباري وقعت في الساعة 8:00 صباحاً!">

2011-05-31 - 5:43 م


مرآة البحرين (خاص): في دفاعهم، قدّم محامو المتهمين بقتل الشرطيين، وثيقة رسمية تثبت أن إحدى رجلي المتهم الأول علي السنكيس، والذي حكم عليه بالإعدام، كانت مكسورة يوم الواقعة. النيابة شككت في الوثيقة لصدورها من مستشفى "محتل" هو مستشفى السلمانية حسب زعمها، وبدعوى أن الطبيب الشرعي وبعد اطلاعه على الأشعة نفى أن تكو ن رجله مكسورة.
الأخطر، هي الوثيقة التي قدمتها النيابة العسكرية، وهي شهادة الوفاة الصادرة للشرطي  كاشف منظور، والتي تثبت أنه توفي في الساعة 7:30 صباحاً، في حين أن الحادثة بحسب الشهود والتقرير الإخباري وقعت في الساعة 8:00 صباحاً!

هواية تصوير الحوادث

منذ يوم الواقعة، يتردد سؤال مهم عن قضية مقتل الشرطيين. أين هي الصور التي لا بد أن تكون طائرات الهيلوكبتر – المعدة للمراقبة – قد التقطتها؟ تلك الطائرات التي لا لم تكن تبارح الدوار لمراقبته طوال فترة اعتصام المحتجين؟

فرغم أن هذه الطائرات المجهزة بكاميرات ضخمة وعالية الأداء صورت الأحداث "العرضية" في جامعة البحرين بكل دقة، وصورت أحداث المرفأ المالي، إلا أن الفيلمين اللذين عرضا على التلفزيون، فيما يخص الحادثة، صورهما شاهد عيان كما زعم.
 
الغريب أن التلفزيون كان قبل يوم واحد فقط، أعلن عن عنوان بريده الإلكتروني، لأي شخص أو جهة تريد أن ترسل فيديو أو صوراً توثيقية. لم يصل التلفزيون في كل هذه الأزمة سوى هذين الفيلمين المتعلقين بحادثة الدهس المزعومة تلك.

الفيديو الذي عرض رافقه صوت رجل يتكلم بلهجة شامية، وامرأة تتصنع بشكل فاضح التأثر والبكاء.  تركيب هذا الصوت على الصورة، تلاعب مكشوف، إذ لا يوجد في الفيلم أدنى أثر لأي صوت من موقع الحدث، رغم وضوح الصورة، ما يدل على أنه لم يصور من مكان بعيد.

ظهر صاحب الفيلم المصور على شاشة  "العربية" ليقسم أنه من هواة التصوير وأنه هو الذي صور الحادث صدفة. لم يرينا ماذا صوّر خلاف ذلك؟ ولم يتكلم عن أي تفاصيل أخرى لما حدث يوم الدوار؟ إضافة إلى أنه وفي هذا الوقت الصعب جداً، لم يخبرنا أين كان حين صور هذه الحادثة. علماً بأنه لا توجد مبان سكنية في زاوية الحادثة غير منازل قاطني منطقة سنابس.

موقع مؤمّن... وقوات لا تطلق النار

يتساءل أحد المراقبين: كيف يمكن للمتظاهرين، وبهذا العدد من السيارات في الساحة المواجهة لمجمع الدانة، أن يتمكنوا من دهس شرطيين في موقعين مختلفين، ودوس جثتيهما عدة مرات، والنزول للتنكيل بالجثة، ومن ثم الهرب من المنطقة – المحاذية لدوار اللؤلؤة - وذلك بعد بدء عملية الإخلاء بحوالي ساعتين ونصف، دون أن تحضر أية قوة إضافية إلى موقع الحادث "المؤمّن افتراضاً"؟

بل كيف تتعرض القافلة خلال مسيرها إلى إطلاق نار من جهة مجمع البحرين التجاري (مجمع جيان) والذي يقع في الشارع نفسه قبل مجمع الدانة (المكان الذي تزعم السلطة أنه دهس فيه الشرطيان كما ذكر)، ويفشل تأمين هذه المنطقة فيما بعد، حيث قتل فيها الشرطيان، في حين أنها تعتبر من الساعة 6:35 منطقة أخطر من دوار اللؤلؤة لما حدث فيها من "قتال مسلّح" بحسب التقرير الإخباري؟

يقول شهود الإثبات في هذه الواقعة، أن كتيبة قد تحركت من الدوار إلى الساحة المقابلة للدانة، هذه الكتيبة يفترض أن تضم 30 عنصراً على الأقل منهما الشرطيان المقتولان، فلماذا لم تتعامل هذه القوة الموجودة أساساً إلى جانب الشرطيين في ساحة الدانة مع المعتدين بدلاً من التفرّج؟ لماذا لم يحدث إطلاق نار نهائياً؟ بل كيف استطاع المتهمون الهرب دون اللحاق بهم على أقل تقدير، في حين أن المنطقة كلها كانت مطوقة!

ظروف المواجهة والتعرف على المعتدين

بيان وزارة الداخلية ادعى يوم الواقعة، أنه قد تم إلقاء القبض على عدد من المتورطين "في هذا العمل الإجرامي الشنيع"، في حين أن المتهمين السبعة في حادثة القتل، لم يلق القبض عليهم في هذا اليوم.
مشكلة البيانين المتعارضين بين قوة الدفاع ووزارة الداخلية بعد إخلاء الدوار ستجد لها حيزاً كبيراً هنا أيضاً، فالأول يدعي أن العملية انتهت مع الحفاظ على سلامة الجميع، والثاني يدّعي "استشهاد رجلي أمن"!

تواجه القضية إشكالية أكبر، هي ظروف المواجهة التي لم تكن متوفرة قطعاً، فما ظهر في مقاطع الفيديو وما وصفه كثير من الشهود، هو حالات الخوف والهلع والفرار والتراجع بين صفوف المتظاهرين الذين كانوا رجالاً ونساء وأطفال. أكثر الحالات شجاعة هي للذين أصروا على البقاء لإنقاذ المصابين والمختنقين ونقلهم من الموقع.
ستكون من نوادر التاريخ، أن تهجم مجموعة من الناس على شرطيين بسياراتهم، وبكل هذه الحرية، في موقع مؤمّن بغطاء جوي من 4 طائرات عسكرية، ومطوّق بعدد كبير من الدبابات والمدرعات والآليات العسكرية، وتنتشر في أرجائه صفوف من الكتائب المنظمة لرجال الأمن والجيش، لا تتقدم إلا بعد أن تطلق وابلاً من الرصاص وقنابل الغاز. هل هذه ظروف مواجهة بسيارات مدنية؟

من هما؟

لماذا يتغير شكل جثة الشرطي كاشف منظور ثلاث مرات، في كل شريط مختلف يظهر فيه، ولماذا لا تظهر دماؤه في الشريط الذي صوره شاهد العيان، وكيف يمكن أن يرتفع جذع جثته بزاوية قائمة من أثر ركلة؟
باطلاعهم على أدلة النيابة العامة، تساءل المحامون كثيراً عن جثة الشرطي الآخر، إذ لم يجدوا أي معلومات عن سجله، ولا صورة جثته، ولا يعرف أحد إلى الآن من هو محمد فاروق؟ فلا توجد أي تقارير طبية أو معلومات عنه ولا أي شيء يثبت وجوده على هذه الأرض أو موته بأي شكل كان.

الدليل الواحد

لا توجد في الأدلة الجنائية، أي بصمات أو خلايا لبقية المتهمين في سيارة المتهم الأول، ولأن النيابة ادعت أن كل هذه الآثار قد تم التخلص منها، تساءل الدفاع عن بقعة الدم التي قالت النيابة إن آثارها ظلت موجودة في السيارة؟ وتساءل كذلك عن السيارة المارونية التي ورد أنها استخدمت في الدهس كما في دعوى النيابة، إلا أنها لا تظهر في الفيديو المسجل، ولم يتم الحصول عليها إلى الآن.

يبقى الدليل المعتاد، وهو الاعتراف الذي صوّر قبل النطق بالحكم، والذي سيظل الشهيد علي صقر شاهداً على زوره وبهتانه، بعد أن ظهرت اعترافاته فيه رغم اعتراف النظام بأنه مات تحت التعذيب، ليكون على العكس تماماً، دليل إدانة فاضح لكل من حاك هذه المسرحية القذرة!
 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus