جستين غينغلر: الخلاف مع السعودية يقلل من نفوذ الولايات المتحدة في البحرين

2013-10-28 - 10:18 ص

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين

ترجمة: مرآة البحرين

لن يتفاجأ أولئك الذين يتابعون الأحداث في البحرين عندما أقول إنه لم يتغير الكثير منذ المرة الأخيرة التي كتبت فيها هنا. بعض هذا الشعور قد يكون مستقىً من حقيقة أنه اتصل بي أمس أحد الصحفيين يطلب الإذن لاستخدام أحد الفقرات المقتبسة المعروضة منذ قبل أكثر من شهر، فمنذ ذلك الحين لم يتغير شيء أساسًا على الساحة السياسية لنعتبر أن هذا الاقتباس قد عفا عليه الزمن.

فإذًا، الشيء الجدير بالملاحظة، ذلك المدى الذي ظلت فيه الأمور ساكنة بشكل محزن لا سيما منذ إطلاق الجزء الثاني من الحوار الذي لا نهاية له. ومن ناحية أخرى، الهدف من موقف الحكومة هو بالطبع: كسب الوقت إلى أجل غير مسمى، وفي الوقت نفسه اصطياد كل أولئك الذين يُسبب عدم التقدم في الحوار لهم الإحباط ويتخطون المسار المتسامح عليه. (الشاهد، على سبيل المثال، خليل مرزوق.) في مُؤَلّف حديث تناول وجهة نظر طويلة للأحداث الحاصلة منذ الانتفاضة، وصف منصور الجمري هذه السياسة البحرينية بأنها وصلت إلى "طريق مسدود"، وهي الصورة التي يبدو أنها تناسب الحالة بدقة.

ما وراء هذه الطبيعة المستعصية للصراع السياسي الكامن في البحرين من حيث هو، هذا الركود الذي يذكرنا أيضًا بالدور المركزي للقوى الخارجية. انظر، على سبيل المثال، بريطانيا، التي لا تزال تلعب دورًا هامًا ( وغير مفيد كما يقول المنتقدون ) ليس فقط في دعم وتسهيل الحوار الوطني، ولكن أيضًا في غيره من جهود" الإصلاح" المبذولة ما بعد لجنة تقصي الحقائق مثل الإصلاح في وزارة الداخلية. قيل لي إنه قد حان الوقت الآن للبريطانيين، الذين يمدحون وزير العدل الشيخ خالد بن علي باعتباره رجل قادرًا وحسن النية ولقد سمعت ذلك مباشرة، للاعتراف باللاجدوى المتعمدة من عملية الحوار، ولكن ليس هناك خيار آخر سوى الاستمرار فيه. (وإذا كان هذا التقرير المحبط لمركز البحرين لحقوق الإنسان حول منصب أمين المظالم الجديد في وزارة الداخلية يدل على شيء، فهو يدل على أن الجهود البريطانية المبذولة من أجل تلك الوزارة قد وجد أيضا تقدمًا متباينًا).

عمومًا، يبدو أن بريطانيا والولايات المتحدة يفتقران إلى النفوذ اللازم لإرغام الحكومة في البحرين، والتي يمكن القول إنها يد السعودية نفسها. فالمصالح البريطانية في البحرين متجذرة في المجالات الاقتصادية، ويبدو أن سيدة الاستعمار السابق راضية باتباع مسار حذر وغير تصادمي فيما يتعلق بالساحة السياسية. وفي هذا الصدد الولايات المتحدة، على الرغم من الدعوات المستمرة من قبل الأكاديميين وصناع القرار للعب الورقة الدبلوماسية الأخيرة - مسألة الأسطول الخامس في الجفير - اعترفت وزارة الدفاع بعدم وجود خطة طوارئ في حال أصبح من المتعذر الدفاع عن التمركز في البحرين. وبالتالي فإن البحرينيين والسعوديين لا يحتاجون حتى إلى استدعاء الخدعة الأمريكية، لأنه ليس هناك من خدع لتبتكر.

واليوم، ربما تراجع النفوذ الأمريكي في البحرين والسعودية حتى أكثر مما نعرف. تقرير جميل (اليوم) في صحيفة وول ستريت جيرنال يعرض رؤية جديدة فيما يتعلق بالقرار السعودي الذي حلله الكثيرون فيما يخص رفض السعودية لمقعد في مجلس الأمن الدولي وهي التي عملت لضمانه لنحو عامين. ويدعي المقال أن القرار السعودي يهدف إلى إرسال رسالة ليس فقط إلى الأمم المتحدة ولكن أيضًا للولايات المتحدة، ويستشهد بحدَثين لم يردا سابقًا واللذين وقعا في ذروة الاستعدادات الغربية للقيام بعمل عسكري ضد سوريا في آب/أغسطس . ويقول التقرير،

دبلوماسيون ومسؤولون على دراية بالحدثين رووا حادثتين غير معلنتين سابقًا خلال الاستعدادات اللضربة الغربية التي لم تتم ضد سوريا والتي ظاهريًا زعزعت العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة.

وقال مسؤول مطلع على تلك المناقشة، في الفترة التي سبقت الضربات الأمريكية المتوقعة، طلب المسؤولون السعوديون الخطط الأمريكية المفصلة فيما يتعلق بنشر السفن البحرية لحراسة المنطقة الشرقية، مركز النفط السعودي، أثناء أي هجوم على سوريا. وأضاف المسؤول أن السعوديين تفاجأوا عندما قال لهم الأمريكان أن السفن الأمريكية لن تكون قادرة على توفير الحماية الكاملة للمنطقة النفطية.

بخيبة أمل، أخبر السعوديون الولايات المتحدة بأنهم يفكرون في بدائل في شراكتهم الدفاعية الطويلة الأمد، ومؤكدين أنهم سيبحثون عن أسلحة جيدة وبأسعار جيدة ، أيًا كان مصدرها، حسبما ذكر المسؤول.

وفي الحادثة الثانية، وصف أحد الدبلوماسيين الغربيين السعودية بأنها كانت حريصة على أن تكون شريكًا عسكريًا فيما كان يفترض أن يكون ضربات عسكرية أمريكية على سوريا. وكجزء من ذلك، طلب السعوديون لائحة الأهداف العسكرية للضربات المقترحة. وقال الدبلوماسي أن السعوديين أشاروا إلى أنهم لم يحصلوا على المعلومات.

إذن، على ما يبدو ليس هناك أمل من أي ضغط خارجي فعّال مهتم أو قادر للسير بمحاذاة الوضع السياسي في البحرين. أوائل هذا العام كانت هناك تكهنات بأن وزير الداخلية السعودي الجديد محمد بن نايف قد يكون أكثر استعدادًا لتسوية سياسية مع المعارضة الشيعية ولكنها لم تلقَ حتى الآن أي دليل ملموس، وفي المناخ الإقليمي الحالي يتصور المرء أن الفرصة التي كانت موجودة قد اختفت. مما لا شك فيه أن المرء يشك في أن المملكة العربية السعودية ترى التدابير" الأمنية" القوية في البحرين ( ناهيك عن النموذج الأمني الجديد لدول مجلس التعاون الخليجي عمومًا ) بأنها ضرورية أكثر من أي وقت مضى، لا سيما إذا كانت صحيفة وول ستريت جورنال صادقة في إيراد أن الولايات المتحدة كانت غير راغبة أو غير قادرة على حماية المنطقة الشرقية من العدوان السوري في آب/أغسطس.

فإذاً، الحياة المزدوجة في البحرين ستتواصل، والشحنات الجديدة من قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية سوف تسير مع حوار وطني ناجح تمامًا في فشله. في كانون الأول/ديسمبر سينتهي " قادة الأمن الوطني" مرة أخرى إلى عقد حوار المنامة الذي يستضيفه معهد الدراسات الاستراتيجة، وسيشهد شهر نيسان/أبريل 2014 عروض الفورمولا ون السنوية، و، إذا كان البحرينيون محظوظين، فإنه بحلول عام 2016 سيكون للجزيرة منحدر للتزلج بقيمة 51 مليون دولار. وماذا يريد المواطن أكثر من هذا؟

22 تشرين الأول/أكتوبر 2013 
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus