رسائل التحريض من الحكم إلى السنة: إنهم يهاجمونكم! لم لا تردون؟

2013-08-05 - 1:26 م

مرآة البحرين (خاص): بغير اللعب على أوتار الطائفيّة لا يملك النظام البحريني أي حكاية، ولا أي شيء يصدّ به تيار الديمقراطية الكاسح الذي يجتاح المملكة الصغيرة وسط حوض الخليج منذ العام 2011. إنه نوع من الأنظمة التي تعتاش في البيئات الموبوءة والمضمّخة بالوحل وحدها. 

يوم أمس أعلن عن تعرض مواطنين كانا يرتادان حديقة في منطقة «البديع» السنية لإطلاق نار. 

وقالت وزارة الداخلية في بيان «إن المعتدين استخدموا سلاح شوزن محلي الصنع». كما عرضت صوراً تظهر خدشاً صغيراً في رقبة أحدهما، وآخر في رجل زميله. 

يمكن أن تكون هذه الخدوش ناتجة عن أيّ شيء، إلا أن تكون ناتجة عن استخدام للسلاح، أيا ما كان بدائياً أو «مودرن». لكن في مجتمع مبتلى بالانقسام الحاد وتغزو هواجس الريبة المتبادلة نفوس جماعاته الإثنية، يمكن لهذا النوع من الفرقعات أن يصبح قصة كبيرة. 

تعدّ البديّع المنطقة السنية الوحيدة التي تقع شرقيّ العاصمة المنامة ضمن حزام من القرى الشيعية الفقيرة التي تشهد صدامات يوميّة مع قوّات الأمن. وهي تمثل موطناً لقبيلة الدواسر التي يتواجد أفرادها بين البحرين وعدد من دول الخليج.

إذا كانت هناك رسالة يُراد إيصالها من وراء هذا النوع من الفرقعات، فهي هذه: إنهم يهاجمونكم! وخلال شهر رمضان، هناك العديد من الرسائل التي بعثتها الحكومة إلى السنة من نوع «إنهم يهاجمونكم».

فقبل نحو أسبوعين، انفجرت أسطوانة غاز في منطقة حساسة قريبة من الديوان الملكي يقطنها في الغالب أفراد وأسر من العائلة الحاكمة، ويُمنع الشيعة من تملك أي نوع من العقارات فيها. 

لكن وزارة الداخلية زعمت أنها «قنبلة موقوتة وضعت في موقف للسيارات تابع لمسجد سني بينما كان مصلون يؤدون صلاة التراويح». 

إنها «السورياليّة» في أجلى صورها: رصاص ينطلق من فوّهات خرطوش محلية الصنع لكنه لا يخلّف إلا خدوشا. وقنابل تنفجر، لكنك تسمع عنها فقط ولا تسمعها، كما تراها في الصور المبثوثة عبر جهاز «الإعلام الأمني» التابع إلى وزارة الداخلية، لكنك لا تراها على أرض الواقع. لا ضحايا، لا تصدّع في الأبنية، لا أيّ أثر غير الشريط المرئي المعاد لسيارة محترقة والذي تحتكر نشره أجهزة الأمن وحدها. حيث لا يُسمح لمصوّرين مستقلّين، ولا حتى مندوبي الصحف اليومية بما فيها تلك الموالية للحكومة بارتياد المنطقة للتحقق. بل أن السلطات منعت جماعة سنية من إقامة صلاة في المسجد المزمع احتجاجاً على الحادث.

في ذروة احتجاجات مارس/ آذار 2011 قامت فتاة مؤيدة للحكومة بدهس محتج عند المرفأ المالي بواسطة سيارتها. وسرعان ما سرت إشاعة كالنار في الهشيم إن الشيعة يتحضّرون لمهاجمتها في منزلها بمنطقة البسيتين السنية بعد أن تمكنوا من سحب هويتها عبر مطابقة لوحات السيارة مع مالكها في جهاز المرور. 

وأدّى ذلك إلى إيصال الشرخ إلى الذروة، وولادة نظام للحراسات في القرى والمناطق السنية والشيعية على السواء للحماية من هجمات «متوّهمة». 

كما اخترع الحكم خرافة قيام محتجين شيعة بقطع لسان مؤذن سني من الجنسية الآسيوية. ما أدّى إلى صبّ الزيت في نار المخاوف المستعرة بين السنة والشيعة. أبطلت المحاكم بعد حوالي السنة والنصف قضيّة «لسان المؤذن» وما يتصل بها، حيث تحوّلت إلى نكتة سمجة يتم استدعاؤها للتندّر. لكنّها في وهلة إطلاقها لم تكن كذلك، وبالنسبة إلى مطلقها، فهي قد فعلت فعلها.

حين كانت موجة احتجاجات 14 فبراير/ شباط في ذروة تصاعدها، كانت تلك هي رسالة الحكم في المنامة لواحدة من الجماعات الإثنية: إنهم يهاجمونكم! وكان يريد من السنّة أن يردّوا ليصوّر حملته العسكرية الواسعة التي طبّقها منذ مارس/ آذار 2011 على أنها فضّ اشتباك بين السنة والشيعة. 

وفي ظل دعوات واسعة للتمرّد في 14 أغسطس/ آب، يبدو أنه قرّر إعادة بعث الرسالة ذاتها باستخدام المزاعم نفسها كاختراع قصص لتفجيرات في مساجد وإطلاق رصاصات الخرطوش في مناطق سنية. فالحروب «النذلة» وحدها، هي تلك التي يمكن للنظام الديكتاتوري في البحرين أن يربح فيها. إنهم يهاجمونكم. لم لا تردون!



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus