الانحياز لطاغية: السياسة البريطانية تجاه البحرين وشعبها

2013-09-05 - 10:42 ص

دنيال ويكام، لفت فوت فورورد

ترجمة: مرآة البحرين

في أوائل آب/ أغسطس، التقى ديفيد كاميرون بملك البحرين في داوننغ ستريت للمرة الثالثة منذ توليه منصبه في عام 2010. وقد حرص رئيس الوزراء على "التأكيد على دعم المملكة للإصلاح السياسي الجاري في البحرين". ولكن، ووفقا لهيومن رايتس ووتش فإن "أي تقدم" لم يبذل حتى الآن من قبل الحكومة. فبعد ساعات، حظر الملك حمد الاحتجاجات في العاصمة المنامة تحضيرًا لمظاهرات 14 آب/أغسطس المؤيدة للديمقراطية، وهي خطوة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها انتهاك "فاضح" للقانون الدولي.

وبعد أيام قليلة، اعتقلت السلطات البحرينية محامين، ومنعت نشطاء حقوق الإنسان من دخول البلاد وبدأت بوضع الأسلاك الشائكة حول القرى لمنع الاحتجاجات. حذر رئيس الوزراء البحريني من أن القوة ستستخدم ضد المظاهرات غير القانونية، مرددًا تصريحاته السابقة بأن النظام سوف "يحرق حتى الرماد كل أولئك الذين يسعون إلى العبث بأمنه واستقراره".

وعلى الرغم من التحذيرات، نزل الآلاف إلى الشوارع في 14 آب/أغسطس، ذكرى استقلال البحرين عن المملكة المتحدة (وهو حدث لا يحتفل به الملك حمد، الذي يصر على أنه "لكل الأهداف العملية والاستراتيجية الوجود البريطاني لم يتغير" بما أنها كانت حكومة وصاية). وكما وعد، ردت السلطات بعنف أدى إلى اعتقال أكثر من عشرة وإطلاق الغاز المسيل للدموع والشوزن على المتظاهرين.

واليوم، هذا النوع من القمع السياسي هو واقع يومي لكثير من البحرينيين. فمنذ اندلاع الانتفاضة في شباط/فبراير 2011، قامت قوات الأمن بقتل حوالي ثمانين مدنيًا، بينهم أطفال كانوا ضحايا الغازات التي أطلقت إلى داخل منازلهم. واعتقلوا الآلاف نتيجة مشاركتهم في الاحتجاجات، وقد ورد تعرض المئات للتعذيب في الحجز.

سعى النظام إلى تبرير القمع بأنه جزء من الحرب على الارهاب، مستخدمًا بذلك ذريعة العدوان الإيراني لتشويه الحركة المؤيدة للديمقراطية التي يقودها الشيعة ووصفهم بأنهم عملاء لطهران. ولكن لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق والبرقيات الدبلوماسية الصادرة عن ويكيليكس أظهرت عدم وجود أي دليل على تورط إيراني في الاضطرابات.

وإلى اليوم، تواصل بريطانيا تأكيدها لدعاية النظام بوجود "مؤامرة خارجية". فالسفير إيان ليندسي "أدان التدخل الإيراني" في البحرين، متهمًا طهران بـ " تقديم الدعم للأشخاص المصرين على العنف"، وقد ذهب إلى حد نشر مقالات مؤيدة للنظام على الموقع الإلكتروني الخاص بالحكومة البريطانية.

ولكن المثال الأوضح "للتدخل" الأجنبي لم يأت من إيران، ولكن من السعودية، التي أرسلت في عام 2011 حرسها الوطني إلى البحرين لدعم الحملة، وذلك باستخدام مركبات مدرعة بريطانية. وبطبيعة الحال هذا التدخل لم يلق مثل هذه الانتقادات من السفير ليندسي، على الرغم من النتائج التي توصل إليها رئيس اللجنة البرلمانية بشأن صادرات الأسلحة بأن هذه المركبات "سهلت العنف المفرط ضد المتظاهرين المدنيين و انتهاكات خطيرة جدًا لحقوق الإنسان" في البحرين.

وفي وقت لاحق من ذلك العام، عثر على رصاصات الشوزن المصنعة من قبل شركة غايمبور البريطانية التي استخدمت ضد المحتجين البحرينيين، والتي قضت على أحد عشر محتجًا منذ عام 2011 (على الرغم من أنه ليس من الواضح ما هي صناعة تلك الرصاصات المسؤولة عن ذلك). وكانت بريطانيا قد زودت أيضا البلد ببرامج فين فيشر للتجسس والتي استخدمت في استهداف الناشطين المؤيدين للديمقراطية في لندن وواشنطن والمنامة.

طوال الحملة ظلت بريطانيا واحدة من أقرب حلفاء النظام و أكبر موردي الأسلحة العسكرية، في حين أن الشعب البحريني وبحسب ما ورد قد عانى من أكبر تراجع في الحرية السياسية من أية دولة أخرى في الشرق الأوسط في السنوات الخمس الأخيرة. فاستخدام الغاز المسيل للدموع، والتعذيب، و اقتحام المنازل وسجن المعارضين يستمر بلا توقف. كان لبريطانيا الفرصة في إدانة هذه الممارسات في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في عام 2012 إلى جانب 28 دولة أخرى، ولكنها اختارت أن تبقى صامتة (كما فعلت الولايات المتحدة).

بريطانيا تتجه حاليًا إلى زرع "علاقة عميقة الجذور" عن طريق "تطوير العلاقات الاقتصادية وحتى السياسية " وتوسيع التعاون العسكري مع البحرين. بما في ذلك الدعوات المنتظمة بكل ما يتعلق بالشرطة والأمن مثل معرض مكافحة الإرهاب في لندن، الذي حضره نجل الملك حمد في نيسان/أبريل، والجلاد المزعوم الشيخ ناصر. ومن المرجح أيضًا توجيه دعوة للبحرين لزيارة معرض المعدات اللازمة لأنظمة الدفاع في شرق لندن في أيلول/سبتمبر، يحصل فيها النظام على فرصة لتخزين الأسلحة التي يحتاجها لمواصلة قمعه للحركة الاحتجاجية.

حاليًا، تجري البحرين محادثات مع "بي أيه إي سيستمز" لصفقات تسلح جديدة، قيمتها حسب ما ورد أكثر من مليار يورو. ويأتي هذا في وقت القمع السياسي الصارم، ما يثبت وبوضوح أولويات الحكومة البريطانية: التجارة والاستقرار في المنطقة.

أليستير بيرت، نائب وزير الخارجية، يوضح موقف الحكومة: " لا نرى سببًا للطعن في الافتراض" القائل بأن "الحكم في البحرين أكثر أمنا في ظل" النظام الملكي.

هذا ليس مفاجئًا. فليس من المصلحة الاقتصادية أو الاستراتيجية لبريطانيا رؤية نظام ملكي صديق يطاح به من قبل الشعب، وبروز جمهورية ديمقراطية في منطقة تحكمها مجموعة من الممالك المنحازة للغرب. فالدومينو الذي قد يطال دول الخليج سوف يجلب زعزعة جدية في استقرار المنطقة التي لها "أهمية حيوية بالنسبة لاقتصادنا" والتي تستضيف ما يفوق نصف احتياطيات النفط في العالم وخمسي احتياطيات الغاز.

وعلاوة على ذلك، فإن إيجاد ديمقراطية في البحرين يعني إيجاد حكومة منتخبة يقودها الشيعة، نظرًا إلى التركيبة السكانية للبلاد. وهذا من شأنه تشجيع الشيعة المهمشين في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، التي تضم معظم احتياطيات النفط في المملكة، وإلهامهم بالتغيير السياسي وبالتالي الانتفاض على حكامهم السنة.

ولكن الولايات المتحدة أوضحت أنها لن تتسامح مع ثورة ديمقراطية واضطرابات في المملكة العربية السعودية. ففي عام 2011، قال رئيس الأركان في إدارة أوباما أن " إمكانية حدوث شيء (كالذي حدث في مصر) في المملكة العربية السعودية لا يمكن أن يصبح حقيقة واقعية. بالنسبة للاقتصاد العالمي (في إشارة إلى النفط السعودي)، هذا لا يمكن أن يحدث ". ووفقا لتقرير 2012 الصادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: "فإن هناك علاقة بين الاستقرار في منطقة الخليج والتنمية الاقتصادية للولايات المتحدة". وكحليف قوي لنظام الحكم في السعودية ودول الخليج الأخرى، فمن المرجح أن تشارك بريطانيا الموقف الأمريكي هذا.

إذا أخذنا هذا في عين الاعتبار، فإن احتمال دعم بريطاني للحركة المؤيدة للديمقراطية في البحرين أمر شبه معدوم. فلقد وقفت بريطانيا بحزم إلى جانب النظام الملكي القمعي ضد شعب ثائر، وسوف تستمر في التغاضي عن سجل البحرين المتدهور في مجال حقوق الإنسان من أجل الحفاظ على "استقرار" الدول الاستبدادية في المنطقة والدفاع عن وضع راهن مرغوب لديها.


2 أيلول/سبتمبر 2013
النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus