إميل نخلة: البحرين تعلن الحرب على المعارضة

2013-08-06 - 10:53 ص

إميل نخله، آي بي إس 

ترجمة: مرآة البحرين

واشنطن، 1 آب/أغسطس 2013 (آي بي إس) - كانت الجلسة الاستثنائية للجمعية الوطنية البحرينية التي عُقدت يوم الأحد 28 تموز/يوليو مشهدًا من الحقد، وعرضًا من الابتذال، وإيماءةً بلا حرج إلى زيادة الدكتاتورية.

بتسمية الشيعة كلابًا، كما قالها أحد النواب خلال الجلسة التي عقدها الملك حمد، فإن آل خليفة قد بددوا أي أمل للمصالحة والحوار الوطني.

وتهدف التوصيات الـ 22 التي تمت الموافقة عليها خلال الجلسة إلى إعطاء النظام أدوات قانونية زائفة لقمع المعارضة، وانتهاك حقوق الإنسان والحقوق المدنية مع الإفلات من العقاب. وكل ذلك باسم محاربة "الإرهاب".

وما يحزن المرء مشاهدة فيديو لبعض الخطب خلال الجلسة، والتي تظهر إلى أي مدى تدنى الخطابُ السياسي الرسمي. طلاب البحرين يحنون إلى الأيام التي كان فيها المتحاورون في البرلمان متحضرين وإلى الأيام التي تشارك فيها البرلمانيون من الشيعة والسنة في مناقشات مدروسة، وعقلانية، ومتسامحة رغم خلافاتهم السياسية أو الأيديولوجية.

أوائل السبعينيات عندما ناقشت الجمعية التأسيسية مسودة الدستور، تابع البحرينيون خطابات ممثليهم المنتخبين والمعينين بكثير من الاحترام والأمل لمستقبل مجتمع حديث، ومتسامح، ومدني.
البرلمانيون مثل: رسول الجشي، وجاسم مراد، وعلي صالح، وعبد العزيز الشملان، وعلي سيار، وعيسى قاسم، وقاسم فخرو، وغيرهم جعلوا مواطنيهم فخورين بنوعية النقاش الذي ميّز أول برلمان منتخب في البحرين.

حتى أن وزراء مثل محمد بن مبارك آل خليفة، وعلي فخرو، ويوسف الشيراوي شاركوا في تلك المناقشات البرلمانية، وعملوا بالاشتراك مع الأعضاء المنتخبين لرسم مستقبل أكثر أملًا لجميع شعب البحرين.

عندما كنت أجلس في تلك الجلسات البرلمانية عام 1973 وأتابع المناقشات المطولة للتعديلات الدستورية التي لا تحصى، تراءت لي بحرين مزدهرة وديمقراطية في السنوات القادمة. ولكن تم حل الجمعية الوطنية بعد ذلك بعامين، وعُلِّق الدستور. ومنذ ذلك الحين حكم آل خليفة بالمراسيم.

وكانت الجلسة الاستثنائية البرلمانية يوم الأحد الماضي قد أبرزت بلدًا مجزأ ومنقسمًا ومتعصبًا ينحدر بسرعة إلى الفوضى. وكانت كما لو أن المدنية، والعقلانية، والاعتدال قد أصبحت كلها قطعًا أثرية من الماضي.

رحب الملك حمد وولي العهد بالتوصيات، وحث رئيس الوزراء القوي وزراءه على تنفيذها فورًا، في الواقع، هدد بإقالة أي وزير يتباطأ في تنفيذها.
وفقا لتقارير وسائل الاعلام، فإن التوصيات قد أعدت قبل الجلسة، وتم توزيعها على وسائل الإعلام بعد بضع دقائق من انتهائها. وحتى أنها لم تناقش بشكل هادف أو بعقلانية خلال الدورة.

خوف النظام من قيام البحرينيين "بتمرد" حركة عصيان مدني لمواجهة النظام في 14 آب/اغسطس، يوم الاستقلال الفعلي للبحرين، قد قرر موعد الجلسة. والمعارضة البحرينية تأمل بأن تحاكي " تمرد" المصرية، الذى أدى بشكل غير مباشر إلى إزالة مرسي.

ومثل الأنظمة الاستبدادية الأخرى، سواء كانت في إطار عبد الفتاح السيسي في مصر أو بشار الأسد في سوريا، برر آل خليفة التوصيات الصارمة ضد جميع أشكال المعارضة والمعارضة السلمية باسم مكافحة "الإرهاب" والتحريض على "جميع أشكال العنف" (التوصية رقم 3). ومن المرجح أن يستخدم النظام هذه التوصيات لحظر جميع المظاهرات والاحتجاجات السلمية.

ويتهيأ النظام، وفقا للتوصية رقم 2، لسحب الجنسية من المواطنين البحرينيين "الذين ينفذون جرائم إرهابية وأولئك الذين يحرضون على الإرهاب". ويعرف النظام الإرهابي بأنه أي بحريني يشتبه بأنه معارض أو يناصر بنشاط الإصلاحات الحقيقية. وفي الواقع، التوصية رقم 6 تحظر "الاعتصامات والمسيرات والتجمعات في العاصمة المنامة".
لا يبدو أن النظام قلق من حقيقة أن إسقاط الجنسية انتهاك للمعايير القانونية الدولية والدستور البحريني. في الواقع، قد تكون هذه وسيلة شريرة لآل خليفة السنّة لتغيير التركيبة السكانية للبلاد من خلال حرمان المعارضين الشيعة من الجنسية.

ووفقا لمركز البحرين لحقوق الإنسان، فإن النظر إلى حركة الاحتجاج كلها من المنظور الأمني، كما توحي التوصيات، تظهر بأن النظام عازم على تصعيد حملته ضد حركة الاحتجاج، وحرية التعبير، والتجمع السلمي.

وفي إطار التوصية رقم 7، فإن البلد يمكن أن يُحكم قريبًا بموجب قانون الأحكام العرفية أو "السلامة الوطنية"، كما يسميها النظام تلطيفًا.

التوصيات وضعت البلاد في مسار تصادمي طائفي، وقد وجهت ضربة قوية للمعارضة السلمية والحقوق المدنية، وأثارت تساؤلات جدية في واشنطن حول التزام آل خليفة بالإصلاح الحقيقي.

وفي توبيخ مباشر للسفير الأمريكي توماس كراجيسكي، التوصية رقم 11 تقول: "جميع السفراء في البحرين عدم التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة".
وحث بعض البرلمانيين السنة المتشددين، وبدعم من الديوان الملكي، النظام بطرد السفير كراجيسكي من البحرين، بدعوى الاجتماع مع المعارضين الشيعة المؤيدين للديمقراطية. هدد آخرون سلامته الشخصية..

لا يزال البعض الآخر، وبدعم صامت للنظام، يأمل بترحيل السفير إلى خارج البحرين، كالذي حدث مع مدير المكتب السياسي لودوفيك هود في أيار/مايو 2011.

في ذلك الوقت، وفقا لمدونة على موقع "الدين والسياسة في البحرين"، طالب النشطاء السنة الموالون للنظام بترحيل هود بدعوى أنه قدم "كرسبي كريم دونتس للمتظاهرين الذين تجمعوا أمام السفارة الأمريكية" احتجاجًا على الدعم المتصور للولايات المتحدة لآل خليفة.

والآن الناشطون السنّة الموالون للنظام يشنون حملة محمومة ضد سفير الولايات المتحدة لدعمه العلني لحقوق الإنسان والإصلاح الحقيقي في البحرين. والتوصية التي تقول بتقليص الأنشطة الدبلوماسية في البلاد تقصد وبشكل مباشر السفير كراجيسكي.

ووفقا لمرآة البحرين، فقد طالب البعض منعه من الظهور على وسائل الاعلام الرسمية والصحف الموالية للنظام، حتى لو كان الموضوع الذي يناقشه هو طهو الطعام، وهو إحدى هوايات السفير!
معاداة الشيعة والإصلاح هما الفكرة الرئيسية الكامنة خلف التوصيات وتلك الفكرة عرض واضح لاستبداد العائلة القبلية، التي يعزم آل خليفة على الحفاظ عليه بأي ثمن، بما في ذلك تمزيق المجتمع إربًا إربًا. واعتماد هذه التوصيات يعكس قلق النظام من الطبيعة غير المستقرة باطراد لحكمهم والمطالب التي لا يمكن وقفها من أجل العدالة، والكرامة، والمساواة.

وفقا لتسجيل صوتي تسرب مؤخرًا، ينقل عن ولي العهد الأمير سلمان قوله: "إن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، وأن السياسة التي ننتهجها لا يمكن الاستمرار بها. الناس تعبوا، والحالة قد تتفاقم في أي لحظة. هناك مخاطر أكبر تهدد مجتمعنا، والمستقبل يصبح أكثر خطورة ".

ينبغي لواشنطن وعواصم غربية أخرى العمل بجد لتحرير الملك ورئيس الوزراء من وهم أن "الحل الامني" هو الرد على المشاكل الداخلية في البحرين. وأن مشاركة الجمهور مستقبل البحرين، بما في ذلك الأغلبية الشيعية وحركة الشباب المطالبة بالديمقراطية، هو السبيل الوحيد لإخراج البلاد من حافة الهاوية.
ينبغي لواشنطن أن توضح لآل خليفة أن الهجمات الإعلامية والتهديدات الموجهة للسفير كراجيسكي يجب أن تتوقف. وأن التحريض على كراهية السفارة الأمريكية للحفاظ على الحكم الديكتاتوري للنظام هو لعبة خطيرة، لا يستطيع آل خليفة تحمل الانخراط فيها.

وكخطوة أولى وفورية، ينبغي للملك حمد تكميم أفواه المتهورين في الديوان الملكي ومكتب رئيس الوزراء. وفي غضون ذلك، يتعين على الولايات المتحدة الشروع في مناقشات جادة حول كيفية وزمان نقل الأسطول الخامس من البحرين إلى بلد مجاور أو إلى البعيد.

 

*إميل نخله ضابط سابق في المخابرات المركزية الأمريكية، وأستاذ باحث في جامعة ولاية نيو مكسيكو، ومؤلف كتاب " الإشراك اللازم: إعادة صياغة علاقات أميركا مع العالم الإسلامي" و " البحرين: التنمية السياسية في مجتمع يسير نحو التحديث".

1 آب/أغسطس 2013
النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus