هل كان هناك رجال تحت قبة البرلمان اليوم؟، رياييل الـ POLE DANCING
2013-07-29 - 1:21 ص
مرآة البحرين (خاص): هل كان هناك رجل تحت قبة البرلمان اليوم؟ "الأسلوب هو الرجل". عبارة أطلقها (سانت دينيف)، لتصير فيما بعد واحدة من أشهر عبارات المدرسة النقدية المعروفة بالمدرسة الأسلوبية. بمعنى أن أي عمل يتحدد جنسه ونوعه من خلال أسلوب كتابته. كذلك في العمل السياسي، يتحدد نمط صراعه ومواجهته من خلال الأسلوب الذي يستخدمه الفرقاء في خطاباتهم.
الأسلوب هو الرجل، لأن الرجل يتميز بقوة البناء الجسدي والخصوبة وجزالة الأفكار ويكره الثرثرة، كذلك الكلام أو السياسة أو الكتابة تكون (أسلوباً) عندما تصير (رجلاً)، أي عندما تتوفر على المضامين السابقة. الكلام الذي يفتقد القوة والجزالة والخصوبة، ويتحوّل إلى ثرثرة وضيعة ومبتذلة، ليس أسلوباً وليس رجلاً.
وكانت وزيرة الثقافة دقيقة في توصيفها لأعضاء البرلمان (الذي انسحب نصف رجاله المنتخبين احتجاجاً على تصرفات السلطة الرعناء ضد المحتجين في 2011)، حين أطلقت على أعضائه (مب رياييل)، أي ليسوا رجالاً، لأنهم لا ينطقون عن عقل ولا منطق ولا رأي متحضر ولا كياسة ولا شهامة ولا حكمة ولا رشد ولا مصلحة عامة.
والرجولة في ثقافتنا العربية هي مفهوم يتجاوز النوع الاجتماعي إلى الشخصي، فهي تعني المروءة والشهامة ورجحان العقل والكياسة والرصانة وإدارة حل الخلاف بالحكمة، وتقديم المصلحة العامة على الهيجان الغرائزي، فإذا افتقد العمل السياسي إلى كل ذلك، فهو يكون بلا رجولة.
منذ أسس اليونانيون شكل الديمقراطية الأولى في الحكم، والسياسة تقوم على مفهوم الفضيلة. الفضيلة التي يتعلم (الرجال) في مدرستها أسلوب إدارة الدولة. والذين كانوا مجتمعين اليوم، الأحد 28 يوليو 2013 فيما سمّي بالجلسة الطارئة للمجلس الوطني، لم يتعلموا الفضيلة السياسية ولم يتعلموا الرجولة ولم يتعلمو الحكمة، وفيما عدا مداخلات أربع (التميمي والعالي والعصفور وبشمي)، لم نسمع غير أصوات غاب عنها العقل والحكمة والفضيلة، وفاضت بالخفة والسفف والابتذال والتكالب والتملق، وغرقت في غرائز الإنسان في أحط مستوياتها.
لم يكن هناك أكثر من راقصين، ويمكننا أن نستحضر هنا فيلم " الراقصون على القضيب" POLE DANCING، وهو فيلم عن فرقة موسيقية كل رقصاتها مصمّمة على الرقص على القضيب، وعلى مافي تسمية هذا الفيلم من خدش للحياء، إلا أنه ليس أكثر خدشاً مما سمعناه فيما سميت بـ (الجلسة الطارئة) على لسان من اجتمعوا ليتقيؤوا كل أشكال الكراهية والوضاعة والسفف ضد طائفة معينة من الشعب، وليطلقوا يد الملك وحكومته على سحق هذه الطائفة وقتلهم واجتثاثهم واعتقالهم ومحاكمتهم وسحب جنسياتهم والتضييق عليهم بكل الأشكال، وليفوضوا للملك وحكومته كل الصلاحيات المطلقة لفعل ذلك دون شرط أو قيد أو استثناء.
كان المتحدثون يمثلون غرائز الملك الهائج، ويرقصون حوله، لكنهم لا يمثلون عقل المجتمع الراجح طوال سنتين ونصف. كانوا يمثلون هيجانه الغرائزي لا هيجان الشعب السياسي، حين نفقد العقل الذي هو مقياس الرجولة، نتحول إلى مجرد غرائز مستثارة حول رأس مليء بشهوة الانتقام والقتل. فاقد لكل مقومات الرجولة والعقلنة.
في المفهوم السياسي، الحاكم هو رأس الدولة، وحين يفقد هذا الرأس عقله، أي رجولته، يفقد الأعضاء في مؤسسات الدولة رجولتهم، ويتحولون إلى فرقة ترقص على إيقاع غرائزه الفالتة من العقل. ما شهدناه اليوم في جلسة البرلمان تجسيد لكل ذلك. لم تكن هناك دولة، ولا رأس دولة، ولا (رياييل) يدبرون الشأن السياسي، وهذا هو المعنى الفعلي لسقوط النظام، إذ النظام هو العقل، هو الرجل هو الأسلوب.