إزالة مظاهر العسكرة عن «السلمانية» 2013 وتبرئة معذبي الأطباء واستقالة مدير «الإيرلندية للجراحين»

2014-01-02 - 7:04 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات): لا يزال الأطباء الذين عالجوا المصابين خلال 2011 يعانون: اعتقالاً وفصلاً وتهميشاً. وما يزال الحياد الطبي منتهكاً في البحرين، وأخلاقيات مهنة الطب يراد لها الانحدار إلى الحضيض. الكفاءات البحرينية لم يعد لها مكان في وزارة الصحة ومجمّع السلمانية الطبي والمراكز الصحية الرسمية، يتم إحلال كوادر أجنبية مكانها، ما أدى إلى تردي مستوى الخدمات الطبية في البحرين بشكل عام. المحكمة برأت معذبي الكادر الطبي، والحكومة منعت مؤتمراً حول أخلاقيات مهنة الطب من الانعقاد في البحرين. أما عسكرة مستشفى السلمانية فقد أخذت شكلاً مختلفاً. فيما يلي تقريراً بأهم الأحداث التي مرّت على الوضع الصحي في البحرين والطواقم الطبية خلال العام 2013.

فصل الكفاءات وتهميشها

بدأ العام 2013 بفصل7 أطباء من قبل وزارة الصحة تعسفياً في نهاية شهر يناير، من الذين ساهموا في علاج المرضى أثناء أحداث 2011. الأطباء هم نادر ديواني استشاري الأطفال والخدج، ومحمود أصغر استشاري جراحة الأطفال، وعبد الخالق العريبي استشاري أمراض الروماتيزم، وباسم ضيف استشاري جراح العظام، وعلي العكري استشاري جراحة عظام الأطفال، وسعيد السماهيجي اختصاصي طب العيون، وغسان ضيف استشاري جراحة الفك والأسنان والممرضة ضياء من قسم العناية القصوى.

فيما فوجئ استشاري قسم الأورام بمجمع السلمانية الطبي "الدكتور شبر محمد" برسالة من وكيل الوزارة المساعد في 29 مارس، تفيد بفصله من عمله بسبب تغيبه لمدة أسبوعين، الأمر الذي نفاه الأخير وقدّم ما يثبت خلافه. وجاء فصل شبر بعد سلسلة استهدافات أوقف خلالها عن عمله مرتين بسبب دراسة ميدانية أجراها لتقييم أداء قسم الأورام والخدمات التي يقدمها للمرضى، وقبل أن يخرج بنتائج الدراسة حضر لقسم الأورام ضابط شرطة وصادر صندوق استبانات المرضى المخصصة للدراسة.

وفي 5 يونيو أعلنت وزارة الصحة أنها تعمل على استكمال متطلبات فصل الطب العام عن الطب الخاص، ما يؤدي إلى هجرة الكثير من الاستشاريين من مجمع السلمانية الطبي، الأمر المرتبط بتوجهات الوزارة غير المعلنة إلى المزيد من إقصاء الكفاءات من طائفة محددة.

بيانات مسرّبة من المعتقل

في17 فبراير سرّب الكادر الطبي المعتقل والمحاكم في سجن الحوض الجاف بياناً، بمناسبة إعلان هذا اليوم خاصاً للدفاع عن الحياد الطبي. وقّع عليه كل من: الدكتور سعيد السماهيجي والدكتور علي العكري والممرض إبراهيم الدمستاني. تناول «الانتهاكات التي تعرضت لها الكوادر الطبية إبّان الاحتجاجات في مثل هذا اليوم في 2011»، وأعرب عن تحفظه على «منح مستشفى السلمانية الاعتماد الكندي للخدمات الصحية من قبل المؤسسة الكندية للخدمات الصحية»، مشيراً إلى أن «هذا المستشفى الذي تم احتلاله من قبل الجيش تحوّل في 2011 إلى مكان لاحتجاز المصابين وتعذيبهم». وطالب المؤسسة الكندية بـ«زيارة محاكمي الكادر الطبي في سجن جو، للاستماع إلى شهاداتهم التي تمت معاقبتهم عليها، بسبب حفاظهم على قسمهم الطبي إبّان فترة الأحداث».

إثر نشر هذا البيان الذي تم تسريبه عبر صحيفة «مرآة البحرين» الالكترونية، عاقبت إدارة السجن كل من الطبيبين سعيد السماهيجي وابراهيم الدمستاني عبر نقلهما إلى الحبس الإنفرادي، ونقل الطبيب علي العكري إلى مكان مجهول.

معاقبة الكادر الطبي بسبب البيان السابق، لم يثنه عن إصدار بيان آخر في 15 مارس، الذكرى الثانية لاحتلال مستشفى السلمانية. جاء فيه: "ما تعرض إليه الكادر الطبي من انتهاكات خلال العامين الماضيين، تختصر قصة البلاد في بعدها الزمني الممتد منذ بداية القرن العشرين، وبعدها الأفقي المتمثل في شعور معظم شرائح الشعب بالظلم والحرمان". وطالب البيان بعدة توصيات بينها الإزالة الفورية لكل مظاهر العسكرة في مجمع السلمانية الطبي، ومحاسبة المسؤولين المقصرين في تحمل واجباتهم في إدارة الأزمة، ومن ساهم في تضليل الرأي العام بأخبار كاذبة وتهم زائفة من خلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها كل من وزير العدل ووزيرة التنمية ووزير الصحة الأسبق. كما طالب بإعادة جميع العاملين ممن طالهم الفصل والتهميش إلى مواقعهم الوظيفية السابقة، والإفراج الفوري عن معتقلي الكوادر الطبية.

من قضى محكوميته ومن ينتظر..

في 13 مارس انتهت عقوبة استشاري الأسنان الدكتور غسان ضيف، الذي قضى حكماً بالسجن لمدة عام كامل، لحقه استشاري العيون الدكتور سعيد السماهيجي في 23 ابريل. بينما تم إخلاء سبيل فنية الأسنان حليمة الصباغ في 25 سبتمبر، بعد أن قضت مدة محكوميتها لمدة سنة كاملة، إثر اتهامها بـ"تهريب أدوية" لعلاج المتظاهرين.

فيما بقى كل من استشاري العظام علي العكري والممرض ابراهيم الدمستاني والممرض حسن معتوق يكملون مدة حكمهم الظالم حتى الآن.

وقد أقامت جمعية وعد بتاريخ 26 مارس، أمسية تضامنية مع المصور والممرض المعتقل حسن معتوق، اعتقل إبان فترة "السلامة الوطنية" من مستشفى السلمانية. مع عرض فيلم قصير يبرز شخصية المعتوق ونشاطه كمصور وممرض، والتأكيد على أن ما وُجه إليه هو افتراء وانتقام من "الكادر الطبي".

اليوم العالمي للحياد الطبي

في 16 مارس أطلق منتدى البحرين لحقوق الإنسان «اليوم العالمي للحياد الطبي» في بيروت خلال حفل توقيع كتاب «شوكة الأطباء.. محنة الكادر الطبي» الذي أصدرته «مرآة البحرين» وحوى مجموعة من السير للكادر الطبي الذي لاقى التنكيل نتيجة لعلاجه جرحى التظاهرات.

وشارك في الحفل ممثلة المفوضية السامية لحقوق الانسان ندى دروزي، وممثل نقيب الأطباء في لبنان الدكتور أحمد صادق، والمعتقلون في السجون البحرينية سابقاً الدكتور نبيل تمام ورئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار. وقد أعلن خلال الحفل الذي أقيم في«بيت الطبيب» ببيروت عن «اليوم العالمي للحياد الطبي».

كتاب شوكة الأطباء

دشّن كتاب «شوكة الأطباء.. محنة الكادر الطبي في ثورة البحرين» في 16 مارس. حوى قصص التنكيل التي لقيها بعض الأطباء بعد احتلال الجيش البحريني لمجمع السلمانية الطبي على ألسنتهم. وهو أول عمل توثيقي يقدّم باللغتين العربية والإنكليزية سيناريو الأحداث الدامية التي عايشها الكادر الطبي منذ لحظة بدء الثورة البحرينية في 14 فبراير/شباط 2011. كما يُعدّ مرجعا مهماً للمهتمين بأخلاقيات مهنة الطّب في الأزمات. وقد استغرق العمل على هذا الكتاب مراحل متقطّعة، بدأت في شهر إبريل/نيسان 2011.

استقالة مدير الجامعة الإيرلندية

وفي 24 مارس، أعلن المدير الإيرلندي لكلية الطب الرئيسية في البحرين توم كولينز استقالته، وذلك إثر إلغاء مؤتمر كبير يتحدث عن أخلاقيات مهنة الطب في البحرين. بعد أن قضىت مجموعة أطباء بلا حدود والكلية الملكية الإيرلندية للجراحين أشهراً، في محاولة إقناع النظام البحريني بالسماح بعقد المؤتمر. البروفيسور كولينز قضى أكثر من نصف مدة خدمته في منصبه في الجامعة الطبية، وقابل ولي العهد الشيخ سلمان الذي أعطاه موافقته الشفهية وفق قوله، لكن إذناً كتابياً لم يصل.

وقال كولينز في لقاء مع حركة البحرين للعدالة والتنمية إن أسباب استقالته تتلخص في كون 25% من خريجي الجامعة عاطلون لمدة عامين، بالإضافة إلى استمرار اعتقال بعض الأطباء، القضية التي اعتبرها مهمة جدا.

لجنة قضايا التعذيب

في 17 ابريل استدعت النيابة العامة الممرض المعتقل ابراهيم الدمستاني، التقاه وكيل النيابة ابراهيم الكواري ليخبره أنه قد «تم تشكيل لجنة النظر في قضايا التعذيب، وأنها لجنة مستقلة عن النيابة تم تشكيلها بناء على توصيات لجنة بسيوني». وتم أخذ أقواله بشأن تعرضه للتعذيب.

وفي اليوم ذاته أبدى كل من استشاري جراحة الأنف والحنجرة الدكتور نبيل تمام ورئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار، تحفظهما على اللجنة المستحدثة في النيابة العامة تحت مسمى «وحدة التحقيق الخاصة»، والتي هي ذاتها محل اتهام في قضايا التعذيب والانتهاكات. جاء ذلك بعد استدعاء كل منهما للمثول لدى وكيل النيابة العامة عدنان فخرو. وصرّح إن «موقفنا كان عدم التقدم للتحقيق بشأن دعاوى التعذيب وذلك لعدم حيادية النيابة العامة، مع الاحتفاظ بحقنا في الدعوى».

السلمانية المعسكرة

خلال النصف الثاني من شهر إبريل أكدت مصادر في مستشفى السلمانية أن السلطات الأمنية أزالت نقاط التفتيش الموجودة حول المستشفى وكل المظاهر العسكرية وحتى صورة رئيس الوزراء. وأوضحت أن عناصر المخابرات التابعة إلى وزارة الداخلية "تحولوا إلى مرضى ومراجعين، وهناك وجود لصحافيين في المستشفى لإظهار عدم وجود عسكرة لها"

وفي 1 أكتوبر، أعلنت وزارة الداخلية عن مشروع جديد يقضي بإلحاق خدمات الإسعاف في البحرين إلى الوزارة الأمنية.

ومع دخول شهر أغسطس وإعلان الدعوة إلى «تمرّد»، عززت الحكومة البحرينية سيطرتها الأمنية على وزارة الصحة، وتم تسليم قسم الإسعاف في مستشفى السلمانيه إلى وزارة الداخلية منذ الخميس 1 أغسطس/ آب. كما تمّ تركيب كاميرات أمنية جديدة بالصوت والصورة في كل زوايا المراكز الصحية (عدا مركزي الحد والرفاع) بالإضافة لحواجز حديدية للنوافذ، مشيرا إلى أن الإجراء الأخير يعد مخالفا لشروط السلامة.

تبرئة المعذبين

في 19 مايو، سرّب المعتقل الممرض إبراهيم الدمستاني رسالة من سجن جو، أبدى فيها تحفظه على الحكم المقرر صدوره حول قضية التعذيب، وقال إن «هناك تساهلاً من النيابة العامة في عدة جوانب، أولها حصر القضية في 7 حالات فقط وتجاهل باقي الحالات، والثانية ترك المعذب الرئيس مبارك بن حويل حراً طليقاً، بل عدم اتخاذ أي إجراء إداري ضده»، مشيراً إلى أنه «حتى الآن لم يتم حتى توقيفه عن العمل، رغم كل شهادات الحالات التي أكدت تلقيها التعذيب على يديه في التحقيقات الأولية».

وفي 2 يوليو، برأت المحكمة كل من "مبارك بن حويل"، مدير إدارة مكافحة المخدرات، من تهمة تعذيب الأطباء باسم ضيف، غسان ضيف، وأحمد عمران وسيد مرهون الوداعي أثناء فترة اعتقالهم في مارس وأبريل 2011. كما برأت الملازم "نورة بنت إبراهيم آل خليفة"، وهي من العائلة الحاكمة، من تهم تعذيب الطبيبات زهرة السماك وخلود الدرازي أثناء فترة اعتقالهما في مارس وأبريل 2011.

المحامي سيد محسن العلوي قال إن النيابة العامة لم تقدم أدلة كافية تدين الضابطين على التعذيب، مما أدى إلى إصدار حكم البراءة، وهو مؤشر لاشتراك النيابة العامة في سياسة التعذيب الممنهج الذي تمارسه الأجهزة الأمنية في البحرين.

تدهور الخدمات الطبية

وفي 9 سبتمبر، وجّه الدكتور السماهيجي رسالة إلى رئيس الوزراء بشأن وفاة الطفلة فاطمة علي التي فارقت الحياة في مستشفى السلمانية بسبب خطأ طبي. قال فيها: "الحل الوحيد لمشكلة الأخطاء الطبية هو أن تراجعوا أنفسكم وتتخذوا قراراً شجاعاً هاماً ومصيرياً لمصلحة الوطن والمواطن البحريني، وذلك بإرجاع جميع الكوادر الطبية ذات الكفاءة العاليه والذين تم فصلهم عن العمل لأسباب سياسية". وأضاف "إذا كنتم تريدون حل المشكلة من أساسها فنحن مستعدون إلى مواصلة خدمتنا وبذل كل الغالي والنفيس في خدمة الشعب البحريني".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus