عالمة الإنسانيات السعودية مضاوي الرشيد ل"مرآة البحرين": المثقف الخليجي تعامل مع أزمة البحرين مثل بوق السلطة

2011-07-05 - 8:16 ص

مرآة البحرين (خاص): هل نبالغ حين القول إن المثقف الخليجي أخفق في صياغة مقاربة متخصصة للحدث البحريني بعيدة عن هواجس نظامه أو خصوصيته الضيقة؟ على الأقل، إن هذا ما تجادل بشأنه الدكتورة في مجال الإنسانيات وأنثروبولوجيا الدين السعودية مضاوي رشيد. 

وتقول واصفة الأدوار التي اضطلعت بها النخب الخليجية المثقفة في خلال فترة الربيع العربي "لم تستطع الخروج عن ما هو مقرر لها، ولا عن إطار الطائفة أو القبيلة أو المصلحة الشخصية".  وإذ امتنعت عن تسمية أسماء بعينها، إلا أنها أضافت موضحة في ذات السياق "لم أرَ من المثقف الإسلامي أو الليبرالي أي موقف شجاع من حدث البحرين بل كانوا ترجمة مخجلة وواضحة لأبواق السلطة" على حد تعبيرها.

"مرآة البحرين" التقت مضاوي الرشيد في لندن وحاورتها، فيما يلي مقتطفات:  



مرآة البحرين: كيف تقيّم تجربة المعارضة البحرينية؟


مضاوي الرشيد: أحترم الحراك السياسي في البحرين، فهو يمتد إلى أكثر أكثر من 6 عقود، وقد أخذ أشكالاً مختلفة. غالبا ما كانت هذه الأشكال دخيلة على نسيج البحرين الاجتماعي إلا أن الحراك السياسي استطاع احتواء هذه الأفكار وكان حقلاً خصباً لتجاربها. كانت البحرين عبارة عن المختبر الخليجي لهذه التجارب، خصوصا في خلال فترة اتحاد الطلبة البحريني الذي كانت منتشرة أفرعه بين القاهرة، دمشق، بغداد، الكويت وغيرها.

كانت المعارضة في يوم من الأيام تحمل أفكاراً قومية عروبية، ومرة أخرى يسارية وأيضاً إسلامية. لكن التجربة بمجملها كانت ثرية وقد شملت عدة أطياف وشرائح من المجتمع، واستطاعت أن تثبّت نفسها وشرعية مطالبها في قبال الحكومة. ومؤخراً استفادت الانتفاضة البحرينية من الثورات العربية في المنطقة وأضافت لرصيدها في مواجهة الحكومة.  

المرآة: كيف ترى إلى حركة 14 فبراير في سياق الثورات العربية؟

الرشيد: لقيت الحركة البحرينية زخماً كبيراً متأثرة في ذلك بسقوط نظامي (زين العابدين) بن علي في تونس و(حسني) مبارك في مصر. لكن في الأساس الشباب البحريني مثقف ويحمل همة و روح عالية. يحاول البعض تصوير الصراع بأنه طائفي لأسباب مختلفة من ضمنها قرب البحرين من إيران وتأثرها تاريخياً بإيران، ولكن هناك شواهد بأن الصراع هو صراع حكومات ضد شعوب.

تاريخيا، وبالأخص في دولة مثل السعودية، لا يكترث الحكام كثيراً بالمذاهب كما يكترثون بحلفائهم في الدول المجاورة. والشواهد في ذلك الكثيرة حيث أنقذت السعودية الحكم الزيدي في اليمن من معارضيه وثبتت الحكم.

المثير في ذلك أن أطرافاً كثيرة من الدعاة والمشايخ و نوات الإعلام لعبت على الوتر الطائفي بشكل كبير، ولم تفرق بين المشكلة السياسية و المشكلة الطائفية. وقد اندهشت شخصياً من هذا الكم الهائل من الأحقاد الموجودة لدى الناس والتي انعكست على مواقفها و صريحاتها وعلاقاتها مع الآخرين. بالنظر إلى ما آلات إليه الأمور في ثورات البحرين، اليمن، ليبيا وسوريا. من المؤسف القول إن الربيع العربي تدهور إلى ما يشبه الحروب أهلية. 

المرآة: كيف تقيم في هذا السياق تعاطي المثقف الخليجي مع الربيع العربي، لا سيما في البحرين؟

الرشيد: للأسف المثقف في الخليج لم يعد يستطيع الخروج عما هو مقرر له، كما لا يستطيع الخروج عن إطار الطائفة أو القبيلة أو المصلحة الشخصية. بالنسبة لي في السعودية لم أرَ من المثقف الإسلامي أو الليبرالي أي موقف شجاع من حدث البحرين بل كانوا ترجمة مخجلة وواضحة لأبواق السلطة.  

المرآة: كيف ترى تأثير الربيع البحريني على الدولة الخليجية؟ 

الرشيد: الحدث في البحرين لم يعد مقتصراً على حدودها، إذ تبدو السعودية مسيطرة على القرار السياسي في البحرين فضلاً عن العسكري. دول الخليج منذ 30 عاماً لم يتكامل دورها كمجلس تعاون حقيقي في أمور مثل الحدود الجغرافية.

كانت بعض الدول قوية سياسياً واقتصادياً كالسعودية مما منحها ذلك فرصة التحكم وصنع القرار حتى في شؤون غيرها. و بعض الدول قوية اقتصادياً كالكويت وقطر والإمارات ولكنها أضعف سياسياً من السعودية. في حين أن البعض الآخر كعمان مستقل سياسياً بموقعه الجغرافي ولكنه ضعيف اقتصادياً، وليس أدل على ذلك من الاحتجاجات التي حصلت.

و بقيت البحرين الدولة الوحيدة وهي ضعيفة سياسياً واقتصادياً، مما سهل ذلك على السعودية ابتلاعها والسيطرة على قراراتها. أنا لا أتصور البحرين كدولة مستقلة الآن بل هي أشبه بإمارة تابعة للسعودية.  وأي تسوية في المنطقة ستمرّ من دار القرار السعودي ولا أتوقع بتسوية أو تطييب خاطر من جانب دولة السعودية. 

المرآة: اعتادت الدول الخليجية في المنطقة أن تلتفّ على المطالب الشعبية  بطرح صيغ لحوار وطني تظل من خلاله ماسكة بكل اللعبة. برأيك السبيل نحو حوار ينتج حلاً، ماذا يتضمن؟

الرشيد: الحوار الوطني في السعودية أو أي دولة أخرى ينبغي أن تجتمع فيه الفصائل الشعبية والوطنية أجمع من دون القيادة السياسية. ما الفائدة من وجود القيادة السياسية وهي طرف أساسي في المشكلة؟! هل تدير الحوار مثلاً وهي أساس المشكلة وعائق التقدم. ينبغي أن تجتمع كل الأطياف بمشروع ملزم يضغط على الحكومة.  مشروع ييتقدم بالمجتمع وحدد علاقات مكونات المجتمع ببعضها وطبيعة الحكم و الحاكم. 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus