براين دولي: على الولايات المتحدة إدانة الإنتهاكات الحاصلة في البحرين

2013-10-04 - 11:03 ص

براين دولي، هافينغتون بوست، هاف بوست وورلد

ترجمة: مرآة البحرين

منذ عامين، وفي مثل هذا الأسبوع، وفي ظل الأسطول الأمريكي الخامس، حكمت محكمة عسكرية بحرينية على 20 شخص من الكوادر الطبية بالسجن لفترات تتراوح بين خمسة أعوام و خمسة عشر عامًا. وكانت المملكة البحرينية قد استهدفتهم بعد علاجهم للمتظاهرين المصابين خلال انتفاضة البحرين في أوائل عام 2011 وإخبارهم لوسائل الإعلام الدولية الحقيقة حول حجم الحملة التي قامت بها المملكة. وقد تم تعذيب هؤلاء الأشخاص للإدلاء باعترافات كاذبة ومحاكمتهم صورياً أمام المحكمة العسكرية. وقد كان هناك احتجاج دولي على الأحكام المفروضة على الكوادر الطبية لدرجة أن حكومة البحرين وعدت بإعادة محاكمتهم في محاكم مدنية. وفي الأسبوع ذاته، أدانت محكمة عسكرية أيضًا مهدي أبو ديب وجليلة السلمان - قادة جمعية المعلمين في البحرين.

ومن الواضح أنه لم يتغير الكثير في البحرين حتى اليوم. فعلى الرغم من الوعود التي قدمتها حكومة البحرين، استأنفت محاكم مدنية غير عادلة جلسات محاكمة المعلمين والكوادر الطبية. تمت تبرئة بعض الأشخاص فيما أيدت أحكام البعض الآخر. ومن أصل 20 شخص حُكِم عليهم بالسجن، لا يزال اثنان منهم، وهما الدكتور علي العكري والممرض ابراهيم الدمستاني، في السجن اليوم. خسر المعلمون استئناف الحكم. أنهت جليلة السلمان محكوميتها وهي والآن خارج السجن. ولا يزال مهدي أبو ديب في السجن يقضي ما تبقى من عقوبة الخمس سنوات.

وفي حين أعربت حكومة الولايات المتحدة علنًا عن قلقها بشأن هذه القضايا، وقالت إن إدانات الكوادر الطبية قد أصابتها "بخيبة أمل عميقة، فإنها لم تذكر أبداً أن هذه المحاكمات كانت جائرة. أرسلت السفارة الأميركية في المنامة مراقبين لمراقبة هذه المحاكمات وغيرها من المحاكمات الصورية البارزة، ولكنها فشلت في الإعلان أن إجراءات المحكمة لم تفِ بالمعايير الدولية. وأخبر العديد من المتهمين منظمة حقوق الإنسان أولًا أنهم أُصيبوا بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة لم تتحدث علنًا عن إجراءات المحكمة الغير عادلة.

وكانت جليلة السلمان، التي قضت ثلاثة أشهر في السجن بتهمة المشاركة بالاحتجاجات، واحدة من الذين تعرضوا للتعذيب والإدانة في محاكم عسكرية ومدنية. وقد قالت ل "منظمة حقوق الإنسان أولاً" هيومن رايتس فيرست: "جاء مسؤولون أمريكيون لمراقبة المحاكمات في المحكمة المدنية. سجّلوا الملاحظات وغادروا. أحد التابعين لوزارة الخارجية كان هناك، طلب مني الترجمة، وكان هذا كل شيء. كنت آمل أن يخبروا سلطات البحرين بأن هذا ليس عدلاً حيث أنهم كانوا يراقبون كل شيء. لقد جعلونا نشعر بأن كل شيء على ما يرام، ولكن إذا كان ذلك صحيحًا، فكيف تمت إدانتنا ؟"

وكانت جليلة السلمان وغيرها من المصابين بخيبة أمل من رد فعل الولايات المتحدة قد توقعوا أكثر لأن حكومة الولايات المتحدة قد علقّت علنًا على الإجراءات القانونية الجائرة في بلدان أخرى. على سبيل المثال، صدر بيان عن السفارة الأميركية في بشكيك، جمهورية قرغيزستان في 10 كانون الاول \ ديسمبر 2012 يقول:

"تحث الولايات المتحدة حكومة جمهورية قيرغيزستان على إيلاء اهتمام خاص لتوطيد سيادة القانون بشكل كامل. وننبّه أن مشاكل التعذيب وتفشي الخلل في تطبيق القانون والنظم القضائية أدّوا إلى الإعتقالات والى إدانة وسجن عدد كبير جدًا من المواطنين وذلك استنادًا الى الإجراءات القانونية التي تفشل في تلبية المعايير المحلية أو الدولية".

وأخبر عدد من الكوادر الطبية منظمة "حقوق الإنسان أولًا" أنهم لم يصدقوا أن الولايات المتحدة التزمت الصمت حيال محاكماتهم، خاصة لأن البحرين حليف مقرب من الولايات المتحدة ومقر الأسطول الأمريكي الخامس.
وكانت رولا الصفار، رئيسة جمعية التمريض البحرينية، واحدة من أولئك الذين تمت محاكمتهم في قضية الكوادر الطبية. رولا، التي قضت 18 عامًا في الولايات المتحدة تعمل و تتدرب لتصبح ممرضة، تشعر أيضاً بهذا الإحباط. أثناء محاكمتها الصورية في المحكمة العسكرية، قالت إنه حُكِم عليها بالسجن 15 عامًا، ولكن محكمة مدنية برّأتها لاحقاً. ومنذ تبرئتها، قامت بعدة رحلات إلى العاصمة واشنطن لتناصر زملاءها في الكوادر الطبية ممن خضعوا لمحاكمات جائرة. وقد أخبرت منظمة حقوق الإنسان أولًا أنه "يجب على الولايات المتحدة إدانة المحاكمات- فقد رأى مسؤولوها أنه لا يوجد أدلة فعلية، وأن الأطباء والمسعفين كانوا أبرياء، وبأنهم تعرضوا للتعذيب لانتزاع اعترافات بأشياء لم يفعلوها. ينبغي للولايات المتحدة ان تدعو للإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين لأنهم أبرياء، ولأن محاكمتهم كانت صورية".

الدكتور علي العكري هو جراح عظام أدين في قضية الكوادر الطبية وهو يقضي في السجن عقوبة مدتها خمس سنوات. وقد قالت زوجته، فريدة الدلّال، ل"منظمة حقوق الإنسان أولًا" إن " الطبيبين العكري والدمستاني كبشا فداء. لقد رأت الولايات المتحدة حقيقة ما حدث، ولكنها التزمت الصمت. كانت هذه محاكمات سخيفة وسياسية وجائرة، - يتراءى لهم الآن أن الدكتور العكري قد أطاح بالنظام دون مساعدة أو أسلحة. على الولايات المتحدة الحث على ضرورة وقف هذه الإدانات".

وقد يكون لصمت الولايات المتحدة عواقب أخرى غير مقصودة. وقد فسر البعض حضور مسؤولين أمريكيين في جلسات المحكمة كنوع من المصادقة على عدالة المحاكمة. كان هناك إعلان وُزع على وسائل الاعلام الاجتماعية ينتقد مزاعم الكوادر الطبية في البحرين فيما يتعلق بالمحاكمة الجائرة، يقول إن " منظمات حقوق الإنسان ومسؤولون أميركيون ووسائل الإعلام المختلفة قد حضروا جلسات محاكمة الكوادر الطبية". بالإضافة إلى جلسات محاكمة الكوادر الطبية والمعلمين، تابع مسؤولو الحكومة الأمريكية جلسات استماع في المحاكم العسكرية والمدنية في العديد من القضايا الأخرى، بما في ذلك قضية المعارضين البارزين الـ21. وبين هؤلاء المعارضين، الكثير من القادة السياسيين السلميين في البحرين. وتشير انتقادات الولايات المتحدة إلى أن محاكمات هؤلاء المعارضين التي "فشلت في تلبية المعايير الدولية قد تؤدي إلى الإفراج المبكر عنهم، وقد يشكل هذا خطوة نحو إصلاح حقيقي وإجراء مفاوضات في المملكة. وتتصرف حكومة البحرين كما لو أنّ لديها بطاقة مجانية لاستخدام المحاكمات السياسية كوسيلة لإسكات المعارضين. في الأسبوع الماضي فقط، تم القبض على خليل المرزوق من الجمعية المعارضة ،الوفاق، وسوف يحتجز لمدة 60 يومًا على الأقل، وشهدت الأيام القليلة الماضية الحكم على عشرات المتظاهرين بعد محاكمات غير عادلة، ومن بينهم المدافع البارز عن حقوق الإنسان، ناجي فتيل، الذي حُكِم عليه بالسجن 15 عامًا. لدى الولايات المتحدة الكثير من المصالح المعرضة للخطر في البحرين. ولم يفت الأوان بعد لتعلن ضرورة وقف الإدانات في هذه القضايا وضرورة الإفراج عن جميع السجناء السياسيين في البحرين، بمن في ذلك الكوادر الطبية والمعلمين الذين أدينوا قبل عامين، في مثل هذا الأسبوع. حان الوقت لكي توضح الولايات المتحدة أنه لا يوجد حليف -حتى ذلك الذي يستضيف أسطولاً بحرياً - فوق سيادة القانون.

 

*براين دولي: مدير برنامج مدافعي حقوق الإنسان في "منظمة حقوق الإنسان أولاً".

1 تشرين الأول \ أكتوبر2013

النص الاصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus