حصار متحف الثورة على طريقة المكان محاصر، وفرقة الكلاب جاهزة

2013-10-30 - 9:19 م

مرآة البحرين (خاص): على طريقة الحصار المفروض على ثورة الشعب البحريني منذ أكثر من عامين، حوصر متحف ثورتها أيضا! كلما وجد حدث جاذب للإعلام وجد الحصار، من ينسى حصار دوار اللؤلؤة، وحصار الجامعة، وحصار سترة، وحصار المرفأ، وحصار العكر..وغيرها، إنه التطبيق الفعلي لجملة تشييع في السينما العربية "المكان محاصر، وفرقة الكلاب جاهزة"..!

منذ الساعة الواحدة والنصف من ظهر اليوم وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر، لازال فرع منطقة القفول لجمعية الوفاق كبرى الجمعيات المعارضة محاصرا بالمنهجية ذاتها، وفي مختلف طوابقه ركنا يفوح برائحة الثورة وذاكرتها.

لم تمض أكثر من أربعة أيام على بدء فعالية متحف الثورة، حتى حاصرت قوات وزارة الداخلية موقعه واقتحمته، محتجزة معه ثلاثة من موظفي جمعية الوفاق طوال خمس ساعات كاملة!

لماذا الحصار والاقتحام؟ 

وزارة الداخلية بررت سلوكها الأمني غير الصادم، بوجود مخالفات يعاقب عليها القانون في إشارة لما وجدته من طابع نقدي لبعض الانتهاكات التي ارتكبتها.

متحف الثورة يحتل كامل المبنى المكون من دور أرضي وطابقين، وليس ذلك فحسب، فالممر الخارجي المؤدي إلى بوابة المتحف تنطق جدرانه بالكثير من قصص المعاناة التي تحكي مسيرة نضال الشعب البحريني على مر السنوات.

قبل الولوج الى تفاصيل المتحف، يمر الزائر على نضال حقبة العشرينات، ثم انتهاكات سرقة المزارع، مرورا بحقبة الاتحاد الوطني ثم استفتاء أوائل السبعينات وتشكيل المجلس الوطني وحلّه، إلى نضالات الثمانينات والتسعينات.

وفي نهاية تلك الجدران، وقبل الدخول الى متحف الانتهاكات، سيتوقف الزائر قليلا، عند صرخات جماهيرية قوية "سلمية..سلمية" وتحديدا عند مجسم دوار اللؤلؤة وثورة الرابع عشر من فبراير.

في الطابق الأرضي، ستجد في وجهك محاكاة رمزية لواقعة دهس الشهيد علي بداح، جثة مغطاة برداء أبيض أمام سيارة ذات دفع رباعي تحمل شعار وزارة الداخلية، ستستمع لأصوت سيارة مسرعة وصرخات المطاردين ثم صوت جسد يتحطم.

في الطابق الأول، ثمة غرفتان، الأولى، تحكي قصة هدم المساجد، وفي الثانية خصصت لمقتنيات بعض الشهداء، وفي الطابق الثاني، سيتعرف الزائر على شكل الزنازين في المعتقلات وغرف التحقيق والتعذيب، وهنا تكمن كل القصة! 

لا شيء نجا من رصد الكاميرات، وأغلب الانتهاكات والجرائم موثقة بالصور "فوتوغرافيا" و"متلفزة"..فما هي الانتهاكات التي من المستحيل اصطيادها؟

غرف المحققين المغلقة، وجلسات التعذيب الوحشي بقيت صورا في رؤوس الضحايا، وحين تحولت إلى مجسمات تحاكي التجارب الحقيقية، كان على من يقفون خلفها أن يمسحوا تلك الصور، أن لا يفسحوا مجالا للذاكرة البصرية لتخزن ولو صورة رمزية عن جرائمهم.

حوصر متحف الثورة لا لأجل طابقه الأرضي الذي يحاكي قصص الدهس، ولا طابقه الأول الذي يحاكي قصص هدم المساجد ويحمل آثار الشهداء، وإنما لأن طابقه الثاني والأخير يرصد ما لم تراه العيون، ويوجه الأنظار لوحوش الخفاء وخفافيشه المقنعين.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus