جستين غينغلر: اعتقال الشيخ علي سلمان: شق طريق جديد في الاتجاه الخطأ

2013-12-30 - 1:42 م

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

نظرًا لحجم الحملة الأمنية التي تشنها البحرين على الانتفاضة، التي تقترب اليوم من عامها الثالث، فإن أمورًا قليلة يمكنها أن تلجأ اليها اليوم في سعيها للحصول على الهيمنة السياسية والقصاص العقابي. فما بعد أمس، الذي شهد اعتقال زعيم الوفاق علي سلمان بتهمة "التحريض على الطائفية" وغيرها من تهم الإرهاب وغير الإرهاب، يمكن للمرء أن يعد أمورًا أخرى. وعلى عكس الاعتقالات السابقة القصيرة الأجل، يبدو هذه المرة أن الاعتقالات الفعلية صُنِّفَت وأن الحكومة تستعد للذهاب الى الإدعاء.

ظاهريًا، كان الاعتقال نتيجة تصريحات الشيخ الناقدة في خطبة الجمعة. ويقول أحد المقربين من الوفاق أن الحكومة منزعجة من الادعاءات التي تقول أن معاناة البحرين قد بدأت "مع تولي آل خليفة الحكم" في عام 1783.

"معاناتنا بدأت مع دخول آل خليفة ، جوهر هذه المعاناة هو تهميشنا كشعب والاستئثار بالقرار السياسي والمالي، البحرين كانت غنية طوال عمرها - حتى قبل النفط - وما هذا الفقر والأسى إلا وليد السياسات المجحفة".

وكما هو الحال دائمًا، للرسالة السياسية من اعتقال الشيخ علي غايات متعددة، منها ما يتعلق بمجموعة من الدوائر الانتخابية الأساسية للدولة. ولكن الأهم من ذلك شيئان: السنة في البحرين والحكومات الغربية. وكما كتبت في مكان آخر، يمكن للأول أن ينقسم إلى مجموعتين أساسيتين إضافيتين: سنة بتوجه أمني أسلسي، وسنة بتوجه سياسي معارض بشكل محتمل. ويمكن للمرء أن يربط توقيت الاعتقال بالتطورات الحالية المتعلقة بالدوائر الانتخابية الثلاثة، بالإضافة إلى الوفاق نفسها.

تنازلات إضافية لصالح السنة أصحاب العقلية الأمنية

اعتقال ومحاكمة كبار المسؤولين في الوفاق، بما في ذلك، وليس فقط، علي سلمان ولكن أيضًا عيسى قاسم، كان المطلب الرئيسي لأنصار العقلية الأمنية في الدولة منذ بداية الانتفاضة. حتى الآن، تجنبت الدولة اتخاذ هذه الخطوة، واكتفت بسجن نبيل رجب وغيره من الناشطين البارزين من خارج الوفاق عمومًا. ومن الصعب نسب سبب تغير هذه السياسة الآن إلى سبب واحد.

قد يكون السبب ببساطة، مثلًا، أن اصحاب العقلية الأمنية داخل آل خليفة يواصلون كسب النفوذ والقوة على حساب المسؤولين الأكثر اعتدالًا. ومن الممكن أيضًا أن يكون بسبب الموجة الأخيرة من العبوات الناسفة غير المدروسة التي تستخدم ضد الشرطة - أصيب شرطيان بجروح بالغة في المقشع في نفس الليلة التي خطب فيها علي سلمان - والتي أدت إلى المزيد من الضغط للعمل من داخل وخارج الحكومة. ( وفقًا لمسح قمت به في عام 2009، في كل اسرة من أصل ثماني أسر سنية هناك شخص واحد على الأقل يعمل في الشرطة أو الجيش.) وربما من قبيل الصدفة، برأت البحرين أيضًا يوم الاثنين شرطي متهم بالتعذيب، بما في ذلك أميرة من آل خليفة).

بالتأكيد، تجري الصحافة الناطقة باللغة العربية في البحرين مقاربة واضحة بين الشيخ علي واعتقاله و "الإرهاب". انظر إلى الصفحة الأولى من صحيفة الأيام اليوم، التي كتبت مقالًا عن الاعتقال احاطته بمقالين آخرين: مقال يتحدث عن هجوم بقنبلة في دمستان وإحباط " سيارة مفخخة " في المنامة، ومقال آخر يتحدث عن " اغتيال " حزب الله للسياسي السني محمد شطح في لبنان.

ومهما كانت الحالة، يبدو أن الاعتقال قد أوقع بعض أهل السنة في الفخ في البحرين. يعرض منتدى موال للحكومة يعرض صورة متحركة لعلي سلمان وهو يرقص.

ومع ذلك، كان الآخرون أقل رضًا. قال أحد المعلقين "من السيء جدًا ألا تكون البحرين جزءًا من المملكة العربية السعودية [أي، ليست جزء من إتحاد الخليج]، منذ ذلك الوقت حكم علينا بالموت."

الإلهاء السياسي

ويمكن للمرء، بدلًا من ذلك، أن يقدم تفسيرًا آخرًا تمامًا، وهو أن الاعتقال يأتي بمثابة إلهاء مفيد عن حدث سياسي بارز آخر: معركة برلمانية وشيكة على خطة الحكومة للحد من استهلاك الوقود والإعانات الأخرى والتي تهدد فضح عدد من المظالم الاقتصادية- السياسية. (نتذكر، بطبيعة الحال، أنه بعد استقالة الوفاق فإن البرلمان الحالي يتكون من سياسيين سنة بشكل خاص "موالين للحكومة" والذين لا يبدون موالين كثيرًا للحكومة في الوقت الراهن).

ففي الوقت الذي تتناول فيه صحيفة الأيام قصة اعتقال علي سلمان واستمرار العنف، تتناول الصفحة الأولى من صحيفة غولف ديلي نيوز قضية " كشف الأوراق" التشريعية:

الولايات المتحدة وأوروبا: توقفوا عن الحديث إلى الوفاق

بالإضافة إلى ذلك، تشير جهة مقربة من الوفاق إلى أحد الأسباب المهمة لاعتقال الشيخ علي، وهو فرض حظر السفر إلى الخارج. وهذا واضح بسبب " جولة أوروبية كبرى مقررة في كانون الثاني/يناير، والاجتماع مع المسؤولين والمفكرين وقادة المجتمع المدني والأكاديميين والإعلاميين." وبالتالي، يشير هذا الشخص إلى أن " المتشددين في النظام منزعجون من اتصال الوفاق بالعالم الخارجي، كما أن المقصود من هذه الخطوة جزئيًا هو إرسال رسائل إلى السياسيين الأجانب للحد من اتصالاتهم مع الجمعية " تماشيًا مع قرار وزارة العدل في أيلول/سبتمبر.

وغني عن القول أن كل هذا يحدث في سياق العلاقات الهشة بين الولايات المتحدة ودول الخليج وسط الخلاف على الانفراج الغربي (النسبي) مع إيران. وكان وزير الدفاع تشاك هيجل قد حرص في تصريحاته الأخيرة في حوار المنامة على التأكيد دائمًا على توسيع التعاون العسكري الأمريكي مع البحرين، في حين تحدثت صحيفة نيويورك تايمز أوائل هذا الشهر عن التنازلات المحتملة لدول الخليج التي تطالب بالحصول على المعدات العسكرية المتقدمة - الطائرات، وفي هذه الحالة - طبيعيًا حجب الحفاظ على ميزة استراتيجية لاسرائيل.

في ظل هذه الظروف، فإن النفوذ السياسي الحالي الذي تتمتع به البحرين و راعيتها المملكة العربية السعودية خصوصًا قد يصب أيضًا في استعدادهم للمخاطرة في مواجهة دبلوماسية محتملة تتعلق بالاضطهاد المتزايد للمعارضة الرسمية في البحرين.

تحميل الوفاق المسؤولية

أخيرًا، يجدر النظر الى رسالة السلطات إلى الوفاق وعلي سلمان نفسه، وهي وراء تهم" وقف التشهير بالحكومة والتحريض على العنف " الواضحة. وهي مهمة بشكل خاص في سياق صفقة سياسية محتملة في المدى القصير أو المتوسط.

يبدو أن الرسالة هي أن الوفاق يجب أن تتحمل مسؤولية، وسوف تُحمّل مسؤولية نشاطات الناشطين حتى أولئك الذين هم بطبيعة الحال خارج سيطرتها. وأن هذا الطلب- مدى تأثير الوفاق على "الشارع الشيعي" - هو طلب حاسم لأي حل سياسي ممكن. وإذا لم تتمكن الوفاق من التعهد بإنهاء احتجاج المعارضة والعنف، حتى (على الأقل أغلبية) أولئك الذين لا يوافقون على برنامجها السياسي، فإن الحكومة ليس لديها أي حافز للتفاوض، لأنه لا يمكن لمحاوريها في أي حال من الأحوال أن يعطوها ما تريد.

تحديث 1: نشرت جريدة الوسط أنه تم الإفراج عن الشيخ علي سلمان فيما لا يزال منعه من السفر قائمًا.
تحديث 2: أخبرني شخص التقى بالشيخ علي سلمان يوم الأحد أنه قال عن اعتقاله:

1. أن السلطات تريد أن تكبح نشاطات المعارضة داخل وخارج البحرين.
2. كان مخططًا السفر إلى عدة أماكن، منها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي وروسيا.
3. تجاهل المسؤولون نتائج أفعالهم، "وقد جعل التساؤل البحرين موضع الحدث الدولي من جديد."


29 كانون الأول/ديسمبر 2013
النص الاصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus