باميلا هانسن: أي عالم منافق هذا الذي نعيش فيه؟

2014-01-31 - 11:22 ص

باميلا هانسن، مالتا إندبندنت

ترجمة: مرآة البحرين

كيف يمكن للبلدان التي ترسل الأسلحة إلى الأنظمة المستبدة الادعاء بأنها لا تدعم انتهاكات حقوق الإنسان؟ والأكثر نفاقا في ذلك هو أن هذه البلدان تتأهب لتتدخل عسكريًا، وبطريقة ماكرة، في بلاد أخرى بسبب الوحشية التي تسببت بها الأسلحة التي أرسلوها إليها بأنفسهم؟

يثير اشمئزازي السياسيون الذين يدعمون ويبعون الأسلحة إلى الطغاة، وبعدها يهلعون ويُصدَمون عندما يستخدم الطغاة تلك الأسلحة لحماية سلطتهم.

أعرب نشطاء مناهضة الأسلحة في بريطانيا عن خشيتهم من أن البحرين، التي قتلت عشرات الشيعة (الذين يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية) منذ اندلاع الاحتجاجات في شباط/فبراير الماضي، قد تلقّت دعوة لحضور أحد أكبر معارض الأسلحة في العالم في دوكلاندز في العاصمة لندن.

عندما داهمت قوات الشرطة البحرينية، في الساعات الأولى من صباح 17 شباط/فبراير، الدّوار حيث نُظّمت الاحتجاجات، ذهب الأطباء والممرضون والمساعدون الطبيون لمساعدة المصابين بالرصاص والغاز المسيل للدموع.

لم تكن قوات الأمن راضية بذلك، ووفقًا للتقارير، تعرّض طبيب واحد على الأقل للضرب بالهراوات بينما كان يعتني بأحد المتظاهرين المصابين.

نظّم الأطباء احتجاجًا بعد أن شاع خبر منع قوات الأمن دخول الجرحى إلى المستشفى. وأغلقوا مدخل المستشفى مطالبين باستقالة وزير الصحة.

انضم عمال المستشفيات الأخرى، بما في ذلك الممرضات، الى الاحتجاجات. وقد أسفر ذلك عن وضع 47 طبيبًا وممرضًا تحت الإقامة الجبرية في آذار/مارس. وفي أوائل حزيران/يونيو، مثل هؤلاء الأطباء والممرضون الذي عالجوا المحتجين الجرحى في البحرين أمام محكمة عسكرية خاصة في المنامة بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الملكي.

لم يحصل النشطاء على لائحة المدعوين إلى المعرض الدولي لمعدات الأمن والدفاع، والتي شملت أيضًا مصر والعراق وباكستان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقطر والإمارات العربية المتحدة وكازاخستان، إلا بعد ان بدأت الصحافة تطالب بها في الأسبوع الماضي.

وتشارك أكثر من 1300 شركة، نصفها تقريبًا شركات بريطانية، في المعرض . وقد وُجِّهت الدعوة إلى خمسة وستين بلدًا.

في شباط/فبراير، رأينا إحراج حكومة الولايات المتحدة في الأيام الأولى للثورة في مصر، حين كانت وسائل الاعلام تحذر من وصفها بذلك. رأينا الغاز المسيل للدموع-الأمريكي-- الذي استُخدِم ضد المتظاهرين، على شاشات التلفاز وأدركنا أن تلك البلدان، لا سيما الولايات المتحدة، كانت تدعم جيش مبارك بمبلغ يصل إلى 1.3 مليار دولار سنويًا.

وعلى الرغم من أن الرئيس باراك أوباما مارس ضغوطات على الجيش المصري حتى لا يهاجم المتظاهرين، ولولا أن الشعب المصري لم يكن عازمًا على الإطاحة مبارك، لواصَلَت الدول التي تُسَمى بالديمقراطية دعمها له.

لا شكّ بأنه دُعِي إلى معرض الأسلحة في المملكة المتحدة، وكذلك القذافي.

لم ينته الأمر في مصر. ففي الأسبوع الماضي، وسّع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، (الذي زار ممثلوه معرض الأسلحة بلا شك) نطاق قانون الطوارئ - في عام 2010 ألغاه السيد مبارك وحصره بمكافحة الإرهاب والمخدرات - ليشمل الإضرابات والإخلال بحركة المرور ونشر الشائعات.

وتجمّع المئات مرة أخرى في ميدان التحرير في القاهرة للاحتجاج على التوسع الأخير في قانون الطوارئ . ويحتجّ المصريون الآن بسبب الانتقال من الحكم الاستبدادي إلى الحكم العسكري.

ولما أصبحت بريطانيا تخشى القمع في مصر في شباط/فبراير، خرج رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقال للصحفيين إنه "إذا كان النظام في مصر يمارس العنف في شوارع القاهرة ويستعين بالبلطجية لضرب المتظاهرين، فإنه سيفقد مصداقيته في العالم الذي يراقب، بمن في ذلك بريطانيا".

سؤالي للسيد كاميرون هو: كيف يمكن لبريطانيا أن تدّعي الوقوف في وجه "العنف الذي تمارسه الدولة " وفي الوقت نفسه تدافع عن صناعة الأسلحة باعتبارها جزء حيويًا ومربحًا لاقتصاد المملكة المتحدة وتدعو الأنظمة الاستبدادية لشرائها؟

ومما لا شك فيه أنه سيكون هناك الكثير من المعلومات المتعلقة باستخدام الأسلحة والشركات التي تُسَوّق وتُدَرّب وما إلى ذلك في هذا المعرض.

ما هو الهدف من دعوة البحرين، التي تحظر الأحزاب السياسية، عندما تقول الحكومة البريطانية بأنها في وقت سابق من هذا العام ألغت عددًا من رخص التصدير بعد أن ظهر بأن وزارة التجارة في عام 2010 كانت قد وافقت على تصدير مجموعة من أسلحة مكافحة الشغب.

تدافع وزارة الخارجية عن الدعوة مضيفة أن تراخيص التصدير هي قيد المراجعة عقب الربيع العربي. حيث قال أحد المتحدثين في كلام مزدوج إنّ "دعوة لا تعني بأنه سيتم إعطاء التراخيص المتعلقة بالبضائع المعروضة بشكل آلي. لن نصدر التراخيص عندما نجد أن هناك خطرًا واضحًا في أن يثير التصدير المُقتَرَح صراعات إقليمية أو داخلية أو يطيل في أمدها، أو أنه قد يُستَخدم في تسهيل القمع الداخلي."

أعتقد أن الدعوات قد أرسلت فقط لإغراء الطغاة وغيرهم من رؤساء الدول التافهين لجعلهم يعرفون ماهية البضائع الموجودة في السوق. على كل حال، يمكنهم أن يجدوا دائمًا وسيلة لشراء السلع طالما أنهم يملكون من المال.

في عام 2009، زار وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس ووزير التنمية المستقبلية آلان دنكان وزعيم حزب المحافظين السابق مايكل هوارد البحرين من أجل " مؤتمرات أمنية" أو لقاءات مع المشايخ والتي دفعت ثمنها البحرين.

في كانون الأول/ديسمبر 2010، حضر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وغيرهما من زعماء العالم مؤتمر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين. وقد انهالوا جميعهم بالمديح على العائلة المالكة في البحرين. وكان لجدول أعمال المؤتمر خمسة عناوين تحت شعار "الأمن" ، ولم يكن هناك وجود لكلمة "ديمقراطية ".

البحرين هي حليف حيوي للولايات المتحدة لأنها موطن للأسطول الامريكي الخامس، وتدعم الولايات المتحدة أسرة آل خليفة الحاكمة أكثر بكثير مما كانت تدعم الرئيس المصري حسني مبارك أو الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

كان نشطاء مناهضة الأسلحة في المملكة المتحدة مُحِقين عندما أكدوا أن قرار بريطانيا بيع الأسلحة إلى الخارج هو أمر غير مقبول أخلاقيًا. ولكن منذ متى كانت الأخلاق توقف الحكومات عن فعل ما تريد.

 

17 كانون الثاني/يناير 2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus