لماذا يدعم أوباما الطغيان بدل الديمقراطية في البحرين؟

2013-07-08 - 10:13 ص

جون غلاسر، هاف بوست ورلد

ترجمة : مرآة البحرين

"أمريكا هي صديق مقرب للبحرين"، قالها الرئيس أوباما في خطاب ألقاه عام 2011 في الأمم المتحدة فقط بعد سبعة أشهر من ردة فعل النظام المستبد في البحرين على الانتفاضات السلمية من أجل الديمقراطية وذلك بإصدار الأوامر لقوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على جموع المتظاهرين.

عقب الوعد الذي أطلقه أوباما بدعوة النظام البحريني "لمتابعة حوار هادف يوصل إلى التغيير السلمي"، قال بأنه يعتقد أن "الوطنية التي تربط البحرينيين ببعض يجب أن تكون أقوى من القوة الطائفية التي من شأنها أن تمزقهم تمزيقًا".

كل من أصغى أدرك أن هناك مستوىً عاليًا من التضليل في ما كان يقوله أوباما فهو يدعو للسلام ولكنه يستمر في إرسال الأموال والأسلحة إلى النظام الذي يسحق المظاهرات السلمية باستخدام القوة المروعة. لكن أوباما ذهب أبعد من ذلك ليسرد رواية دعاية النظام البحريني التي تؤطر الاضطرابات بإطار الطائفية بدل حركة من أجل الديمقراطية.
وكما يتضح، أن هذا هو ما كان يريد النظام البحريني تشكيله. وفقا لرضا أصلان في صحيفة الفورين أفرس:

تقرير البندر الذي لاقى الكثير من الإشادة، وهو وثيقة من 240 صفحة أنتجت في عام 2006 من قبل مركز الخليج للتنمية الديمقراطية وبقلم أحد مستشاري الحكومة نفسها، وثق خطط الحكومة البحرينية لتأجيج الطائفية في المملكة من خلال تشجيع تحويل الشيعة إلى سنة، وتزوير الانتخابات لصالح المرشحين السنة، وخلق جهاز استخباراتي سري للتجسس على المواطنين الشيعة - وكل ذلك لتهميش الأغلبية الشيعية.

إذكاء التوترات الطائفية لا يساعد فقط على تهميش الأغلبية الشيعية إذا ما أرادوا الاحتجاج على ظلمهم، ولكنه أيضًا يغذي كذبة الحكومة البحرينية بـ "أن الانتفاضة في البحرين ليست أكثر من تمرد شيعي مستوحى من إيران ومناهض للنظام السني المحاصر". هذه الكذبة تساعد حلفاء البحرين من العرب والأمريكيين لتبرير الدعم المستمر دون أن تظهر بأنها مساعدة لسحق الديمقراطية.

يحكي أصلان قصة ما حدث لسني بارز انضم إلى المعارضة الشيعية في معظمها في الدعوة إلى الحرية (وهو السيناريو الذي يزعج الدعاية البحرينية). بعد أن تحدث في جمع حاشد، "اقترب أحد المحتجين الشباب من محمد البوفلاسة ودعاه لتناول كوب من الشاي".

مشى وراء الرجل حتى تخوم الدوار. وبينما كان ينتظر مضيفه ليصب له الشاي، أٌقبلت شاحنة محملة برجال الشرطة الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وتوقفت. وضع الرجال كيسًا على رأس البوفلاسة وبدأوا بلكمه وركله. وقبل أن يقوم أي شخص في الحشد بردة فعل، ألقوا به في مؤخرة الشاحنة وأخذوه بعيدًا، ليصبح السجين السياسي الأول للانتفاضة في البحرين.


وخلال الأسابيع الثلاثة التالية، وُضع البوفلاسة سرًا في زنزانة صغيرة انفرادية. وكان يتعرض للضرب بشكل روتيني والتعذيب والإذلال على أيدي حراس السجن، ومن الغريب، أن أحدًا لم يكترث ليقوم بالتحقيق معه. وفي وقت ما، أخبرت الشرطة ابنته البالغة من العمر 13 عام أن والدها قد تعرض لسحر ووضع تحت تعويذة سحرية. وعدوها بأخذه إلى المستشفى لتلقي العلاج، ولكن فقط إذا أخبرت النيابة العامة بأنه تحرش بها. وعندما رفضت، اعتقلتها الشرطة، أيضًا.
وعلى الرغم من أن التهم الموجهة إلى البوفلاسة كانت واضحة، فقد أمضى سبعة أشهر في السجن. وعندما أطلق أخيرًا سراحه، فقد وظيفته، وأصدقاءه، ومصدر رزقه.

حالة البوفلاسة، وبالتأكيد سُنة آخرين ممن وقفوا ضد النظام، تدحض الدعاية التي يريد النظام وحليفه الثمين في واشنطن من الجميع أن يصدقها.

حتى الآن، لم يتوقف قمع النظام البحريني. وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان عمليات القتل والضرب والتعذيب والاعتقالات التعسفية وحالات الاختفاء، والتحرش، وتدمير أكثر من 40 مسجدًا شيعيًا... يوما بعد يوم.

وتواصل الدعم الأمريكي، لا لأن إدارة أوباما تصدق كذبة هذا الصراع الطائفي. وبدلا من ذلك، البحرين تزود الولايات المتحدة بواحدة من أهم عناصر "استعراض القوة" في العالم.
الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين يُمكّن واشنطن من السيطرة على تدفق النفط عبر الخليج، الذي يمر من خلاله أكثر من 40 في المائة من النفط المنقول بحرًا في العالم. هذا يُبرز الإمبراطورية الأمريكية بشكل أكثر وضوحًا، ويمكّن واشنطن من رشوة النظام الاستبدادي في البحرين بالمال والسلاح - وهي الصفقة التي يمكن أن تتغير إذا ما أراد الشعب أن تكون لديه كلمة أكبر في سياسات حكومته.

وجود البحرية الأمريكية الضخمة في الخليج أيضا تسمح لإدارة أوباما التهكم وترهيب إيران، وهو ما لا يريدون التخلي عنه. عندما سارع أوباما في نشر السفن الحربية في الخليج عام 2010، وصفت صحيفة نيويورك تايمز ذلك بأنه "جزء من الاستراتيجية المنسقة للإدارة لزيادة الضغط على إيران" وأيضا " تهدف إلى مواجهة الانطباع بأن إيران تتحول بسرعة إلى أقوى جيش في الشرق الأوسط".
على متن سفينة يو إس إس أبراهام لينكلن في مضيق هرمز في شباط/فبراير الماضي، أوضح مراسل الـ بي بي سي جوناثان بيل: "هذه الناقلة وهذه الطائرات [المقاتلة] هي أكثر من مجرد استعراض للقوة، إنها رسالة واضحة إلى إيران من يسيطر حقًا على هذه المياه؟"

للأسف، الولايات المتحدة مستمرة في دعم الاستبداد في البحرين وذلك لأسباب تقليدية: الحفاظ على السيطرة القصوى لتدفق النفط وتهديد إيران، الدولة الكبرى الوحيدة في المنطقة التي لا تطيع مطالب واشنطن. فلو كان أوباما الوسيط النزيه الذي يريده أنصاره أن يكون، لأقر بهذا للشعب الأمريكي.

3 تموز/يوليو 2013

النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus