المجلس الأعلى لإهانة المرأة
نضال الوطني - 2011-06-16 - 6:21 ص
نضال الوطني*
من جملة الإصلاحات التي قام بها ملك البحرين هو الدور الذي أعطاه للمرأة من خلال زوجته الأميرة سبيكة، التي نافست السيدات الأول في العالم العربي، فأسست كيانا للمرأة هو (المجلس الأعلى للمرأة)، والذي قام بمشروع فريد من نوعه نسبة إلى زميلاتها، فقد خصصت الأول من ديسمبر من كل عام يوما للمرأة البحرينية، واعتبرتها مناسبة وطنية هامة، تؤكد حجم الإسهامات ونوع الإنجازات التي لا تتوانى المرأة عن تقديمها، وأطلقت في عامها الأول ٢٠٠٨م شعارها الدائم ليوم المرأة البحرينية ( قرأت .. تعلمت .. شاركت ) لتكريم المرأة المعلمة والإشادة بدورها في النهضة الوطنية، وفي عام ٢٠٠٩م جاء الشعار المتحرك ( المرأة والأمن الصحي،قابلة، ممرضة، فنية، طبيبة، وزيرة، مسيرة عطاء متواصلة) ليختزل المهن التي استطاعت المرأة أن تشارك وتبدع فيها بمختلف تخصصاتها النوعية في القطاع الصحي، وتكلل العام الثالث للمرأة البحرينية 2010م بتكريمها في مجال العمل التطوعي ( المرأة البحرينية والعمل التطوعي .. ٥٥ عاما من المشاركة والعطاء) ليؤرخ اسهام المرأة البحرينية في مجال العمل الأهلي التطوعي، الذي بدأ منذ خمسينيات القرن الماضي من وجهة نظر المجلس الأعلى للمرأة .
وبذلك تم حصر تاريخ المرأة البحرينية وجهودها من منظور لا يتجاوز مقاس النظام، دون الرجوع إلي أهم المصادر العلمية لتوثيق حقائق حياة المجتمعات، ألا وهي الذاكرة الشعبية للغالبية، ثم تعلنها كحقائق ووثائق معتمدة دوليا متناسية أن الضمائر الحية في العالم ستظل يقظة عندما يحين الدور على البحرين لقياس مدى صدق الوثائق الصادرة من الدولة.
واستنادا إلى قاعدة (إلزام الآخر بما ألزم به نفسه) نقول: كيف تعامل النظام مع المعلمين الذين كانوا المستهدف الأول في الشعارات التي أطلقها المجلس الأعلى للمرأة، هؤلاء المعلمون الذين أبوا أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام ثورة عارمة لشعبهم، ثورة قام بها الصغير والكبير، المتعلم والأمي، فشاركوا في الثورة؛ لأنهم تعلموا، ماذا فعل النظام بالمعلمين، والمتعلمين، وحتى حراس المدارس، والعاملات، ومن جميع المراحل الدراسية من الابتدائية حتى الجامعة، بل ومن الروضة ! ألم يصفع أحدهم وجه طفل في الخامسة لأنه أكمل عبارة (الشعب يريد ..) !!
إن أكبر تهمة موجهة للمعلمين هي أنهم كتبوا ! وربطوا التعليم بالحياة، أليست هذه من صميم أهداف مشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل !!
وقام النظام بتحويل المدارس إلى ثكنات للتحقيق، وحولت الكوادر إلى محققين، وجيشت الكل، حتى أم حسن التي استضافتها المدارس والمؤسسات ونافست ام هلال بل اكتسحتها، ولم يبق أحدٌ إلا وقدم دوراً، ولا يسايرهم في هذا الهوى يصبح خائنا.
وليتهم اكتفوا بالتحقيق، لا بل، بالتوهين والتعذيب والتنكيل، والتجويع والترهيب والوعيد، بل أمست المعلمة مهانة في غرفة التعذيب معصوبة العينين تحت نيران التعذيب من شرطيات كن في السنوات السالفة من طالباتها، بل إن بعض الطالبات قدمن مشاريع على أقراص لإدانة المعلمات !! أهكذا هي حقيقة مدارس المستقبل ؟؟!
إن الدور الذي لعبته وزارة التربية في حق كوادرها هو أكبر دليل على أنها ليست في مستوى مدارس المستقبل بل إنها دون ذلك بكثير.
وأما الشعار الثاني للمجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين – عفوا مهلكة البحرين، ولو لفترة إلى حين انتهاء حفلة الزار – بدأ هذا الشعار بعنصر (المرأة والأمن الصحي)، فشهدت الحكومة على نفسها أن الصحة أمن للمواطن، وإذا فقده فهو في خطر، ولكن في حفلات الزار تنقلب المفاهيم، فيتحول المريض إلى راقص هائج، قد يفتك بأي أحد، فيصبح الأمن من حق من اعتراه الزار، ويصبح الأمن الصحي للجيش وليس للمواطن، والصحة للبلطجية وليس للجرحى، وتتحول المستشفيات إلى غرف لإدارة عمليات عسكرية، ويصبح جميع العاملين في الحقل الصحي متهمين، بل ومجرمين، وقتلة.
إن الحجم الهائل من الأمن الصحي الذي شهدت به الوثائق الصادرة من المجلس الأعلى للمرأة تحول إلى رماد يتناثره الإعلام الأعور في عيون المشاهدين، وحبوب هلوسة يبتلعها بعض المرتزقة من الإعلاميين.
لقد قامت القيامة عندما أغلق المتظاهرون الطريق أمام البعض، فلم يتمكن من الذهاب إلى عمله لأنه لا يعبأ بثورة في وطنه، فلم يتحمل التأخير عن دوامه الرسمي، ولكنه يتحمل التأخير عن الدوام وعن كل شيء، إذا أغلق الطريق لمرور المواكب الحكومية التي لا تعرف الإصلاحات ولا التغيير.
ويتحول الأمن الصحي - بكافة المهن التي اختزلها شعار المجلس الأعلى للمرأة - إلى عصابة مجرمة، عن سبق إصرار وترصد، ومتدربة ومحترفة في العمليات الثورية ضد الحكومة.
سعى المجلس الأعلى للمرأة إلى الدفع بالمرأة نحو المقدمة عبر تمكينها لأجل بناء الوطن، ولم يحرك ساكنا منذ 14 فبراير حين انتهكت الدولة حقوق المرأة في المواقع كلها، وسيضيف التاريخ تلقائيا إلى سجلات المجلس الأعلى للمرأة ما حدث للمعلمات والطبيبات والممرضات منذ 14 فبراير، من قبل المجلس الأعلى لإهانة المرأة.
*كاتبة بحريني