حصاد الدول العربية والثورة البحرينية 2013: المزيد من العساكر... وانصر أخاك ظالماً وظالماً!

2014-01-16 - 3:17 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات): لم تشفع المحطات السياسية والتضحيات الجسام على مذبح الكفاح الوطني، في وقوف الأنظمة العربية أو تعاطفها مع البحرين ضمن توازنات القوى إقليمياً وعربياً.

لم يشفع للبحرين انخراطها المبكر الجدا في الربيع العربي، حتى في أن تكون "دول الربيع العربي" نفسها مناصرة لثورتها: أحدهم اعتبرها طائفية، وآخر نسي كل العلاقات التي كانت تربطه بشخصيات المعارضة البحرينية في المنفى، وثالث تناسى هتافاته ضد النظام قبل أن يصبح رئيسا، في حين لا زالت دولهم جميعا مشغولة بمآزقها التي لم تنتهي!

أما الآخرون، دول الديكتاتوريات العربية العتيدة، فإنهم إن آثروا الصمت كان ذلك تفضلا، وإن نطقوا كفروا!

منذ 2011، و"الجارة الكبرى" تكرر "أنها لن تسمح لأية قوة أجنبية بالتدخل في البحرين". في حين لم يثبت حتى الآن تدخّل أي قوة أجنبية عسكرياً، سوى قواتها وقوات درع الجزيرة. أما بقية الدول العربية فقد ظلت تفتخر بأنها "تقرض" البحرين بعض قواتها العسكرية، أو مرتزقتها!

على الصعيد غير العسكري، نفت المملكة العربية السعودية إجراء أي مشاورات أو ما شابه مع المعارضة لحلحلة الأزمة البحرينية في العام 2013، معتبرة ذلك منافياً لمبدئها "الثابت في عدم التدخل بأي حال من الأحوال في شؤون الدول الأخرى"!!

باقي الدول الخليجية والعربية، تفاوتت في مواقفها من أزمة البحرين في العام 2013 بين مردّد للخطاب الرسمي البحريني/السعودي، وبين متجنّب لإبداء أي موقف حفاظاً على العلاقات الودية مع النظام، أو على نحو: انصر أخاك ظالماً وظالماً!

المزيد من العساكر العربية لقمع المحتجين

أبرز أوجه التعاون العربي مع النظام البحريني كانت التنسيق الأمني المستمر، وإرسال عناصر من القوات العسكرية أو المرتزقة للعمل في أجهزة الأمن البحرينية: الشرطة، الجيش، والحرس الوطني، من أجل قمع المتظاهرين ضد النظام.

واتفقت دول مجلس التعاون الخليجي منتصف أبريل/نيسان على تدشين مقر دائم لقوات "درع الجزيرة" في البحرين بعد الانتهاء من إنشائه أخيراً.

وقد كشف النقاب في فبراير/شباط 2013 عن تعاون أمني استخباري بين السلطات البحرينية وجهاز المخابرات العامة الأردني كما أفادت معلومات متطابقة عن وصول دفعة جديدة من المرتزقة الأردنيين إلى البحرين قوامها نحو ألف عنصر، وأشارت إلى أن هذه الدفعة هي جزء من اتفاقية على مرحلتين لتزويد قوة دفاع البحرين بعناصر من المرتزقة المدرّبين، وسبق لصحف أردنية أن أكدت مشاركة أعداد متفاوتة من مرتزقة الدرك الأردني في إخماد التظاهرات التي اجتاحت البحرين منذ العام 20114.

وكشف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في أغسطس/آب عن مشاركة ضباط يمنيين في غرفة عمليات بالبحرين لمحاربة من وصفهم بـ"الإرهابيين".

وأكد  وزير الدفاع المصري، عبدالفتاح السيسي في نوفمبر/تشرين الثاني أن بلاده مستعدة من أجل تقديم "الدعم اللازم" للبحرين من أجل حماية أمنها واستقرارها، ونقل تأييد بلاده لكل إجراءات المنامة في هذا المجال.

سلمية

السعودية تلتقي المعارضة البحرينية!

في شهر مارس/آذار، سُرّبت معلومات للصحافة الأجنبية عن وجود اتصالات سعودية مع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبرى جمعيات المعارضة، وذلك بهدف إيجاد حلول وحلحلة للأزمة السياسية الضاربة في البحرين، فيما ذكرت صحيفة "أخبار الخليج" المقربة من رئيس الوزراء نقلاً عن مسؤول بحريني لم تكشف اسمه في 10 مارس/آذار  "أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، وأبعد ما تكون للحقيقة". 

بدورها نفت وزارة خارجية السعودية رسميا إجراء الرياض أي اتصال مع أعضاء في المعارضة البحرينية من جمعية الوفاق، وقال مصدر مسؤول في 25 أبريل/نيسان رداً على ما نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية عن قيام السعودية بإجراء اتصالات مع "الوفاق": "بأن ما نشرته الصحيفة بشأن ذلك عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً، وأن المملكة العربية السعودية لا تتدخل بأيِّ حالٍ من الأحوال في شؤون الدول الأخرى"!!.

الكاتب والناشط الحقوقي السعودي جعفر الشايب، عضو المجلس البلدي في محافظة القطيف، رأى أن استمرار الوضع في البحرين دون الوصول إلى حل مناسب، سيساهم في تعميق المشكلة بصورة سلبية، قد تؤثر على الاستقرار في منطقة الخليج بشكل عام، وقال في مقال نشر بصحيفة "الشرق الأوسط" في 17 فبراير/شباط، أنه "يمكن للسعودية التي رعت الاتفاق بين الحكومة والمعارضة في اليمن أن تقوم بدور مماثل في البحرين، خاصة أن إمكانية نجاح ذلك في البحرين أكبر"، مشيرا إلى أن "ذلك يتطلب انفتاحاً إيجابياً على القوى المختلفة في البحرين من دون مواقف مسبقة منها، وتفهم مواقفها ومبررات معارضتها، ومن ثم القيام بلعب دور إيجابي مع مسؤولي الدولة".

السعودية تهدّد: لن نسمح...

الخارجية السعودية، أصدرت خلال 2013 عدة تحذيرات مبطنة وعلنية مرتبطة بالحراك السياسي في البحرين، بعد أن عجزت آلتها العسكرية وآلة النظام عن إخماده، أو الحد من تأثيراته الإقليمية طيلة السنوات الثلاث الماضية.

في 14 مارس/آذار عممت الخارجية السعودية تحذيراً لرعاياها في البحرين تطلب فيه "توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مواقع الاضرابات والتجمعات". جاء هذا التعميم في ضوء الدعوة إلى  العصيان المدني الذي أعلن ائتلاف 14 فبراير عن تنفيذه في الذكرى الثانية لدخول قوات درع الجزيرة.

وإثر اعتداء قوات الأمن على منزل عالم الدين البحريني الشيخ عيسى قاسم في 17 مايو/أيار، وما تبعه من تنديدات، ومطالبة إيران باعتذار النظام البحريني عن ذلك، هبّت فزعة من الصراخ الخليجي، السعودي تحديداً، بفزّاعة ما أسموه (التهديدات الإيرانية).

وفي 25 مايو/أيار، قال وزير الخارجية سعود الفيصل معقبا على الحادثة إن "السعودية ودول الخليج ليس لها أى أهداف ضد إيران، ولكن يجب على إيران الابتعاد عن لغة التهديد، ونأمل أن تسعى إيران لإقامة علاقات وثيقة مع جيرانها بدلا من لغة التهديد".

ووصلت التحذيرات السعودية ذروتها في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، اليوم الذي شهد توقيع الاتفاق التاريخي بين إيران والدول الكبرى حول برنامجها النووي، وقالت سفارة السعودية في بريطانيا "أنها لن تسمح لأية قوة أجنبية بالتدخل في البحرين"، معللة وجود قواتها هناك بالاتفاقيات الأمنية، ومؤكدة التزام الرياض "باتفاقية الدفاع المشترك".

من جهتها، دخلت الإمارات والأردن والجامعة العربية على الخط نفسه، ليستمر قذف مشكلات البحرين السياسية المتجذرة على شماعة (التدخل الإيراني). فيما نفى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي أن تكون عُمان تقوم بوساطة بين إيران والبحرين، قائلاً "الأمر لا يحتاج إلى وساطة".

انتفاضة  "خليجية" ضد "ميشيل عون"

في 12 فبراير/شباط وأثناء لقائه بوفد للمعارضة، برئاسة الشيخ حسن سلطان النائب في كتلة "الوفاق" المستقيلة، ووفداً من "منتدى البحرين لحقوق الإنسان"، اعتبر رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النيابي اللبناني العماد ميشال عون "أن ما يجري في البحرين ثورة تحررية حقيقية، وهي بحاجة إلى تضامن أوسع"، مؤكداً أن "مطالب البحرينيين مشروعة وإنسانية وأن التقسيم الطائفي للأزمة السياسية هو مهرب من تطبيق الحقوق المستحقة للشعب البحريني".

على الفور انتفضت كل من البحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة "ضد عون" وضد لبنان ، واعتبرت الدول الخليجية الثلاث هذه التصريحات "إساءة إليها وتدخلاً في شؤونها"، فيما طالبت خارجية البحرين حكومة لبنان بإصدار بيان رسمي يوضح موقفها من التصريح المذكور.

وفي 17 فبراير/شباط، صرّح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أن موقف زعيم التيار الوطني الحر الذي أطلقه مؤخراً من البحرين "شخصي". وقال بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري "في موضوع البحرين كان لي موقف بعد التشاور مع الرئيس والتأكيد أن هذا الرأي هو رأي شخصي، وحتى العماد ميشال عون خلال كلامه أكد أن هذا الرأي هو رأي شخصي وليس رأي الحكومة". وأضاف "الحكومة، بحسب اجتماع هيئة الحوار الوطني وإعلان بعبدا، ملتزمة الحياد في كل القضايا الإقليمية". 

اتحاد خليجي

الدول الخليجية الأخرى... بحسب التيار

مع ذلك، يمكن القول أن التيّار قد يجرف بسهولة الدول الخليجية الأخرى ويغيّر من مسار تعاطيها السياسي من أزمة البحرين، حفاظا على مصالحها وطموحاتها واتساق نظامها مع المتغيرات الدولية، فدولة مثل "عمان" على سبيل المثال، أبدت مواقف رافضة بشكل متشدد لمشروع "الاتحاد الخليجي"، الأمر الذي انبثق في الأساس بسبب ثورة 14 فبراير/شباط 2011، وتريد السعودية أن تنفّذه بأي شكل من الأشكال لربط البحرين بها أكبر قدر ممكن. 

وسرعان ما زارت الإمارات إيران بعد توقيع الاتفاق النووي بينها وبين دول العالم في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، كما فتحت الكويت وقطر وعمان ذراعيها لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الفترة ذاتها، يأتي ذلك رغم استمرار هجوم "مجلس التعاون" الخليجي على إيران حتى نهاية العام الماضي، واتهامه بالتدخل في شئون البحرين!

وفي يونيو/حزيران، قال وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي إن "الشعب البحريني له مطالب ومن واجب الحكومة تلبية هذه المطالب"، وذلك خلال لقائه بمساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي ناقش في الشهر نفسه علنا قضية البحرين مع الإمارات والكويت. 

ورغم أن قطر استقبلت وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في بداية الأزمة والذي صرّح من هناك أن إيران وقطر توصّلتا "إلى اتفاق حول ضرورة استمرار التفاهمات للوصول إلى مخرج للأزمة في البحرين وإيجاد حل لهذه القضية"، إلا أنّها ظلت تضغط على قناة الجزيرة الفضائية لعدم تغطية الشأن البحريني، كما دارت شائعات عنمعركة مناقصات شرسة ستنشأ بين دولة الإمارات وقطر ما إذا عزمت الإدارة الأمريكية نقل مقر الأسطول الخامس من البحرين. 

 تناقض تونسي..

في 3 مارس/آذار، أثار منح الرئيس التونسي منصف المرزوقي للسفير البحريني لدى تونس محمد بن علي بن حمد آل خليفة، وسام الجمهورية من الصف الأول ذروة هذه التناقضات المثيرة للجدل حيال مواقف أول رئيس في الثورة التونسية، والذي كان له موقف مناصر للثورة البحرينية قبل انتخابه.

فيما على النقيض التقت الحقوقية البحرينية نضال السلمان بوزير حقوق الإنسان التونسي "سمير ديلو" في 11 أبريل/نيسان في إطار لقاء تناول أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وخطاب الكراهية الذي حاولت وسائل الإعلام الرسمية نشره، وأكد الوزير التونسي خلال اللقاء على مساندة بلاده للمطالب العادلة للشعب البحريني.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus