ما تُسمّى بقضية "تفجير الدير": انتقامات شخصية خلف أحكام المؤبد

2013-11-03 - 5:16 م

مرآة البحرين ( خاص): في 3 أكتوبر 2013، قضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة بالسجن المؤبَّد بحق 4 من شباب منطقة الدير، وجهت اليهم اتهامات بالشروع في قتل عامل آسيوي إثر انفجار قنبلة بيده قرب مدرسة ابتدائية للبنين في الدير، وكذلك تهمة الشروع بقتل رجال الشرطة. 

المحكومون المعتقلون هم: 

حسن علي حسن الحداني (25 عاماً)

محمد علي سلمان (26 عاماً)، ومحكومان آخران لا يزالان مطلوبين.

في 2012، وفي دار عتيقة بمنطقة الدير، التقيتُ مجموعة من الشباب المطارد، قبل أن تصل اليهم عيون الجواسيس والمتربصين. كان معهم الشاب المعتقل والمحكوم بالمؤبد حسن الحداني؛ متحدث لبق يأسر من يجلس معه بمنطقه وذكائه، وسيم بهي الطلة، مظهره يوحي أنه ابن عز، مدلل، لا مطارد وخريج سجون. لا زلت اذكر ابتسامته الواثقة، وهو يتحدث عن شقاء أيامه، ويجيب بثقة " أنا مؤمن بالنصر، مؤمن أن الوضع سيتغير يوما وقد يكون قريباً". "قلبه مملوء بالحنية والطيبة"، هكذا يعرّفه من يعرفونه: "همّه وطنه وشعبه أن يكون حراً كريماً". 

استفززتهم بالأسئلة: أنتم شباب لا يملك استراتيجية، انتم تنثرون الفوضى؟ أجاب حسن الحدّاني: "بل نحن من يصحح الأمور، لا نزال نطالب بالحقوق، اجل استطاعوا بقبضتهم الأمنية أن يبعثرونا، لكنهم لم يتمكنوا من إرهابنا، بل زادونا إصراراً أننا على الدرب الصحيح، نحن اليوم أكثر قناعة أن هذا النظام فاسد ولا يمكن أن يعمل يوماً من أجل تحقيق مطالب الشعب العادلة، هو يعمل من أجل بقائه فقط، ولو كلّفه الأمر إبادة شعب كامل، هذا نظام لا يستحق هذا الشعب". يكمل: "اليوم نرى ذلك البهاء الذي يجعلني متيقن أننا على أعتاب نصر لا محالة، فكل بطش وقمع يمارسه الأمن وتطغى فيه السلطة ويقتل فيه الشباب وتضيق فيه المعيشة يجعل الناس كلها تؤمن أن النظام الحالي لا يصلح أن يحكمها، وبات هذا عرف مشترك".

أضاف الحدّاني: "هل تعلمون كيف كنا نقاسي قبل ذلك؟ كنا نصارع وحدنا أناس ليس لهم ضمير، في تلك المرات التي كنت أخرج فيها تم اعتقالي مرات عديدة، كانوا يعذبوننا بطريقة بشعة لردعنا عما نحن سائرون عليه، ورغم ذلك لم نرتدع، سجنا بقضايا لفقت لنا ونحن بريئون منها، خرجنا بمكرمة لا تمت للكرم بصلة كمن يسرق ليتصدق".

لم ينته فصل تعذيب حسن منذ اعتقاله في ابريل الماضي 2013، بعد أن تم اقتناصه بطريقة مخابراتية، صار وجهه الجميل محل انتقامهم الذي سبق أن وعدوه به: "إذا صدناك ما بنرحمك، ما بتطلع، بنصفي جسدك". قريب منه يروي انه يتم مناداته في مكاتب التعذيب بسجون الحوض الجاف، ليروا الذل كيف ارتسم على وجهه المشوه من فرط تعذيبهم، حسن الذي أتعبهم حين كان مطارداً أذاقهم الويل لملاحقته. خطة مخابراتية محكمة أُعدت لاعتقاله. صار اعتقال اسد نزال الدير حديث القرية تلك الليلة، فهو أحد أهم مطلوبيها، اليوم وقع الأسد بين أيديهم، وكان لا بد لهم من تهمة تليق بمقام الأسد، فكانت تهمة التفجير، وكان الحكم بالسجن المؤبد.

قبل اعتقاله، استلم الحداني الكثير من الرسائل التي تهدده بالسجن والتصفية، بقى مطارداً لمدة عامين منذ أشهر السلامة الوطنية في 2011. وهو الآن بالاضافة إلى الحكم عليه بالسجن المؤبد في قضية تفجير الدير، فإنه محكوم بقضايا أخرى لأكثر من 20 سنة سجن، ولا يزال يحاكم في قضايا أخرى. ما أخطر هذا الحدّاني، أو لنقل، ما أوجعه عليهم.

استُهدف معه رفيقه محمد عبدعلي. تعرض الصديقان لذات التهديد من (يوسف الملا)، الضابط الذي يُنسب اليه كمين اختطافهما. محمد حكم عليه بالسجن المؤبد أيضاً. طوال عامين كان مهدداً بالاعتقال بشكل غير مباشر. جرى عليه اعتقالين، الأول 2011 في أحد أزقة القرية، تعرض لضرب شديد مبرح غيّر ألوان جسده، كان يتشافى حينها من كسر في رجله قبل أن يتم ضربه بشكل وحشي في مكان الكسر ذاته. مرة أخرى أعتقل عندما كان خارجاً من أحد (البرادات)، تزامن ذلك مع دخول قوات المرتزقة للبلدة، ما أن شاهدته حتى قامت باعتقاله وجره لمركز سماهيج والتناوب على تعذيبه ومن ثم تلفيق إحدى التهم الكاذبة له وإرساله للحوض الجاف، وقد خرج عدة مرات ببراءة أو إخلاء سبيل وكانوا يقومون باعتقاله من جديد وتلفيق تهم كاذبة أخرى له.

قبل اعتقاله الأخير، تم اختطافه مع اثنين من زملائه، كانوا يجلسون على إحدى "البسطات الشبابية" حين اقتحمت المرتزقة المنطقة. اعتقلتهم جميعاً. استمر التحقيق حتى الـ 4:30 فجراً، اعتقل الشابان بتهمة التجمهر والشغب والحرق الجنائي(!!) وأفرج عن محمد بعد وجبة تعذيب استمرت 4 ساعات. في هذه المرة بالتحديد، أي في تاريخ 9 مارس 2013، قام الضابط يوسف الملا  بتهديد محمد: "طلعت منها ها، ما عليه كلها أسبوعين ثلاثة وبرجعك". بين هذا التهديد وتفجير الدير 8 أيام، وبينه وبين اعتقال محمد من منزله 3 أسابيع بالضبط. 

كل من حسن الحداني ومحمد عبدعلي، اتهما بأنهما مدبري تفجير الدير الذي وقع فجر 17 مارس 2013، ذلك التفجير الغامض والمريب والمشكوك في روايته. في الفيديو الذي نشرته الداخلية من خلال تغريدة عبر حسابها في «تويتر»، تظهر الكاميرات الأمنية المثبتة في الشارع الذي وقع فيه التفجير، شخصاً (آسيوياً)، يحمل قنبلة تنفجر في يده ويسقط على الأرض. ثم تقوم الدنيا ولا تقعد ويندد الاعلام بالارهابيين الذين زرعوا القنبلة (المحلية الصنع) في الطريق العام. سرعان ما يتم اعتقال مجموعة من شباب المنطقة بتهمة هذا التفجير. وسرعان ما تتم محاكمتهم وإصدار الأحكام القاسية بحقهم.

هيئة الدفاع عن المتهمين، طلبت من المحكمة جلب تصوير الفيديو الخاص بوزارة الداخلية، معتبرة أن التصوير هو دلالة قطعية على براءة المتهمين مما نسب إليهم، لكن الفيديو لم يتم جلبه، وتم اصدار الحكم دون ما يثبت تورط الأربعة في قضية التفجير المزعومة غير اعترافات مزعومة تحت التعذيب. يشغل الجميع منذ عرض ذلك المقطع الصغير من الفيديو سؤال: طالما هناك كاميرا تصور، إذا لم لا يتم عرض الفيديو كاملاً ليظهر المجرمين الذين قاموا بالجناية؟ ولماذا استاء القاضي علي الظهراني من طلب المحامين بجلب الفيديو للتعرف على من وضع القنبلة؟ لا جواب. كل ما في الأمر أن ثمة نشطاء مسالمون مستهدفين شخصياً، وثمة تهم لا بد أن تحاك ضدهم ليتم حبسهم والانتقام من نشاطهم المزعج للنظام.

 

هامش:

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus