ولي العهد نائبا لرئيس الوزراء في 2013، والإصلاحات تساوي صفراً

2014-01-08 - 7:19 م

 

"الأسرة المالكة تستعمل هذا التعيين لتظهر للغرب بأنها ماضية في الإصلاحات"

كريستوفر دافيدسون

مرآة البحرين (حصاد الساحات): الشائع، هو أن رئيس الوزراء خليفة بن سلمان يمثل الجانب المحافظ في العائلة القابضة على الحكم في البحرين، وولي العهد سلمان بن حمد يمثل الجانب الإصلاحي فيها. ربما في ذلك لمحة من حقيقة، وربما هي دعاية محضة. في البحرين المسافة بين الإصلاحيين والمحافظين المتشددين مسافة من كلام فقط، الفعل للمتشددين وحدهم. البحرينيون تأملوا في ولي العهد ما يُخرج البلد من أزمتها السياسية، لكنه منذ 2011 وحتى نهاية 2013 مستمر في خذلان أفق الشعب وأفق توقعاتهم منه، الأخطر أن خطابًا مشتركًا بينه وبين رئيس الوزراء المتشدّد بدأ يلوح في أفق 2013. ليس اتهامًا، لكن الشارع البحريني بدأ يفقد كل أمل في أي فعل إصلاحي حقيقي من ولي العهد، هذا إن لم يكن قد فقده فعلًا.

ولي العهد نائبًا لرئيس الوزراء

في 11 مارس/ آذار 2013، صدر مرسوم ملكي بتعيين ولي العهد سلمان بن حمد نائبًا لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان، قابلته المعارضة بترحيب متحفظ، وجعلت من (تعيينه وحجم الإصلاحات التي سيتم تنفيذها) معيارًا للحكم على جدية هذه الخطوة، إلا أن شيئًا من الإصلاحات لم يُنجز بعد 9 أشهر.

جمعية الوفاق الوطني الإسلامية (أكبر فصيل معارض) أكدت على لسان أمينها العام الشيخ علي سلمان لـ «رويترز» أنه لا توجد ضمانة بأن تعيين ولي العهد في الحكومة سيؤدي إلى تغيير في البلاد.

سلمان: نرحب بالأفعال الإيجابية لا الكلام

وعلق الشيخ علي في 13 مارس/ آذار 2013 أنه يرحب بتعيينه، لكن يتعين على البحرينيين أن ينتظروا ليروا ما إذا كانت الخطوة تبشر بأي تحسينات حقيقية، مضيفا "الناس اليوم ينظرون إلى ما يحدث على الأرض ويقدرون الكلمات الإيجابية لكنهم لا يعطونها قيمة حقيقية إلا إذا ترجمت إلى أفعال".

وأضاف أنه يأمل أن يعكس تعيين الأمير سلمان رغبة الحكومة في محاربة الفساد المالي والإداري وفي معالجة مشكلة التمييز المنهجي المستمر طوال العقود الأربعة الماضية.

الخبير في الشؤون الخليجية في جامعة دورهام البريطانية كريستوفر دافيدسون قال إن "الأسرة المالكة تستعمل هذا التعيين لتظهر للغرب بأنها ماضية في الإصلاحات، والمستقبل سيوضح ما إذا كانت تلك إصلاحات جدية وذات معنى بالنسبة للبحرينيين".

وحدة القرار الحكومي

خليفة بن سلمان لم يذهب بعيدًا عن فرضية الخبير البريطاني، حيث اعتبر (أقدم رئيس وزراء في العالم) أن التعيين كان من "بنات أفكاره"، ولكن الأهم من ذلك إعلانه أن الخطوة "تصب في خانة التأكيد على وحدة القرار الحكومي، وأننا نعمل جميعًا يدًا واحدة".

إذًا الاثنان (الإصلاحي والمحافظ) يعملان يدًا واحدة، فالعمل الحكومي الذي يدير جزءًا كبيرا من عمليات القتل والفصل من الأعمال والتمييز والتجنيس السياسي إلى جانب الديوان الملكي، بات ولي العهد أكثر تمثيلًا فيه دون مواربة.

الاثنان أكدا أخيرًا (8 ديسمبر/ كانون الأول) أن العالم أصبح اليوم أكثر تفهمًا لحقيقة ما تعرضت له مملكة البحرين من تشويه لمنجزاتها، مؤكدَين "على الاستمرار في العمل من أجل توضيح الواقع المزدهر الذي تعيشه مملكة البحرين".

وليس واضحًا عن أي منجزات يتحدث الاثنان، في ظل الكم من الإدانات الدولية لاستمرار الانتهاكات المتنوعة ضد شريحة واسعة من المواطنين. وكيف لولي العهد (الإصلاحي) أن يتستر على الانتهاكات التي يقودها عمه فضلًا عن تسميتها بالواقع المزدهر!

خليفة بن سلمان

رئيس الوزراء في السيتي سنتر

في 14 فبراير/ شباط 2013 وبعد إعلان استشهاد الفتى حسين الجزيري (17 عامًا) برصاص الشوزن، ذهب خليفة بن سلمان لمجمع السيتي سنتر ليؤكد أن لا شيء يحدث في البلد، وأن بعض الدم ليس له أي قيمة لدى الحكومة.

وجاء في الخبر، إن زيارته للمجمع تأتي في إطار "حرصه واهتمامه بمشاركة المواطنين والالتقاء بهم بشكل مباشر، والتأكد من التسهيلات التي تقدمها الحكومة للقطاع التجاري والاقتصادي بما ينعكس إيجابيًا على الحركة الاقتصادية في المملكة".

استعراض رخيص فوق دماء طفل تناثرت على بعد نحو 2 كيلو متر من المجمع. وليس (الجزيري) ولا عائلته، من المواطنين الذين يحرص رئيس الحكومة على الالتقاء بهم، بل يحرص على مواجهتهم بالرصاص ما داموا يطالبونه بحقوق يغتصبها وقبيلته.

للمعذّب بن حويل: شكرًا

أظهر شريط فيديو حديثًا لرئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان وهو يطمئن أحد الضباط المتورطين في تعذيب أطباء بحرينيين بقوله "إن القانون لن يطبق عليكم (...) ولن يمسكم شيء".

وقال بن سلمان، الذي زار (9 يوليو/ تموز) الضابط مبارك بن حوبل بعد تبرئته مخاطبًا عائلته "نحن لا نرضى عليه والقوانين لن يطبقها أحد عليكم، وما يجري عليكم هو علاقتنا بكم فقط"، مضيفًا "وما يطبق عليكم يطبق علينا".

وأضاف وسط حضور ابنه (علي بن خليفة) وعدد من أفراد عائلة بن حويل في البحرين والخليج "أنا جئت لأشكرك على صبرك وعملك الطيب، والإنسان يذكر بعمله وعملكم يا أهل هذه العائلة هو سبب سمعتكم"، مطمئنًا الجميع "ونحن أهلكم ولن يمسكم شيء".

يحرّض التجار على فصل العمال

حرّض التجار على فصل العمال الذين يتغيبون عن أعمالهم يوم 14 أغسطس/ آب الذي اختارته "حملة تمرد" للاحتجاج الواسع ضد النظام، وهو الأمر الذي يكرر سيناريو فصل العمال الذي نفذته حكومته 2011، بفصل 4 آلاف عامل.

وخلال زيارة استباقية   لـ "بيت التجار”، 4 أغسطس/ آب، طالب التجار بأن "يفزعوا لتجارتهم ويحموها بالوقوف جنبًا إلى جنب مع الحكومة في تنفيذها لتوصيات المجلس الوطني".

وقال رئيس الوزراء أيضًا خلال الاجتماع "إن هناك من يسعى من خلال أعمال العنف والإرهاب إلى زعزعة الاستقرار، والإضرار بالاقتصاد الذي لن تتأثر به الحكومة فحسب بل سيطول تأثيره القطاع التجاري.

يرفض عودة المفصولين لأعمالهم 

يقف خليفة بن سلمان ضد عودة المفصولين إلى أعمالهم، ورفض اتفاقية كان من المزمع توقيعها (7 أكتوبر/ تشرين الأول) تحت رعاية منظمة العمل الدولية لإنهاء ملف المفصولين، بمشاركة وزارة العمل البحرينية، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.

الاتفاقية كانت تقضي بإعادة ما يزيد عن 500 عاملٍ ما يزالون قيد التعطل، منذ أن فصلوا من أعمالهم على خلفية مواقفهم السياسية خلال انتفاضة 14 فبراير/ شباط، وكان من المفترض أن تنهي ملف المفصولين.

وعلى الرغم من أن تصريحات وزارة العمل رسميًا تقول إنها أجّلت (كوزارة) توقيع الاتفاقية لمزيد من الدراسة، وذلك للإيحاء بأن التأجيل مجرد قرار وزاري، إلا أن الصحف الرسمية امتلأت بالشكر والثناء لخليفة بن سلمان على تفضله برفض إعادة المفصولين!

احتجاجات

يتهم المعارضين بـ"العمالة"

في الوقت الذي اتهم فيه رئيس الحكومة المعارضة بـ“العمالة"، لم يرَ تحرّجًا أن يقول أن لديه ما يكفي من الإسناد الخارجي، إذًا هو يتهم المعارضة من جانب ويفتخر من جانب آخر أنه يستقوي بالخارج.

وقال خلال استقباله الإثنين (21 أكتوبر/ تشرين الأول) أعضاء في حكومته وعددًا من أنصاره قال: "هناك استهداف للمنطقة يبدأ بالبحرين"، لكنه قال إن تلك المحاولات "لن تؤثر علينا فلدينا ما يكفي من الإسناد في الداخل وفي المحيط الإقليمي".

وبعد أن أكد أنه يحظى بدعم خارجي، اتّهم المعارضة "بنشر بذور الكراهية والفرقة وخلق الأكاذيب"، متهمًا إياها "بالعمالة لأنظمة عدائية وأنها ارتهنت قرراها لمن يحاول خلخلة شعبنا الواحد"!

ولي العهد يشيد بحكمة رئيس الوزراء

أمين عام الوفاق عن تعيين سلمان بن حمد: "الناس اليوم ينظرون إلى ما يحدث على الأرض ويقدرون الكلمات الإيجابية لكنهم لا يعطونها قيمة حقيقية إلا إذا ترجمت إلى أفعال". ويظهر أن الأخير جزء من حملة العلاقات العامة الواسعة التي تنفق عليها القبيلة الحاكمة ملايين الدولارات.

سلمان بن حمد ألقى كلمة خلال أول جلسة له في مجلس الوزراء قال فيها: "إننا بحاجة إلى وضع برنامج سياسي يواكب إرادة الشعب البحريني". كان هذا مجرد كلام، فالبرنامج السياسي غاب لصالح البرنامج الأمني، كما غاب الرجل عن كثير من جلسات الحكومة.

ولعل الشيء الوحيد، الذي يخرج عن سياق حملة العلاقات العامة وتعيينه في الحكومة لإعطاء انطباع بالتوجه نحو الإصلاح، قوله في عمه رئيس الحكومة "إن خبرتكم وحكمتكم يا سمو الرئيس تنير لنا الطريق إلى المستقبل فأنتم ركن من أركان الدولة في الماضي والحاضر والمستقبل".

إذًا، في الوقت الذي كان ينتظر الناس من تعيين ولي العهد خطوة أولى لإزاحة عمه، كما توقع إميل نخلة، أو على الأقل خطوة لتصحيح مسار العمل الحكومي في الملفات السياسية، جاء الرجل ليثني على ماضي عمه وحاضره، بكل إجرامه، بل وأكد أن المستقبل فيه أيضًا!

ولي العهد: كلام في كلام 

ومن كلام لولي العهد أيضًا "الوضع لا يمكن أن يستمرّ بهذا الشكل (...) الناس تعبت والأمور يمكن أن تسوء في أي لحظة"، ويضيف "السياسة التي نحن مستمرون فيها لا يمكن أن تستمر"، معتبرًا أن «الخطورة على المجتمع أكبر الآن ومستقبلنا مهدد».

ويتابع "أتدارس الحلول مع الإخوان في الجمعيات السياسية وفي الحوار الوطني للخروج بحلّ توافقي يخرج البحرين من الأزمة"، مضيفًا "هناك حوار جاد وهناك تقدم، لكن كلما اقتربنا من حل زاد العنف".

ويشير في هذا الصدد إلى لقاء جمعه مع النائب المستقيل عن كتلة "الوفاق" علي الأسود في لندن قبل زيارته إلى الولايات المتحدة يونيو/ حزيران، وقال "إن الديوان الملكي مهتم".

الكلام الذي قاله في تسجيل صوتي مسرب من مجلس خالد آل شريف نهاية يوليو/ تموز لم يكن له أي أثر على الأرض، بل في الوقت الذي كان يدعي فيه "حدوث تقدم" و"اهتمام من الديوان" كان الملك يدعو مجلسه "المجلس الوطني" للانعقاد لتغليظ القبضة الأمنية.

مجلس

ولي العهد يدعو للاعتذار

ويمكن التجاوز عن الكلام الفارغ الذي دائمًا ما يردده ولي العهد عن تمسكه بالحوار، لكن كيف يمكن التجاوز عن دعوته المعارضة إلى الاعتذار؟!

تفاجأ الشارع بمطالبة سلمان بن حمد خلال زيارته لمجلسي "الحمر" و"المحمود" القيادات المجتمعية السياسية والدينية أن "تتحلى بشجاعة الاعتذار عن أخطائها، وذلك من أجل إعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف" –حسب تعبيره-. 

رئيس شورى جمعية "الوفاق" سيد جميل كاظم رد عليه بالقول "هل المطلوب من الشعب الذي سفكت دماؤه وانتهكت أعراضه وهدمت مساجده وقطعت أرزاقه ومورس التمييز والتجنيس ضده ونهبت ثرواته، أن يعتذر؟!".

حملة #يقول_اعتذر

ولي العهد لم يرَ في كل جرائم السلطة وانتهاكاتها، التي وثقها تقرير بسيوني وجميع تقارير المنظمات الحقوقية العالمية، ما يستحق أن يدعو السلطة إلى (شجاعة الاعتراف) بفظاعاتها التي ارتكبتها ضد الشعب، فضلًا عن (شجاعة الاعتذار) عنها.

لقد استفز سلمان مشاعر الناس بإطلاقه اتهامًا مبطنًا وصريحًا للشارع المعارض ولقيادات سياسية ودينية تابعة له بالتحريض والإرهاب، بما لا يختلف عن من يطلق عليهم بالأجنحة المتشددة في الحكم.

وعبّر الشارع، خصوصًا من كان متأملًا خيرًا في ولي العهد، عن خيبة أمله وصدمته. الكثيرون كانوا يرجون منه أن يقود يومًا بادرة إصلاح حقيقي، لكنه عوضًا عن ذلك، أظهر من خلال مجموعة من تصريحاته الرمضانية، تحاملًا على مطالب الشعب.

فعلًا، لقد تأمل الكثيرون من تعيينه خيرًا، إلا أنه فيما يبدو لم يكن سوى التفافة لتقطيع الوقت، لكن الوقت الذي يُراد تقطيعه كان كفيلًا بإثبات فشل تلك الالتفافة، فالرجل اليوم قريب جدًا مما يطلق عليها بـ "المتشددين"، وصار واضحًا أن كل القبيلة متشددة.

 

هوامش:

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus