جستين غينغلر: البحرين تتخوف من السلام الأمريكي- الإيراني

2013-10-03 - 11:39 ص

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

بالنسبة إلى شخص يعيش في منطقة الخليج، فإن وجود تحالف غير معلن بين الولايات المتحدة وإيران يرمي إلى تقويض دول الخليج العربي هو واقع مفروغ منه. وإلّا، في الواقع، كيف نشرح برنامج الولايات المتحدة ما بعد عام 2001 الممنهج للإطاحة بأعداء إيران، ناهيك عن المكالمات الهاتفية في وقت متأخر من الليل بين الرئيسين أوباما وروحاني؟ في البحرين، عرف وزير الدفاع خليفة بن أحمد جيدًا طريق العودة في تموز/ يوليو 2011، عندما أخبر صحيفة الأهرام أن الانتفاضة كانت "وبكل المقاييس مؤامرة إيرانية مدعومة من الولايات المتحدة،" وهذه الأخيرة ترمي إلى "رسم خريطة جديدة" للمنطقة." ويؤكد أن" مصالح الولايات المتحدة وإيران المشتركة في مختلف القضايا التي تستهدف مصلحة العرب أهم من الحديث عن الخلافات بين البلدين".

واليوم ومع كل هذا، لا يزال هناك اعتقاد خاطئ من قبل الكثيرين، وخاصة أولئك الذين لا يقضون الكثير من الوقت في المنطقة، بأن فكرة تحالف أمريكي- إيراني هي فقط وجهة نظر تمسكت بها أقلية هامشية وتآمرية. ولذا اسمحوا لي أن أقول وبوضوح إن الأمر ليس كذلك.لا أستطيع التعميم، لأنني لم أتحدث مع ما يكفي من الشيعة غير البحرينيين في بلدان الخليج ، لكن يمكنني القول مستندًا إلى خبرتي الواسعة بأن السنة في الخليج لا يثقون بنوايا الولايات المتحدة في المنطقة. ويستعرض مقال بارز في عدد نهاية الأسبوع من صحيفة نيويورك تايمز بعض المؤشرات على ذلك في سياق المكالمة الهاتفية التي جرت بين أوباما وروحاني، ولكن حتى هنا، يتم إبراز هذه المكالمة بطريقة تقلل من جدية الأمر. وقد نُقِل عن جمال خاشقجي قوله، على سبيل المثال، "هناك الكثير من الشك وحتى الارتياب بشأن صفقة سرية بين إيران وأميركا، "مما يجعل المرء يفكر مرة أخرى: "عجبًا.. لهؤلاء العرب الخليجيين المجانين، يقولون دائماً بنظرية المؤامرة!"

وفي الواقع، من المثير للسخرية أن صحيفة نيويورك تايمز اختارت أيضًا أن تنشر في مُلحق الأحد من نهاية هذا الأسبوع خريطة تفاعلية للشرق الأوسط تُصور "كيف تستطيع 5 دول ( العراق وسوريا والسعودية واليمن وليبيا ) أن تصبح 14"، وذلك نتيجة للضغوط العرقية والطائفية التي أثارتها الانتفاضات العربية.

الخريطة تهكمية، حيث أنها تشبه خريطة أخرى شهيرة ( سيئة السمعة ) تُصوّر"الشرق الأوسط الجديد". أعدّها الكولونيل رالف بيترز، ونشرتها مجلة القوات المسلحة الأمريكية في حزيران/ يونيو 2006، كانت ترمي الى توضيح النتيجة المحتملة لما يسمى مشروع"الشرق الأوسط الجديد" الذي ابتدأته إدارة بوش مع حرب العراق. والنتيجة كانت أن الولايات المتحدة لم تكن تشهد ببساطة بلقنة المنطقة فحسب، بل إنها ساهمت فيها ورسمتها لغاياتها الشخصية. يجب أن تظهر هكذا خريطة الآن من جديد، وبقدر أكبر من المعقولية الجغرافية-السياسية، وعليه فسوف تسترجع كثيراً من المخاوف التي نشأت قبل عقد من الزمن، والسؤال هنا عما إذا كانت الولايات المتحدة لم تنجح ربما في مبدئها: "الفوضى البناءة" في الشرق الأوسط.

لذلك، فإن ردة الفعل البحرينية إزاء التقارب المؤقت بين الولايات المتحدة وإيران ليست هستيرية، بل تعكس معنى عبارة "لقد قلت لكم ذلك" الهادئة." وبرزت ردة الفعل هذه في سياق ما يشكّل حاليًا جدلًا ساخنًا حول سياسة الولايات المتحدة تجاه هذا البلد (كما أشارت إليه السفارة الأمريكية ولا سيما سفير الولايات المتحدة)، فإن هذا التطور يمثل حجة إضافية في الدفاع في مجلة مُثقلة سلفاً بالانتقاد السني للولايات المتحدة. وفي مدى أبعد من مكالمته الهاتفية مع روحاني، تأتي إشارة أوباما الصريحة إلى "التوترات الطائفية" في البحرين خلال كلمته أمام الأمم المتحدة والتي يُنظر اليها أيضًا على أنها مشجعة للمعارضة التي نظمت مسيرة ضخمة (ومُرَخّصة) في شارع البديع يوم الجمعة بحضور عيسى قاسم وعبد الله الغريفي وشخصيات دينية أخرى بارزة. يوم (أمس) كان يومًا واضحًا (كنت على الشاطئ!)، والصورة صافية نوعًا ما: بالنسبة لمؤيدي الحكومة، كانت ملاحظات أوباما بطريقة ما أقل إيجابية .

في الواقع، حتى السفير الأمريكي السابق لدى البحرين آدم ايرلي دخل اللعبة، "مهاجمًا بلده حول موقفها من المملكة البحرينية." وتروي صحيفة الغلف ديلي نيوز أن "ايرلي قرع ناقوس الخطر تجاه مسألة تدهور العلاقات مع البحرين ودول الخليج الأخرى، وحذّر من إهمال الولايات المتحدة لحلفائها في مواجهة الخطر المحدق بهم". وتابع إيرلي: "وكما سألني عضو بارز في الأسرة الحاكمة، "لماذا لا يمكن للولايات المتحدة دعمنا كما تدعم روسيا سوريا ؟" يتحتم علينا ذلك. ينبغي لأمريكا أن تصرّح وبوضوح ماذا تؤيد ومن تناصر؟ القلق الذي زرعناه لدى حلفائنا يضر بأمننا القومي ومستقبلنا الاقتصادي".

عاجلاً أو آجلًا، سوف تضرب أزمة ما هذا الجزء من العالم. ويمكن أن يكون هناك صراع مع إيران أو مع يد الإرهاب الدموية. الاضطراب الداخلي يهدد أسس الدول. وعلينا ألا نخطئ- فالمصالح الأميركية والاستقرار المالي سوف يكونان معرضين للخطر.

الآن هو الوقت المناسب لرأب الصدع وإعادة بناء العلاقات المتوترة مع أصدقائنا في الخليج. يجب على الرئيس باراك أوباما أن يتعلم من الرئيس كلينتون. يجب أن يقول لأصدقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي أننا نشعر بألمهم. عليه أن يسافر إلى المنطقة ويطمئن الحلفاء القلقين أن أميركا إلى جانبهم وستعمل معهم بروح الهدف المشترك لمواجهة تحديات الزمن المضطرب. يجب أن تعكس الإدارة الأميركية هذا الإهمال المقلق. ازدهارنا في المستقبل يعتمد على ذلك.

وأتساءل هنا عما إذا كانت تصريحات إيرلي متأثرة بخروجه الأخير(في أوائل أيلول/ سبتمبر 2013) من وزارة الخارجية لصالح ميركوري وهي شركة استشارية خاصة "تمثل عدة حكومات أجنبية في واشنطن"؟


وأيًا كانت الحالة، فإنه سيكون قريباً لدى إيرلي، والعديد من البحرينيين، المزيد من الشكاوى. بالأمس، كان هناك تقرير لصحيفة الأخبار اللبنانية (والتي هي، على نحو لا يمكن إنكاره، مؤيدة لحزب الله ) يدّعي أن وزير الدفاع تشاك هاغل سلّم مؤخرًا إلى الملك حمد رسالة من الرئيس أوباما يطلب فيها عدة أمور من جملتها أن يكون ولي العهد الأمير سلمان رئيسًا للحكومة بدل خليفة بن سلمان. وليس من الواضح ما إذا كان الأمر صدر عن الرئيس روحاني، أو عن علي خامنئي مباشرة.

29 أيلول \ سبتمبر 2013 
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus