(تي شيرت) تهزم سُلطة
2013-09-24 - 10:07 م
إيمان شمس الدين*
الفن وسيلة معبرة بإبداع عن كثير من القضايا، وتعالج كثير منها، وفي عالمنا العربي والإسلامي كان للمسرح دورٌ كبير في الدفاع عن الحقوق المسلوبة، والنضال المستمر لأجل التحرير.
وكان الفن يعتبر سلاحًا قويًا في وجه السلطات الجائرة، وما زال إلى حدٍ كبير هو ذلك الفن الذي يصنع قضايا ويعالجها ويناقشها بطريقة قريبة لعقل وقلب الجماهير، لكن في الدول التي تحترم وتدرك قيمة هذه الوسائل وأهميتها.
(هديل بوقريص) كاتبة كويتية وحقوقية وسيناريست، منذ انذلاع الثورة البحرينية كانت على تماس دائم بالأحداث، كونها ناشطة مهتمة بالشأن الحقوقي، واستخدمت وسائل وطرق عديدة للتعبير عن مظلومية الثورة البحرينية وحراكها المطلبي، وآخر حراك لها كان يوم الجمعة في مهرجان الخليج للشباب، الذي يقام في دولة الكويت الديمقراطية، بدستور يحمي الحريات ويصون حقوق مواطنيه. ارتدت هديل (تي شيرت) عليه صورتين للحقوقيين المسجونين في سجون البحرين نبيل رجب وعبد الهادي خواجة، اللذين عرف عنهما نزاهتهما ودفاعهما عن القضايا الإنسانية والحقوقية كافة.
أثارت الصورة حفيظة الوفد البحريني، الذي طالب بإخراج هديل من المسرح وطردها، ظنًّا منه أنها بحرينية، واعتبر ذلك إهانة لملك البحرين.
هذا الوفد، الذي يُفترض أنه ممثل للشعب وليس للسلطة، يقفز على معاناة شعبه، ويحول (تي شيرت) لهزيمة سلطة باعتبارها إهانةً للملك.
ورغم أن من موجبات الضيافة احترام المضيف لمسلّمات الدولة التي تستضيفه، وأحد أهم مسلماتنا هي الحرية التي يقرها دستورنا الكويتي، إلا أن عدم الاحترام يعكس واقعًا سياسيًا في داخل البحرين، عبّر عنه الوفد البحريني بسلوكه تجاه هديل بوقريص، وهو عدم اعتياده على حرية التعبير عن الرأي، بل عدم اعتياده على الحرية، في بلد يدّعي نظامه البحريني أنه بلد ديمقراطي يدافع عن الحريات، وهو عكس ما عبّر الوفد عنه بسلوكه القمعي.
لقد هزمت (تي شيرت) هديل بوقريص النظام البحريني، هزمت السلطة، وتحوَّل الموقف إلى رأي عام، بل سيتطور في داخل الكويت وخارجها حقوقيًا وبرلمانيًا، كون سلوك الوفد البحريني يعتبر تدخلًا في شأننا الداخلي، وانتهاكًا لحقوق مواطنة وإنسانة كفل لها الدستور والمواثيق الدولية حقها في التعبير عن رأيها.
وهذا دليل آخر على كمّ الانتهاكات التي يرتكبها هذا النظام بحق شعبه، فهي ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها هذا النظام، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر أدواته في شأننا الداخلي، فقد سبق له منع إعادة حلقة في تلفزيون (سكوب) في لقاء مع الدكتور صلاح الفضلي، وهو كاتب صحفي، لقوّة اللقاء، ولقدرة الضيف على تفنيد دعاوى النظام تفنيدًا منطقيًا أحرج السلطة أمام كثير من مواطنيها، الذين انهالوا بالاتصال على البرنامج لطرح أسئلتهم على الضيف، مما حدا بالديوان الملكي البحريني بالاتصال بصاحب القناة لوقف إعادة البرنامج، إضافة للطلب من الصحيفة، التي كان يكتب فيها الدكتور، بإيقافه عن الكتابة واستجابت كلٌّ من الصحيفة والقناة.
السكوت اليوم عمّا حدث مع هديل بوقريص، من قبل الوفد البحريني، هو رضا بسلب مقوماتنا الدستورية ومكتسباتنا التي ذهب ضحيتها كثير من الشهداء، فاليوم هديل كفرد هي الضحية، وغدًا سيكون الشعب ضحية حاكت شباكها الاتفاقية الأمنية لدول الخليج؛ حيث بدأت تظهر حقيقتها تدريجيًا، وبشكلٍ هادئ، في وطننا الكويت، وهو ما يقوض حقيفة النظام الديمقراطي.
تحالفت الأنظمة ضدَّ شعوبها في الخليج لقمع أي محاولة لتحقيق تقدم في الحياة السياسية، من خلال تحقيق شراكة دستورية للشعب في السلطة، ونتطلع لتحالف شعوب الخليج ضدَّ أي نظام قامع ومنتهِك للحقوق، لأننا في زمن البقاء فيه للشعوب وليس للأنظمة، مهما طالت مدة بقائها فهي حتمًا إما سترحل أو ترضخ لحراك التطوير، وخاصةً في المجال السياسي.
*كاتبة كويتية.