أين أصبحت حركة تمرد البحرينية الآن؟

2013-09-27 - 11:30 ص

إيكول تايمز
ترجمة: مرآة البحرين

قبل شهر واحد فقط، شهدت العاصمة البحرينية المنامة، وعددٌ من القرى المحيطة بها، مظاهرات مؤيدة للديمقراطية استجابة لدعوة أصدرتها مجموعة حرة من الناشطين الشباب، تطلق على نفسها اسم "تمرد البحرين". 

في الواقع، يصادف يوم 15 آب/أغسطس ذكرى استقلال البحرين من الحكم البريطاني في عام 1971، وقد تم اختيار اليوم الذي يسبقه كموعد لتصعيد الاحتجاجات المؤيدة للحرية والديمقراطية والتي بدأت في 14 شباط/فبراير 2011.

ولكن قوات الأمن قامت بإخماد هذه المظاهرات وتصدت للمتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، البنادق ورصاص الشوزن.

كان عدد المتظاهرين الذين خرجوا أقل بكثير مما كان متوقعًا، وقد اعتُقِل العشرات، ووفقًا ليوسف المحافظة، مسؤول الرصد والمتابعة في مركز البحرين لحقوق الإنسان، فإن أغلبهم لا يزال قيد الاحتجاز.

وأفادت التصريحات الحكومية الرسمية أن حركة تمرد "فشلت" بفضل التدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات لتعزيز القوانين الجنائية ومكافحة الإرهاب والوجود الأمني المكثف.

وقد شملت الاعتقالات الأخيرة فتىً في الرابعة عشرة من عمره يدعى "علي حاتم علي سلمان" الذي اعتقل في 26 آب/أغسطس 2013. وقد ورد أنه تعرض للتعذيب أثناء الاستجواب "للاعتراف" بأعمال الشغب.

غير أن منظمي المظاهرة قالوا بأنهم حققوا هدفهم المتمثل في تنظيم احتجاجات سلمية.

قوانين مكافحة الإرهاب

المجلس الوطني البحريني هو الاسم الذي يطلق على اجتماع البرلمان البحريني بمجلسيه - المنتخب والمُعيَّن. تسيطر على هذا المجلس أغلبية موالية للحكومة، وكان قد أصدر في وقت سابق 22 توصية بمواجهة أي احتجاج شعبي.

وأوصى المجلس في اجتماع مشترك - وهو الأول من نوعه في تاريخ السياسة البحرينية - بتطبيق عقوبات أكثر حزمًا بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في البلاد. وقد شملت سحب الجنسية البحرينية من كل مرتكبي الجرائم الإرهابية - أو المحرضين عليها -، فضلًا عن حظر جميع الاعتصامات والمسيرات والتجمعات في المنامة.

وقد منح المجلس أيضًا سلطات إضافية لقوات الأمن ضد الجماعات السياسية التي تدعم "الإرهاب".

ولقيت هذه التوصيات ردة فعل إيجابية من النظام الحاكم في البحرين. فقد أصدر ملك البحرين، الملك حمد آل خليفة، مراسيم ملكية تم من خلالها تعديل قانون مكافحة الإرهاب. واجتمعت الحكومة أيضًا في دورة استثنائية لتنفيذ التوصيات.

انتقادات دولية

منذ بداية المظاهرات المطالبة بالديمقراطية في شباط/فبراير 2011، تم تطبيق قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية على المعارضة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان.

وحاليًا يقضي العديد منهم عقوبات بالسجن تتراوح بين سنة والسجن المؤبد، وقد صدر بعضها عن المحاكم العسكرية وأيّدتها في وقت لاحق المحاكم المدنية.

انتقدت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، من جانبها، كل التدابير الاستباقية التي اتخذتها حكومة البحرين.

وفي بيان لها، قالت منظمة العفو الدولية إن تمرير التعديلات على قوانين مكافحة الإرهاب "سوف يؤدي إلى مزيد من انتهاكات البحرين لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان."

وقد أعربت منظمة العفو الدولية أيضًا عن مخاوفها من أن تؤدي هذه التعديلات إلى "تدهور وضع الحق في حرية التعبير والتجمع و في تكوين الجمعيات"، مشيرةً إلى "الطريقة التي انتهكت بها السلطات التشريعات الحالية في قمعها للمعارضة".

من جانبه، أعرب مركز البحرين لحقوق الانسان أيضًا عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بأنه إجراءات تتخذها السلطات البحرينية "لإضفاء الشرعية على انتهاكات حقوق الإنسان".

أساليب التمرد المختلفة

على الرغم من كل التهويل والتهديد الهائل للسلامة الشخصية والحرية، خرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في 14 آب/أغسطس.

وشهدت البحرين تظاهرات منذ الصباح، فيما أشارت. بعض التقديرات إلى أن عدد التظاهرات بلغ أكثر من 60 مظاهرة، غطت معظم المناطق في البحرين، بما في ذلك المنامة.

وللالتفاف على الحملة الأمنية، اخترع المتظاهرون أشكالًا جديدةً من الاحتجاجات حيث تجلس العوائل أمام منازلها رافعة لافتات مؤيدة للديمقراطية تدعو إلى الإفراج عن السجناء السياسيين.

وقد اختلف الجمهور البحريني حول مسألة نجاح الثورة أو فشلها.

حتى في الوقت الذي لا تزال تشيد فيه الحكومة، والأحزاب السياسية الموالية لها، بقدرة قوات الأمن على قمع هذه المظاهرات، فإن جماعات المعارضة والحركات الشبابية ما زالت تعتقد بأن دعوة تمرد كانت ناجحة.

والدليل على ذلك هو تنظيم العديد من المظاهرات، حتى في العاصمة.

إنهم يشددون على روح المسؤولية التي تمتع بها المواطنون أثناء تظاهرهم، مؤكدين أن الحراك في البحرين هو حراك سلمي.

تصميم

هل هناك أي فرص لحل الأزمة في البحرين؟

منذ شباط/فبراير 2011، والبحرين تعاني من أزمة سياسية وأمنية، أدت إلى سقوط العديد من الضحايا.

وقد صدرت أحكام قاسية بحق عدد من القادة السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان. وتم طرد الآلاف من العمال والنقابيين من وظائفهم و لم تتم إعادة البعض منهم إلى وظائفهم.

ورغم تعهدات الحكومة المتكررة بالتزامها بالتمسك بمعايير حقوق الإنسان، فإن المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان لا تزال تطالب الحكومة بتطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق، المعروفة محليًا باسم "توصيات لجنة بسيوني"،" بفعالية وصدق"، فضلاً عن التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان.

ومن المؤمل أن يكون هناك قريبًا جولة أخرى من الحوار السياسي تضمّ جماعات المعارضة الرئيسية، على الرغم من تحفظاتهم حول آلية تحديد المشاركين في الحوار والمواضيع التي ستناقش، ناهيك عن الكيفية التي سيتم بها تنفيذ الاتفاقات المبرمة خلال الحوار.

رغم ذلك، لا يتوقع المراقبون أن يؤول هذا الحوار إلى أي اتفاقات جدية لإخراج البلاد من مأزقها، خاصة في ضوء الدعم الدولي الذي تتمتع به الحكومة البحرينية والدعم المالي المرسل من أشقائها في مجلس التعاون الخليجي.

وبالإضافة إلى ذلك، يقَيد وجود الأطراف المعرقلة للإصلاح داخل الأسرة الحاكمة بقيادة رئيس الوزراء (الذي لا يزال يتولى هذا المنصب منذ 40 عاما)، حركة ولي العهد (الذي تراه الأحزاب المعارضة البحرينية قادرًا على إيجاد مساحة محدود من الاصلاحات في البلاد).

 

23 أيلول/سبتمبر 2013 
النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus