افتتاحية "واشنطن بوست": حملة القمع البحرينيّة تزيد من تقهقر الولايات المتحدة

2013-11-17 - 9:17 م

واشنطن بوست، هيئة التحرير 

ترجمة: مرآة البحرين

إنّ عواقب قرار الرّئيس أوباما في خريف هذا العام بتقييد طموحات الولايات المتحدّة جذريّاً في الشّرق الأوسط أصبحت واضحة في جميع أنحاء المنطقة. في سوريا، يحاصر الدّيكتاتور بشّار الأسد أكثر من مئتي ألف من المدنيّين في نفس ضواحي دمشق الّتي هاجمها في أغسطس/ آب بغاز السّارين؛ كما تقول التّقارير الموثوقة أنّ الأطفال يتضوّرون جوعاً. لكنّ الرّئيس الأسد لم يعد يخشى من ردّ فعل الولايات المتّحدة: الرّئيس أوباما استبعد التّدخّل في "حرب أهليّة لآخرين".

أمّا في مصر، فقد قدّم نظام الجنرال عبد الفتّاح السّيسي، للتّوّ، الرّئيس المخلوع محمّد مرسي للمحاكمة، وهو يحتجز الآلاف من السّجناء السّياسيّين الآخرين. ومع ذلك، فقد تمّ القضاء على أي خطر لصدع دائم مع واشنطن من خلال إعلان الرّئيس أوباما في الأمم المتّحدة أنّ إدارته ستركّز على أربع "مصالح أساسيّة" في الشّرق الأوسط، تتضمّن تدفّق النّفط، وليس الدّفاع عن الدّيمقراطيّة.

ثمّ هناك إمارة البحرين، الحليف الآخر للولايات المتّحدة، والتّي قد تكون ردّة فعلها على تراجع الرّئيس أوباما الأكثر درامية، لكنّها الأقلّ ملاحظة في المنطقة. ترتبط البحرين، الدّولة المضيفة للأسطول الأمريكي الخامس، باثنتين من مصالح الرّئيس أوباما الأساسيّة، بما في ذلك المرور الآمن للنّفط عبر الخليج العربي. لكنّ حكّامها المستبدّين، قبيلة آل خليفة، كانوا –أيضاً- هدفاً لواحدة من الثّورات العربيّة الّتي بدأت في أوائل عام 2011.

عندما ردّ النّظام على المسيرات السّلميّة المطالبة بالدّيمقراطيّة بالقمع، وبّخ الرّئيس أوباما آل خليفة علانية، ودعا إلى إجراء حوار مع المعارضة. في ذلك الخطاب، في مايو/أيار 2011، قال إنّه يجب على الولايات المتّحدة توسيع أولويّاتها التّقليديّة في الشّرق الأوسط لتشمل تعزيز الحرّيّة. استجاب حكّام البحرين بسرعة، مطلقين لجنة للتّحقيق في الاضطرابات، وواعدين بإصلاحات عديدة. ولكن عندما تعرقلت العمليّة، لم تتفاعل الإدارة: بدلاً من ذلك، جدّدت المبيعات العسكريّة الّتي كانت معلّقة.

منذ خطاب الرّئيس أوباما في الأمم المتّحدة في سبتمبر/أيلول الّذي عاكس كلماته في مايو/أيار 2011، تخلّى النّظام البحريني عن كلّ ادّعاءات التّسوية. ومنذ نهاية سبتمبر/أيلول، حُكِمَ ما يقارب 140 من ناشطي المعارضة بالسّجن، بما في ذلك سياسيون سلميّون ونشطاء في حقوق الإنسان. وتجري ملاحقة اثنين من كبار قادة جمعيّة الوفاق المعتدلة، الّتي وافقت هذا العام على الانضمام للحوار السّياسي الّذي ترعاه الحكومة، بتهم ملفّقة. أحدث من قُدِّمَ إلى المحكمة أمين عام الوفاق "الشّيخ علي سلمان"، قد اتُّهِمَ بـ"إهانة وزارة الدّاخليّة" بعد تنظيمه معرضاً توثيقيّاً لانتهاكات حقوق الإنسان.

وتماشياً مع سياسة أوباما الجديدة تجاهلت الإدارة حملة القمع البحرينيّة. وعلى حدّ قول الرّئيس، "فإنّ الولايات المتّحدة ستعمل في بعض الأوقات مع الحكومات الّتي لا تلبّي، على الأقلّ من وجهة نظرنا، أعلى التّوقّعات الدّوليّة، ولكنّها تعمل معنا على مصالحنا الأساسيّة"، قد يمهد هذا على المدى القصير الطّريق للأسطول الخامس. أمّا بالنّسبة للعواقب على المدى الطّويل فإنّ خطاب الرّئيس أوباما في 2011 قد وضّح ذلك:

"استراتيجيّة قائمة على المتابعة الضّيّقة لهذه المصالح سوف لن تملأ معدة فارغة أو تسمح لشخص بالتّعبير عن أفكاره. فضلاً عن ذلك، فإنّ عدم الكلام عن أوسع تطلّعات النّاس العاديّين سوف يغذّي فقط الشّكوك الّتي تقرّحت لسنوات بأنّ الولايات المتّحدة تتابع مصالحها على حسابهم."

 

17 تشرين الثاني \  نوفمبر 2013

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus