حملوه في "جيب" وضربوا خالته: علي عيسى ذو العشر سنوات ينتظر المحاكمة.. لأنه... كان يلعب في الشارع!
2013-11-27 - 10:10 ص
مرآة البحرين (خاص): يداوم الطفل علي عيسى المعاميري "10 سنوات" في قاعات المحاكم يوم الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الأول تاركا مقاعد الدراسة، بعد تلقيه استدعاء لحضور الجلسة الثانية من محاكمته بالمحكمة الصغرى الجنائية!
لم يعد غريبا في البحرين أن يحاكم أطفال بهذا السن، وأن يعتقلوا من الشارع أمام مرأى أمهاتهم، ثم يجرجروا إلى التحقيق في مراكز الشرطة. بالنسبة للسلطات، فالكل في هذه البلاد يولد وهو يحمل تهمة "كراهية النظام"، ومشروعا لـ"قلب نظام الحكم"، لقد بات الخطر على السلطة الحاكمة في البلاد خطرا وراثيا داهما لا يزول عبر التاريخ.
الموضوع كما ورد في الاستدعاء هو اتهام من أمن البديع ضد "علي عيسى"، بالتجمهر وحيازة قنابل المولوتوف، تاريخ الواقعة كان نهاية شهر أغسطس/آب 2013.
خوف ورعب ودموع
جلس "علي" على الكرسي ورجلاه لا تلامسان الأرض بسبب صغر حجمه وسنه، اغرورقت عيناه بالدموع، تسارعت نبضات قلبه، وبصوت متحشرج بدأ يقص ما حدث له في مشهد لا يمكن أن يمحى من ذاكرته، تردد كثيرا في سرد ما حدث، بدا خائفا جدا.
قال بصوت ضعيف لا يكاد من يجلس بقربه أن يسمعه: كنت ألعب مع أصدقائي عصرا، ببقايا عبوات مسيل الدموع التي كانت ملقاة على الأرض، كنا نتقاذفها على بعضنا البعض ونمثل كما لو كنّا في معركة، لكنها كانت وهمية. تفاجأنا بمرور 4 دوريات للشرطة، خفنا كثيرا منهم فركضنا لكنهم لحقوا بنا.
"كانوا واجد" بهذه الجملة وصف الطفل الصغير عدد القوات الأمنية الذين اقتحموا بيت خاله حيث كان يختبئ خوفا منهم، لم تفلح مقاومة زوجة خاله وطلبها بأن يتركوه، بدلا من ذلك تلقت ضربا مبرحا، قاموا بحمل "علي" وأركبوه سيارة الشرطة ولم يعبأوا لكل صراخه!
لم أستطع نجدة ابني
والدة علي عندما سمعت بالحادث ولقرب بيتها من المكان خرجت تستعطفهم بأن يتركوا ابنها فهو صغير لا يعي ما يدور حوله، كل محاولات استجدائها باءت بالفشل، خاطبوها قائلين: ابنك هذا ثبت عليه الجرم، الحقي بنا وسنريك الدليل، ولم تسلم والدة علي من طلقات مسيل الدموع التي صوبت نحوها ونحو من كانوا معها.
منظر علي وهو يصرخ في سيارة الشرطة يريد نجدتها لا يفارق مخيلتها، لم تستطع حينها وككل الأمهات أن تأخذ طفلها في حضنها لتزيل الرعب والخوف الذي كان يملأ وجهه.
لم تكن سوى لعبة
لحق الوالدان بـ"علي" إلى مركز البديع، وبعد ساعات طويلة امتدت حتى وقت متأخر من الليل أطلقت السلطات سراحه بعد أن تعهد والده أن يأتي به إليهم في اليوم التالي ليحول للنيابة العامة، جميع الأسئلة التي وجهت في المركز لـ"علي" كانت حول ماذا كان يفعل، وكم عدد أصدقائه الذين كانوا معه، والهتافات التي كانوا ينادون بها!
عبثا راح علي يحاول إقناعهم أنها لم تكن سوى لعبة، لم يرد أحد أن يصدق، إنهم يعتبرون كل من يمسك بأدوات قمعهم إرهابيا، حتى المتحف الذي عرض نماذج من هذه الأدوات دمروه واعتبروه خطرا.
التهديد بالقوة الأمنية لحضور المحاكمة
أول محاكمة لـ"علي" جرت في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت بالنسبة له عالما لا يدرك معناه ولا خطورته، أثار وجود علي بالمحكمة استغراب كل من شاهده، جسمه الصغير وبراءة وجهه جعلت الجميع يدقق النظر فيه، بعضهم تحدث علانية والبعض الآخر أسرها في نفسه ولسان حال الجميع يقول: أيعقل أن يكون هذا الطفل متهما؟
لم تنته رحلة المحاكمات لـ"علي"، فهو على موعد مع المحاكمة الثانية في 3 ديسمبر/كانون الأول القادم، وعليه أن يتغيب عن مدرسته في ذلك اليوم لحضور الجلسة.
علي لا يدرك ما حوله، لكن والديه في حيرة ودهشة، خاصة بعد أن هددوهما بإحضار القوة الأمنية له إن لم يحضر جلسة المحكمة القادمة!
وحتى يحين موعد الجلسة القادمة سيعيش الوالدان وطفلهما بين الخوف والرجاء، ينتظر علي مصير مجهول لا يعلم إن كان عقله الصغير يمكن أن يستوعبه أم لا!
هامش: