سارة مارغن وماري لوري:الولايات المتحدة تتجاهل القبضة الحديدية في البحرين

2013-10-21 - 10:34 ص

سارة مارغن وماري لوري، فورين بوليسي
ترجمة: مرآة البحرين

على مدى عامين، وفي الوقت الذي تدين فيه الولايات المتحدة الانتهاكات الجسيمة للمحتجين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تغض الطرف إلى حد كبير عن المعاملة المروعة بالمثل في البحرين، الحليف الصغير ولكن المهم. وبما أن الوضع في المنامة لا يؤشر على الفتور، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى مضاعفة جهدها- قبل فوات الأوان.

في الأسبوع الماضي، حكمت محكمة بحرينية على 50 شيعيًا، بمن في ذلك الناشط الحقوقي ناجي فتيل، بعقوبات قاسية تصل إلى السجن لمدة 15عامًا بعد محاكمة جماعية بتهمة ارتباط النشطاء بحركة "14 فبراير"، التي تدعي أنها تعمل للإطاحة بالحكومة. 14 فبراير 2011 هو اليوم الذي بدأت فيه حركة الاحتجاج الأخيرة. قادة تلك الإحتجاجات السلمية إلى حد كبير ما زالوا في السجن وقد انضم إليهم خلال العامين الماضيين نشطاء آخرون أدينوا لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

وقبل أسبوع من صدور الحكم، أشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإشارة غير متوقعة إلى البحرين، إلى جانب العراق وسوريا، باعتبارها بلدًا مشحونًا بالتوترات الطائفية وأنها تناهض الديمقراطية والاستقرار في المنطقة وذلك في خطابه في 24 أيلول/سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه الإشارة دفعت وزير الخارجية البحريني إلى إصدار بيان يمدح فيه ثقافة بلاده المتسامحة. كما وردّ السفير البحريني في الولايات المتحدة، معتبرًا أن الخطاب لا يصوّر بشكل صحيح مجتمع البحرين المتقدم والمنفتح.

الإشارة الرئاسية هذه أغضبت المنامة- وهي علامة مؤكدة للنفوذ الدبلوماسي الأمريكي هناك - ولكنها لم تكن كافية لوقف الأحكام التي صدرت الأسبوع الماضي.

غالبية البحرينيين هم من الشيعة، ولكن البلد يحكمه نظام ملكي سني ديكتاتوري أظهرعدم رغبته في الإصلاح، رغم وجود عدد من المبادرات التجميلية. تاريخيًا، لعبت المجموعات المدنية دورًا هامَا في تشكيل الحوار السياسي في البلاد ولكن الحكومة كانت تعمل باستمرار على تفتيت عضد هذه المجموعات من خلال التشريعات التقييدية. وقد استخدمت قوات الأمن وعلى نحو متزايد القوة الغاشمة، ولا سيما في مواجهة الاحتجاجات السلمية. إن المدنيين المحتجزين قد حوكموا بمحاكمات صورية، وهناك العديد من حالات التعذيب الموثقة الهادفة إلى انتزاع الاعترافات.

بطبيعة الحال، فإن إدارة أوباما لم تصمت حيال الأزمة السياسية المتصاعدة في البحرين، لكنها لم تتخذ موقفًا قويًا أو متناسبًا أيضًا. هذا في المقام الأول لأن البحرين هي حليف استراتيجي وموطن للأسطول الأميركي الخامس. فالبحرين التي تقع في الخليج الغني بالنفط، وتحدها إيران من الشمال، تتصل بالمملكة العربية السعودية بجسر طوله 16 ميلًا (25 كيلومترًا). الشراكة الأمنية لإدارة أوباما تستجلب معها نفوذًا على العائلة الحاكمة في البحرين. لكن هذا النفوذ سوف يضيع إذا ما دفع اعتماد الحكومة على القمع المجتمع إلى نقطة الغليان، وأما الأسطول الخامس فلا يمكنه الحفاظ على وجوده.

في أيار/مايو 2011، أثار أوباما مخاوف بشأن البحرين في خطابه الرئيسي حول الانتفاضات العربية. فقد أعلن أن "الاعتقالات الجماعية والقوة الغاشمة تخالف الحقوق العالمية لمواطني البحرين". وأشار إلى أنه "لا يمكن أن يكون هناك حوار حقيقي في الوقت الذي يوجد بعض المعارضة السلمية في السجن."

وقد رُحّب بهذه التعليقات بوصفها دليلًا على أن الإدارة تعتزم على الأقل أن تظهر البعض من نفوذها الدبلوماسي. وبعد الخطاب، واستجابةً للضغط المتزايد من الكونغرس، قررت الإدارة إيقاف المعدات العسكرية التي من المحتمل أن تكون قد استخدمت ضد المتظاهرين - بما في ذلك العربات المدرعة والأسلحة المضادة للدبابات، وبعض الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.

في أوائل عام 2012، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الإدارة تودّ أن "توقف معظم المساعدات الأمنية للبحرين في انتظار المزيد من التقدم في الإصلاح." ولكن بعد أقل من خمسة أشهر، وبالتزامن مع زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى العاصمة واشنطن، أعلنت الإدارة عن مبيعات عسكرية محتملة إلى البحرين. ومنذ ذلك الحين، تراجع ضغط الإدارة العلني على الحزب الحاكم ونتيجة لذلك، عانت سياسة الولايات المتحدة من التباين الذي يُكذّب أي التزام بالضغط من أجل إصلاح هادف.

على سبيل المثال، عندما اعتقلت السلطات مؤخرًا خليل المرزوق، نائب زعيم أكبر جماعة معارِضة، الوفاق، بتهمة "التحريض على الإرهاب " في خطاب له - على الرغم من تصريحاته الواضحة التي تفيد العكس من ذلك - فإن وزارة الخارجية بالكاد ردّت في البداية. وبدلاً من الدعوة لإطلاق سراح المرزوق، انتقدت المتحدثة المعارضة لانسحابها من الحوار الوطني. وفي اليوم التالي غيرت رأيها، وأشارت إلى احتجاز المرزوق بقلق وحثّت الحكومة البحرينية على: "الوفاء بالتزاماتها لحماية حرية التجمع وتكوين الجمعيات وحرية التعبير". ولكن الضرر وقع.

بدلًا من التحفظ في خطابها، يجب على إدارة أوباما بناء نهج أقوى وأكثر اتساقًا. ويتعين، وعلى وجه التحديد، على الإدارة السعي لحمل البحرين على تنفيذ توصيات لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق - التي عينها الملك لاستعراض التجاوزات التي وقعت أثناء وبعد احتجاجات عام 2011.

تقرير وزارة الخارجية الأميركية المقدم إلى الكونغرس وجد أن البحرين قد نفذت بالكامل فقط خمس توصيات من أصل 26 توصية. وبعد ما يقرب من عامين على نشره، فإن الولايات المتحدة لم تظهر أي قلق نتيجة التراجع والتقاعس.

وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى السعي للوصول إلى جميع الناشطين السياسيين المعتقلين والضغط علنًا للإفراج عنهم. فالمطالبات الساذجة لعودة جميع الأطراف إلى عملية الحوار الوطني المعيب للغاية لا معنى له عندما يكون الكثير من المشاركين المحتملين وراء القضبان. وأخيرًا، إن الإدارة بحاجة إلى الإجتماع علنًا وبصورة منتظمة مع الناشطين المتبقين في البحرين إظهارًا للتضامن.

وإذا كانت الولايات المتحدة تحاول كسب نفوذ مع حكام البحرين عن طريق الحد من انتقادهم، فإنه ليس هناك ما يدل على أن ذلك يخلق فرقًا. بل في الواقع، يجعل الأمور تسير من سيء إلى أسوأ.

*سارة مارغن هي نائب مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن. وماري لوري هي عضو في مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن.

14 تشرين الأول/ أكتوبر 2013 
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus