سيد يوسف المحافظة: نفيت بسبب دفاعي عن حقوق الإنسان في وطني الأم، البحرين

2013-12-04 - 10:50 ص

سيد يوسف المحافظة، بوليسي مايك
ترجمة: مرآة البحرين

لن أعود إلى بلدي

كان هذا واحداً من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي.لكنني اتخذته لأواصل عملي الذي يعني الكثير بالنسبة لي: توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين المتواصلة منذ بدء الاحتجاجات الهادفة إلى التغيير في شباط/فبراير 2011. سأبقى في الخارج وأعمل من المنفى لمركز البحرين لحقوق الإنسان بعد أن تلقيت العديد من التهديدات بالقتل بسبب إطلاق حملة لتوقيف ومحاسبة المسؤولين عن التعذيب.

وكان المركز قد أطلق حملة تحت اسم "مطلوب للعدالة" من1 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 23 تشرين الثاني/نوفمبر، وقد عملت الحملة على نشر أسماء وصور الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. الكثير من هذه الجرائم مر دون عقاب. ما نريده أمر بسيط: نريد أن نري العالم جرائمهم، نريد محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم إلى محاكمات عادلة.

أدرجنا أسماء 59 شخصاً في تقريرنا. وتتراوح الادعاءات بين تعذيب المتظاهرين والاعتقالات التعسفية. وتشمل القائمة أسماء ضباط ذوي مستويات دنيا وصولاً إلى ملك البحرين نفسه.

ورغم وعود الاصلاح وتقرير تقصي الحقائق المكلف من قبل الحكومة، فإن الوضع على الأرض لا يزال قاتماً. وستتواصل الانتهاكات إذا بقي هؤلاء المسؤولون عن تنفيذ التعذيب دون عقاب.

ويظهر رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة (الذي تولى منصبه في عام 1971) هنا مع المقدم مبارك بن حويل بعد تبرئته من التهم التي تتعلق بتعذيب الأطباء الذين عالجوا المحتجين الجرحى في عام 2011
ماذا قال لحويل؟ "هذه القوانين لا تطبق عليكم."

هذا ما يسمى بالإصلاح في البحرين. كله استعراضي بدون أي تغيير حقيقي.

وبسبب توثيق هذه التجاوزات والتحدث علناً عنها، فإنه يجب على العديد من أعضاء مركز البحرين لحقوق الإنسان أن يدفعوا الثمن، ونبقى مستهدفين من قبل الحملات الخبيثة للحكومة.

أحد مؤسسي المركز، عبد الهادي الخواجة، حكم بالسجن المؤبد بسبب دوره في احتجاجات عام 2011. ورئيس المركز الحالي، نبيل رجب، يقضي حكماً بالسجن لمدة عامين منذ 9 تموز/يوليو 2012 لدوره في الاحتجاجات في أوائل ذلك العام. نائب الرئيس مريم الخواجة لا يمكنها العودة إلى البحرين. في شهر آب/أغسطس، حاولت زيارة البحرين، ولكنها مُنِعَت من الصعود إلى طائرة الخطوط الجوية البريطانية بطلب من الحكومة البحرينية.

في الواقع، اضطر عدد كبير من أعضاء المركز للإقامة في المملكة المتحدة وغيرها من الدول في العالم بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان. كل واحد منهم لديه قصة مختلفة ومفجعة، ولكن هناك قاسم مشترك: يدفعون ثمن تحدثهم علناً ضد انتهاكات حقوق الإنسان.

كنت الوجه العلني المتبقي لمركز البحرين لحقوق الانسان، وبسبب قيادتي لحملة "مطلوب للعدالة"، كنت قد تلقيت عدداً من التهديدات بالاعتقال والتعذيب والقتل خلال الأسابيع القليلة الماضية. وجاءت هذه التهديدات عبر الهاتف أو عبر مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية، وحتى عبر التلفزيون الرسمي. كنت خارج البلاد عندما أُطلِقَت الحملة، لكنني تلقيت تحذيراً بأنني سوف أُستَهدَف قريباً بعد عودتي. أحد التهديدات بالقتل تلقيته عبر تويتر من عادل فليفل وهو ضابط سابق في جهاز الأمن الوطني.

لا يمكنني الاستهانة بهذه التهديدات، وخصوصاً عندما أُلقِي القبض على نبيل رجب بعد وقت قصير من عودته من الخارج في أيار/مايو 2012. اعتقلته السلطات وهو على باب الطائرة. وكان فليفل قد هدده أيضاً قبل اعتقاله بفترة وجيزة.

لا يمكننى الاستهانة بهذه التهديدات خصوصاً حين يكون لدي زوجة وابنتين صغيرتين. لقد كنت هدفاً دائماً للنظام بسبب تحدثي علناً ضد الانتهاكات، ورصد الاحتجاجات. في آب/أغسطس، ضربني عناصر الشرطة واعتقلوني أمام ابنتي.

يُسجَن ناشطو حقوق الإنسان مثلي ومثل نبيل وعبد الهادي لسبب واحد: الحكومة تهتم بالاختباء بدلاً من معالجة انتهاكات حقوق الإنسان. هناك سبب لسجن الناشطين أو نفيهم، وإبقاء المسؤولين احرار. كل ذلك لأن البحرين لديها ثقافة الإفلات من العقاب الذي يجب عليها معالجته اليوم. وحان الوقت لكي يحاسبهم المجتمع الدولي على ذلك.

لقد مضى أكثر من عامين على صدور تقرير تقصي الحقائق، وبالأمس فقط هنأت الحكومة نفسها على التقدم الذي أحرزته في تنفيذ الإصلاحات. ولا تزال الاعتقالات التعسفية والمداهمات الليلية والتعذيب حقيقة. فالنظام القضائي لم يقدم العدالة وبدلاً من ذلك يبدو أداة لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المعارضة. يوجد تقريباً 3 آلاف سجين سياسي في السجن، و90 قتيلاً منذ بدء الاحتجاجات.

نحن نأمل أنه، من خلال نشر أسماء هؤلاء المنتهكين لحقوق الانسان، نكون قد أوصلنا رسالة إلى المجتمع الدولي. ولكننا نريد أيضا أن نوصل رسالة إلى أولئك المنتهكين لحقوق الإنسان ليعرفوا أننا لن يهدأ لنا بال حتى تتم محاسبتهم.

أنا، جنباً إلى جنب مع غيري من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، لن نرتاح حتى يتلقى المسؤولون عن الانتهاكات محاكمة عادلة وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

حان الوقت لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب في البحرين. هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يبدأ به الإصلاح الحقيقي.


3 كانون الأول/ديسمبر 2013
النص الاصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus