بدرية العوضي، كان عليك أن تعتذري

أنور الرشيد - 2011-07-09 - 7:21 ص



أنور الرشيد* 

اطلعت على ما كتبته الدكتورة بدرية العوضي بجريدة القبس الكويتية بتاريخ الثالث من مارس الماضي قبل شهرين تقريبا من اختيارها عضوا في لجنة التحقيق الدولية التي شكلها الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين الشقيقة للتحقيق في أحداث شهري فبراير ومارس من هذا العام. 

في حقيقة الأمر بسبب ما طرحته الدكتورة بدرية من رأي مسبق حول الأحداث التي جرت في البحرين في مقالتها سابقة الذكر، كان من الأجدر بها أن تعتذر عن المشاركة بهذه اللجة، لتحافظ على مصداقية تقرير اللجنة أولا، وثانيا لكي تنسجم مع قناعتها التي أعربت عنها في المقالة، فالدكتورة بدرية تحدثت في إحدى فقرات المقالة عن الأمن القومي الخليجي، وهذا ما يهمني التعليق عليه، فالأمن القومي الخليجي والأمن الإنساني هو تعبير كبير وواسع وغير دقيق، طالما إننا نتحدث عن عدد من الدول ذات كيانات سياسية مستقلة، منضوية تحت منظومة واحدة، وحتى هذه المنظومة المسماة مجلس التعاون الخليجي عجزت عن إيجاد حل للعديد من القضايا الجدية التي واجهت دولها، والخلافات التي بينها أكثر بكثير من الإنجازات، وأقلها تقديرا العملة الموحدة التي اختلفت عليها الأنظمة لا لشيء سوى الخلاف على مقر البنك المركزي.

و نذكر الدركتورة برية وننعش ذاكرتها قليلا و نقول لها سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد له مؤتمر صحفي أجراه في 1984، وهو موجود على اليوتيوب لمن يرغب بالاطلاع عليه يقول فيه بالحرف الواحد**: إن هذه القوة لم تُخلق للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد من دول الخليج، إنها قوة دفاعية عن أي اعتداء على أي دولة خليجية من خارج الحدود، وليس من داخل البلد.

إن قوات درع الجزيرة وجدت للدفاع عن أي دولة خليجية، إن تعرضت لاعتداء خارجي. وإن هي أدات شرط أي أن التدخل يجب أن يكون مشروط باعتداء خارجي ومملكة البحرين يا دكتورة القانون لم تتعرض لاعتداء خارجي إن كنت تريدين الحقيقة، وكان من الأجدر بك ولك إن أردت الحديث عن الأمن القومي الخليجي، من باب إن هذا الأمر يهمك و يقض مضجعك، كان من الأجدر لك وبك، أن تتحدثي بأمر التجنيس السياسي الذي هو بالفعل، فيه خطورة على الأمن القومي الخليجي كله، وليس على مملكة البحرين فقط. 

إن تغيير التركيبة السكانية التي قامت وما نزالت تقوم بها مملكة البحرين لن تؤثر على المجتمع البحريني فقط وتركيبته الديمغرافية، وإنما سيكون لها تداعيات مستقبلية وآنية على كل المنطقة، ومثلما نادينا بالسابق في أكثر من مناسبة حول التركيبة السكانية أو اختلال التركيبة السكانية بدول الخليج كلها، وحذرنا منها وقلنا إن هذا سوف يؤثر على مستقبل المجتمعات الخليجية كلها، وليس على دولة بعينها، هذه هي الخطورة الحقيقة على الأمن القومي سواء البحريني أو الخليجي يادكتورة، لذا كان من المنطقي ولتأكيد المصداقية والشعور بالمسؤولية أن تعتذري عن المشاركة بهذه اللجنة، فمن غير المعقول أن يشارك باللجنة من له رأي مسبق بالأحداث التي سيحقق بها. من هنا، فدرءاً للظنون والشكوك، ولكي لا نترك مجالا لها، أن تتسلل لمصداقية نتائج التحقيقات التي ستجريها اللجة، كان الجدير بك ولك أن تعتذري. إن اعتذارك كان ستكون له مصداقية أكثر من التقرير نفسه الذي سيصدر عن اللجنة.
 
كان يجب أن يكون الاعتذار فورا وبدون تردد إن كانت بالفعل تبحث عن الأمن القومي كما زعمت بمقالها، و إلا ستكون هي الثغرة الوحيدة  أو الدفرسوار*** الخليجي المسؤولة عن التشكيك بمصداقية نتائج التحقيق.
 
هذا من جانب، أما الجانب الآخر الذي تحدثت به الدكتورة بدرية، فهو الجانب الإنساني أي الأمن القومي الإنساني، في حقيقة الأمر لا أعرف إن كانت الدكتورة بدرية تستضعف عقولنا أو أنها تستهين بما سطره قلمها، فأي بعد إنساني تتحدث عنه وكل تقارير المنظمات الدولية والأقليمية والمحلية تقول إن حقوق الإنسان الخليجي والمقيم أيضا تنتهك بشكل صارخ، ولا أعتقد أن الدكتورة بدرية بحكم تخصصها القانوني لم تطلع على تلك التقارير.

قليلا يا دكتورة بدرية من الاحترام لعقولنا رجاء، وأزيدك من الشعر بيتا يا سيدتي، وأقول لك إن الدور الذي ستضطلعين به في اللجنة، هو التحقيق في فترة زمنية قصيرة ومحددة وأحداثها ما زالت طازجة، أي لم يجف بعد دم الشهداء الذين سقطوا أثنائها وما زال المفصولون من أعمالهم يعانون الويل، والمعتقلون تعسفيا أيضا موجودون بالسجون والمحاكمات العسكرية الجائرة هي الطاغية على المشهد البحريني، ناهيك عن المشهد الخليجي المتهم بالاتجار بالبشر، من قبل المجتمع الدولي كله، فعن أي أمن إنساني تتحدثين، هل هناك أمن إنساني غير الذي نعرفه؟ نورينا يا سيدتي، لعلك تكسبين فينا أجراً في الدنيا والآخرة حتى ولو على حسابي الشخصي.

وفي النهاية  ونظرا -ما شا الله عليكِ إنت دكتورة وظروفك المادية عال العال والحمد الله والله يكثر لك منها- لذلك أتمنى أن تتبرعي بالمكافأة التي ستحصلين عليها لإيتام وأرامل الشهداء الذين سقطوا في الأحدات التي  ستحقيقن فيها، وستكسبين بها أيضا. كما أتمنى أن يتضمن التقرير توصية بتعويض كل الذين تضرروا من جراء تلك الأحداث، وهذا مبدأ معمول به بكل المواثيق الدولية وأنت أستاذة في ذلك.

zwayd2007@gmail.com

*الأمين العام لمنتدى مؤسسات المجتمع المدني الخليجي. 
** وصلة المؤتمر الصحفي لأمير الكويتي في القمة الخليجية 1984:   http://www.youtube.com/watch?v=PeTKEpivxWA  ***ثغرة الدفرسوار، أو الثغرة، هو المصطلح الذي أطلق على حادثة أدت لتعقيد مسار الأحداث في حرب أكتوبر، كانت في نهاية الحرب، حينما تمكن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش الثالث الميداني من خلال ما عرف بثغرة الدفرسوار، وكانت بين الجيشين الثاني والثالث الميداني امتدادا بالضفة الشرقية لقناة السويس.  
**** ينشر بالتزامن بين منتدى حوار الخليج، وصحيفة مرآة البحرين.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus