لورنا ستريكوردا:على وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل استغلال حوار المنامة للدعوة للإصلاح في البحرين

2013-12-06 - 2:07 م

 لورنا ستريكوردا، موقع فريدوم هاوس

ترجمة: مرآة البحرين

نادية علي يوسف صالح، إمرأة بحرينية تبلغ من العمر 37 عامًا، كانت حاملاً في شهرها الرابع عندما اعتقل زوجها بعد توقفه عند نقطة تفتيش في أيار/مايو من هذا العام. عندما سألت عن السبب، صادروا بطاقة هويتها. ذهبت في اليوم التالي إلى مركز الشرطة لاستردادها، فاعتقلوها، وفقًا لمركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي وثق أيضاً المعاملة السيئة التي تعرضت لها في الحجز. تم تجديد أمر اعتقالها ثلاث مرات، إلى أن أفرِجَ عنها أخيرًا في انتظار المحاكمة في تشرين الأول/أكتوبر.

عندما زار وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل البحرين في 7 كانون الأول/ ديسمبر لمخاطبة مجموعة رفيعة المستوى من السياسيين والمسؤولين العسكريين في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يعقد القمة الأمنية الإقليمية التاسعة، والمعروفة أيضا باسم حوار المنامة، ومن غير المرجح أن تُذكر قضايا حقوق الإنسان الفردية فيها.

ولكن إذا كان هيجل يريد حقًا دعم الأمن الإقليمي ومصالح الجيش الأمريكي، فإنه سيُحسن صنعًا في إثارة حقيقة قضية اعتقال واحتجاز نادية ومئات البحرينيين الآخرين، وتعذيبهم على أيدي الشرطة منذ الاحتجاجات المطالبة بمزيد من الحريات السياسية والتي بدأت في شباط/ فبراير 2011.

قبل عامين، وبعد أشهر من الاحتجاجات والقمع الذي بدأت به الشرطة، طلبت حكومة البحرين من خبراء دوليين التحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان. فصدر تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق ليؤكد حدوث انتهاكات، موصيًا بسلسلة من الإصلاحات. ولكن معظم هذه التوصيات لم يتم تنفيذها على النحو الكافي، بما في ذلك التحقيق في مزاعم التعذيب وإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الإصلاحات التشريعية.

في الواقع، إن حالة حقوق الإنسان في البحرين قد تدهورت في السنوات الأخيرة، وقد أعطى غياب رسالة واضحة و ملائمة من واشنطن حول ضرورة الإصلاح غطاءً لحكومة انتهكت حقوق مواطنيها. رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، صاحب أطول خدمة لرئيس وزراء غير منتخب في العالم، وباقي أعضاء الحكومة البحرينية استخدموا وعلى نحو متزايد حُجج الأمن القومي والتهديد بالإرهاب لسنّ تشريعات تحدُّ من الحريات الأساسية، كحرية التجمع وحرية التعبير عبر الانترنت. وفي آب/أغسطس، وافق الملك على 22 مقترحًا سنها مُشَرِّعون موالون للحكومة وقد شملت "سحب الجنسية البحرينية من جميع أولئك الذين يرتكبون جرائم الإرهاب والتحريض على الإرهاب " و "حظر جميع الاعتصامات والتجمعات والاحتجاجات في العاصمة". ونظرًا لتفسير الحكومة الفضفاض للـ "إرهاب"، فقد وفرت هذه التدابير مبررًا قانونيًا جديدًا لانتهاكات حقوق الإنسان، مثل الاعتقال التعسفي والإعتقال دون محاكمة.

وقد زادت الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من التوتر الطائفي بين الحكومة التي يهيمن عليها السنة وبين الأغلبية الشيعية -غير المُمَثّلة إلى حد كبير في مؤسسات الدولة مثل الشرطة والجيش- والتي تمثل الجزء الأكبر من المحتجين. ويكمن النقص في المساواة السياسية، لا في الاختلافات الدينية، في صميم هذا التوتر. ولكن إذا استمرت الحكومة بقمعها، فإن إدعاءاتها الكاذبة بأن الاحتجاجات مرتبطة بإيران الشيعية يمكن أن تصبح نبوءة تحقق ذاتها، كما ذكرت منظمة هيومن رايتس فرست في تقريرها الصادر مؤخرًا حول المشهد البحريني.

ولم تجد لجنة تقصي الحقائق بشكل واضح أي دليل على وجود تحريض إيراني. وبدلًا من ذلك، فقد كان التدخل الاقليمي الرئيسي من جانب المملكة العربية السعودية، المؤيدة بقوة للنظام في البحرين. وكانت الولايات المتحدة مترددة في الضغط على البحرين لاجراء إصلاح ديمقراطي لأن ذلك قد يضر بعلاقتها المتوترة بالفعل مع السعوديين، ولأن الانفتاحات الديمقراطية قد ضلت طريقها بشكل سيء في بعض الدول العربية الأخرى. إلا أن الأحداث التي تمر بها بلدان كمصر وسوريا أظهرت أن قمع المطالب الديمقراطية، وليس تنفيذها، هو الذي يغذي عدم الاستقرار ويضر بمصالح الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، وبدلًا من التأكيد بأنها على استعداد لاتباع طريق الإصلاح والمزيد من الاستقرار، يبدو أن الحكومة في البحرين تهتم فقط بتضييق الخناق للحفاظ على السلطة في المدى القصير. ومن المرجح أن تأتي هذه الاستراتيجية بنتائج عكسية. فدورة الاحتجاجات التي لا نهاية لها والقمع قد أضرا بالاقتصاد وأبعدا المستثمرين. فلقد خفضت وكالة موديز تصنيف الديون السيادية للبحرين في أيلول/سبتمبر من هذا العام، مشيرة إلى أن "مشهد التصنيف السلبي يعكس درجة عالية من المخاطر، لا سيما فيما يتعلق بعدم استعداد البحرين للاستقرار الجغرافي السياسي المحلي والإقليمي."

البحرين هي موطنٌ للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يستضيف ما يقرب من 5 آلاف موظف أمريكي ومشروع بناء بقيمة 580 مليون دولار يهدف إلى خلق مساحة أكبر لرسو السفن الكبيرة. وكثيراً ما استُشهِدَ بهذه العلاقة العسكرية من قبل أولئك الذين يقولون بوجوب دعم الولايات المتحدة للوضع الراهن في البحرين مهما كلّف الأمر. ولكن هذا أيضًا سببٌ مقنع للولايات المتحدة للدعوة الى الإصلاح. هل في مصلحة الولايات المتحدة - في المدى القصير أو الطويل- أن يكون لديها بنى تحتية بحرية في بلد اقتصاده هش ومتقلب سياسيًا؟ وكما أشار الأدميرال "دينيس بلير" وآخرون، فإن " التمركز الدائم في بحرين قمعية يُشكك في دعمنا للإصلاح وهذا التمركز سيكون ضيعفًا إذا استمر عدم الإستقرار."

لا تزال نتائج محاكمة نادية علي يوسف صالح، التي عُقِدَت مبدئياً في31 تشرين الأول/اكتوبر، غير معروفة في الوقت الراهن. مات جنينها، على الأغلب بسبب المعاملة السيئة التي تعرضت لها في السجن. العدالة لنادية، وغيرها من ضحايا القمع في البحرين، مهمة ليس فقط لأسباب أخلاقية، ولكن لأنها أيضًا تصب في نهاية المطاف في مصلحة الولايات المتحدة والبحرين والمنطقة ككل. لدى وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل فرصة هذا الأسبوع لدعوة الحكومة البحرينية علنًا لتنفيذ كامل الإصلاحات التي أوصت بها لجنة تقصي الحقائق والإستجابة للمطالب السياسية لمواطنيها والتمثيل العادل. وينبغي عليه فعل ذلك.


2 كانون الأول/ ديسمبر 2013
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus