ذا إيكونوميست: المشاكل المستقبلية في البحرين

2013-12-14 - 11:48 ص

ذا ايكونوميست
ترجمة: مرآة البحرين


عما قريب لن يكون هناك جدرانٌ شاغرةٌ في القرى الواقعة غرب المنامة، عاصمة المملكة الجزيرة الصغيرة من البحرين. فالسلطات تزيل كل يوم الجرافيتي (الرسم على الجدران) التي تدعو للإطاحة بالملك، ولكنها تظهر مجددًا في مكان آخر إلى أن تتغطى الجدران بالبقع السوداء. سيارات الشرطة تجثم عند مدخل كل قرية. حتى في المساحات الممتلئة بالأبنية البراقة في المنامة حيث يتذمر الكثير من السكان. يشتكي أحدهم من أنه " ليس هناك حرية ولا عدالة ولا ديمقراطية ".

في شباط/فبراير 2011 شهدت البحرين، حيث المملكة السنية التي حكمت طويلاً الأغلبية الشيعية، شيئًا من اضطرابات الربيع العربي. أما الاضطراب الأكبر الذي شهدته، فهو عندما تم قمع الاحتجاجات بوحشية بمساعدة قوات من جارتها المملكة العربية السعودية. مع ذلك، استمرت الاحتجاجات بشكل أصغر. وفي 6 كانون الأول/ديسمبر عندما استضافت الحكومة احتفالاً للمسؤولين الأمنيين والعسكريين في المنطقة ( ضم الوفد 40 شخصية من بينها شخصيات مقربة من المعارضة الشيعية) اندلعت المواجهات العنيفة. في عدد من القرى، ألقى الشباب الحجارة وقنابل المولوتوف، وقذفت قوات الأمن بالمقابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.

وحذّرت منظمات حقوق الإنسان من تدهور الوضع. بعد عامين على صدور تقرير تقصي الحقائق، وهو جهد مشكور من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لم يتم تنفيذ توصياته إلا في ما ندر. ناشطو المعارضة يتعرضون للمضايقة والسجن، والكثير منهم يودّ مغادرة البلاد. ولا يتم منح تأشيرات الدخول للصحافيين الأجانب إلا نادرًا.

وسبّبت محاكمة البرلماني السابق والشخصية البارزة في الجمعية المعارضة الرئيسية الوفاق خليل المرزوق الكثير من الاستياء. فقد يكون من الحماقة رفع علم ائتلاف 14 شباط/فبراير، وهي جماعة معارضة يمارس بعض أعضائها العنف، ولكن هذا لا يبرر التهم الموجهة إليه في التحريض على "جرائم إرهابية". ردًّا على ذلك، علّقت المعارضة مشاركتها في الحوار الوطني، وتأجلت المصالحة السياسية. ويقول الجانبان إنّهما حريصان على إحراز تقدم، ولكن الثقة غير موجودة.

وقد دفعت الحكومة حركة الاحتجاج الى اتجاه أكثر تطرفاً من خلال وصفها للانتفاضة بأنها صراعٌ طائفي بدلًا من كونها دعوة إلى الديمقراطية. فالرئيس السوري بشار الأسد يقاتل السكان ذات الغالبية السنية، متبعًا بذلك استراتيجية طائفية مماثلة. من خلال تسمية المعارضة بأنها وكيلة إيرانية، تمكن حكام البحرين من حشد السنة الذين ينتمون إليهم حولهم، والسيطرة على تذمر الجميع من ارتفاع تكاليف المعيشة واستبعاد الرأي الآخر في سياسة البلاد.

الشيعة ليسوا متوحدين. فالوفاق تقول إنها لا تسعى للإطاحة بالحكومة، بل تطالب بملكية دستورية. وتناضل من أجل إقناع المعارضة. والبعض الآخر يخوض مواجهات مع الشرطة.

ويقول رجل الدين الشيعي ميثم السلمان إنه حتى المعتدلين غاضبون من تدمير 38 مسجدًا خلال الغارات ولم تتم إعادة بناء إلا عدد قليل منها، على الرغم من أن الحكومة قد وافقت على القيام بذلك العام الماضي. ويقول ناشط في مجال حقوق الانسان إن " السياسة شيء ومهاجمة الدين شيء آخر".

المتظاهرون مستاؤون من توظيف الحكومة للعديد من المجنسين في الشرطة. فصفوف قوات الأمن من ذوي الأجور المرتفعة تضم العديد من اليمنيين والباكستانيين، وعادة يتم رفض طلبات الشيعة الذين يتقدمون بطلبات وظائف في في الشرطة. وقد أصبح الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع سببًا آخر للخلاف، فقد أظهرت وثيقة سُرِّبَت في تشرين الأول/أكتوبر الخطط التي وضعتها وزارة الداخلية لشراء 1.6 مليون عبوة إضافية من هذه المادة.

حتى الآن استطاع آل خليفة السيطرة على الاحتجاجات، وساعدهم على ذلك السعوديون، أما الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز بشكل دائم في البحرين، فقد منحهم الاطمئنان. لم يتعرض الاقتصاد إلى انهيارات، كما كان يُخشى في عام 2011. ومن المتوقع أن يصل النمو الى 3.3٪ في العام المقبل. ورغم التوتر، فإن القليل من الشركات قد غادرت البحرين، فالبحرين هي مركز مالي إقليمي، وذلك جزئيًا لتجنب التضييق على المملكة العربية السعودية، عرّابة الجزيرة.

يعلّق المتظاهرون المعتدلون آمالهم على سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد البالغ من العمر 44 عاما، للقيام بالإصلاحات. ولكن يجب على هذا الحاكم المُنتظر ذي الخبرة القليلة أن يُرضي المتشددين من عائلته. وفي المستقبل المنظور، يمكن لشيعة البحرين أن يتوقعوا المزيد من الغاز المسيل للدموع.


14 كانون الأول/ديسمبر 2013
النص الاصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus