تشريع الاستملاك على قاعدة مقولة ولي العهد في السعبينيات: والدي يملك البحرين كلها

2013-10-18 - 8:03 ص

مرآة البحرين (خاص): حكاية موثقة تقول، إن حمد بن عيسى، عندما كان ولياً للعهد، أبدى اعتراضه الشديد للمجلس التأسيسي (1973) على تخصيص راتب سنوي لوالده متسائلاً: "كيف يخصصون لوالدي 6 ملايين دينار سنوياً فقط!، وهو الذي يملك البحرين كلها؟!" 

(راجع: "بلادنا أرض يقتسمها آلـ خليفة، الجزء 2 الخاص بتوزيع أراضي المنطقة الدبلوماسية التي تقع على   بحر رأس الرمان المدفون بأموال الدولة، ومن ثم استحوذ عليها أفراد من آلـ خليفة ومقربون بالمجان ـ مجلة "النضال" الدورية، لسان حال جبهة التحرير الوطني البحرانية، للعام 1977).

هكذا يتعامل الملك الحالي (ولي العهد سابقاً) مع البحرين: ملك خاص. وهكذا يرى أفراد العائلة الحاكمة، ومن خلفهم الوزراء المعينون والموالون، أنهم يمتلكون ما تصل اليه أيديهم من أموال وأراضٍ وثروات عامة. 

المادة رقم 68 في دستور 73، وهي ذاتها المادة رقم 47 في دستور 2002   تقول:

أ ـ يتولي كل وزير الإشراف على شئون وزارته، ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة، ويشرف على على تنفيذها .

ب ـ لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يتولى أية وظيفة عامة أخرى، أو أن يزاول، ولو بطريق غير مباشر، مهنة حرة أو عملاً صناعيا أو تجارياًً أو مالياً، كما لا يجوز أن يسهم في التزامات تعقدها الحكومة أو المؤسسة العامة، أو أن يجمع بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة أية شركة إلا كممثل للحكومة ودون أن يؤول إليه مقابل لذلك. ولا يجوز له خلال تلك المدة كذلك أن يشتري أو يستأجر مالاً من أموال الدولة ولو بطريق المزاد العلني، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو يقايضها عليه".

هذا على الورق فقط، أما الواقع، فإن (رئيس الوزراء) يشتري أرض (المرفأ المالي التجاري) بدينار واحد فقط. فهو يتعامل بمنطق آخر، هو منطق الملكية الخاصة لهذه الأرض وخيراتها. فإذا كان هذا هو الرئيس، فكيف  سيكون حال وزرائه؟ 

شهدت البحرين استيلاءً غير شرعي لـ 65 كيلومتراً مربعاً بقيمة 15 مليار دينار، عدا ردم البحر بالأموال العامة واستثمارته لجيوبٍ خاصة. جميل كاظم نائب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في الدفان في 2010، أوضح ذلك في مداخلة بندوة الشفافية بنادي العروبة آنذاك، قال إن " غالبية المساحات الكبيرة التي دفنت (بعد الفصل التشريعي الأول لمجلسي الشورى والنواب) هي مشاريع استثمارية خاصة وأملاك خاصة، أي 94 في المئة مشاريع خاصة و 6 في المئة مشاريع عامة، "وللأسف هذه السواحل أعطيت من دون مقابل ودفنت من دون عائد على خزينة الدولة، ولو توقفنا على مشروعي درة البحرين وديار المحرق فقط من حيث قيمة الأراضي التي وُهبت وكلفة دفانها وتهيئتها، كمتوسط سعر السوق لبلغت 18 مليار دينار لم يدخل في خزينة الدولة فلس واحدٌ منها".

ولكي لا يُحاسب أحد على سرقاته، فإنه قد تم وضع مادة تمنع التعرض لما تم من أفعال وتصرفات سابقة. المادة (45) لسنة 2002 تنصّ على أنه: "تقتصر رقابة كل من مجلس الشورى والنواب، فيما يتعلق بأعمال أعضاء السلطة التنفيذية وتصرفاتهم، على ما تم منها بعد تاريخ انعقاد المجلسين في أول فصل تشريعي، ولا يجوز لهما التعرض لما تم من أفعال أو تصرفات سابقة". وبموجب هذه المادة، فإن السرّاق الذين نهبو 65 كيلومتراًمربعاً من أراضي الدولة، ونهبوا المال العام والثروات، محميين بشكل قانوني.

مساء الثلاثاء 11 مايو/ أيار 2010 أقامت جمعية الشفافية بنادي العروبة ندوة مفتوحة بشأن لجان التحقيق النيابية حول أملاك الدولة والدفان طرحت فيها أرقام   بحجم السرقات ونهب أراضي الدولة وسواحلها العامة، والتي تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدنانير على البحر واليابسة، بالإضافة إلى التخريب البيئي عن طريق ردم البحر ودفنه والأضرار التي نجمت عنه على الثروة السمكية وضيق رقعة الصيد فيها، لصالح (المتنفذون) فيما بعد لاستثمارهم الخاص، وفق ما جاء في الندوة دون ذكر الأسماء الحقيقية لهؤلاء المفسدين المعروفة أسماؤهم للعامة والخاصة.

وفي اليوم التالي، الأربعاء 12 مايو/أيار، أعلنت "وزارة الداخلية" عبر مديرية أمن المنطقة الشمالية رفضها إقامة الجمعيات الست (الوفاق، وعد، أمل، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الإخاء) مهرجانها التضامني مع ملف أملاك الدولة العامة والخاصة، والذي كان مزمعاً إقامته على ساحل كرباباد مساء الخميس 13/5/2010.

رئيس لجنة التحقيق في أملاك الدولة آنذاك، النائب عبدالجليل خليل، اعتبر أن هذا المنع دليل على أن ملف (أملاك الدولة) قد آلم الحكومة، وأثر فيها، مؤكدا أن "المنع لن يكون نهاية المطاف في النضال من أجل استرجاع الأراضي للمواطنين".

أما ناصر الفضالة رئيس لجنة التحقيق النيابية في الدفان حينها، فقد شدد آنذاك في إطار دعاية انتخابية قبل انتخابات 2010 في ندوة الشفافية بنادي العروبة على أنه لا يجوز الأخذ بمبدأ "عفا الله عما سلف" وقال "عندما يتم الحديث عن تعديات تمت على الأراضي والدفان الخاص من دون سند قانوني، موضحاً "خرجنا في اللجنة بعد جهد عامٍ ونصف العام بـ22 توصية، ووجدنا أن 90 في المئة من السواحل أصبحت أملاكاً خاصة، بل وجدنا أن جزراً كاملة تم بيعها إلى بعض الجهات".

لكن حين سئل (جمال فخرو) نائب رئس مجلس الشورى عن عدالة المادة (45) للحد من الفساد المستشري بالبلاد، دافع عن ضرورة تثبيت هذه المادة تحت ذريعة: إنه لو دخلنا في محاسبة السلطة التننفيذية لما قبل الفصل التشريعي الأول لانتخابات 2002 فلن ننتهي من قلب صفحة جديدة للعهد البائد، فعلينا أن ننسى ما مضى ونلتفت للمستقبل لما بعد الفصل التشريعي الأول، ولكن أين كان هذا الرجل من سرقات ما بعد الفصل التشريعي الأول والانتهاكات والتجاوزات، لم نر منه إلا دفاعه المستميت عن ما يسمى بالمشروع الإصلاحي في كل محطاته!.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus