صحيفة الغاردين: ارحمونا من اهتمامكم المفتعل بالعمالة الآسيوية

2011-06-20 - 10:43 ص



وزير الخارجية البحريني يزور ناد للجالية الفلبينية



فهد ديسموك، صحيفة الغاردين:

ترجمة: مرآة البحرين.



النظام البحريني يحاول أن يؤلب الطبقة العاملة البحرينية والعمالة الأجنبية المضطهدة على بعضها. فمنذ أن بدأت البحرين حملتها القمعية ضد المتظاهرين ، فإن الحكومة ومن يساندها يحاولون أن يبرروا الوحشية التي استخدموها بالإشارة إلى العنف  الموجه ضد العمالة الوافدة على أيدي المتظاهرين كما يزعمون.

"العمال الأجانب الفقراء الأبرياء" بهذه الطريقة باتوا يوصفون الآن . ولكن ومنذ أشهر قليلة فقط كان هناك اهتمام ضئيل بالإساءات الموجهة إليهم على المستوى الوطني على الرغم من أنهم يمثلون مانسبته  54 % من السكان المقيمين، ويشكلون غالبية القوى العاملة كما هو الحال في الملكيات المجاورة. والجدير بالذكر أنّ معظم هؤلاء العمال جاءوا  من جنوب آسيا، ومن غير شك فإنهم يعدّون الفئة ألأكثر تهميشا في البلاد.

ولكن الآن وفجأة أصبحت مظالمهم ورفاهيتهم مصدر اهتمام وقلق لدى السلطات البحرينية ومن يساندها. فبعد بداية حملة القمع، هرع وزير الخارجية البحريني لزيارة أندية الجاليات الاجنبية وسفاراتهم ممتدحا " العلاقات القوية" التي تربطهم بالبحرين. وفجأة أيضا بدأ تلفزيون البحرين الرسمي يبث نشرات الأخبار باللغات الهندية والأردو والتغالوغ (الفلبينية).

بدا ذلك كله مخادعا وغير حقيقي. وكمغترب لفترة طويلة في البحرين، كانت ردة فعلي الأولية هي التساؤل لماذا لم يكن هناك المستوى نفسه من الغضب والاستياء من هذه الدوائر عندما كانت العمالة الأسيوية يساء إليها بشكل وحشي من قبل مشغليهم البحرينين، أو عندما كانوا يقتلون في أماكن عملهم بسبب الإهمال الجرمي؟ ولماذا عندما حاولت  أن أبين وجهة نظري السياسية عن البحرين منذ عدة سنوات وضعت على القائمة السوداء ومنعت دخول البلاد مرة أخرى؟
في العام 2004 بدأت التدوين بخصوص المشهد السياسي المعارض الآخذ بالتصعيد، وبدأت بأخذ الصور وكتابة التقارير عن الاحتجاجات التي تحدث في الشارع، والتي في معظم الأحيان لا يتم التطرق إليها في الصحف الإنجليزية المحلية.

أود أن اذكر هنا بأني  باكستاني الجنسية وبمعزل عن السنوات القلية التي قضيتها للدراسة الجامعية في الخارج، فإنّ البحرين هي الوطن الوحيد الذي عرفته.
في يوليو 2006 ، قرع جرس الباب وقام  شرطي بإعطائي رسالة تطلب مني المثول في اليوم التالي أمام جهاز الأمن الوطني سيئ الصيت. وهناك تمّ التحقيق معي من قبل اثنين من المحققين واللذين اخذا دور الشرطي الطيب و دورالشرطي الشرير  بشكل متبادل و مبالغ فيه يصل إلى حدّ السخرية .

لم يكونوا على علم بمدوناتي ولكنهم بالتأكيد كانوا يراقبون مع من اجتمعت ومع من تحدثت على الهاتف. لقد أرادوا أن يعرفوا سبب اجتماعي بالصحفيين والأكاديميين الأجانب الذين كانوا يزورون البحرين ويعملون أبحاثاً عنها.

"هذا الظرف يحتوي على كل شيء عن ماضيك وحاضرك ومستقبلك ومن الأفضل لك أن تخبرنا عن كل شيء تعرفه" نبح الشرطي الشرير صارخا ومشيرا إلى ظرف بني موضوع على الطاولة.

وبعد عدة ساعات أخبرت بأنّه يمكنني الذهاب "مؤقتا"، ولكن سيتم استدعائي في الأسابيع القلية القادمة، وعندها سيطلب مني أن اكشف كل شيء من غير لف أو دوران.
غادرت البحرين خلال أسبوعين على متن رحلة محجوزة سلفا. وعند عودتي أخبرت من قبل موظف الجمارك بأنه لا يمكنني الدخول إلى البلاد مجددا وذلك بأمر من وزارة الداخلية.
 
كمغترب في البحرين بإمكانك أن تكسب بعض النقود، وتعيش حياة هانئة طالما أنك تتنازل عن حقك في التعليق على ما يجري من حولك، وعليك أيضا أن تظل أجنبيا بغض النظر عن الفترة التي تمضيها في البلاد .

وتتشارك البحرين في تطبيق هذه القاعدة مع بقية ملكيات الخليج حيث حقوق العمل للعمال الأجانب لا تكاد تذكر، على الرغم من أن هامش التشريعات العمالية في البحرين أفضل من غيرها من الملكيات المجاورة.
 
إن أي محاولة يقوم بها العمال الأجانب لتنظيم أنفسهم من أجل المطالبة بحقوقهم قد تودي بهم إلى السجن أو الترحيل إلى بلدانهم التي جاءوا منها، وتحمُّل ديون كبيرة يجب أن يدفعوها جراء ذلك.
 
من جانب آخر يستخدم العمال الأجانب أدوات لقمع المجتمع المحلي، ويبدو ذلك واضحا من  استقدام الأجانب وبإعداد كبيرة للعمل في الشرطة والجيش واستخدامهم لقمع أي حركة معارضة للنظام بكلّ وحشية، و في الواقع فإن أحد البريطانيين وهو الكولونيل أيان اندرسون يعزى إليه انتشار التعذيب على نطاق واسع .
 
ولكن أكثر الطرق مكرا وخداعا لاستخدام العمالة الأجنبية للقمع هي خلق حالة  من التفرقة بين العمال المحلين والأجانب. فالبحرين لديها تاريخ طويل من النشاط العمالي الرديكالي الذي يمتد إلى فترة اكتشاف النفط في الثلاثينيات من القرن الماضي. في حينها  كان هناك تقاطع كبير بين المعارضة السياسية والحركة العمالية حيث كانت عمليات الإضراب هي الأداة المفضلة للضغط على الحكومة. ولكن كل ذلك انتهى عندما استقدمت العمالة الوافدة وبإعداد كبيرة في سبعينات من القرن الماضي.
 
أدى تواجد أعداد كبيرة من العمال الأجانب في أماكن العمل المختلفة والذين ليسوا على وعي بالسياسة المحلية و يخشون الانخراط في أي أنشطة أدى كل ذلك إلى صعوبة تنظيم العمال- أجانب ومحلين- بشكل فعال للمطالبة بحقوقهم.

أضف إلى ذلك فإنّ القمع الوحشي والتعذيب الممنهج للمعارضة الشعبية أدى إلى تحطيمها في الثمانينات من القرن العشرين وعدم استرداد عافيتها إلى الآن. وحتى اليوم، وعلى الرغم من أن القانون يسمح للعمال الأجانب بالانضمام إلى النقابات العمالية إلا أن عددًا قليلاً منهم يفعل ذلك؛ خوفا من المشاكل مع مشغليهم وترحيلهم خارج البلاد.
وفي أعقاب قمع المتظاهرين، كانت هناك عدة حوادث مقلقة ضد العمال الأجانب والتي أدت إلى مقتل اثنين منهم على الأقل و جرح 34 آخرين. وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن هذه الحوادث تمت على يد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، فإنه بلا شك أن الحملة الأمنية أدت إلى زيادة الغضب على العمالة الأجنبية وخصوصا الباكستانية والتي تمّ توظيفها في شرطة مكافحة الشغب والجيش بأعداد كبيرة .

ومن ناحية أخرى فإن بعض زعماء الجاليات الانتهازيين سارعوا لإعلان ولائهم للأسياد من آل خليفة مستمتعين بأهمية مؤقتة منحت لهم.
ولكن زبدة القول فإن على المجموعتين – العمال الأجانب والطبقة العاملة البحرينية- أن تتوقفا عن الاستماع إلى الحملات التشويهية الحكومية والتي تألبهم ضد بعضهم البعض، وعليهما أن تتعرّفا على خصمهما المشترك. ومن غير ذلك فمن الصعب أن نتوقع أن تتحسن أحوال كل من المجموعتين بشكل جذري وفي وقت قصير.

18يونيو2011

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus