بول أدريان ريموند: حرب الغاز المسيل للدموع المميتة في البحرين

2014-01-23 - 12:59 م

بول أدريان ريموند، ذا ديلي بيست
ترجمة: مرآة البحرين


يتكاتف الناشطون المؤيدون للديمقراطية معًا في حملة على الإنترنت لوقف وصول شحنة من قنابل الغاز المسيل للدموع إلى البحرين، حيث حولت القوات الحكومية هذ الغاز إلى سلاح بشري.

عندما توفي سيد هاشم سعيد كان يبلغ من العمر 15 عامًا وتسعة أشهر وستة أيام. وبعد مرور عامين على وفاته، يتذكر والده كل التفاصيل. كانت ليلة رأس السنة الجديدة من عام 2011، وكانت الأسرة تزور بيت جد سيد هاشم في إحدى ضواحي مدينة حمد في البحرين. وعند الساعة الخامسة مساء، خرج الطالب في المدرسة الثانوية خلسة من المنزل والتحق باحتجاج مؤيد للديمقراطية في مكان قريب.

قال والده سيد سعيد إنه "كان هناك اعتصام في الشارع. كانوا فقط يجلسون أمام المنازل سلميًا، ثم جاءت قوات الأمن بالشاحنات. وبطبيعة الحال، ركض سيد هاشم. وأخذوا يطاردوه ".

طارده ضباط الشرطة المسلحون، ذوو الزي الداكن والخوذات البيضاء، في الأزقة الضيقة. وعندما شاهدوه، أطلقوا عبوة الغاز المسيل للدموع مباشرة على الجزء العلوي من جسمه. أصابته في رقبته وسقط على الأرض. وهو متمدد هناك، أطلقوا عبوة أخرى، اشتعلت في ملابسه وتسببت بحرق كبير في صدره.

قال والده: "حاول بقية الشباب إنقاذه، ولكن الشرطة راحت تطلق المزيد من العبوات، الى أن امتلأ المكان بالغاز الكثيف. تغلب عليه الغاز. لم يستطع النهوض". وعند وصوله إلى المستشفى الى المستشفى، كان سيد هاشم قد فارق الحياة.

كان واحدًا من 39 بحرينيًا على الأقل قُتِلوا بعبوات الغاز المسيل للدموع منذ بداية انتفاضة ملهمة من الربيع العربي في المملكة الخليجية الصغيرة، جزيرة عدد سكانها بعدد سكان سان دييغو. تشهد البحرين احتجاجات يومية في الشوارع، وعنف الشرطة الوحشي منذ شباط/فبراير 2011، عندما استخدمت قوات الأمن القوة لتفريق اعتصام سلمي في دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن النظام قد اعتقل وعذّب العشرات من نشطاء المعارضة. ولكن في الشوارع، السلاح المفضل لدى قوات الأمن هو الغاز المسيل للدموع. الكثير منه.

قال السيد يوسف المحافظة رئيس قسم التوثيق في مركز البحرين لحقوق الإنسان إنه "يتم استخدام الغاز المسيل للدموع في البحرين كسلاح للقتل، وليس لتفريق الناس"، وأضاف، أنه "يُستَخدَم دائمًا كسلاح -- يُطلَق عن قرب ونحو الجزء العلوي من الجسد."

يتعمدون إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع بطريقة القوس، فتهبط وسط حشود المتظاهرين وتخرج ضبابًا ذات رائحة كريهة، ودخانًا مسيلًا للدموع لإجبار الناس على الانصراف. ولكن جماعات حقوق الإنسان تتهم قوات الأمن البحرينية باستخدام كل من الغاز والعبوة " كسلاح" ذات تأثير مميت.

وذكرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في عام 2012 أن استخدام الحكومة للغاز المسيل للدموع كسلاح قد شوّه وأعمى وقتل متظاهرين. وقال المحافظة بأنه قد وثق 30 حالة وفاة-- معظمهم من كبار السن أو المعوقين -- بسبب الاختناق بعد إطلاق أو إلقاء القنابل داخل منازلهم. وفقد عدد من النساء الحوامل أجنتهن نتيجة لذلك.

ومن أحد تكتيكات الشرطة إطلاق العشرات من العبوات بتتابع سريع داخل القرى الشيعية حيث تشتد الاحتجاجات، وهي ممارسة فظّة للعقاب الجماعي من قِبل النظام السني. وتشهد عشرات الفيديوهات على موقع يوتيوب على كانون الثاني/يناير هذا، وهي شائعة لا سيما عندما يكون هناك أحداث مهمة مثل معرض البحرين الدولي للطيران نهاية هذا الاسبوع أو عند العرض السنوي في البحرين، سباق الفورمولا 1.

وقالت مريم الخواجة، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان إن "الفورمولا 1 تسبب فعلًا انتهاكات لحقوق الإنسان. قبل الحدث، تشن الحكومة حملة في القرى المحيطة للتأكد من عدم وجود احتجاجات. وإذا شعروا أن هناك احتمالًا لحدوثها، فإنهم سيفعلون الشيء ذاته مع العرض الجوي".

كانت إدارة أوباما قد حظرت بيع عبوات الغاز المسيل للدموع الأمريكي الصنع إلى البحرين، ولكن لم تفعل كل الدول الشيء نفسه. في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، علمت منظمة "البحرين ووتش" أن الحكومة البحرينية قد طلبت الحصول على دفعة كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع من شركة كورية جنوبية. وكانت المناقصة تتضمن الحصول على 1.6 مليون عبوة-- أي أكثر من عبوة لكل مواطن بحريني. شنّت "البحرين ووتش" حملة ضخمة على الإنترنت أطلقت عليها اسم " أوقفوا الشحنة". وبعد أن أرسل أنصارها 400 ألف رسالة بريد إلكتروني لمسؤولين من كوريا الجنوبية، حظرت سيول التسليم، ذاكرة "عدم الاستقرار السياسي" في البحرين.

ولكن يخشى النشطاء الآن أن البحرين سوف تستورد العبوات عبر بلد ثالث للتملص من ضوابط التصدير. وكل الدلائل تشير إلى أن السلطات ترفع الثمن.

قال السيد سعيد، الذي أكّد أنّه يشارك في الاحتجاجات بشكل يومي تقريبًا: "لقد اعتادوا أن يستخدموا الغاز الضعيف، الذي يُسيل الدموع فقط. والآن يستخدمون الغاز السام. الآن، يمكنك الوقوف فقط لبضع لحظات، وفي حال لم تغادر، أو تغلق فمك، فسوف تسقط على الأرض لأنها قوية جدًّا".

وكان اجتماع هذا الأسبوع بين ولي عهد البحرين ورئيس حزب المعارضة الرئيسي، الوفاق، قد أحيا أمل التوصل الى اتفاق لانهاء الازمة في البلاد. ولكن مع استمرار الانتهاكات اليومية، يبدو أنه من غير المحتمل أن يكون البحرينيون قادرين على التعبير بصراحة عن آرائهم في أي وقت قريب.

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" إن "الغاز المسيل للدموع هو مشكلة ثانوية. فنحن نتحدث عن حكومة تمنع الناس من ممارسة حقهم في التظاهر سلميًا."


19 كانون الثاني/يناير 2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus