أحمد علي: أوقفوا الحصانة في البحرين

2013-11-05 - 1:11 م

أحمد علي،ايكول تايمز

ترجمة: مرآة البحرين

مارست الحكومة البحرينية حملة قمع ضد عامة الشعب منذ بدء انتفاضة 14 شباط/فبراير 2011.

وقُوبلت الدعوات إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة في البحرين بالقتل غير القانوني والتعذيب والتشهير عبر وسائل الإعلام والاعتقالات التعسفية والاحتجاز.

وأدى السجن الغاشم للناشطين السياسيين إلى استيعاب السجون لعدد من السجناء فوق قدرتها بنسبة 33 في المئة، بينما تُرك السجناء يعانون حتى الموت دون تقديم الرعاية الطبية الكافية.

وكان السلاح السائد المُستخدم لاستهداف المحتجين والمدنيين- عبوات الغاز المسيل للدموع المستوردة من الخارج - قد استُخدِم بطريقة غير ملائمة.

واستُخدِم الغاز المسيل للدموع لزرع الخوف في صفوف المعارضين في البحرين. ففي حوالي ألف يوم، تم استخدام حوالي مليوني عبوة من الغاز المسيل للدموع، بحسب ما ذكره ناشطون.

والغاز المسيل للدموع هو السلاح المفضل لقوات الأمن البحرينية باعتبار أنه يمكن استخدامه تحت ذريعة مكافحة الشغب، بدلًا من الذخيرة الحية. ورغم استخدامه خلال الأيام الأولى للاحتجاجات، فقد خشيت الحكومة من أن يجتذب المزيد من الانتقادات الدولية.

عمليًا، في كل ليلة، تطلق قوات الأمن البحرينية قنابل الغاز المسيل للدموع على المنازل والسيارات وأماكن العبادة، والمتاجر وحتى الملاعب الرياضية، كما تظهر أشرطة الفيديو هذه.

وعلاوة على ذلك ، يتم استخدام الغاز المسيل للدموع كشكل من أشكال العقاب الجماعي ضد المدنيين الأبرياء الذين يقعون ضحية للعمليات البوليسية المفرطة والعشوائية.

مؤخرًا، نشر مرصاد البحرين Bahrain Watchمناقصة مُسَرّبة تُفَصّل طلبية كبيرة من الغاز المسيل للدموع للبحرين.

وتكشف هذه المناقصة عن نية الحكومة البحرينية استيراد 1.6 مليون عبوة إضافية من الغاز المسيل للدموع، و900 ألف قنبلة غاز مسيل للدموع ومجموعة مكونة من 145 ألف قنبلة صوتية وضوئية.

وعمومًا، لا تُجري وزارة الداخلية البحرينية هذه المناقصات علنًا، ولا تعلن عن تفاصيلها. وشَكّل تسريب هذه المناقصة سابقة فهي المرة الأولى التي يتم فيها نشر وثيقة - مناقصة- واضحة للحصول على الغاز المسيل للدموع علنًا.

في 18 تشرين الأول/أكتوبر، أطلق مرصاد البحرين Bahrain Watch حملة عالمية تحمل اسم" أوقفوا الشحنة"، تستهدف مُصَنّعي الغاز المسيل للدموع في كوريا الجنوبية وألمانيا وجنوب أفريقيا وكذلك السلطات الوطنية، وطالبتهم بوقف صادرات الغاز المسيل للدموع إلى البحرين.

وبناءً على معاينة وفحص عبوات الغاز المسيل للدموع المستخدمة ضد المحتجين في البحرين، أشار مرصاد البحرين Bahrain Watch إلى شركة دايكوينغ للكيماويات DaeKwang Chemical في كوريا الجنوبية و سي إن أو المحدودة للتكنولوجيا ( C.N.O. Tech Ltd)، وشركة رينميتال دينيل (Rheinmetall Denel) للذخائر_ وهي شركة ألمانية-جنوب إفريقية_، كمنتجين للغاز المسيل للدموع المُستَخدَم مؤخرًا في البحرين.

وكان الغاز المسيل للدموع المُصَنّع من قبل دايكوينغ ورينميتال دينيل للذخائر سبباً لوفاة مراهِقَين اثنين: سيد هاشم- 15 عامًا- وعلي الشيخ - 14 عامًا.

عواقب وخيمة
فاق عدد رسائل البريد الالكتروني _والتي أرسلت حتى الآن إلى السلطات المعنية بالشحنة_ 31 ألف رسالة ، وقد زاد هذا من أهمية الحملة التي تشمل دعوات من اتحاد العمال الكوري الذي يطالب حكومة كوريا الجنوبية بحظر جميع صادرات الغاز المسيل للدموع إلى البحرين.

لا يمكن إبراز أهمية هذه الشحنة بما يكفي: فالغاز المسيل للدموع يُستَخدم كسلاح أساسي لقمع المعارضة في البحرين.

وقد كان للإستخدام المفرط لغاز الـ سي إس CS _العنصر الكيميائي الرئيسي المُكَوّن للغاز المسيل للدموع_ آثار قاتلة على مدى السنوات القليلة الماضية في البحرين.

وقُتِلِ أكثر من 39 شخصًا إما من خلال التعرض المستمر للغاز المسيل للدموع أو من الجروح الناجمة عن العبوات التي تطلقها قوات الأمن مباشرة على الأفراد.

وقُتِلَ أربعة أشخاص على الأقل بعد أن أُطلِقَت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع، وعادة على الرأس أو العنق، ومن بينهم علي الشيخ -14عاما- الذي أصيب بعبوة على رأسه أثناء احتجاج سلمي.

محمود الجزيري - 20 عامًا- كان ضحية أخرى في 22 شباط/فبراير 2013، بعد ان أطلقت شرطة مكافحة الشغب النار عليه مباشرة في الرأس، وقد صورت الكاميرا هذه الحادثة.

وقد تمّ استهداف الصحفيين حتى أن قوات الأمن اقتحمت أوائل هذا العام إحدى مدارس البنين، وقد أدى ذلك الاقتحام الى اختناق الطلاب والمعلمين.

وحتى أولئك الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن، تم استهداف جنائزهم بشكل ممنهج بالغاز المسيل للدموع.

وقد سجل الأطباء، الذين قاموا بعلاج المدنيين الذين تعرضوا لهذه السموم، مضاعفات صحية طويلة الأجل.

وارتفعت حالات الإجهاض وهناك مضاعفات عند مرضى السكر. وهناك أيضا مخاوف من ارتفاع مستويات السرطان نتيجة التعرض المفرط لغاز سي إسCS.

ووفقاً لأطباء من أجل حقوق الإنسان، فإن الغاز المسيل للدموع قد تم " تحويله الى سلاح" في البحرين، وهذه سابقة "ليس لها مثيل في العالم ".

المخاوف دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيقات مستقلة فيما يتعلق بـ" تقارير مُقلقة" تلقاها مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان حول الاستخدام المفرط وغير المتناسب للغاز المسيل للدموع ورصاص الشوزن والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين والمدنيين من قبل قوات الأمن البحرينية.

وكذلك رفض البرلمان الأوروبي أيضًا بشدة استخدام الغاز المسيل للدموع في البحرين، ودعا إلى فرض عقوبات ضد المسؤولين مباشرة عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، و فرض قيود صارمة على صادرات الاتحاد الأوروبي لتكنولوجيا المراقبة والغاز المسيل للدموع وأدوات السيطرة على الحشود.

وأعربت المنظمات غير الحكومية مثل هيومن رايتس ووتش و منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس فرست عن قلقها حيال الاستخدام القمعي للغاز المسيل للدموع في البحرين.

الاستخدام المتواصل للقوة والقصاص من المتظاهرين والمدنيين ينتجان عن هيكلية الحصانة وعدم المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتواصل في البحرين حتى اليوم.

وتم استهداف العاملين في المجال الطبي لتعطيل كافة أشكال الرعاية الصحية للمصابين في حملات القمع التي قامت بها الحكومة.

واعتُقِل الأطباء وعُذّبوا وسُجِنوا، ما جعل المصابين مُجبَرين على النضال من أجل أنفسهم.

وكانت المحاكمات شكلية، فهي تُستَخدَم فقط لمعاقبة أولئك الذين ينتقدون النظام.

ولاحقاً، حُكم على المعتقلين، المُتهمين بالمشاركة في الاحتجاجات، بالسجن لمدد طويلة، وغالباً ما تكون مدد أحكامهم أطول من تلك التي تصدر بحق عناصر الأمن المتهمين بقتل المتظاهرين.أو تعذيبهم في الأسبوع الماضي فقط، تم تخفيض عقوبة السجن لشرطي متهم باطلاق النار على أحد المتظاهرين حتى الموت في عام 2011 الى ثلاث سنوات، بينما حُكم على معارضين متهمين بحرق الإطارات بالسجن خمس سنوات.

لم تتم فقط حماية المُعَذّبين من الإجراءات القانونية ولكن تم تقديم " الشكر " لهم لخدماتهم من قبل رئيس الوزراء، صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة.

ولا يمكن التنبؤ بتطورات الأشهر القليلة القادمة، وخاصة تلك التي تتعلق بمسألة إلغاء الشحنة المقترحة من الغاز المسيل للدموع.

ولكن يجب تصعيد الضغط الدولي لمحاسبة المسؤولين الحكوميين وعناصر الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويجب إيقاف الصادرات المستقبلية للغاز المسيل للدموع إلى البحرين الى أن تنتهي ثقافة الإفلات من العقاب وتتم إقامة إصلاح حقيقي.


28 تشرين الأول/أكتوبر 2013
النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus