جيم لوب: نيويورك تايمز تنشر أخبار البحرين دون تمحيص

2014-01-30 - 12:25 م

جيم لوب، مدونة العلاقات الأمريكية لوبلوغ

ترجمة: مرآة البحرين

كنت متفاجئًا جدًا يوم الاثنين عندما كتبت صحيفة نيويورك تايمز في صفحتها الأولى مقالًا حول تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين دول 5 + 1 وايران في جنيف، في الفقرة الرابعة، قرأت ما يلي:

" يأتي هذا (الاتفاق) مع سعي طهران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال توفير أسلحة وأحيانًا أعضاء من فيلق القدس شبه العسكري، وهي أنشطة تجد الدول الغربية أنها مزعزعة للاستقرار في دول من بينها سوريا والبحرين واليمن، وفقًا لمقابلات مع مسؤولين حكوميين استخباراتيين وعسكريين ودبلوماسيين ".

قلت لنفسي: "انتظر لحظة"، ، " فأنا أعرف شيئًا عن أنشطة إيران في سوريا ولكني لم أكن أسمع الكثير عن اليمن وبشكل خاص البحرين، التي كرست لها اهتمامًا كبيرًا.

حول هذه الأخيرة، قدّم المقال القصة مع التأكيدات التالية:

في البحرين، حيث لدى ايران علاقات مع عدد من المجموعات الشيعية، بما في ذلك بعض الذين نفذوا هجمات على الشرطة على نطاق صغير، ضبطت قوات الأمن الأسبوع الماضي سفينة متجهة إلى البلاد محملة بـ 50 قنبلة يدوية ايرانية الصنع وما يقرب من 300 صاعق صناعة سورية.

البحرينيان المعتقلان أخبرا المحققّين بأنهما قد تلقيا التدريب في إيران وأنهما كانا يُداران من قبل شخصيات معارضة بحرينية متمركزة هناك.

وقال رئيس الأمن العام في البلاد، طارق الحسن، أن المعلومات المُقدّمة من المشتبه بهما أدّت أيضًا إلى مصادرة متفجرات بلاستيكية وصواعق وقنابل وبنادق رشاشة وذخيرة في أحد المستودعات.

الآن، المكان الوحيد الذي وجدته يُروج بجدية لهذه القصة هو الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية، ولنكون أكثر دقة، مدونة إليوت أبرامز. ففي آخر مدونة له في 3 كانون الثاني/يناير بعنوان "إيران تواصل التخريب على الرغم من المفاوضات النووية"، أشار أبرامز إلى أن إدارة أوباما لم تعلن عن هذا الحدث كي لا تُعَرّض المفاوضات النووية في جنيف للخطر. وذكر بإخلاص اكتشاف "السلطات البحرينية" أنواعًا مختلفة من الأسلحة - بعضها صناعة إيرانية، والبعض الآخر صناعة سورية - "في أحد المستودعات وعلى متن قارب تم اعتراضه بينما كان متوجهًا إلى البلاد."

وسأل أبرامز: "هل هذه مجرد دعاية من حكومة البحرين؟". "لا، لقد تأكدت من ذلك مع السلطات الأمريكية وهذه التقارير صحيحة."

الآن، إذا بحثت في جوجل، ستجد أنّه حتى السلطات البحرينية لم تتهم ايران بالتورط المباشر في هذه القضية.وحتى دول الخليج الأخرى، بما في ذلك حامي عائلة آل خليفة، المملكة العربية السعودية، لم توجه هكذا اتهام. وما هو رائع حقًا هو أن أبرامز في الماضي انتقد مرارًا وتكرارًا حكومة البحرين لاستخدامها تهمًا ملفقة لاعتقال (وفي بعض الحالات تعذيب) ومحاكمة وسجن قادة الطائفة الشيعية الأغلبية هناك لأسباب سياسية. فلماذا أبرامز متأكد جدًّا بأن:

أ) السلطات البحرينية تقول الحقيقة حول هذا الحادث وأنه لا يحاول فقط دعم تهمم الدائمة بالتخريب الإيراني،

ب) يتم تنظيم استيراد الأسلحة إلى البحرين من قبل إيران، بعكس، على سبيل المثال، الميليشيات الشيعية في العراق التي تربطها بالمجتمع البحريني الشيعي علاقات أوثق تاريخيًا ؟ لأنه " تأكد من ذلك مع سلطات الولايات المتحدة؟ " يبدو أن تلك درجة غامضة في ظل هذه الظروف.

ولكن، الآن، نشرت صحيفة نيويورك تايمز هذه القصة ذاتها حيث يؤكد الصحفيان، مايكل جوردون واريك شميدت ، دون أي أهلية أو إسناد بأن " المسؤولين الأمنيين " في البحرين قد ضبطوا فعلًا سفينة " محملة بأنواع مختلفة من الأسلحة وأن اثنين من الذين أُلقِي القبض عليهما قد أخبرا المحققين بأنهما تلقيا التدريب في إيران، وكانا مُوَجّهين من قبل شخصيات معارضة بحرينية متمركزة هناك. "

كيف علم الصحفيان أن هذه الروايات صحيحة؟ في هذه الحالة، إنهما لا يذكران حتّى "السلطات الأمريكية" التي يزعم أبرامز أنه تأكد من الأمر معها. ( هذا هو نفس مايكل جوردون الذي كان يتشارك أحيانًا بمقالاته مع جوديث ميلر في الفترة التي سبقت حرب العراق ، بما في ذلك المقال الشهير في 8 أيلول/سبتمبر 2002، "الولايات المتحدة تقول أن صدام حسين يكثف السعي للحصول على قنبلة ذرية " والتي زعما فيها أن "العراق زادت سعيه للحصول على الأسلحة النووية، وأنه باشر العمل في البحث عن مواد لصنع قنبلة ذرية في جميع انحاء العالم، " من بينها، "أنابيب الألمنيوم المصممة خصيصا لذلك." ) وأوردا هذا الخبر باعتباره حقيقة.

على كل حال، قررت أن أسأل زميلنا إميل نخلة وهو موظف سابق في الاستخبارات وخبير في شؤون البحرين -(ومؤلف كتاب: "البحرين: التنمية السياسية في مجتمع في طور التحديث"، وهي دراسة كلاسيكية حول البلاد نُشِرَت للمرة الاولى في عام 1976 وأعيدت طباعتها في عام 2011)-عن وجهة نظره برواية التايمز وتأكيداتها حول نشاطات إيران في البلدان التي حددها جوردون وشميدت كأهداف إيرانية. وكان هذا رده عبر البريد الالكتروني:

" تفاجأت قليلًا من رؤية النيويورك تايمز وقد شملت سوريا واليمن والبحرين بعجرفة باعتبارها أماكن للمغامرات العسكرية الإيرانية. ينبغي للصحفيين المخضرمين مايكل جوردون وإريك شميدت أن يعرفا أن علاقات إيران مع هذه الدول الثلاث مختلفة جدًّا وتقودها الظروف الخاصة في كل بلد.

بالنسبة لليمن، اتهم الديكتاتور اليمني السابق علي عبد الله صالح إيران لسنوات بتأجيج ودعم التمرد الحوثي في الشمال للحصول على الدعم الأميركي والسعودي في معركته ضد الحوثيين. دخل السعوديين، ولكن لم يكن لدى الأمريكيين أي دليل مُقنع على وجود تورط إيراني غير المثبت مع الحوثيين.

وكان تدخل واشنطن في اليمن في السنوات الأخيرة، حتى قبل تنحية صالح عن السلطة، مدفوعًا بوجود تنظيم القاعدة في بعض مناطق البلاد، لا بالمزاعم حول دعم إيران الواضح وغير المثبت للحوثيين.

أما بالنسبة إلى سوريا، فإن الدعم العسكري الايراني للأسد ووجودها الحسي في سوريا واضح جدًّا. يريد الإيرانيون أن يبقى الأسد في السلطة بسبب العلاقة الثلاثية الاستراتيجية التي كانت موجودة بين إيران ونظام الأسد وحزب الله على مدى عقود. وكانت سوريا الركيزة الاساسية لإيران في العالم العربي.

صحة تقرير صحيفة نيويورك تايمز في البحرين أمر مشكوك فيه. ينبغي للصحفيين أن يطّلعا أكثر وكان ينبغي عليهما أن يكونا أكثر دقة. ربما كان تقريرهما إشارة إلى بعض المتشددين في واشنطن الذين يعارضون أي اتفاق مع ايران بشأن البرنامج النووي. أخشى بأن يكون تقرير جوردون/ شميدت قد أعطى انطباعًا بأن صحيفة نيويورك تايمز تقع في نفس فخ المحافظين الجدد الإسرائيليين حول إيران.

ينبغي للمرء أن لا يستبعد احتمال أن بعض المتطرفين الشيعة في البحرين، الذين تخلوا عن إمكانية الحوار مع النظام، كما قلت مؤخرًا في افتتاحيتي حول البحرين، قد تواصلوا مع بعض عناصر من الحرس الثوري أو فيلق القدس في إيران بغرض ارتكاب أعمال عنف في البحرين. ومع ذلك، العلاقة الشيعية الرئيسية لإيران في البحرين كانت مع جمعية الوفاق.

هذه الجمعية دعمت البرنامج الإصلاحي للملك في عامي 2001- 2002، وعدد من قادتها، والذين عاش بعضهم في إيران، عادوا من المنفى، وأعربوا عن استعدادهم للعمل مع النظام لإحداث إصلاح حقيقي في البحرين. وهم لا زالوا ملتزمين بحوار هادف مع النظام والتوصل إلى حل سلمي للأزمة السياسية في البلاد.

ليس هناك أي دليل يشير إلى أن إيران أو الوفاق قد تحوّلتا من الحوار مع النظام إلى التآمر العنيف ضد العائلة الحاكمة.

إنه من الخداع أن تجمع صحيفة نيويورك تايمز الدول الثلاث معًا كما لو أنّه وجب أن يكون دعم إيران للأسد مرادفًا لتآمر عسكري ضد آل خليفة. في الواقع، انتقد وزير الخارجية البحريني منذ عدة أشهر الرئيس أوباما لأنه وضع البحرين وسوريا والعراق في نفس الخانة باعتبارها دولًا أصبحت الطائفية فيها شرسة ودامية.

تمّ ضبط الأسلحة على متن قارب، وليس "سفينة" كما ادعت الصحيفة. وكان يمكن أن تكون قد قدمت من موقع على الساحل الإيراني أو من أي مكان آخر في شمال الخليج العربي أو مصب شط العرب. يجب أن نكون حذرين للغاية كي لا تخدعنا المعلومات، التي قد تكون أجهزة الأمن البحرينية حصلت عليها من خلال "استجواب" المعتفلين على متن القارب. إنه لمن المخيب للآمال أن لا تكون صحيفة النيويورك تايمز قد ألقت نظرة أكثر استراتيجية على العلاقات الإيرانية البحرينية وهي قامت بنشر مزاعم، ك"واقع حقيقي"، حول أسلحة إيرانية متجهة نحو البحرين".


14 كانون الثاني/يناير 2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus