"الحرب على الإرهاب" بالقانون في البحرين

2013-09-24 - 12:51 م

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين

ترجمة: مرآة البحرين

قبل أيام كنت أشاهد برنامجًا على قناة الجزيرة، وكان أحد مؤرخي الحرب الأهلية في الجزائر يقول إن حملة مصر الحالية ضد الإخوان المسلمين تمثل استراتيجية مماثلة لتلك التي قامت بها الحكومة العسكرية في الجزائر قبل عقود. والفكرة هي: لاضطهاد معارضين لديهم تجاهل عنيف بأن الحركة تتحول من تيار سياسي يحصل أو قد يحصل على التأييد الشعبي للقيام بتمرد مسلح، وخوف علني يحول دون أي تعاطف سياسي وفي نهاية المطاف يقوي دعم المواطنين لحكومة قد لا يتفقون مع سياساتها أو حتى شرعيتها.

والآن، من التبسيط جدًا القول إن استراتيجية السياسة الأمنية في البحرين تتبع بالضبط نفس الصيغة، وليس أقلها لأن العنف الذي حصل ما بعد 14 شباط/فبراير لا يضاهي المذابح التي حصلت في الجزائر. بل إن استراتيجية الحكومة قد اتبعت دائمًا مسلكًا أكثر قانونيةً، ربما لأن التكوينة المجتمعية الفريدة تعطيها هذا الترف. في تموز/يوليو 2005، مرّر البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون السنة ما يعرف الآن باسم قانون الجمعيات السياسية، الذي يقسم التجمعات السياسية بعناية إلى مجموعتين قانونيتين: تلك المسجلة لدى وزارة العدل (وهي "قانونية")، وتلك غير مسجلة ( وهي "غير قانونية "). وكان الملك حمد قد أصدر مرسومًا لإدخال مشروع القانون هذا في القانون في آب/أغسطس. كل هذا حدث، بالطبع، قبل مشاركة الوفاق الانتخابية، حتى إنه ربما ساعد في تشجيعها.

وكان الغرض الواضح للدولة هو نزع الشرعية وتجريم تلك الجماعات التي رفضت الاعتراف بشرعية دستور 2002 الصادر بصورة أحادية (وهم لذلك يرفضون التسجيل)، وقد أطلق عليها فيما بعد تسمية "منظمات إرهابية". (ومن هنا الحاجة لقانون "مكافحة الإرهاب" الشائن لعام 2006 في البحرين، انظر، على سبيل المثال، أطروحة الماجستير هذه لفاطمة الزبيري.) وهذا أثبت إلى حد ما نبوءة محققة لذاتها، مع الحركات السرية اليوم مثل حركة حق، وأمل، وغيرها التي تلجأ من حين إلى آخر للعنف - وإن كانت بشكل واضح ليست "إرهابًا" بالمعنى المقبول. لذا، حتى وإن لم يوفر التجريم الراحة من المعارضة السياسية أو العنف، فإنها لا تزال تقدم غطاءً قانونيًا للحملات المتقطعة للدولة على الأنشطة الاحتجاجية وقادتها.

ومنها نعود إلى حال البحرين في شهر أيلول/سبتمبر 2013، حيث إن وزارة العدل والشؤون الإسلامية مشغولة في تضييق الخناق أكثر على المجال السياسي. وتقضي التدابير التي أعلن عنها في 4 أيلول/سبتمبر بحصول الجمعيات السياسية على موافقة الوزارة قبل أي اجتماعات مع جهات أجنبية، وبما فيها الدبلوماسية. (راجع دفاع الشيخ خالد عن ذلك في صحيفة الوطن). فأمس، رفعت الوزارة دعوى قضائية بحل المجلس العلمائي الشيعي بقيادة عيسى قاسم. وخروقاتها تشمل:

تبني الدعوة إلى ما يسمى بـ "الثورة"، خرق القوانين، وتقديم الدعم والمساعدة لجمعية سياسية تم حلها بموجب حكم قضائي لدعمها علنًا للعنف، والتحالف والتنسيق المستمر مع جمعية سياسية مرخصة و التدخل غير المشروع في الانتخابات من خلال دعم مرشحين محددين.

وفي هذه الفترة، الموفدون إلى الحوار الوطني- حوار لا يرعاه أحد سوى وزير العدل- يواصلون فشلهم حتى في بدء الحوار. يوم السبت قدمت صحيفة الغالف نيوز مستجدات حول هذه العملية الهزلية:

المشاركون الـ 27، يمثلون ائتلاف الجمعيات المعارضة، وائتلافًا آخر من الجمعيات السياسية، والبرلمان والحكومة، عقدوا أكثر من 25 لقاءً سادها الهدوء تارةً والتوتر تارةً أخرى.

وبعد [التوقف الدراماتيكي]، فإنه لا يزال يتعين عليهم الاتفاق على برنامج وجدول أعمال للمحادثات.

الدرس، فإذًا؟ نلعب من خلال قوانيننا، وإن كانت سخيفة وعديمة الجدوى، أو نخاطر بالنفي القانوني من السياسة كليًا. وعلاوة على ذلك، وعلى غرار قانون الجمعيات السياسية لعام 2005، يمكن للدولة أن تدعي بأن موقفًا كهذا يمثل في الواقع إرادة الجمهور ذاته، حيث إن كل التدابير الجديدة للوزارة يُتاجر بها باعتبارها نابعة من جلسة برلمانية مشتركة غير عادية عقدت في تموز/يوليو ردًا على الازدياد الملحوظ في العنف خلال فترة الصيف. وكما هو الحال في عام 2005، كانت المعارضة غير ممثلة وذلك بسبب مقاطعتها، والآن يبدو أنها تعاني من عواقب مماثلة.

بالإضافة إلى المصير القانوني لعيسى قاسم المستهدف من قبل الدولة ومؤيديها منذ بداية الانتفاضة، سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان الحظر الجديد فيما يتعلق بالاتصال مع الجهات الأجنبية سيُنفذ في سياق الحرب الأهلية في سوريا. في مقالة مثيرة جدًا للاهتمام، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أمس أن مقاتلين شيعة من "العراق وسوريا ودول عربية أخرى" يتدفقون "بالحافلات" إلى موقع تدريب خارج طهران تحضيرًا لدخول الصراع في سوريا. وبالفعل قبل عام، تفاخر أعضاء (بل وقادة) سلفيون من جمعية الأصالة البحرينية بمآثرهم البطولية مع أفراد من الجيش السوري الحر. وقبل عشرة أيام فقط أعلنت هذه المجموعة استشهاد أحد أتباعها في سوريا، ليصل المجموع إلى ستة. فكم هو احتمال تأييد الحكومة البحرينية لتورط مماثل (أو الاتهام بتورط) لأعضاء، دعونا نقول، الوفاق مثلاً، خاصة بعد الحظر الصريح للاتصال بجهات أجنبية؟ وأود أن أرى حينها عناوين غلف ديلي نيوز.

وأخيرًا، الجدير ذكره في سياق القمع السياسي المتزايد - ليس فقط للشيعة وإنما لجماعات سنية كذلك - رحلة الملك حمد يوم الأحد إلى الصين، حيث التقى برئيس البلاد والمستشار السياسي الأعلى. المرافقون للملك، من بين شخصيات أخرى، هم: محمد بن مبارك، وخليفة الظهراني، وعبد الله بن حمد، وخالد بن أحمد، وأحمد بن عطية الله. (ليس هناك ذكر لولي العهد الأمير سلمان، على الرغم من أن الزيارة كانت على هامش أعمال معرض تجاري). وباستثناء ملك الأردن، الملك عبد الله الثاني، كان الملك حمد الرئيس العربي الوحيد الذي حضر هذا الحدث. ويتساءل المرء ما إذا كان هذا الظهور الواضح لم يكن القصد منه الإشارة إلى جهود البحرين في جذب شركاء استراتجيين جدد أقل قلقًا حول شؤونها السياسية الداخلية.

مستجدات: بشكل مناسب، بالنظر إلى مادة رسالة اليوم، هناك رسالة بريد إلكتروني صادرة عن حركة البحرين للعدالة والتنمية التابعة لجمعية الوفاق تفيد بأن نائب رئيس جمعية الوفاق خليل مرزوق "اعتقل صباح اليوم بعد استدعائه لمركز شرطة البديع أمس،" وعلى ما يبدو بسبب خطابه الذي ألقاه في7 أيلول/سبتمبر والذي وصفه مسؤولون حكوميون بأنه "داعم للأنشطة الإرهابية والعنف وسقوط النظام."

مستجدات 2: قصة اعتقال المرزوق (والتي على ما يبدو كانت نتيجة لرفعه علم ائتلاف 14 فبراير في مظاهرة نظمت في 6 أيلول/سبتمبر) قد خلقت جولات. وردًا على ذلك، علقت كل الجمعيات المعارضة وليس فقط الوفاق المشاركة في الحوار الوطني، والتي ستكون بالطبع انتكاسة كبيرة للتقدم الذي تحققه الأطراف.

مستجدات 3: لاحظ الكثيرون غياب غضب وزارة الخارجية الأمريكية في ما يخص اعتقال المرزوق، خصوصًا في سياق الإجراءات القانونية الأخرى والتي تمت مناقشتها على هذا الموقع. في الواقع، عندما سُئلت الناطقة باسم الخارجية عن الاعتقال، أنفقت وقتًا أكثر توبّخ المعارضة على تعليق مشاركتها في الحوار. افتتاحية واشنطن بوست تصف الوضع: "البحرين تعتقل قائدًا معارضًا، والولايات المتحدة تتجاهل". وبأكثر صراحة كتبت هيومن رايتس ووتش: "الولايات المتحدة تعتقد أن اعتقال المعارضين السلميين أمر لا بأس به، على الأقل في البحرين". 


17 أيلول/سبتمبر 2013
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus