لا عدالة لصحفية بحرينية معذَّبة

2013-07-22 - 11:53 ص

ياسمين رمزي، آي بي أس 

ترجمة: مرآة البحرين 

واشنطن، 10 تموز/يوليو 2013 (آي بي أس) - في أيار/مايو 2011، ما يقرب من عام ونصف بعد تقديم  بائع تونسي متجول نفسه قربانا اندلعت خلالها موجات من الثورات التي لا تزال تعصف بالشرق الأوسط، تعرضت الصحفية البحرينية نزيهة سعيد إلى التعذيب أثناء احتجازها الذي دام لـ 13 ساعة قبل توقيعها على اعتراف لم يسمح لها بقراءته.

ذهبت سعيد، التي كانت تغطي الحركة المؤيدة للديمقراطية في البحرين لصالح قناة فرانس 24،  طواعية إلى مركز شرطة الرفاع للاستجواب وهناك عصبت عيناها وصفعت وركلت وضربت بخرطوم.

اتهموها بفبركة التقارير الإخبارية، والعمل مع القنوات الإيرانية واللبنانية وانتمائها لخلية إرهابية. صورها الفوتوغرافية وهي تغطي إحدى الاحتجاجات في العاصمة، المنامة، كان دليلهم الوحيد.

وبعد شكوى مقدمة من فرانس 24، بدأت وزارة الداخلية في البحرين تحقيقًا أسفر عن تبرئة شرطية بعد ذلك بعامين.

لم تتم محاكمة السيدة سعيد أو الحكم عليها. لكن الصدمة النفسية الطويلة منعتها من العودة إلى العمل بشكل كامل لمدة ستة أشهر.

وعلى الرغم من حث الملك حمد آل خليفة حاكم البحرين السني على الإصلاح في المملكة الجزيرة ذات الأغلبية الشيعية، فإن حرية تكوين الجمعيات والنشاط عبر الإنترنت ما زال مقيدًا بشدة، وما زالت تهم التعذيب والمحاكمات الجائرة تطفو على السطح.

وقتل أكثر من 60 شخصًا منذ بدء الاحتجاجات في شباط/فبراير 2011 وفي 9  تموز/يوليو، قال المسؤولون البحرينيون إن هجومين في قرية ذات أغلبية شيعية أديا إلى مقتل شرطي  وإصابة ثلاثة آخرين على الأقل.

" بلدي لم يكن عنيفًا قبل شباط/ فبراير 2011"، تقول سعيد لمراسلة آي بي أس ياسمين رمزي. وهنا مقتطفات من المقابلة.

 

س: كيف تبدو حرية الصحافة  في البحرين؟

ج:  قبل عامين، لم يكن من السهل العمل كصحفيين. فالحرية التي تعودنا عليها تقلصت. علينا أن نكون حذرين في كل كلمة نكتبها ونقولها أثناء تغطيتنا. فقد يتم إلقاء القبض علينا، وقد يتم استجوابنا فقط بسبب استخدام بعض الكلمات.

س: ماذا حدث قبل عامين؟

ج: قبل سنتين وأربعة أشهر بدأت الانتفاضة في البحرين. خرج الناس إلى الشوارع مستلهمين ذلك من الربيع العربي، مطالبين بمزيد من الحرية والديمقراطية والمساءلة. كانت هناك حملة قمع كبيرة وربما هذا هو السبب الذي جعل الناس في واشنطن ومدن أخرى لا يعرفون حقا ماذا حدث.

ربما يعرفون عند مرحلة ما أن الناس خرجوا  للاحتجاج في دوار اللؤلؤة لشهر من الزمن، ولكن ومنذ ذلك الحين لم  يسمعوا إلا القليل لأن معظم المتظاهرين إما ألقي القبض عليهم، وإما طردوا من وظائفهم أو غادروا البلاد لأنهم شعروا بالخطر. والبعض الآخر قتل.

س: هل لك أن تصفي لنا ما حدث لك أثناء احتجازك لدى الشرطة؟

ج: في 22  أيار/مايو 2011، تلقيت مكالمة هاتفية للذهاب إلى وزارة الداخلية للاستجواب. أحيانًا يأتون إلى منزلك، وأحيانا يكلمونك عبر الهاتف. أنا صحفية. اعتقدت أنه سيكون من الجيد التعاون. اعتقدت أنها لن تكون لأكثر من بضع ساعات ولذلك لم أبلغ أسرتي،  فقط أخبرت قناة فرانس24  وأنا في طريقي إلى مركز الشرطة.

جاءني ضابط وقال لي أنه من الأفضل أن أخبره بكل شيء لأن الكذب لا يجدي. وقال إن لديه جميع الفيديوات، والمكالمات الهاتفية والصور التي تثبت جرمي.

س: بماذا اتهموك؟

ج: كانت هناك ثلاث تهم. فبركة التقارير والأخبار، التعامل مع القنوات الإيرانية واللبنانية التي لم أعمل معها أبدًا، واتهموني بالانتماء إلى خلية إرهابية – أي العنصر الإعلامي في الخلية.

قلت من أين أتيت بهذا وأنا لم أفعل هذه الأشياء؟

قال إنه يجب علي أن أتوقف عن الكذب.

ثم جاءت ضابطة إلى الغرفة وشرعت بضربي على وجهي وسحبتني من شعري. "لا تكذبي، لا تكذبي، أنت كاذبة"، "أنت صفوية" -  مصطلح يستخدم في البحرين لإهانة الشيعة واتهامهم بأنهم موالون لإيران.

ثم جاءت شرطية أخرى إلى الغرفة، وسحبتني من شعري وألقت بي إلى الأرض. وبدأوا جميعهم بركلي، ولكمي والدوس علي. حدث هذا في غرفة فيها طاولة وجهاز كمبيوتر.

بدأوا يسخرون مني كيف أبدو وماذا أرتدي.إحدى النساء وضعت حذاءً في فمي وقالت أنه أنظف من لساني. وقالت إنها سعيدة جدًا لرؤيتي على هذه الحال. وبقي الحذاء في فمي لمدة 30 دقيقة.

أخذوني إلى غرفة أخرى فيها معتقلات أخريات. كنت أسمع أصواتهن فقط.  وكل مرة  ينقلونني فيها من غرفة إلى أخرى يسحبونني من شعري، سحبوني بشدة لدرجة أنني عانيت من آلام لعدة أيام بعد ذلك. طلبوا مني أن أدير وجهي إلى الجدار وأن أرفع يدي. وبعد 30 دقيقة دخلوا مرة أخرى وبدأوا يضربونني بخرطوم من جميع الجهات. كانوا  يدخلون ويخرجون من الغرفة وعندما يكون المرء معصوب العينين، لا يمكنه إلا أن يتساءل من هو التالي الذي سيُضرب.

بعد ذلك أصبح الضرب أكثر احترافيًا. لقد صدموني بمسدسات الصعق الكهربائي. وفي كل مرة يصعقونني فيها، ينفجرون ضحكًا. بعد ذلك أخرجوني من الغرفة، وضعوني على كرسي مستلقية على بطني وضربوني على ظهري ورأسي وقدمي وكعب قدمي بخرطوم. اتهموني بالعمل مع التلفزيون الإيراني وبقيت أقول لا. قالوا بأنني كذبت في تقاريري حول تعرض الناس للقتل على يد الجيش.

أثناء إحدى الجلسات حاولت ضابطة إجباري الشرب من زجاجة. كنت معصوبة العينين ولم تخبرني ما إذا كانت تحتوي على بول لذلك دفعت بالزجاجة بعيدًا. فسكبته على وجهي بغضب ( وقد ترك عندي حساسية). لقد سحبتني أيضا من شعري ودفعت برأسي إلى المرحاض.

بقيت هناك لمدة 13 ساعة قبل أن يسمحوا لي بالمغادرة.

س: على ماذا وقعتِ؟

ج: لا أعرف. لم يسمح لي بقراءة الوثيقة. أظهروا لي فقط المكان الذي يفترض أن يوقع فيه..

س: تقول حكومة البحرين إن الحركة الاحتجاجية هي بتحريض من إيران. لقد أجريتِ مقابلات مع العديد من المحتجين. ما هو رأيك؟

ج: لم يبرز هكذا أمر في دوار اللؤلؤة. لم أر أبدًا أي نفوذ إيراني. لا أستطيع أن أتكلم باسم جميع المتظاهرين. ربما البعض منهم متحالف مع إيران. لست متأكدة. لكن مطالب المتظاهرين واضحة. البعض يقول إنه يريد إسقاط النظام، وهذا مثال لحرية التعبير. المتظاهرون يطالبون بالحرية والديمقراطية والمساءلة ووضع حد للفساد.

أثناء اعتقالي أشاروا لي كوني شيعية. ودائما كانوا يتهمونني بالتحالف مع إيران. قالوا بإنني أؤيد ولاية الفقيه [مبدأ شيعي يعطي السلطة العليا إلى شخصية دينية وقد نفذت في إيران بعد ثورة 1979 ]  ولم أكن أعرف حتى ماذا تعني حينها. اتهموني بأشياء كثيرة لم أكن أعرف معناها.

س: ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن لدعم الحركة الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين؟

ج: أنا بحاجة إلى دعم  أي إنسان في هذا العالم. هذه هي قصتي ولم أحصل على العدالة. ينبغي على جميع الحكومات، سواء كانت أمريكية أو بريطانية أو أي حكومة أخرى، أن تؤثر على حكومتي لتنفيذ محاكمات عادلة والكف عن مضايقة الصحفيين.

 

10 تموز/يوليو 2013 

رابط النص الأصلي 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus