بعد 32 شهراً من الثورة، خطابات أوباما من إدانة (وحشية السلطة) إلى مساعٍ لتسوية (التوتر الطائفي)

2013-10-19 - 12:09 م

مرآة البحرين (خاص): على الموعد، كان ذكر البحرين حاضراً في محفل الاجتماع الأخير للجمعية العامة بالأمم المتحدة، وتحديداً في خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، سجل خطابه هبوطاً عن خطابين سابقين تطرق فيهما إلى الملف البحريني المفتوح منذ منتصف شهر فبراير من العام2011.

وكان أول خطاب للرئيس الأمريكي تحدث فيه بشيء من الإسهاب عن الأزمة البحرينية في شهر مايو من العام2011، أي بعد ثلاثة أشهر من انطلاق الاحتجاجات، في خطاب وجهه لدول الشرق الأوسط التي شهدت احتجاجات ما باتت تُعرف بــ " بثورات الربيع العربي "، وحينها قال بوضوح: "الاعتقالات الجماعية والقوى الوحشية تتعارض مع حقوق البحرينيين، والسبيل الوحيد هو دخول الحكومة والمعارضة في حوار، ولايمكن أن يكون حوار وقسم من المعارضة السلمية رهن الاعتقال"، مؤكداً رفضه لهدم مساجد الشيعة في البحرين.

وكانت السلطات البحرينية قامت بحملة واسعة من الاعتقالات شملت العديد من قياديي التيارات السياسية الذين لا يزالون يقبعون في السجن منذ فض اعتصام دوار الؤلؤة بشهر مارس من العام2011، علاوةً على هدمها عشرات المساجد "الشيعية"!

ثم عاد أوباما ليتحدث عن البحرين بعد حوالي عام وأربعة أشهر، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة السابع والستين، عُقد في سبتمبر 2012. ما بين الخطابين، كان النظام البحريني قبل بالنتائج التي خلص إليها تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي تشكلت برئاسة محمود شريف بسيوني لبحث انتهاكات النظام ضد المحتجين، بيد أن حديثه هذه المرة خلا مما ذكره في المرة السابقة بشأن إطلاق سراح المعتقلين والحوار معهم وهو مطلب يتفق معه تقرير اللجنة، كما تضمن خطابه غزلاً كلاسيكياً للنظام والوفاق معاً، قال ماهو نصه:

"في البحرين، تمّ اتخاذ خطوات في اتجاه الإصلاح والمساءلة، ونحن مسرورون بذلك، لكن المطلوب أكثر، أميركا هي "صديق مقرّب" من البحرين، وسوف نستمر في دعوة الحكومة وتكتل المعارضة الرئيسية (الوفاق) إلى السعي من أجل إجراء حوار جاد يؤدي إلى تغيير سلمي يستجيب لتطلعات الشعب. ونحن نعتقد أن الوطنية التي تربط البحرينيين معاً يجب أن تكون أقوى من القوى الطائفية التي من شأنها أن تمزقهم. إنه أمر صعب لكنه ممكن"

ويتفق الشارع المعارض في البحرين برمته ومعه الكثيرون، بما فيهم "بسيوني" نفسه على أن النظام البحريني لم يقم بأي خطوة من خطوات الإصلاح ولم ينفذ التوصيات التي أوصى بها تقرير اللجنة لغاية الآن، وعلى النقيض يدعي النظام البحريني ومناصروه تنفيد أغلب التوصيات "البسيونية"، وهو الأمر الذي دحضته نتائج الجلسة الأخيرة لمجلس حقوق الانسان في جنيف حين أدان ممثلو47 دولة البحرين على صعيد حقوق الإنسان.

وبالعودة لماهية خطابات الرئيس الأمريكي، فإن خطابه الأخير بالجمعية العمومية للأمم المتحدة الثامن والستين نهاية سبتمبر الماضي، قد أظهر فيه زهداً في الحديث عن الأزمة البحرينية، إذ لم يتطرق للكثير مكتفياً بالقول: "إن العمل شاق من أجل نشوء الحرية والديمقراطية هو مهمة جيل بأكمله!، وهذا يشمل المساعي الرامية إلى تسوية التوترات الطائفية التي تواصل الظهور في أماكن مثل العراق والبحرين وسوريا"

وإلى ماقبل هذا الخطاب كانت المعارضة البحرينية، والوفاق خصوصاً تصران على أن الأزمة عائدة إلى أسباب سياسية متمثلة برفض شعبي للدكتاتورية ومطالبات بالتحول الديموقراطي، في حين كان النظام البحريني وإعلامه بأشكاله، إضافة إلى التيارات والكيانات المحسوبة عليه يؤكدون أن الأزمة فئوية وطائفية بالدرجة الأولى وليست سياسية كما تدعي المعارضة.

وفي خطوة دراماتيكية رحبت جمعية الوفاق بخطاب أوباما، وأتبعت ترحيبها بانتهاج لون جديد في الخطاب يتسم بطابع "الشكاية" من حالة اضطهاد الشيعة الذين يمثلون مكون رئيسي من مكونيين أساسيين في البحرين.

وفي الوقت الذي تبدل رأي الوفاق بخصوص توصيف الأزمة عن كونها (سياسية أو طائفية)، فإن النظام البحريني والمحسوبين عليه زادوا المشهد دراماتيكيةً حين انقلبوا هم أيضاً على رأيهم، حيث رفضوا وصف ما يجري بالتوتر الطائفي الذي كانوا يصرون عليه دوماً، وقد عبر وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن هذا الرفض في خطابه أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة وقال "إن ما يحدث في البحرين إرهاباً وليس توتراً طائفياً"

وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي قد ترك باب التفسيرات لمعنى التوتر الطائفي مفتوحاً على مصرعيه، إذ لم يتحدث عن استهداف طائفي بعينه، ولم يعطِ المزيد من التفاصيل لمعنى التوتر الطائفي الذي يعنيه، إلا أن بعض السياسيين المهتمين قال إن التوترات الطائفية التي أشار إليها وأثارت غضب النظام تؤكد فشل النظام نفسه في إدارة الأزمة، لاسيما وأنه يبسط سيطرته على القرار في كافة مؤسسات الدولة بما فيها المجلس التشريعي الذي يرونه مجرد مؤسسة شكلية تديرها السلطة عبر جمع من مواليها.

مهما اختلفت التفسيرات، إلا أنه بات من الواضح أن خطابات أوباما الثلاثة من حيث الإسهاب وتسليط الضوء على القضية البحرينية والاهتمام بتفاصيلها قد سجلت تراجعاً شيئاً فشيئا خلال الـ32 شهراً منذ بدأت الثورة البحرينية، وسارت بطريقة النزول من السلم (عتبة-عتبة) من الضغط على النظام وإدانة وحشيته في الاعتقال وهدم مساجد الشيعة، إلى مساعي لتسوية ما أسماه بالتوتر الطائفي. المشهد الآخر بين النظام والمعارضة الذي هو أقرب للعبة الكراسي الطائفية فيما يتعلق بـتبادل"الشكاية الطائفية"!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus