جون هورن: كوريا الجنوبية تلعب لعبة مميتة عبر تأجيج حملة القمع العنيفة في البحرين

2013-10-18 - 2:01 م

جون هورن وأحمد علي، بوليسي مايك

ترجمة: مرآة البحرين

 

بدأت تجارة مستبعدة، غير متوقعة وخطيرة بين كوريا الجنوبية والبحرين. فقد باشرت كوريا الجنوبية تصدير شحنات من الغاز المسيل للدموع إلى البحرين، بغض النظر عن الأذى المميت الذي يسببه استعماله من قبل الحكومة البحرينية لقمع المحتجين.

وقد خاضت الحكومة البحرينية حملة لا هوادة فيها منذ شباط/ فباير 2011 ضد الشعب الذي يطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الإقتصادية والإجتماعية. وقد غضت الحكومات الغربية الطرف عن التعذيب المستمر والقتل الخارج عن نطاق القانون وقمع حرية التعبير والاضطهاد التعسفي. ومع ذلك، في حين تم توثيق معدات الشرطة المصنوعة على يد الشركات الأميركية والبريطانية في البحرين في العام 2011، تصاعد مدى الانتهاكات ليشمل زيادة صادرات الأسلحة التي يُزعَم أنها تستخدم ل"السيطرة على الحشود"، والتي هي غير مستساغة من قبل تلك البلدان.

وبناء على ذلك، قامت البحرين باللجوء إلى دول أخرى للحصول على المساعدة. واحدة من هذه الدول هي كوريا الجنوبية، عضو في مجموعة العشرين وحليف قوي للغرب، والتي وجدت شركاتها سوقاً جاهزة في البحرين للغاز المسيل للدموع وتجهيزات القمع الأخرى. وقد شكّلت الدولتان علاقات تجارية وأمنية وثيقة منذ بداية انتفاضة 2011، على الرغم من سجل حقوق الإنسان المُرَوّع منذ ذلك الحين.

في ليلة رأس السنة عام 2011، تم إطلاق النار على صبي عمره 15 عاماً وقُتِل. وضُرِبَ السيد هاشم على وجهه بقنبلة من الغاز المسيل للدموع أطلقتها قوات الأمن البحرينية خلال تظاهرة سلمية ضد الحكومة. وتوضح الصور التي التُقِطت لجسده، مثل صور جسد طفل آخر، علي جواد، علامات واضحة للجروح التي سببتها القنبلة. وفي حين كان هاشم غارقاً في دمه، حاول بعض المارّة إسعافه، وتم إطلاق قنابل الغاز عليهم لاحقاً. ويفيد مركز البحرين لحقوق الإنسان أنه عندما اتهمت نساء في مكان الحادث الشرطة بقتل الولد الصغير، قيل لهن: " اسكتن وإياكن أن تتجرأن على الكلام بهذه الطريقة".

وتشبه عبوة القنبلة التي قتلت هاشم تلك العبوات التي تصنعها الشركة الكورية الجنوبية دايكوينغ للكيماويات (DaeKwang Industry Company Ltd) وتبيعها الشركة الكورية سي إن أو( C.N.O. Tech Ltd). وقد نفت شركة دايكوينغ تاريخياً التصدير إلى البحرين، على الرغم من أنها تدرج البحرين على خريطة "الشبكة العالمية". ويوجد شركة كورية أخرى، هي سي إن أو ( C.N.O. Tech Ltd)، تُصَدّر منتجات شركة دايوينغ ولديها موزع محلي في البحرين.

وقُتِلَ أكثر من مئة شخص نتيجة لحملة القمع التي شنتها الحكومة على المحتجين. وقد نجم أكثر من 30% من الوفيات عن استخدام قوات الأمن لقنابل الغاز المسيل للدموع التي يتم إطلاقها عادة على المتظاهرين بأعداد كبيرة في المناطق السكنية كشكل من أشكال العقاب الجماعي. وقُتِلَ أربعة على الأقل عند إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة عليهم. وفي الآونة الأخيرة، تم تصوير الشاب محمود الجزيري أثناء إطلاق قنبلة الغاز المسيل للدموع مباشرة على رأسه من قبل قوات الأمن. وتوفي بعد بضعة أيام في 22 شباط/ فبراير. وخسر صبي عمره 8 أعوام حياته في كانون الثاني/ يناير حين تعرض لكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع أطلقتها قوات الشرطة في قريته. وكغيره من مواكب الجنائز، تم استهداف موكب جنازته بقنابل الغاز المسيل للدموع. هذه واحدة من الطرائق المتهورة العديدة التي سنّتها قوات الأمن البحرينية للقمع الدنيء على شكل أعمال انتقامية منهجية ضد أولئك الذين تظنهم يعارضون الحكومة والعائلة الحاكمة.

في الواقع، تستخدم قوات الأمن البحرينية  قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل روتيني لاستهداف السكان المدنيين، متجاهلة مخاوف مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول "الاستخدام المفرط" لقنابل الغاز المسيل للدموع.

تم حظر الاحتجاجات الجماهيرية والتظاهرات في العاصمة، المنامة، بشكل كبير من قبل الحكومة رسمياً في آب/ أغسطس. وقد أدى هذا إلى تظاهرات يومية متفرقة داخل القرى. يتم رش هذه القرى الآن بالمواد الكيماوية، كل ليلة تقريباً، كشكل من أشكال العقاب الجماعي، مع إطلاق الشرطة النار على أماكن مغلقة، كالمنازل والسيارات.

ووفقاً لأطباء من أجل حقوق الإنسان، أفاد عدد كبير من النساء اللواتي عانين من الإجهاض أن أطباءهن "لاحظوا ارتفاعاً كبيراً في نسبة الإجهاض في الأحياء التي تم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع فيها بشكل متكرر" كما أفاد أفراد عن أمراض غير اعتيادية طويلة الأمد نتيجة لذلك.

وكانت الشركات الأميركية تزوّد البحرين بالغاز المسيل للدموع، كما يتضح من العلامات الموجودة على العبوات. ومع ذلك، في أواخر العام 2011، بدأ نشطاء بتوثيق عبوات معدنية لا تحمل أي علامات على الإطلاق. وتتشابه هذه العبوات، كما القنابل المسيلة للدموع المستخدمة في البحرين، مع تلك التي تُصّنّعها الشركة الكورية الجنوبية  دايكوينغ.

ولكن، كيف لجأت البحرين إلى كوريا الجنوبية لمساعدتها بقمع الإنتفاضة؟

عززت كل من كوريا الجنوبية والبحرين علاقاتهما منذ 2011، رغم الإدانة الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. وبعد أربعة أيام من بدء انتفاضة شباط/ فبراير، زار وفد من كوريا الجنوبية البحرين وأعلن عن خطط تقضي بإعادة فتح السفارة التي تم إغلاقها عام 1999. وفي أيار/ مايو 2012، ترأس ولي عهد البحرين وفداً إلى كوريا الجنوبية. وتم توقيع العديد من الاتفاقيات ، كما تم رد الزيارة في آب/ أغسطس الماضي، عندما سافر رئيس وراء كوريا الجنوبية إلى البحرين. وتم توقيع الكثير من الاتفاقيات في قطاعات متعددة، بما في ذلك إنشاء "هيئة اقتصادية تعاونية مشتركة" أدت بالقائم بأعمال كوريا الجنوبية للتصريح عن تجارة تبلغ مليار دولار بين البلدين.

وقد أظهرت كوريا الجنوبية رغبتها بدعم قوات الأمن في البحرين. وزار وزير الداخلية البحريني كوريا الجنوبية في شهر أيار/ مايو الفائت. والتقى برئيس وزراء كوريا الجنوبية ومسؤولين أمنيين لمناقشة التعاون المستقبلي.

في آب/ أغسطس، كشف القائم بأعمال كويا الجنوبية أن الشركة الكورية سامسونج سوف تساعد وزارة الداخلية البحرينية بتطوير "قيادة أمنية في المناطق الحضرية، ومركز تحكم"، دعماً لبنية المراقبة البحرينية التحتية.

ومع مليار دولار، وازدياد التجارة بين البلدين، هل أصبحت كوريا الجنوبية عمياء فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين؟ للأسف يبدو ذلك. فقد فشلت كوريا الجنوبية حتى الآن في إثارة أي مخاوف بخصوص شركاتها التي تصدر معدات للقوى الأمنية التي قتلت وشوّهت وعذّبت وسجنت أشخاصاً يسعون إلى الحرية والديمقراطية. وفي الشهر الماضي، أخفقت في الإنضمام إلى 47 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، في التعبير عن "القلق الشديد" بشأن حالة "حقوق الإنسان في البحرين". وتمكنت حكومة البحرين حتى الآن من الإفلات  من عقوبات دولية خطيرة من خلال سعيها إلى الشرعية مع دول حليفة أخرى.  ويعتمد ذلك على محاولتها للسيطرة على الرأي العام العالمي من خلال حظر دخول الصحافيين وإنفاق الملايين على العلاقات العامة.

ونتيجة لذلك، تواصل القمع. وكلما واصلت دول مثل كوريا الجنوبية دعم القمع في البحرين، كلما ازدادت معاناة الشعب هناك في نضاله من أجل الحصول على حقوقه.

 

16 تشرين الأول/ أكتوبر 2013

النص الأصلي 

*جون هورن هو طالب دكتوراه في جامعة برمنغهام ، ويدرس تمثيلات التعذيب في الثقافة البصرية المعاصرة. وهو أيضا عضو في منظمة البحوث والدفاع بحرين ووتش Bahrain Watch 

@ JohnHorneUK .

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus