رفع صوت حقوق الإنسان في أوروبا

2013-07-11 - 11:47 م

جودي ديمبسي، نيويوك تايمز 

ترجمة: مرآة البحرين 

برلين – عندما زارت كاثرين آشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وستافروس لامبرينديس، مبعوثها لحقوق الإنسان، مؤخرا دولة البحرين الخليجية، كانت هناك آمال كبيرة عند الناشطين في مجال الديمقراطية بأن يتحدث كلاهما عن سجل حقوق الإنسان في ذلك البلد.

وخلال الاجتماع الوزاري الذى يستمر ليومين مع مجلس التعاون الخليجي، الذي استضافته البحرين، أمضى السيد لامبرينديس وقتا طويلا في مناقشة حقوق الإنسان مع المسؤولين والمنظمات غير الحكومية.

كما زار سجن جو، حيث يحتجز العديد من النشطاء لمشاركتهم في المظاهرات المؤيدة للديمقراطية التي سحقتها حكومة البحرين عام 2011. ورغم الاجتماعات، فقد انتقد نشطاء الديمقراطية مسؤولي الاتحاد الأوروبي. فبرأيهم، لم يرفعوا الصوت عاليًا بما يكفي ضد قمع البحرين لحقوق الإنسان.

النزاع حول زيارة السيدة آشتون والسيد لامبرينديس يؤكد المعضلة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي وحكوماتها الأعضاء: ما هي أفضل السبل لتعزيز حقوق الإنسان – ربما في مركز السياسة الخارجية في أوروبا؟ 

فمن جانب هم دبلوماسيون مثل السيدة آشتون، التي تؤمن بالدبلوماسية الهادئة. ومن جانب آخر هم منظمات حقوقية  تحبذ موقفا أكثر صخبا.

في تصريحات لها بعد اجتماع مجلس التعاون الخليجي، طرحت السيدة آشتون التجارة قبل طرحها لمسألة حقوق الإنسان. وحتى ذلك الحين، التعليقات حول سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان كان حذرا. وقالت السيدة آشتون: " أجرينا مناقشات صادقة ومفتوحة حول قضايا، على سبيل المثال، حقوق الانسان"، وأضافت: "قد تكون لدينا وجهات نظر مختلفة في بعض الأحيان، ولكن يمكن أن يكون لدينا هذا الحوار الصادق".

وقالت مريم الخواجة، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان، بأن التصريح العلني للسيدة آشتون قد أصابها بخيبة أمل كبيرة للغاية.

"النظام بالكاد تلقى ضربة على يده"، قالت السيدة الخواجة، التي حكم والدها، عبد الهادي الخواجة، بالسجن مدى الحياة لدوره في المظاهرات الديمقراطية لعام 2011. وأضافت أن كل هذا الإحباط كان نتيجة بقاء المئات من الناشطين وراء القضبان، والتعذيب شيء عادي، ووسائل الإعلام الاجتماعية تحت المراقبة الصارمة.

وقال تقرير جديد لمعهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية في باريس، أن رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي ما زال في السلطة منذ عام 1971، لم يظهر أي استعداد للتغيير. " البحرين واقعة بين الإصلاحات التي ليست على استعداد للقيام بها وبين الانتفاضة غير القادرة على قمعها"، قال كاتبا التقرير، فلورنسا غاب وبوغيا كيستمايكر.

هذا جعل الاتحاد الأوروبي في وضع بين السعي لدبلوماسية هادئة، تكون قادرة على إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع الحكومة البحرينية، وبين التحدث علنا عن خطر قطع البحرين لأي حوار يتعلق بحقوق الإنسان. الحكومة البحرينية ألغت بالفعل زيارة لخوان منديز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيرها من  المعاملة القاسية المهينة أو اللاإنسانية.

واليوم إذا كانت حقوق الإنسان جزء من الهوية الأوروبية، بالتأكيد الدبلوماسيون في أوروبا لن يتورعوا عن الجهر في الدفاع عنها. هذا ما يعتقد به ماركوس لونينغ، مبعوث حقوق الإنسان في ألمانيا.

وما زال السيد لونينغ مناصرًا ثابتًا للدبلوماسية العامة. وقال في اجتماع لجنة البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان (الكشف الكامل: هذا الكاتب اعتدل فيها  ) بأنه يجب على السيدة آشتون أن تتكلم بصوت عال وباستمرار عن حقوق الإنسان.

قلق السيد ونينغ يكمن في أن الاتحاد الأوروبي فشل في الدفاع عن قيمه رغم اعتقاده بعالمية هذه القيم. وقال: "إذا لم نتخذ حقوق الإنسان على محمل الجد في كل وقت، لن نكون شركاء جديين بشأن قضايا أخرى، أيضا".

وقال عدد من المسؤولين في "خدمة الأنشطة الخارجية الأوروبية "، التي تقودها السيدة آشتون والتي حضرت الجلسة أيضا، إن الدبلوماسية الهادئة أمر حاسم لبناء الثقة مع القادة في البلدان غير الديمقراطية. كما كانت أيضا السبيل الوحيد لإحراز تقدم في البلدان التي تمر بتحولات سياسية كبيرة، مثل مصر.

وقال دبلوماسي في "خدمة الانشطة الخارجية الاوروبية" أن السيدة آشتون والسيد لامبرينديس قضيا ساعات طويلة يتحدثان إلى القيادة المصرية حول الحاجة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان قبل الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من قبل الجيش الاسبوع الماضي.

وأوضح الدبلوماسي أنه رغم موجات الاضطراب الأخيرة، والاعتقالات والوفيات، وكذلك التهديد بإغلاق المنظمات غير الحكومية، فإن سياسة السيدة آشتون كانت في مواصلة المحادثات من خلف الأبواب المغلقة. وأضاف الدبلوماسي أنه ستكون هناك نتائج عكسية لقطع الاتصالات أو إصدار بيانات مدوية تتحدث عن شرط عدم الكشف عن الهوية، وهي ممارسة شائعة بين الدبلوماسيين.

هناك سبب آخر لهذا الصمت. فالحكومات الأوروبية تتعرض لضغوط هائلة من جماعات الضغط وقطاع الصناعة  لتكون متسامحة أكثر بحقوق الإنسان. فالانتقادات قد تعرض العقود المربحة للخطر.

في ألمانيا، على سبيل المثال، الصناعيون يتذمرون كلما قامت المستشارة أنجيلا ميركل من انتقاد سياسات حقوق الإنسان في روسيا أو الصين.

ويعتقد الخبراء في مجال حقوق الإنسان أن هذا التذمر معيب استراتيجيا لأنه دون حقوق الإنسان، لن يكون هناك استقرار على المدى الطويل. قبل الربيع العربي، اتهمت الحكومات الغربية بارتكاب خطأ استراتيجي في دعم الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، مفضلة الوضع القائم على حقوق الإنسان.

ويرى البنك الأوروبي للبناء والتنمية والبنك الدولي أن الحكومات الغربية والشركات يعملان بخلاف مصالحهما الخاصة إذا ما رضخا للأنظمة الاستبدادية. الإذعان لعادات الفساد وتجاوز حركات المجتمع المدني يعملان على تقويض الاستقرار بشكل مؤثر على المدى الطويل، قالت المنظمتين.

هذا يترك الاتحاد الأوروبي يواجه تحديًا كبيرًا: كيف يشجع حقوق الإنسان قبل فوات الأوان. في حالة البحرين، السيدة آشتون تبدو واعية من ضغط الوقت. ولكن هل دبلوماسيتها الهادئة هو الجواب الصحيح؟ انقسم الخبراء.

 

*جودي ديمبسي هو رئيس تحرير صحيفة  "أوروبا الاستراتيجية" في جامعة كارنيجي في أوروبا.

8 تموز/يونيو 2013 

رابط النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus