طب بلا خوف أو تحيز

الدكتور علي العكري
الدكتور علي العكري

2013-07-21 - 1:55 م

رويري هانلي، آيريش ماديكل تايمز 

ترجمة: مرآة البحرين 

 

في أعقاب الاضطرابات المدنية الجارية في تركيا، يؤكد الدكتور رويري هانلي مجددا الحاجة إلى منح الأطباء في كل بلد الرخصة في علاج المرضى على قدم المساواة، بغض النظر عن ميولهم السياسية أو عقيدتهم، ودون الخوف من الاضطهاد.

عند كتابة هذا التقرير، كانت المشاكل الجارية في تركيا تهيمن على الأخبار. وكان المتظاهرون المناهضون للحكومة يشتبكون في معارك يومية مع شرطة مكافحة الشغب وكانت سحب الغاز المسيل للدموع تملأ سماء اسطنبول.

معرفتي بالسياسة التركية الداخلية تقتصر فقط على ما قرأت في مجلة الإيكونوميست وصحفنا الوطنية. بالنسبة لي كمراقب بعيد، أرى أن المتظاهرين لديهم مظالم مشروعة، في ظل حكومة تتحرك ببطء لتفكيك التقاليد العلمانية لجمهورية كمال أتاتورك  لصالح نهج ذات نزعة أكثر إسلامية.

ولكن، وبصفتي كطبيب فقد استرعت انتباهي إحدى الحوادث المزعجة والمشؤومة والتي لاقت القليل من التغطية الإعلامية. والتي أظهرت، تحديدًا، بأن وزارة الصحة  في تركيا قد "بدأت تحقيقا" مع الزملاء الذين قدموا مساعدات طبية لـ 7،500 مصاب في الاحتجاجات. ووفقا لوكالات الأنباء العالمية، فقد طلب الجهاز الحكومي من الرابطة الطبية في تركيا تسليم أسماء الأطباء ومرضاهم. ولمنحهم المصداقية، فإن هؤلاء المهنيين الطبيين لم تكن لديهم أي من تلك القوائم.

 

الحملة التركية

عبد الله جنكير، المتحدث باسم  أطباء ميدان غازي، قال لـ (روسيا اليوم): "في الآونة الأخيرة قامت وزارة الصحة بالتفتيش، وقالت لنا إن ما فعلناه كان خطأ. لا يمكنك أن تعاقب أؤلئك الذين يساعدون الناس. وليس هناك  دين أو قانون يمكنه التمييز ضدنا".

 القراء الدائمون لهذا العمود يدركون شعوري القوي جدا حيال هذا الموضوع. أحد أهم المبادئ الأساسية في ممارسة الطب هو حق التعامل مع جميع المرضى على قدم المساواة، بغض النظر عن السياسة أو العقيدة. وتهديد الأطباء بسبب تمسكهم بهذه القيمة الأساسية هو حقًا عمل جبان وحقير من قبل أي حكومة.

إذا كان هذا هو النهج الذي ترغب الحكومة التركية في اتخاذه، فأعتقد بأنه ينبغي رفض محاولاتهم المستمرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على الفور. في الواقع، لا أصدق أن بلدًا له هذا السجل المروع لحقوق الإنسان، الدولة التي تسجن الصحفيين أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض، ينبغي حتى التفكير في عضويته في الاتحاد الأوروبي.

 

الدكتور علي العكري

لسوء الحظ، عندما يتعلق الأمر بمسألة التمسك بالحق الأساسي للأطباء في معالجة المرضى، فإننا كمهنيين طبيين في آيرلندا لا ننجح كثيرا. وأنا أكتب، هناك زميل تدرب في إيرلندا، الدكتور علي العكري، يقبع في زنزانة في البحرين بتهمة ارتكاب نفس "جريمة" زملائنا في تركيا --- علاج المتظاهرين المصابين. حيث يتعرض هو وآخرون  من الأطباء إلى الإحتجاز بصورة غير قانونية والتعذيب والمحاكمة أمام محكمة صورية بتهم سخيفة شملت أشياء مثل "تخزين أسلحة في غرف العمليات".

مواصلة سجن الدكتور علي إهانة لكل ما يجب ان نعتز به كأطباء. لكن،  وحسب رأيي ( إلا القليل من الاستثناءات المشرفة)، فإن رد فعل المهنيين الطبيين ضعيف إلى حد ما.

أولئك الذين يسألون ينبغي سؤالهم سؤالًا واحدًا وبسيطًا. متى كانت المرة الأخيرة التي سمعتم فيها ممثلا بارزا لمجموعة من الأطباء الآيرلنديين يذكرعلنا الدكتور علي العكري بالاسم؟ على ما يبدو، بعض الزملاء راضون بأن تأخذ احتجاجاتنا شكل رسائل القلق الدبلوماسية، أو أن يعبروا عن غضبهم سرا. هذا على الرغم من حقيقة أن هذا الزميل قد تدرب وعمل في هذا البلد. وقد قيل أحيانا لأولئك الذين يتحدثون بأن النهج الذي يكون من "وراء الكواليس" هو طريق المستقبل. شخصيًا، أجد من الصعب جدا قبول هذا الموقف. والأسوأ من ذلك،  هناك البعض ممن يهمس بأن هناك "وجهين لهذه القصة" عندما يتعلق الأمر بالأحداث في البحرين. وإني لأجد أن هذا التلويح يفوق التصور.

 

لا وجهان للتعذيب

لا يمكن أن يكون هناك وجهان للتعذيب الذي يتعرض له الزملاء: هناك ببساطة جناة وهناك ضحايا. ولا يمكن أبدًا أن تكون هناك أي مواربة معنوية أو أخلاقية في هذا الصدد.

إنني أدرك أننا نعيش في عالم تنتشر فيه الصراعات والحروب الإقليمية. ومع ذلك، وبغض النظر عن الاعتبارات المالية، لا يمكننا أبدًا وفي أي وقت أن ننسى مبادئنا الإرشادية الأساسية.

 

اتخذوا موقفًا

أعتقد أن على الأطباء الآيرلنديين الآن اتخاذ موقف. فمهنتنا الطبية ممثلة بمنظمات تمثيلية وتنظيمية وأكاديمية لا حصر لها. لقد حان الوقت لإصدار بيان جماعي يتمسكون فيه بالحق الأساسي لجميع الزملاء في علاج المرضى، ويدين بشكل قاطع أي حكومة أو نظام يفشل في التمسك بهذا المبدأ.

يجب علينا أيضا التحدث علنا والمطالبة بالإفراج الفوري عن الدكتور علي العكري.

وعلاوة على ذلك، أعتقد أنه ينبغي على حكومتنا أن تقدم له (ولزملائه المضطهدين) اللجوء السياسي الكامل في هذه الدولة. وتذكروا: الشر ينتصر عندما لا يحرك الرجال الصالحون ساكنًا.

 

12 تموز/يوليو 2013 

رابط النص الأصلي 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus