بول ادريان ريمون: مقابلة مع اثنين من نواب المعارضة البحرينية في المنفى

جواد فيروز
جواد فيروز

2013-12-24 - 1:46 م

بول ادريان ريمون، موقع فايس

ترجمة: مرآة البحرين

منذ أكثر من عام، سحبت الحكومة البحرينية جنسية النائبين السابقين في البرلمان البحريني جلال فيروز وشقيقه جواد. في ليلة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أعلنت وزارة الداخلية البحرينية إلغاء جنسية 31 من زعماء المعارضة بتهمة "الإضرار بأمن الدولة". يتذكر جلال فيروز اليوم الذي عرف فيه أنه أصبح بلا جنسية - بلا وطن. في ذلك اليوم كان في لندن، في دورة دراسية في الإدارة. قال: " اتصلت بي زوجتي من البحرين في منتصف الليل، وقالت لي إنها شاهدت بيانًا على شاشة تلفزيون البحرين. وإن جنسيتي سُحِبت مني دون أي إشعار مسبق". لم يكن هناك أي عملية قانونية أو إنذار مسبق. فهما، بالإضافة إلى البحرينيين القلائل الذين لديهم جنسيات أخرى غير الجنسية البحرينية، قد أصبحا الآن بلا جنسية." لم يتم استجوابي ولم يُطلَب مني الذهاب إلى مركز الشرطة، لا شيء"، قال جلال. "ثم تمّ إلغاء جنسيتي. كنت مصدومًا ".

في الأسبوع الماضي، بعد 13 شهرًا من النسيان، مُنح الأخوان حق اللجوء في المملكة المتحدة، أمر ربما يكون منصفًا أيضًا بالنظر إلى القمع والتعذيب والموت الذي يتعرض له المعارضون منذ أن انضم البحرينيون إلى الربيع العربي في عام ،2011 وطالبوا الحكومة بإصلاحات ديمقراطية. بالنسبة لكل النوايا والغايات، النظام البحريني هو ملكية مطلقة. لم تكن الإصلاحات مرتقبة، وهذا أقل ما يمكن أن يقال عن سيول الدم والغاز المسيل للدموع الذي تقمع به الحكومة حملة الاحتجاجات والتي، بعد بدايتها السلمية، تحولت الى العنف. وذكر تقرير صدر مؤخرًا عن لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية "دلائل على الانتهاكات الخطيرة جدًا لحقوق الإنسان من قبل الأجهزة الأمنية خلال أحداث عام 2011، والعامين اللذين تلياه ". من خلال منح جواد وجلال اللجوء، فإن حكومة المملكة المتحدة تعترف ضمنيًا بأن الأخوين يواجهان الاضطهاد بسبب أنشطتهما السياسية - مما يجعلها أكثر غرابة حيث أنها تبدو مرتاحة جدًا لانتهاكات حقوق الإنسان في الجزيرة الخليجية الصغيرة.

وقد سلطت لجنة الشؤون الخارجية الضوء على موقع البحرين الاستراتيجي الذي، إلى جانب اقتصادها المتنامي واستعدادها لاستضافة قواتنا، يجعلها على ما يبدو "في غاية الأهمية " لجيش المملكة المتحدة ومصالحها التجارية. عندما خطب وزير الخارجية وليام هيغ في مؤتمر عُقِد مؤخرًا في المنامة، تحدث عن العلاقات التي تربط الدولتين منذ 150 عامًا. وقائلاً لأحد كبار المسؤولين هناك: " لأنكم تعملون على بناء الاستقرار الطويل الأجل الذي يستحقه البحرينيون، فإننا سنكون صديقًا وفيًا لكم: ندعم الإصلاح الشامل والمستمر الذي تسعون اليه، وندعو جميع الأطراف للعب دور بناء في الحوار السياسي. من الصعب جدًا بالنسبة للمعارضة لعب دور" بناء" في حوار يواجه فيه قادتها الترهيب والسجن.

التقيت بجلال وجواد في مقهى في حرم جامعة لندن. هما نائبان سابقان في البرلمان عن جمعية الوفاق. كانا يرتديان بدلة وربطة عنق أنيقتين. لم يكونا يتطابقان فعلًا مع أفكاري حول  ما يبدو عليه المعارضون السياسيون المنفيون.

كما هو الحال في معظم مواعيد المقاهي، لم يمض وقت طويل على تحدثنا عن الطائفية في البحرين. يهيمن السنة في البحرين على الحكومة والأجهزة الأمنية والجيش والخدمة المدنية، على الرغم من أن معظم السكان هم من الشيعة. جواد، الذي كان جزءًا من لجنة برلمانية تحقق في استخدام الأراضي، قال لي إنه يتم إختيار المناطق التي يسكنها السنة  للاستثمار. وقد هدمت الحكومة 28 مسجدًا شيعيًا ردًا على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، هذا فقط في حال كنت غير مقتنع بأن النظام طائفي. وفي محاولة للحد من التفوق العددي للسكان الشيعة، عملت الحكومة على منح الجنسية لآلاف السنة الأجانب. وتضمن ذلك العدد بدوًا من شرق سوريا وباكستانيين ويمنيين و 30 ألف تقريبًا من قبيلة الدوسري من شرق المملكة العربية السعودية. ويقول: "خلال الانتخابات ترسل الحكومة الحافلات إلى المملكة العربية السعودية وتجلبهم إلى البحرين للتصويت لمرشحي النظام، ثم تعيدهم. وقد تم تسجيل البعض منهم في منازل وهمية في البحرين."

ويصر زعماء المعارضة - بمن في ذلك السنة - على أن الربيع البحريني 2011 لم يكن بدافع الطائفية. عندما بدأت الاعتصامات في دوار اللؤلؤة، مركز الثورة في البحرين تجاوبًا مع ميدان التحرير في القاهرة، رفع السنة والشيعة صوتهم فرادى ومجموعات. على كل حال، لا يجب أن تكون شيعيًا لتضيق ذرعًا من فساد الحكومة وانعدام الحريات الأساسية.  يقول جواد : "الاحتجاجات لم تطالب فقط بحقوق الشيعة، بل طالبت بالحقوق الديمقراطية: صوت لكل مواطن، حكومة منتخبة، والفصل بين السلطات، الأمن للجميع، ووضع حد للتمييز".

استجاب النظام بحملة قمع وحشية. ووجد تقرير تم بتكليف من الملك نفسه في وقت لاحق أن القوات الحكومية استخدمت الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والإيذاء النفسي و" القوة الغير الضرورية والمفرطة "،  وكلها - كما هو متوقع - أسفرت عن مقتل مدنيين. أرسلت المملكة العربية السعودية ألفا من قواتها لـ " حماية المنشآت الحكومية ". واستمر المأزق. اشترت البحرين مؤخرًا عددًا من عبوات الغاز المسيل للدموع يفوق عدد المواطنين واتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة بتعذيب الأطفال. وردًا على ذلك، قام المناهضون للحكومة بالتصعيد، وتحديدًا من خلال وضع عبوات ناسفة بالشرطة.

في بداية الانتفاضة، قسم جلال وقته بين توجيه الصحافيين الذين يُغطون الاحتجاجات وبين السفر إلى الخارج للمحاضرات. وكان جواد لا يزال نائبا حتى شباط /فبراير 2011، لكنه استقال احتجاجًا على إراقة الدماء، وبذل جهوده في تنظيم المظاهرات. وفي أيار/مايو 2011، ألقي القبض عليه. ومثل كثيرين آخرين، تعرض جواد للضرب (بخرطوم مياه)، وتم تعذيبه وإهانته. يقول أن الحراس قاموا بإهانته لأنه شيعي، ووصفوه بالخائن: "لقد وضع أحد الحراس مسدسه في رأسي كما لو أنه كان سيطلق النار علي" وقال لي:" يمكنني أن أطلق النار عليك الآن، ولكن لا أريد أن أسفك دمك المثير للاشمئزاز."

أُفرِج عن جواد، لكنه اتهم بالدعوة الى مسيرات غير مصرح بها و"التحريض على كراهية النظام ". وخلال استراحة بين جلسات المحكمة، زار لندن. وبينما كان هناك، تبين له أنه لم يعد مواطنًا بحرينًيا: هو شخص غير مرغوب به في بلده. "منذ أن ذهبت إلى المنفى تزوجت ابنتي الكبرى وانجبت أول حفيد لي." ويقول جلال: "على الأقل يمكنني الآن ان أسافر إلى بلدان قريبة من بلدي والتقي بهم. ولكنني ما زلت أستطيع أن أرى الفظائع والوضع التعيس الذي يعيشه شعب البحرين. فالتدابير القاسية التي يتخذها النظام سوف تمنعني من الاحتفال بحصولي على حق اللجوء".

بالنسبة إلى الحكومة البريطانية، فإن توددها المتواصل لنظام يشعر بأنه بحاجة لمن يحميه من نواب المعارضة هو بالتأكيد نفاق دبلوماسي فظيع.

 

18 كانون الأول/ديسمبر 2013

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus