بصر الأستاذ وبصيرته، رهن "عصب الجسم" وغضب السلطة

2013-11-12 - 11:46 ص

مرآة البحرين (خاص): هل ثمة ما هو مريب في الوضع الصحي لرئيس حركة "وفاء" عبد الوهاب حسين؟ هل ثمة ما تخشاه السلطة من السماح لأهله بزيارته ورؤية تقاريره الطبية الأخيرة المختصة بالحالة المرضية التي يعاني منها مؤخراً؟ هل هناك ما تخشاه السلطة من عرضه على طبيب داخل البحرين أو خارجها معني بمعالجة حالته الآخذة في التردي والتي بدأت تشكل خطورة شديدة على حياته؟

تلك أسئلة بدأت تثير قلقاً كبيراً في الشارع وسط إحجام السلطة عن اتخاذ أي إجراء طبيعي تجاه الوضع الإنساني الذي يمر به عبد الوهاب حسين. وثمة ما بدأ يثار عما إذا كان للسلطة أي دور في تردي الحالة الصحية للأستاذ (اللقب الذي يعرف به عبد الوهاب حسين شعبياً وجماهيرياً). وثمة مخاوف أن يكون في الأمر أكثر مما هو تطور طبيعي في الوضع الصحي له. البعض يعود للوراء قليلاً، أي قبل 5 أشهر تقريباً، ليخبر أن الأستاذ "لم يكن على ما يرام"، عندما أخلي سبيله مدة يومين فقط، خلال شهر مايو 2013 لحضور مراسم تشييع والدته، إذ تحدث المقربون منه حينها، أنه "لم يكن عبد الوهاب حسين الذي نعرفه...هناك شيء غير طبيعي في حضوره الشخصي".

لم يتمكن أحد حينها من تفسير "لم يكن الأستاذ على ما يرام"، وأرجعها كثيرون إلى الوضع النفسي الذي كان فيه بسبب وفاة والدته وخروجه المؤقت من السجن إلى الحياة بعد عامين مشحونين، ربما يكون ذلك حقيقياً، لكن ثمة مخاوف طُرحت حينها أيضاً: هل ثمة ما أُعطي للأستاذ وأثر عليه. خصوصاً حين امتنع عن الإدلاء بأي تصريح ولو مؤجز، وهو الرجل المعروف بشدة البأس والصلابة الحديدية التي لا يمكن ترويضها أو التحكم فيها.

تبقى تلك تكهنات لا نملك ما يثبتها أو ينفيها، وقد تكون مبالغات بسبب انكسار أفق الشارع بخروجه حينها، لكنها اليوم تعود لتطرح نفسها وسط التعنت الذي تظهره السلطة في الامتناع عن التعامل مع الوضع الصحي للأستاذ بشفافية تجيب على القلق المحموم في الشارع والدعوات العريضة المطالبة بالكشف عن التطورات في حالته الصحية والسماح لعائلته بمعالجته وفق ما يتطلب وضعه.

لا تخبروا الناس عن مرضي كي لا ينشغل الشارع بي عن الثورة. بهذا ظل عبد الوهاب حسين يوصي عائلته طوال المدة الماضية، وكان يحرص على ابتلاع ألمه ووجعه أمامها، كي لا يخرجوا مهمومين فيبوحوا للناس. لكن التردي الأخير والخطير لحالته الصحية لم يعد ممكناً إخفاؤه أو التظاهر بتجاوزه، لقد صار كل شيء فيه يفضح الوجع المتفاقم.

أكثر من 3 أسابيع على زيارة عائلته الأخيرة له منذ 22 أكتوبر الماضي، الأخبار تصل عن انحدار مخيف في حالته، الإعياء الشديد جعله يلازم فراشه طوال الليل والنهار، عائلته لا تزال تطالب بمعالجته وعرضه على مختصين دون جدوى، رغم كل الدعوات الداخلية والخارجية المطالبة بالتعامل الإنساني مع مرضه.

عائلته تؤكد لـ«مرآة البحرين»، أنها في زيارتها الأخيرة للأستاذ ، كانت الآلام تعصف بكامل جسده، ومستوى هيموجلوبين الدم في تدن شديد، وهي حالة لم يشكُ منها طوال عمره، وقد أفاد الطبيب أنهم لم يتوصلوا إلى السبب وراء ذلك.

عينه اليمنى ازدادت حساسيتها فبات يلازم لبس النظارة الشمسية ليلا ونهارا، بعد أن اشتكى منها لأشهر طويلة بسبب الماء الأبيض، تطورت حالتها إلى حساسية شديدة ومن ثم إلى تهتك، جراء إهمال علاج عينه من قبل السجن، وحرمانه من إجراء العملية في وقتها المحدد وتأجليها شهرين بسبب الإضراب الذي لجأ له والمختص بالاعتراض على ارتداء اللباس الرسمي للسجناء.

أعراض مرض (عصب الجسم) التي كان يعاني منها سابقاً، عادت له بدرجة أكبر من سابقتها، التنمل في الجانب الأيمن من الجسم أصبح يلازمه، حتى صار لا يقوى على لمس أي جزء من جسمه الذي بدأ يزداد ضعفا ووهنًا. وكان (الأستاذ) قد عانى من مرض العصب في العام 2005 مما اضطره للسفر إلى لندن لتلقي العلاج إذ بقي قرابة ثلاثة شهور هناك، لكن ظروف اعتقاله الحالية جعلت أعراض المرض تعود بشكل مضاعف.

عائلة (الأستاذ) تنقل لـ«مرآة البحرين»، أنه بعد إضرابه عن المكالمات الهاتفية بعد تعرضه للمضايقات المتعمدة والمتواصلة، صارت أخباره تصل عبر عوائل بقية الرموز، ولا تزال عائلته غير مسموح لها بزيارته منذ أكثر من 3 أسابيع، خلافاً للقوانين التي تسمح لعائلة المعتقل بزيارته كل أسبوعين. ولأن أخبار صحته باتت شحيحة لجأ شقيقه إلى مستشفى القلعة في 5 نوفمبر لمقابلة رئيسها والاستفسار عن حالته الصحية، حاملا معه عدة مطالب وهي:

تقرير طبي بالحالة المرضية التي يعاني منها أخوه. إرجاع التقارير الطبية التى صودرت أثناء اعتقاله في مارس 2011 والتي تساعد في وصف مرض العصب المصاب به. مقابلة الطبيب المسؤول عن حالته. ترتيب زيارات قصيرة للأستاذ للاطمئنان عليه. عرض الأستاذ على أطباء الطب الخاص من أجل قراءة أخرى لنتائج الفحوصات الطبية. معرفة سبب تدني نسبة الدم في جسمه.

وقبل أن يجيب الدكتور إلياس نائب مدير مستشفى القلعة عن المطالب سأل شقيق الأستاذ عن حالة أخيه الصحية وما يعاني منه، أجابه شقيق (الأستاذ) متعجباً: من عليه أن يجيب على هذا السؤال هو أنت!
فكان رد نائب مدير المستشفى: مطالبكم ليست عندنا بل عند قاضي العقاب هو من يصدر القرارات، أما ملف المعتقل الصحي فالقوانين تمنع الإطلاع عليه، لكن من الممكن نقل علاجه لمستشفى السلمانية.

وفي التطور الأخير والخطير لحالة الأستاذ، نقل إلى مستشفى العسكري في 6 نوفمبر الحالي، وظل ينتظر العلاج قرابة خمس ساعات دون مراعاة لوضعه الصحي، وقبل نهاية الدوام الرسمي بقليل، أُدخل على الطبيب، وتم سحب كمية من الدم الجامد من عينه المصابه، وأُرجع للسجن مرة أخرى دون إجراء بقية الفحوصات عليه والمتعلقة بمرض عصب الجسم الذي يعاني منه.

ابنة الأستاذ عبد الوهاب، توجهت لمبنى سجن جو، حاملة معها رسالة قاضي العقاب، والقاضية بتمكين (المتهم) من تلقي العلاج المناسب. هناك قابلت الملازم محمد الأنصاري الذي رفض البوح باسمه في بداية الأمر، لكن إصرارها على معرفة اسم مستلم الرسالة جعلته يعرف بنفسه، بينما مديره لم يقبل البوح باسمه رغم إصرارها على معرفته، وفي أثناء ذلك جاء إليها مسؤول بلباس مدني وقال لها إن رسالة قاضي العقاب لا فائدة ترجى منها، وأنهم يجب أن يستلموا محضرا رسميا بذلك، حينها طلبت منهم تحديد الفترة الزمنية للرد على طلبها أو أي رقم للتواصل لكنهم رفضوا.

تبقى الأسئلة التي أثرناها في بداية هذا التقرير مفتوحة، والإجابة عليها أو ضحدها في يد السلطة وحدها، وفي تحركها إلى احتواء الوضع الصحي للاستاذ أو الاستمرار في إهماله وتجاهله. تلك هي المفارقة.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus