جون بوير وفيليب ايغلاوير: غاز كوريا الجنوبية المسيل للدموع

2013-12-27 - 4:27 م

جون بوير وفيليب ايغلاوير، موقع ذا ديبلومات

ترجمة: مرآة البحرين

ليس من الصعب أن تجد منتجات كوريا الجنوبية الاستهلاكية في البحرين، واحد من أسرع الأسواق نموًا في الخليج لتكتل سامسونغ للإلكترونيات. لكن لأكثر من عامين في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الدولة الخليجية، يجذب الغاز الكوري المسيل للدموع -بدلًا من الهواتف الذكية وشاشات التلفاز المسطحة- أنظار التدقيق الدولي لدوره في فصل غير مكتمل من الربيع العربي.

منذ تشرين الأول/أكتوبر، حث ناشطون في مجال حقوق الإنسان سيول لمنع شحنة مخطط لها لشركة محلية إلى البلد، الذي كان يستخدم هذه المادة بكميات ضخمة لقمع استياء المسلمين الشيعة من أقلية العائلة المالكة السنية.

وكان النظام، الذي كُشِف أمره في وثيقة سربتها مجموعة متمركزة في المملكة المتحدة اسمها البحرين ووتش، دعا لشحن 1.6 مليون عبوة من الغاز المسيل للدموع إلى البحرين ذات ال 1.3 مليون نسمة. علاقة كوريا الجنوبية بالاضطرابات تعود إلى العام 2011 عندما نزلت الأغلبية الشيعية إلى الشوارع بالآلاف للمطالبة بأداء أفضل للحكومة. وفي السنة التالية وحدها، قامت شركتان كوريتان، دايكوينغ للكيماويات وسي إن أو بتصدير أكثر من 1.5 مليون عبوة غاز مسيل للدموع إلى البحرين، وفقًا للبحرين ووتش. وتعتقد المجموعة أن دايكوينغ هي المورد الوحيد والأحدث، لكن الشركة رفضت تأكيد ذلك لصحيفة ذا ديبلومات.

ويعتبر دور كوريا الجنوبية مثيرًا للجدل بسبب ما يدعوه العضو المؤسس في البحرين ووتش بيل ماركزاك "إساءة استخدام غير مسبوقة" لهذه المادة من قبل السلطات البحرينية.

ويقول ماركزاك إن "الشرطة لا تطلق هذا الغاز على التظاهرات العنيفة، إنها تفعل ذلك في القرى في الليل. والهدف من وراء ذلك هو معاقبة الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة ويدعمون الاحتجاج."

ولامت أطباء من اجل حقوق الإنسان، وهي جمعية غير ربحية مركزها نيويورك،هذه التكتيكات لتسببها ب39 وفاة في البحرين. وأصرت الحكومة البحرينية على أن استعمال الغاز المسيل للدموع كان وفقًا للمعايير الدولية.

ويعد استعمال الغاز المسيل للدموع في الشوارع البحرينية واحدًا من الأمثلة المتعددة  على حضور عالمي متزايد لبلد حول نفسه في عقود متتالية إلى دولة ديمقراطية للأثرياء بعيدًا عن دمار الحرب الكورية.

(وهذا مشابه تمامًا لفترة من التاريخ الكوري نفسه: فقد أدانت "أطباء من أجل حقوق الإنسان" حكومة سيول لاستخدامها "غير المسبوق" للغاز المسيل للدموع ضد المدنيين في العام 1987).

وفي وصف سابق لنفسها على أنها "القريدس بين الحيتان" لقربها من اليابان والصين وروسيا، كانت كوريا الجنوبية حريصة في السنوات الأخيرة على ممارسة تأثير أكبر في الشؤون الدولية.

وأصبح رابع أكبر اقتصاد في آسيا البلد الأول من مجموعة الدول السبع الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين في العام 2010، وهي علامة فارقة أعلنها الرئيس لي ميونغ-باك دليلًا على أن البلد "انتقل إلى مركز العالم". في العام الماضي، أصبحت كوريا البلد المضيف للمعهد العالمي للنمو الأخضر، وهذه ثمرة جهودها الرامية إلى ترسيخ مكانتها كشركة رائدة في مجال الطاقة المتجددة والهيئة الدولية الأولى التي يقع مركزها في البلاد. وقد استضافت سيول قمة الأمن النووي في شهر آذار/مارس نفسه. ثم، لاحقًا في هذا العام، حصلت كوريا على مقعد كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية. وعند اختيار كوريا الجنوبية في الأشهر السابقة، أشادت وزارة الخارجية بالفرصة لأخذ "دور رائد في جهود الأمم المتحدة من أجل سلام العالم وأمنه."

لكن الناشطين مثل ماركزاك يرون تناقضًا بين رغبة كوريا في ان تكون عضوًا محترمًا ومؤثرًا في المجتمع الدولي ومساهمتها المحتملة في الاضطهاد في أي مكان آخر.

ويقول ماركزاك: "لا يتعلق الأمر بالبحرين وحدها. إنه هذا النموذج في أن تكون موردًأ للغاز المسيل للدموع بطريقة ما." وأشار ماركزاك إلى أن الغاز المسيل للدموع الذي استعمل في قمع الاحتجاجات في تركيا في وقت سابق من هذا العام تبين أنها تأتي من كوريا. "حيث يكون هناك احتجاج، تكون كوريا حاضرة- بالغاز المسيل للدموع فقط. وأنا أعتقد بشكل حاسم أنها ليست صورة جيدة لترتبط بها (البلاد)."

ويبدو بعض المسؤولين الكوريين قلقين على الأقل إزاء خطر التصورات السلبية في الخارج. وقال مسؤول من هيئة برنامج اكتساب الدفاع الكورية (DAPA)، الهيئة التي يجب أن توافق على الشحنة، لصحيفة ذا ديبلومات نهار الاثنين (16 كانون الأول/ديسمبر) أنه يجب أخذ فقدان الحياة في البحرين بعين الاعتبار في القرار، وأيضًا بروتوكول الأسلحة الدولية وعلاقات كوريا الجنوبية مع هذاالبلد.

وقال الناطق باسم DAPA، باك يون هيونغ، إنه هناك "احتمال ضئيل" في أن تُعطى الموافقة لهذه الشحنة لكن لم يتم أخذ أي قرار بعد.

وقال: "إذا نتج الكثير من الوفيات بعد تصدير كوريا الجنوبية الغاز المسيل للدموع إلى البحرين، على الرغم من أن الغاز المسيل للدموع لا يعد من الأسلحة الفتاكة، هل سيؤذي هذا صورة كوريا الجنوبية أمام المجتمع الدولي؟ نعم، سيؤذيها هذا طبعًا. لذلك هناك احتمال ضئيل. لكننا لم نتخذ بعد أي قرار في الوقت الحالي."

وقال إنه لا يوجد مدة زمنية محددة يتم فيها التوصل إلى نتيجة.

في الوقت الراهن، لا تزال الصادرات في الميزان، مع عدم وضوح تأثيرها على صورة كورياالجنوبية. عمومًا، على الرغم من أن فن إدارة الصورة الوطنية في الخارج لا يزال غير متطور، وفقًا لبيونغ جونغ لي، البروفسور في جامعة سوكميونغ للنساء والخبير في تصنيف الأمم.

ويقول البروفسور لي إن "هذا الإدراك، هذه الحاجة لكوريا، هي مفهوم جديد نسبيًا. لم تهتم كوريا، لفترة طويلة، بسمعتها الخارجية. كنّا مشغولين جدًا ببناء اقتصادنا ونظامنا الاقتصادي. لكن الآن، تدريجيًا، تدرك كوريا أهمية هذا الأمر وتتعلم من تجاربها. في هذا الصدد، لا أعتقد أن كوريا تبذل الآن الجهد الكافي لتحقيق ذلك. ولكن في المستقبل القريب (سوف تفعل)، كوريا سريعة التعلم. في المستقبل القريب، ستكون كوريا قادرة على تلبية التوقعات الدولية."

وبرأي كارل جورغن ساكسر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هانيانغ في سيول، يجب النظر إلى دور كوريا في الشؤون العالمية على نحو أبعد من مجرد مسألة تصنيف الامم. وقال إن السياسة الخارجية لكوريا نفسها هي في مرحلة الطفولة النسبية.

ويقول ساكسر: "إن كوريا هي بالأحرى جديدة على كونها قوة متوسطة ولم تكن السياسة الكورية الخارجية تمتلك فعلًا أي نوع من العوامل الأخلاقية أو المعنوية في هذاالمجال. لقد نشأت فكرة رد فعل سلبي محتمل على سبيل المثال فقط في السنوات القليلة الماضية."

"وخاصة فيما يتعلق بما تبيعه الشركات الكورية عبر البحار، فإنه فقط في السنوات الماضية، مرة أخرى، حيث كان هناك جدل حول الطريقة التي تصرفت بها- بناء على ما كانت الشركات الكورية تقوم به، على سبيل المثال، في البلاد ذات الكلفة القليلة لليد العاملة مثل الصين. إذًا، فإنه تم إدراك  أن كيفية تصرف الكوريين في الخارج في السنوات القليلة الماضية، سواء كان ذلك بشكل خاص أو حكومي، لها آثار محتملة."

وأضاف ساكسر إنه يجب اعتبار موقف كوريا في قضية البحرين بناء على سياق مصالحها التجارية في المنطقة.

"إذا كان هناك عواقب على سمعة كوريا، فإن الحكومة الكورية ستبدأ أيضًا بملاحظة ذلك. لكن عليكم الإدراك أن كوريا ...لديها مصلحة قوية في أن يكون لديها علاقات جيدة مع الشرق الأوسط لأن الكثير من شركات الإنشاءات الكورية لديها طلبيات كبيرة جدًا في الشرق الأوسط. لكن هذه العلاقة الجيدة ركزت طبعًا على علاقة الدولة بالدولة، وهذا يعني أن كوريا الجنوبية قلقة بشأن علاقتها مع الحكومة البحرينية وهي بالطبع الحكومة البحرينية التي تشتري عبوات الغاز المسيل للدموع موضوع النقاش."

وكوريا الجنوبية هي بالطبع أبعد ما يكون عن الديمقراطية لانتقاد سلوكها في الخارج.

بارك سانغ سيك، وهو وزير خارجية سابق وأيضًا عميد معهد دراسات السلام في جامعة كيونغ هي، قال إنه من المثير للشك أحيانًا كون تجارة الاسلحة حقيقة بسيطة في جميع أنحاء العالم.

"كما تعلمون، كل البلدان تدين تصدير الأسلحة العسكرية إلى الدول المارقة والدول الفاشلة أو دول الشر، لكنهم يكسبون المال عن طريق بيع أي نوع من الأسلحة إلى هذه البلدان،" وقال بارك ذلك وهو يؤكد أنه ليس لديه معرفة كافية حول الوضع في البحرين ليحلل بشكل خاص تورط كوريا هناك.

"يقول البعض منهم إنهم لا يبيعون الأسلحة رسميًا وإنه من المستحيل منع المجموعات الخاصة من التورط في تجارة الأسلحة غير الشرعية. كما تعلمون، تكسب عدة  بلدان متطورة  الكثير من المال من هذه التجارة. كما أن بعض البلدان المتطورة ملتزمة بهذه التجارة. قد لا يكون الغاز المسيل للدموع سلاحًا عسكريًا، لكنه يُستَخدم في كثير من البلدان لقمع أعمال الشغب والاحتجاجات المناهضة للحكومة. ويدين مثقفو العالم الأفعال المماثلة، لكن من دون جدوى. نحن نعيش في عالم وحشي، وإذا وجدت أي طريقة لحل السلوك غير الإنساني للأمم، فمن فضلك أخبرني."

 

26 كانون الأول/ديسمبر 2013

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus