البحرين على خطى الثورات العربية: الأحزاب تقبل الحوار والشباب يرفضون

2011-07-02 - 2:54 م



مرآة البحرين (خاص):

انطلق الحوار وأجواء الحزن مخيم على البحرين، وشعور الانقباض باد للعيان. شعبيا شيع الآلاف الشهيد مجيد أحمد، في منطقة السهلة، شمال العاصمة المنامة، والذي سلم الروح يوم الخميس الماضي في المستشفى العسكري، بعد أن أمضى أكثر من ثلاثة أشهر طريح الفراش، إثر اصابته بطلق من رصاص الشوزن في 14 مارس الماضي، واستمر راقدا في المستشفى الذي يسيطر عليه الجيش، حتى لحظة وفاته.

وتحولت الجنازة، بعد إتمام مراسم دفن الشهيد إلى مسيرة بالآلاف، واتجهت إلى "ميدان اللؤلؤة"، وجوبهت بقمع من قوات الشغب، وهي العادة في تعامل السلطات مع التظاهرات السلمية، في وقت يخشى أن يستغل الحوار الحالي في التعمية على استمرار السلطات في استخدام القوة المفرطة لتفريق الاحتجاجات، التي باتت مشهدا يوميا، وكذا في التعمية على غياب نية السلطة للإصلاح الجوهري. 

وعكس مؤشر البورصة البحرينية حالة عدم التفاؤل التي تعيشها البلاد، من عدم قدرة الحوار على الخروج بتسوية دائمة ومتوافق عليها، في ظل خيارات السلطة لاتخاذ إجراءات سيئة تدير عبرها الأزمة، وترحيل متتال لتبعاتها. 

وبحسب المصادر الرسمية، "هبط المؤشر العام لبورصة البحرين إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر/ كانون الأول 2003، مع استمرار مسلسل التراجع، وتدهور أسعار الأسهم، فاقداً كل المكاسب التي حققها خلال سنوات الازدهار والنمو". وحضرت الوفاق اليوم جلسات الحوار، لكن عضو وفدها النائب المستقيل جواد فيروز لم يحضر الحوارات لاستمرار اعتقاله، مع النائب مطر مطر، وعدد من رموز حركة المعارضة. 

وجاءت مشاركة الوفاق، وسط ردود فعل متباينة داخل شارع البحرين الأعرض، أظهر بعضها رفضا واضحا للمشاركة في الحوار، وعبر آخرون عن تأييدهم الجلي، لكن الغالبية قالت أنها "ضد الحوار، وتلتزم نهج الوفاق". ولم تحاول الوفاق الدفاع عن ذهابها إلى حوار وصفته بالأعرج والفاشل، ولم تهيأ مقدمات جدية لنجاحه، بقدر تشددها (الوفاق) في التزام مطالب جماهير 14 فبراير في حكومة وبرلمان منتخبين.

وفي الواقع، في هذه الحالة أيضا، نحن إزاء مظهر من مظاهر الثورات العربية، إذ ترفض الجماعات الشبابية المختلفة الناشطة في الشارع الحوار مع الأنظمة، فيما الجماعات السياسية الكلاسيكية تستجيب لسبب أو لآخر لدعوات الحوار الصادرة من تلك الحكومات. حدث ذلك في مصر، حين دخل الاخوان المسلمون واغلب الجماعات السياسية المعارضة في حوار مع نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان، ورفض شباب ثورة 25 يناير ذلك، إلى أن تمكنوا من اسقاط حسني مبارك، بعد 18 يوما من الاعتصام في ميدان التحرير.

الوضع نفسه في اليمن، إذ رفضت الأجنحة الشبابية في الثورة اليمينة، المبادرة الخليجية، وقبلها اللقاء المشترك الذي يشكل ائتلاف الأحزاب الرسمية، مثل حزب الإصلاح والحزب الاشتراكي.

وعلى الأرجح، ستستمر على نطاق واسع الجماعات الشبابية لـ 14 فبراير في التحرك في الشارع، فيما الوفاق والجماعات السياسية المعارضة الأخرى تخوض حوارا غير مضمون النتائج، وظهرها محمي باستمرار حيوية القطاعات الشبابية.

وسيظل التحدي أمام جماعات المعارضة في تفادي الصدام الداخلي بين المنادين بالملكية الدستورية، واسقاط النظام، على أن قطاعات من الجمهور الوفاقي الواسع يخضون أيضا "حرب" شوارع يومية إلى جانب شباب 14 فبراير في معظم القرى. وأعلن الأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان، في آخر تجمع حاشد عقدته الجمعية في منطقة الدراز، تأييده استمرار التحركات الشعبية، تماما كما فعلت الأحزاب الفاعلة في الدول العربية، التي تشهد ثورات شبيهة. ولا تعول جماهير 14 فبراير أن يحقق الحوار نتائجا تؤدي إلى استقرار دائم في البحرين.

وأظن، أن العائلة الحاكمة ستضيع بذلك فرصة أخرى للتوافق السياسي، قد يؤدي إلى ازياد المنادين باسقاط النظام، وذلك بعد أن أساءت استخدام نفوذها واسقطت دستور 1973، ثم اسقطت تسوية تاريخية أخرى في 2001، بإصدار دستور غير متوافق عليه (دستور 2002). الترجيحات أن الأزمة الحالية ستستمر في ظل المعطيات الراهنة التي تشير إلى رفض العائلة الحاكمة تقديم تنازلات جوهرية يمكن أن تستوعب المطالبات التي باتت راسخة لدى جماهير 14 فبراير... وهذا يعني أننا إزاء مشهد سيظل يعيد إلى الأذهان مشاهد اللااستقرار في البحرين، يغذيها هذه المرة وجود سعودي على الأرض، يدعم الجبهات المتشددة في العائلة الحاكمة، وهي في الأساس ليست بحاجة إلى من يوصيها على تبني رؤية أمينة هي أصلا تحكم عقليتها.         

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus