إميل نخلة: القمع يتواصل في البحرين مع استمرار المحاكمات الصورية والسجن

2013-10-07 - 3:28 م

إميل نخلة، آي بي إس

ترجمة: مرآة البحرين
واشنطن، 4 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ( آي بي إس) - أحكام السجن المطولة، التي صدرت، الأسبوع الماضي، بحق 50 ناشط شيعي، ورفض المحاكم البحرينية الاستماع للادعاءات التي أراد هؤلاء الناشطون الإدلاء بها حول تعرضهم للتعذيب تؤكد مجددًا القمع المستمر الذي يمارسه النظام البحريني ضد المعارضة.

وشجبت منظمة العفو الدولية، في بيان لها هذا الأسبوع، المحاكمات والعقوبات الجائرة بحق هؤلاء النشطاء، وعدم قدرة محامي الدفاع في تقديم شهود أو الطعن باتهامات السلطات ذات الدوافع السياسية. ويبدو أن قرارات المحكمة قد قُررّت سلفًا بغض النظر عن الحقائق.

و"يشير نهج عدم التدخل الذي يتبعه الملك على أنه يحكم بلدًا منقسمًا يتجه نحو الهاوية." 

ويزعم عدد كبير من المدانين أنهم عُذّبوا في السجن قبل محاكمتهم على أنهم "إرهابيون"، وهو الاتهام الذي يطلقه نظام آل خليفة على كل بحريني ينتقد وحشيته.

دافع وزير الخارجية البحريني، في مقابلة أجرتها صحيفة المونيتور معه مؤخرًا، عن التزام حكومته "الجدي" بما يسمى حوار المصالحة الوطنية واتهم المعارضة بتقويضه. وقال إن الحوار"مستمر"، ولكن الحكومة علّقت الحوار هذا الأسبوع حتى 30 تشرين الأول/ أكتوبر.

ومنذ البداية، كان الحوار الذي نظمته الحكومة خدعة علاقات عامة لكسب الوقت وربما لتطييب خاطر الحكومات الغربية الناقدة. وفشلت الحكومة بسبب تركيزها على سير العمل، وليس على الجوهر.

ولسوء حظ البحرينيين، فإن الصمت المطبق في واشنطن ولندن حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين قد ألمح للنظام بأن أماكن أخرى مضطربة في المنطقة، لا سيما سوريا وإيران ومصر، تخطف الأنظار عن أحداث البحرين، في الوقت الراهن على الأقل.

ويواصل النظام تشجيعه العناصر السلفية السنية المتطرفة داخل الأسرة الحاكمة على انتهاج سياسة التمييز العنصري الحازمة ضد الأغلبية وغير المتأثرة بالانتقادات الدولية.
وبصرف النظر عن الأحكام، شملت الحملة التي تشنها الحكومة، منع المنظمات غير الحكومية من الاتصال بمصادر تمويل أجنبية أو دبلوماسيين من دون موافقة الحكومة، واعتقلت خليل المرزوق، وهو عضو بارز في جمعية الوفاق، وحرمت عددًا من البحرينيين من الجنسية، واتّبعت أجندة طائفية مناهضة للشيعة. وقد تعرضت هذه الأعمال لإدانة دولية ودفعت المعارضة في منتصف أيلول/سبتمبر إلى الانسحاب من الحوار.
ودفعت القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية، أخيراً، بوزارة الخارجية الأمريكية إلى إصدار بيان في 19 أيلول/سبتمبر، تعرب فيه عن "قلقها" بشأن قيود الحكومة البحرينية الأخيرة على جماعات المجتمع المدني وقدرتها على التواصل بحرية "مع الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية."
كما أدانت الحكومات الأوروبية، وعلى رأسها سويسرا، سرًا وعلانية، ومرارًا وتكرارًا، انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. ويعتبر الإعلان الأخير لحقوق الإنسان، الذي وقعته 47 دولة، إشارة أخرى على نفاد الصبر الدولي المتزايد من الطبيعة الاستبدادية وغير المتسامحة والإقصائية للنظام البحريني.
في مقابلات إعلامية أخيرة، انتقد وزير الخارجية البحريني الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتصنيفه البحرين، إلى جانب العراق وسوريا ضمن الأنظمة التي عززت الطائفية.

وقال وزير الخارجية في مقابلة مع صحيفة الحياة السعودية، "نحن نختلف عن هاتين الدولتين، وهذا أمر من الصعب تقبّلُه".

وقد ناقشت بعض تقارير وسائل الإعلام الانقسامات الخطيرة داخل فصيلين أيديولوجيين أساسيين داخل العائلة الحاكمة. والتي من المفترض أن تشمل الفصيل المؤيد للإصلاح بقيادة نجل الملك وولي العهد الأمير سلمان، والآخر هو الفصيل الأكثر تحفظًا والذي يرفض الإصلاح بقيادة "الخوالد" الموجودين ضمن القيادات العليا العسكرية و الديوان الملكي.

وينظر الملك إلى نفسه على أنه "ملك دستوري" فوق الخلافات السياسية وأنه الفيصل في الخلافات الأيديولوجية الأسرية. إلا أن نهج النأي بالنفس يشير إلى أنه يحكم بلدًا منقسمًا يتجه نحو الهاوية.

وباستبداله سفيرته في واشنطن، البحرينية اليهودية المعتدلة نسبيًا، هدى النونو، بضابط عسكري مرتبط بشكل وثيق مع الخوالد، فإن تعيين الملك "الإستفزازي" في الحقيقة يقول لواشنطن إن سياساته المتشددة ضد المعارضة سوف تستمر.

ومهما كانت اللعبة التي يلعبها الملك فإن مصيرها سوف يكون الفشل على المدى الطويل. لن يستطيع تصور وضع مستقر وسلمي في البحرين إذا واصل سماحه لفصيل سني متطرف ومعاد للشيعة داخل أسرته بإدارة البلاد مع تجاهل تام للأغلبية. إنها وصفة للعنف والفوضى. اللعبة انتهت، فالملك لا يمكنه أن يتظاهر بأن كل شيء على ما يرام في"ملكيته الدستورية" الضئيلة.

ويلتزم فصيل الخوالد المتطرف، برعاية رئيس الوزراء، إبقاء آل خليفة في السلطة مهما كان الثمن، حتى وإن أدى ذلك إلى خطر تمزيق البلاد، وهو هكذا أشبه ما يكون بالفصيل الأبيض المتطرف داخل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة العازم على تجاهل قانون الأرض والإجراءات الديمقراطية لإحداث التغيير السياسي. 

وإذا كان الملك لا يزال ملتزمًا بالإصلاح الحقيقي، فعليه أن يتخلى عن موقف "الملك الدستوري" ويتصرف بحزم وشجاعة. ويستطيع أن يتخذ فورًا القرارات العشرة التالية:

  1. إقالة رئيس الوزراء، وتعيين ولي العهد أو أي بحريني محترم آخر كقائم بأعمال رئيس الوزراء، والدعوة إلى انتخابات وطنية حرة.
  2. تعيين لجنة محترمة وتمثيلية لبدء حوار مصالحة وطنية حقيقية تشارك فيها جميع شرائح المجتمع.
  3. وقف الاعتقالات غير القانونية والمحاكمات الصورية.
  4. إبطال التعديلات الـ 22 على القانون التي مرّرها البرلمان البحريني مؤخرًا، والتي، من بين أمور أخرى، تدعو إلى تجريد البحرينيين الذين ينتقدون آل خليفة، سواء على تويتر أو شخصيًا، من الجنسية.
  5. إزالة كل آثار التمييز التوظيفي ضد الشيعة، لا سيما في وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية.
  6. تنفيذ التوصيات الرئيسية الواردة في تقرير لجنة بسيوني.
  7. إجراء تعيينات جديدة في الديوان الملكي والمناصب العليا في الجيش.
  8. مراجعة نظام المحكمة وإعادة النظر في التعيينات التعاقدية للقضاة المغتربين.
  9. إبطال الأحكام والاعتقالات الأخيرة للمحتجين السلميين المعارضين.
  10. إعلان الخطوات المذكورة أعلاه في خطاب عام متلفز موجّه إلى الشعب.

وشنت الأسرة الحاكمة حملة معقدة من العلاقات العامة عبر وسائل الإعلام التقليدية وعلى وسائل الإعلام الاجتماعي الجديدة، وقد وظفت خبراء في الشؤون العامة لتقديم صورة لطيفة عن كل ما يتعلق بسجل الحكومة السيء في مجال حقوق الإنسان. وقد فشلت الحملة.

لم تقتنع الحكومات الغربية وجماعات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي والإعلام الغربي بحملة العلاقات العامة لآل خليفة. وتبرز افتتاحية صحيفة واشنطن بوست الأخيرة التي تدين اعتقال خليل المرزوق مثالاً واضحاً عن نظرة وسائل الإعلام الغربية إلى النظام القمعي في البحرين .

ويطرح برنامج النظام البحريني تحريفًا جديدًا يقول إن: "الملف البحريني" مرتبط بـ "الملف السوري" و"الملف الإيراني". ولذلك، لا يمكن حل الصراع الداخلي البحريني حتى تُحل مشكلة سوريا أو حتى يتم التوصل إلى تقارب بين الولايات المتحدة و إيران. ويجهد النظام، ولكن دون جدوى، لإقناع اللاعبين الإقليميين والدوليين والمعارضة البحرينية بهذه الحجة.

ولا يوجد مثل هذا الترابط، فالمظالم في البحرين تعود لعقود من الزمن، وحل الأزمة السورية سواء عن طريق الحرب أو الديبلوماسية، أو إمكانية إعادة دمج إيران في المجتمع الدولي يجب ألا يمنعا الأسرة الحاكمة من تنفيذ إصلاحات حقيقية وإنهاء حالة الطوارئ وسياسات التمييز العنصري السني ضد الأغلبية الشيعية.

*إميل نخله ضابط سابق في المخابرات المركزية الأمريكية، وأستاذ باحث في جامعة ولاية نيو مكسيكو، ومؤلف كتاب " إلتزام ضروري: إعادة صياغة علاقات أميركا مع العالم الإسلامي" و" البحرين: التنمية السياسية في مجتمعٍ يسير نحو التحديث".


4 تشرين الاول \ أكتوبر 2013 

النص الأصلي


 

 

 

 

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus