حان الوقت للخطة البديلة

2013-07-22 - 11:44 ص

شين مكجينلي، أربيان بزنس

ترجمة: مرآة البحرين

عدد من الأحداث التي حصلت في تموز/يوليو قد أبرزت مجددًا الوضع الصعب الذي تشكله الانتفاضة المناهضة للحكومة منذ سنتين على البحرية الأمريكية في البحرين.

حيث أفيد أن ثلاث سفن رصد أمريكية قد رست في البحرين وقد خططت واشنطن مضاعفة وجودها في المنطقة وسط تصاعد التوترات مع إيران.

 الأجهزة الجديدة تدعم العمليات الأمنية البحرية التي يقوم بها الأسطول الخامس ومن المرجح أن يتضاعف حجمها بحلول الربيع إلى عشر سفن تتمركز بشكل دائم في البحرين.

وفقط بعد أيام من هذا الإعلان، زعمت التقارير بأن شرطيًا بحرينيًا قد قتل في انفجار قنبلة أثناء محاولة قوات الأمن رد هجوم إرهابي مشبوه على مركز للشرطة.

 البحرين تخضع لتدقيق مكثف منذ اندلاع الاضطرابات العنيفة في عام 2011. وهناك العديد من الوفيات التي تعزى إلى الاحتجاجات في العاصمة المنامة، في الوقت الذي تتهم فيه الحكومة بقمع المعارضة في محاولة لها للتشبث بالسلطة.

وفي خضم هذه التوترات الجارية، يطرح أحد التقارير الصادرة عن أحد مراكز الأبحاث الأمريكية سؤالا لم يرد في السابق: هل حان وقت مغادرة الأسطول الخامس من البحرين؟

"نظرًا للاضطرابات السياسية المستمرة، فإن احتمال فقدان حق التمركز الاستراتيجي في البحرين أمر ينبغي النظر اليه بعناية"، يقول قائد البحرية الأمريكية ريتشارد مكدانيال، مؤلف كتاب  "لا خطة بديلة:  المنفذ الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط و قضية البحرين".

ووفقا لمكدانيال، فإن الحكمة التقليدية لمعظم الخبراء العسكريين والمخططين في وزارة الدفاع الأمريكية تقول بأنه "من غير المرجح فقدان مقر الأسطول الخامس في البحرين" و "أن السعوديين والأمريكيين لن يسمحوا بذلك".

هذه النظرية يدعمها كريستوفر هارمر، المحلل البارز في مجال البحرية في معهد دراسة الحرب في العاصمة واشنطن. "من غير المرجح شروع الولايات المتحدة في عملية الخروج من البحرين في أي وقت قريب. لقد أنفقنا الكثير من المال والجهد لبنائه. والأكثر احتمالاً أن تسهم الولايات المتحدة في إيجاد حل تفاوضي للاضطرابات في البحرين إذا ما شاءت الحفاظ على القاعدة هناك. فلو أن الولايات المتحدة أرادت مغادرة البحرين، فإننا سنفقد قدرة التأثير على النتيجة".

وفي حين أن خسارة البحرين ليست نتيجة محتملة في الوقت الحاضر، فإن مكدانيال يعتقد أنه في الوقت الذي لا يزال فيه الوضع السياسي في البحرين غير يقيني، فإنه يجب على الولايات المتحدة "التحقيق في بدائل مجدية بوصفها استراتيجية تحوط ".

"التاريخ الحديث، مثل خسارة المنفذ في إيران والفلبين، علّمنا أن نتوقع ما هو غير متوقع ويسلط الضوء على واقع أن الولايات المتحدة ليس لديها النفوذ في التأثير بكل العوامل التي تسهم في فقدان المنافذ".

إذًا، أين هي خيارات الخطة البديلة وهل هناك أي بديل حقيقي عن البحرين؟  مكدانيال يشير أولًا إلى ميناء جبل علي في الإمارات العربية المتحدة. وبالفعل البحرية الامريكية تستخدم هذا الميناء على أسس روتينية  للقيام بزيارات إلى دبي لتجديد المخازن وإجراء صيانة محدودة.

وفي حين أن هذا خيار محتمل على المدى القصير، يقول مكدانيال إن هناك عاملين من شأنهما أن يستبعدا جبل علي. ويقول: "لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة على استعداد لاستيعاب هذه الزيادة الكبيرة من القوات الأمريكية المتمركزة بشكل دائم. ليس هناك اليوم، في الإمارات العربية المتحدة، اتفاق  حالي لمركز القوات، مما يحد من وجود الجنود داخل البلاد".

رأي آخر وهو أن جبل علي في المقام الأول ميناء تجاري، وإن إضافة عدد كبير من السفن العسكرية الدائمة من شأنه أن يشكل ضغطًا كبيرًا على المرافق. ويقول: "جبل علي هو ميناء تجاري وبسفينة ترسو بسعر أعلى، فالخيار الأكثر ربحية هو استضافة السفن التجارية. وبالنتيجة، سفن الولايات المتحدة ليس لها دائما الأولوية القصوى".

وفي تحليله، يعتقد هارمر أن الخيارين الأكثر احتمالاً للخطة البديلة هما القاعدة البحرية في الكويت أو ميناء الدوحة الجديد في قطر. ويقول: "هناك عدد من المواقع التي يمكن للأسطول الخامس الانتقال إليها مؤقتا. وفي حين أن هذين الموقعين سيكونان جيدين مثل البحرين، فإن عملهما بشكل فعال سيكون كحل قصير الأجل. والحل القصير الاجل الأكثر وضوحا سيكون القاعدة البحرية في الكويت... فهي تحتوي على رصيف لائق، ومرافق ساحلية كبيرة، وحتى الآن استضافت ما يصل إلى 3 آلاف جندي".

ميناء الشعيبة الكويتي مرشح آخر، يضيف مكدانيال. فهو استراتيجيًا يقع على بعد 33 ميلا إلى الجنوب من مدينة الكويت، ويعد الميناء الوحيد في البلاد وأعماقه مناسبة لدعم السفن القتالية الامريكية.

يحتوي ميناء الشعيبة أيضا على 20 مرسىً وصهريجًا تجاريًا وعمق الرصيف 16 مترًا،  وهو أعمق من الـ 12.5 مترًا التي تحتاجها سفن البحرية الامريكية. وعندما يتم الانتهاء من مشاريع التجريف الإضافية وبناء بنى تحتية للصيانة على الشاطئ، فإنها يمكن أن تكون البديل المثالي عن البحرين، يقول مكدانيال.

من الجانب الدبلوماسي، الولايات المتحدة لديها علاقات جيدة مع العائلة الحاكمة في الكويت. ووفقا لبحث أجراه الكونغرس الأمريكي، فإن الولايات المتحدة والكويت كانتا قد وقعتا على اتفاقية مركز القوات لمدة عشر سنوات في أيلول/سبتمبر 2001، والتي يجري حاليا التفاوض بشأنها، ومن المرجح أن يتم الموافقة عليها لفترة أخرى.

ومن الخيارات البديلة على الطاولة، يتحدث معظم المحللين  في الأريبيان بزنس عن قطر كمرشح رئيسي للخطة البديلة – وتحديدا ميناء الدوحة الجديد، الذي هو حاليًا قيد التطوير ومن المقرر أن يبدأ عملياته في عام 2016. ويعتقد مكدانيال أن هذا من شأنه أن يجعل منه خيارًا أكثر واقعيةً لأنه يمكن أن يكون مصمما للمتطلبات الدقيقة لأي أسطول للبحرية الأمريكية.

ويقول: "تمركز القوات البحرية في قطر أمر مجد للغاية لأن هناك بالفعل معاهدة دفاع مع الحكومة والقطريون يتأقلمون مع وجود الجيش الأمريكي للغاية".

هذه الدولة الخليجية هي بالفعل موطن لقاعدة العديد الجوية، المقر الإقليمي للقيادة المركزية الأمريكية وقيادة سلاح الجو الأمريكي.

غانم نسيبة، مؤسس مركز أبحاث كورن ستون غلوبل أسوسييشن، يعتقد أيضا بأن الدوحة هي البديل الأفضل.

ويقول نسيبة إن ميناء الدوحة الذي سلط مكدانيال عليه الضوء في تقريره الذي كتبه لمعهد بروكينغز، وهو منظمة مستقلة وغير ربحية تهدف إلى التطوير السياسي  ومقرها واشنطن، مهم.

ويعتقد: "ولنتذكر أن معهد بروكينغز مقرب من حكومة الولايات المتحدة ومن الحكومة القطرية أيضا. وبالتالي المشورة التي يعلنونها من المرجح أن تسفر عن مشاورات في كل من الدوحة وواشنطن".

وعلى الرغم من الخطط المختلفة حول العرض، فإن الدكتور كريستوفر ديفيدسون، رئيس قسم سياسة الشرق الأوسط في جامعة دَرام في المملكة المتحدة، يرفض حديث انسحاب الولايات المتحدة من البحرين. ويقول: "أعتقد أنه من الضروري أن تضع الولايات المتحدة "خطة بديلة "، غير أني أعتقد أنه ليس لديها خطة حاليا، ولا تعتزم تطوير أي خطة".

حتى وإن كان هذا هو الحال، يقول نسيبة إن الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل الانسحاب من البحرين على المستوى التجاري وتنصح الشركات الأمريكية بعدم القيام بعمليات هناك. " فيما يتعلق بالنصائح الإرشادية للأمان الآن، فإنه يُطلب من أكثر الشركات الأمريكية  بأن لا يكون لها مقار [إقليمية] في البحرين لأسباب أمنية. الضرر الذي سيلحق بالأمريكيين بالانسحاب تجاريًا من البحرين، وقد انسحبت على أي حال، يمكن أن يكون أكبر بكثير منه عسكريًا. ستكون ضربة أخرى بسبب الوضع الصعب للغاية".

العديد من العمليات التجارية الأمريكية قد وضعت خطة بديلة، وبالفعل تتطلع إلى الإمارات العربية المتحدة أو قطر: "على الصعيد الأمني، يطلب من الشركات الأمريكية عدم الذهاب [إلى البحرين]. فإذا كانوا يبحثون عن قاعدة إقليمية  فليذهبوا إلى دبي واذا كانوا يريدون العمل في قطر – فإن القطريين يرغبون بتمركز الشركات الأمريكية هناك. والحكومة القطرية واضحة بأن أي شخص يريد العمل في قطر فعليه أن يستقر في قطر و[هم] أصبحوا أكثر وأكثر شراسة في ذلك ".

وفي النهاية، يسأل مكدانيال لماذا لا يمكن إعادة الأسطول الخامس إلى مياه الولايات المتحدة من جديد. ويقول: "يرى البعض أن على الولايات المتحدة" خفض خسائرها "وإرجاع قواتها إلى الوطن". ويضيف: "هذا جذاب من حيث التكاليف، ولكن الحجج بأن جيش الولايات المتحدة لا يمكنه أن يكون فعالًا بنفس القدر عندما يتمركز في الوطن هي إشكالية. إن أكبر العوائق في تمركز القوات خارج الولايات المتحدة هو في أوقات الاستجابة المتأخرة".  فإذا ما حدثت حالة طوارئ عسكرية في المنطقة، فإن الأمر سيستغرق تسعة عشر يومًا للابحار من كاليفورنيا إلى الخليج – وهي استجابة ليست بالسريعة.

وبغض النظر عن خططها القصيرة أو الطويلة الأجل، فإن الولايات المتحدة بحاجة لإظهار أن لديها خطة بديلة من أجل إظهار التزامها في البقاء في الخليج، وبغض النظر عما يحدث في البحرين، يقول غريغ أوهنسيان، محلل في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري في دبي

وينصح: "الأسطول الخامس أمر أساسي لمظلة الأمان الحالية، وعدم وجود خطة بديلة بالتأكيد يجعل حلفاء أميركا من العرب غير مطمئنين من التزامها. في المدى القصير، قيادة الولايات المتحدة تعي تماما أنها، وبغض النظر عن الحقائق على أرض الواقع، فشلت في التزامها مع حلفائها في الخليج بالشكل الصحيح ودون وجود ضمانات تتعلق بسلامة مستقبل الأسطول الخامس، فإنه سيكون من الصعب إيصال هذه الرسالة".

من واشنطن إلى دبي، الإجماع هو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع خطة واضحة، يجعلها معروفة لدى حلفائها في المنطقة وتهدئ المخاوف من أن سحبها لن يترك فراغا في السلطة قد يؤدي إلى مزيد من الشك.

 

الآن، إلى أين الأسطول الأمريكي الخامس ؟

البحرين

المنامة كانت موطنا للأسطول الأمريكي الخامس منذ ان أعيد تنشيطه عام 1995، بعد توقف دام 48 عاما. إلا أن، البحرين واقعة تحت التدقيق المكثف منذ بدء الاضطرابات في عام 2011، مما دفع بعض المحللين إلى التساؤل عما إذا كان يجب نقل الأسطول.

 

جبل علي

البحرية الأمريكية بالفعل تستخدم هذا المنفذ على أسس روتينية للقيام بزيارات إلى دبي لتجديد المخازن وإجراء صيانة محدودة. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت السلطات على استعداد لاستيعاب وجود عسكري دائم.

 

ميناء الدوحة الجديد

حاليا قيد التطوير ومن المقرر أن يبدأ عملياته في 2016. ويراه بعض المحللين على أنه الأرجح " للخطة البديلة"، ويرجع ذلك إلى العلاقات الطيبة بين القطريين والأمريكيين، فضلا عن البنية التحتية الحديثة للميناء.

 

ميناء الشعيبة

استراتيجيا يقع على بعد 33 ميلا إلى الجنوب من مدينة الكويت، وهو الميناء الوحيد في البلاد وأعماقه مناسبة لدعم السفن القتالية الأمريكية. وهو يخضع حاليا لأعمال حفر وتطوير مرافق الصيانة والتي تجعلها أكثر ملاءمة.

 

12 تموز/يوليو 2013 

رابط النص الأصلي 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus