أصوات في خطر: " لا تعدي التقارير لأنك تشوهين سمعة بلدك"

2013-09-11 - 2:23 م

هيلينا ويليامز، ذي إندبندنت

ترجمة: مرآة البحرين

توقعت نزيهة سعيد اتصالاً من مركز شرطة الرفاع في العاصمة البحرينية المنامة، طلبوا منها المجيء للاستجواب خلال الأيام الأولى لانتفاضة 2011. ولكن لم تتوقع، عندما وصلت في 22 أيار/ مايو 2011، احتجازها، وتعذيبها وإذلالها على أيدي ضباط الشرطة لمدة ثلاثة عشر ساعة.

وتقول نزيهة إنها، كونها  مراسلة لقناة  فرانس 24 وراديو مونتي كارلو الدولية ، كانت تغطي الأحداث عندما اشتبك المتظاهرون الشيعة، غير الراضين عن حكم  عائلة آل خليفة الملكية السنية، مع قوات الأمن.

تقول: " كان الوضع حينها مضطربًا "

كانت التقارير التي تتحدث عن المحتجزين والمصابين والقتلى منتشرة، والعواطف متأججة. لم يميزوا الصحافيين من الناشطين وحاصروهم خلال حملة الإجراءات الصارمة بحق المتظاهرين .

قررت نزيهة  ألا تتصل بعائلتها، فقد توقعت  أن لا تُستجوب لأكثر من ساعتين من الزمن قبل عودتها الى المنزل. ولكنها اتصلت بقناة فرانس 24 قبل الذهاب، وأخبرتهم عن وجهتها.

تقول نزيهة لصحيفة الاندبندنت : "كنت معصوبة العينين ، تعرضت للضرب بخرطوم ماء على جميع أنحاء جسدي . وتعرضت للتحرش، وللصدمات الكهربائية -كان ذلك مُذلاً ".

وكان الضرب شديداً على وجهها وكتفيها وساقيها لدرجة أنها كانت غير قادرة على المشي لعدة أيام.

كانت تلك مجرد بداية.  تقول نزيهة، البالغة من العمر 32 عامًا، بأنه، أثناء اعتقالها (محنتها)،  اتُّهمت بالمشاركة في الاحتجاجات، بالكذب في تقاريرها واستُجوبت حول علاقاتها المحتملة مع قناة المنار ، وهي قناة لبنانية شيعية تابعة لحزب الله، و مع قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية – كانت تلك  اتهامات جدية، لأن إيران متهمة بالتحريض على المظاهرات التي تقوم بها الأغلبية المسلمة الشيعية إلى حد كبير ضد الأسرة الحاكمة المسلمة السنية. وقد نفت (نزيهة) بشدة هذه المزاعم.

وتقول نزيهة: "ظلوا يرددون بأنني لم أحترم بلدي، وأنني خائنة" ، " وقالوا إنه لا ينبغي لي إعداد التقارير الصحافية لأنني أشوه سمعة بلدي".

" كنت لأهتم لو كان الأمر يتعلق بسمعة بلدي ، ولكنه لم يكن كذلك –  لقد كان يتعلق بسمعة  قوات الشرطة".

" لم أقم بالأفعال التي اعتقدت  حقاً  بأنها تزعج الحكومة  -. لقد قمت بوظيفتي – حسنًا، ليس بالطريقة التي يرغبون بها، ولكن هذا عملي."

وقالت لصحيفة ذي إندبندنت إنها أجبرت على توقيع اعتراف لم يُسمح لها بقراءته، كما أُجبِرت على النهيق مثل الحمار.

وقالت إن أحد ضباط الشرطة دفع برأسها الى المرحاض وصب عليه الماء، بينما حاول آخرون إجبارها على شرب سائل لا تعرف ما هو.

قال أحد الاشخاص الموجودين في الغرفة إنه بول. رفضت نزيهة تناوله،  فصبه الشرطي على ملابسها وشعرها، مما أصابها بارتكاس تحسسي .

تقول: "أنا لا أعرف حتى هذه اللحظة ما كان ذلك "،  وتضيف: " حتى المسعفين الذين فحصوني في وقت لاحق لم يعرفوا ماهية تلك المادة".

"اعتقدت في تلك اللحظة، بأنني لن أخرج من هذا المكان، أبداً" . فالطريقة التي يعاملونك بها، وعندما يحبسونك في غرفة وأنت معصوب العينين - لا تعرف كم من الوقت ستبقى هناك- . كلها أشياء جعلت الوقت يبدو طويلاً جدًا بالنسبة لي. لم أعرف بأني كنت هناك فقط لمدة ثلاثة عشر ساعة. ظننت أنها كانت بضعة أيام ".

وتقول: "أشكر الله لأني بلّغت إدارتي عندما كنت في طريقي إلى مركز الشرطة".

قامت قناة فرانس 24  بالضغط على الحكومة لفتح تحقيق في الاعتداء على نزيهة. وتقول  نزيهة بأنها خضعت لساعات من الاستجواب ولفحص طبي شامل . لا تزال تعرج ولا تزال آثار الضرب والكدمات على جسدها، تم نقلها  إلى باريس لتلقي العلاج . هناك، في باريس، التقت مع ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" لفحص إصاباتها بشكل موضوعي نزيه ونشر قصتها .

وتقول: " لا تتصوروا بأنني لم أكن خائفة بعدما غادرت" ، " لم أكن أشعر بالأمان على الإطلاق، وكنت أرغب في إخفاء القصة ولكن القناة اعتبرتها قضية مهمة. والآن، لا يوجد ضرورة لإخفائها – فقد أُذيعت، لذا تحدثت عن قضيتي بصوت عال، كان لديّ قضية في المحكمة، وأردت  الحصول على الدعم ".

مرت سنتان على محنتها،  ولا تزال نزيهة تناضل من أجل العدالة.

قدمت نزيهة دعواها في النيابة العامة ضد معذبيها، وأُحيلت القضية إلى المحاكم الجنائية.

واجهت  الشرطية سارة الموسى من قبل  تهمًا أمام محكمة مدنية لانتهاكات ارتكبتها خلال حملة  للشرطة على الاحتجاجات التي بدأت في شباط/فبراير 2011. بدأت محاكمتها في شهر حزيران/يونيو، ولكن في 22 تشرين الأول/ أكتوبر ،2012 برّأت محكمة في المنامة هذه الشرطية التي عذبت السجناء وأساءت معاملتهم أثناء القيام بواجبها، وصفت المحكمة أدلة نزيهة سعيد بأنها "متناقضة" و "لا تتوافق مع تقرير الطب الشرعي."

وقال متحدث باسم الحكومة إنه كان على نزيهة عدم تحديد معذبيها المزعومين عندما كانت معصوبة العينين، كما قالت في بيانها الأولي. ووفقاً لتقرير الطب الشرعي، لم يكن هناك أي دليل على الصعق بالكهرباء وسحب الشعر، وعلى الرغم من وجود علامات خدش على رقبتها، فإن نزيهة لم تذكر هذا في أي من تصريحاتها السابقة أيضاً.

وقال متحدث باسم الحكومة لذي إندبندنت: " برأت المحكمة الجنائية العليا المدعى عليها الملازم سارة الموسى،  لأن الأدلة لم تثبت ذنب المتهمة مما لا يدع مجالاً للشك " .

وقد رفض ناشطون في منظمة العفو الدولية هذا القرار، قائلين إن هناك "أدلة دامغة على أن نزيهة سعيد قد تعرضت للتعذيب"، وأن تقارير الطب الشرعي "لاحظت آثار التعذيب والضرب في مختلف أنحاء جسدها."

وكان  تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية المكلفة من قبل الحكومة البحرينية، والذي  نُشِر في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، قد كشف عن  انتشار حالات التعذيب والقتل على يد قوات الأمن البحرينية.

رفعت نزيهة أيضاً شكوى ضد شرطية وشرطي لنفس التهم، ولكن لم يُتَّخذ أي إجراء بحقهم.

استأنفت نزيهة الحكم فورًا، ولكن النيابة العامة أجّلت القضية حتى حزيران/ يونيو الماضي - وهي الخطوة التي انتقدتها منظمة مراسلون بلا حدود، بالقول إنها "تدل بوضوح على عدم استقلال النظام القضائي البحريني والطبيعة المزدوجة لقلق الحكومة فيما يتعلق بصورتها في عيون المجتمع الدولي ".

وفشلت المحاولة الأخيرة لنزيهة في استئناف الحكم في تموز/ يوليو الماضي، عندما رفضت النيابة العامة طلبها.

لكن، رغم أن ملفها لا زال يرزح في في المحاكم الجنائية،  تؤكد نزيهة إنها ستواصل نضالها.

في الفترة الأخيرة، أنشأت الحكومة العديد من هيئات حقوق الإنسان، بما في ذلك هيئتان لأمناء التظلمات، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن.

وتقول: "من الصعب، أن تضع نفسك في موقف ضد النظام برمته"، و" لكن إذا استسلمت، فأنا أبعث رسالة مفادها أن الصحافة في خطر، لن تستطيعوا فعل شيء حيال ذلك، لا أريد أن تكون هذه رسالتي. لدي مسؤولية الاستمرار حتى النهاية، لأني إذا تخليت عن قضيتي فأنا أسمح للآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه لزملائي يومًا ما".

"أنا لا أشعر بالأمان، لا أشعر بالعدالة،  لا أعتقد بأن هذا النظام يحترم الصحفيين، والبشر، إذا ظلّ هؤلاء الأشخاص يمشون بيننا دون عقاب."

 

9 أيلول/سبتمبر 2013

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus