جوزيف سابروسكي: ثقافة الإفلات من العقاب: مقابلة مع سيد يوسف المحافظة

2014-02-10 - 10:55 ص

جوزيف سابروسكي، مدونة إماجينينغ إف
ترجمة: مرآة البحرين


قرار نفي شخص من وطنه بالتأكيد ليس بالأمر السهل، ولكن بالنسبة للناشط الحقوقي البحريني سيد يوسف المحافظة، فإن خيار النفي كان أمرًا عاديًا له ولعائلته.

سيد يوسف المحافظة هو ناشط حقوقي يبلغ من العمر 31 عامًا، وضعه منصبه كرئيس قسم الرصد والتوثيق في مركز البحرين لحقوق الإنسان في مفترق الأزمة السياسية المضطربة منذ عقود طويلة في البحرين والربيع العربي- وكانت آثار ذلك عليه خطيرة للغاية. كناشط على موقع تويتر ومقرّب من نبيل رجب، تمّ تهديد المحافظة واعتقاله وتعذيبه وتبرئته، انتقامًا لتوثيقه حالات انتهاكات حقوق الإنسان على الأرض، لكنه لا يزال يعتقد أن هذه كانت المخاطر الضرورية الملازمة لكونه ناقدًا صريحًا للنظام في البحرين.

ومع ذلك، أصبحت التهديدات التي تلقاها بسبب عمله الأخير في حملة موقع المركز "مطلوب للعدالة في البحرين" واضحة جدًا وصادقة وجدية، بحيث توصل إلى القرار المؤلم بأن الشيء الأسلم والأكثر فعالية هو مغادرة البحرين مع عائلته وأعلن قراره في 2 كانون الأول/ديسمبر 2013. كانت حملة "مطلوب للعدالة في البحرين" واحدة من تحركات المركز الأكثر جرأة ضد النظام، حيث نشر المركز على موقعه على الانترنت وتويتر أسماء وصور المسؤولين البحرينيين البارزين الذين زعم بأنهم ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، ودعا إلى تقديمهم جميعًا للمحاكمة خارج البحرين، وفقًا لمعايير العدالة الدولية. وتصف مريم الخواجة، نائب رئيس المركز، البرنامج على موقعهم على الانترنت على النحو التالي:

لقد حان الوقت لمواجهة الانتهاكات.نحن نشير باستمرار إلى مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان منذ التسعينات وحتى الآن، لأن "حكومة البحرين" أو "النظام" يسمحان للمتورطين بمواصلة العيش والسفر بحرية. فلتكن وجوههم معروفة ليس فقط على صعيد البحرين، بل على صعيد العالم أيضًا. كلّ الأسماء المدرجة في قائمتنا هم أناس يجب تقديمهم إلى محاكمة عادلة تتفق والمعايير الدولية، وإذا كانوا مذنبين، فينبغي محاسبتهم. نأمل أيضًا أن تساعد هذه الحملة على تشجيع الجهات الدولية على وقف التعامل مع هؤلاء الأفراد وبدء التفكير في العقوبات الفردية.

تحدثت مع سيد المحافظة عبر سكايب Skype لمعرفة المزيد عن خلفيته، ووضعه الحالي، والاستماع إلى تحليله للوضع في البحرين بشكل عام. وفيما يلي مقتطفات رئيسية من حديثنا.

جوزيف سابروسكي:كيف بدأت العمل مع مركز البحرين لحقوق الإنسان؟

سيد يوسف المحافظة: أعمل مع المركز منذ عام 2007. بدأت العمل بقسم تكنولوجيا المعلومات - أنشأت صفحات فيسبوك وتويتر ويوتيوب حيث كان لدى المركز في السابق فقط موقع على شبكة الانترنت. ثم شاركت في دورات لأتعلم كيفية كتابة التقارير الحقوقية باللغة العربية ".

جوزيف سابروسكي:كيف غير الربيع العربي دورك مع المركز؟

سيد يوسف المحافظة:"في كانون الثاني/يناير، كان هناك دعوة عبر الفيسبوك للاحتجاج في 14 شباط/فبراير 2011 للمطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبحكومة منتخبة، لأنه، منذ 44 عامًا، لا تزال الحكومة هي نفسها. وكناشط يناضل من أجل العدالة، دعونا الناس للاحتجاج في قرية نبيل رجب، من منزله حتى الطريق الرئيسي. كنا ندعم الحقوق المشروعة للشعب البحريني. هوجمنا بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي عندما وصلنا إلى الطريق الرئيسي ".

" ذهبنا بعد ذلك الى قرى أخرى للمراقبة لا للمشاركة ]في المظاهرات[. هوجموا جميعهم. عندما وصلنا إلى قرية الديه، أصيب أحد المتظاهرين بالشوزن واقتيد إلى مستشفى السلمانية. وثّقنا حالته وأخذنا له الصور. ومنذ ذلك الوقت حتى 17 آذار/مارس، كانت وظيفتنا في كل يوم فقط توثيق ما كان يحدث لأن الانتهاكات لم تتوقف. في ذلك الوقت، هوجم الطلاب في الجامعة. قال لي نبيل رجب في 23 آذار/مارس: "أعتقد أنهم سيعتقلوننا ...لضمان استمرارية عملنا لمركز البحرين لحقوق الإنسان، اذهب للإختباء."

"وفي مساء ذلك اليوم، قاموا باعتقال رجب أما أنا فاختبأت. واصلت عملي، ولم أتوقف عن التغريد والتحدث إلى وسائل الإعلام مباشرة على الهواء، جميع وسائل الإعلام التي غطت الأحداث. لم أتمكن من الخروج، لكنني تمكنت من البقاء على اتصال مع النشطاء. بدأت أحكام الطوارئ في 17 آذار \ مارس وانتهت في 31 أيار/مايو. بعد أن انتهى قانون الطوارئ، عدت إلى منزلي ".

جوزيف سابروسكي:ما مدى صعوبة العمل عندما يكون المرء مختبئًا؟

سيد يوسف المحافظة: "كنت أنتقل من مكان إلى آخر. لديّ علاقة قوية مع جميع الناشطين في القرى وهم يعرفونني، لذا كان من السهل جدًا بالنسبة لي الوصول إلى الناس والضحايا. كنت أذهب وأجري المقابلات معهم أثناء تنقلي بين عدد من المنازل المختلفة، مستندًا إلى ما كان يحدث في القرى الأخرى. وكنت دائمًا على اتصال مع الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان عبر البريد الإلكتروني وسكايب Skype لأنهم مُنِعوا من القدوم إلى البحرين. كان هناك عدد قليل من المدونين في ذلك الوقت، لأن النشطاء الرئيسيين كانوا صامتين وخائفين. أتفهم ذلك، لأن الناس كانوا يُقتَلون في الشارع في ذلك الوقت. وهذا هو السبب في أنّ لدينا شعبية بين الناس، لأننا كنّا أملهم في ذلك الوقت الذي كان الكثيرون فيه صامتين، ولم يكن هناك أحد يخبر المجتمع الدولي بما كان يحدث. كانت قناة الجزيرة هناك في بداية أحكام الطوارئ، ولكن بعد تلك الفترة، لم يُسمَح بدخول الصحفيين أو منظمات حقوق الإنسان".

جوزيف سابروسكي:كم عدد المرات التي تم فيها اعتقالك؟ وهل ردعك ذلك؟

سيد يوسف المحافظة:"سبع مرات منذ عام 2011. في إحدى المرات مررت مع ابنتيّ عند نقطة تفتيش، ضربني الضابط. لديهم الضوء الأخضر ليفعلوا ما يريدون. قاد الضابط سيارتي، وأنا فيها، إلى مركز الشرطة،في الأساس لقد اختطفني حتى أنه لم يعتقلني. تم احتجازي لمدة ثلاث ساعات ثم أُطلق سراحي، ولا تهم ...

"... لقد تمّ نشر ذلك على تويتر عندما شاهد أحدهم ما حدث وأرسل تغريدة. كان لديّ فرصة لأغرد بأني كنت عند نقطة تفتيش، وبسبب كوني ناشطًا، وإذا رأيت أي شيء يحدث في البحرين، فإني أنشره على تويتر. لقد تمّ اعتقالي ذات مرة فقط لأني كنت أغرد. ذهبت إلى المنامة لمراقبة احتجاج وغردت عن وجود إصابة بالشوزن فتمّ اعتقالي.بقيت مُحتَجَزًا ل35 يومًا ووُجّهت إليّ تهمة نشر معلومات كاذبة على وسائل الاعلام الاجتماعية ".

"اعتقلوني عدة مرات من أجل إسكاتي، وليوصلوا لي رسالة بأنك سوف تُسجَن بسبب عملك. ذات مرة، ذهبت إلى بروكسل للاجتماع مع بعض أعضاء البرلمان الأوروبي. وبعد خمسة أيام، تم اعتقالي في البحرين. هذه الاعتقالات هي بسبب أنشطتي، ولكنهم لم يُسكِتوني. عندما كنت في السجن، زارتني عائلتي، كتبتُ تغريداتي وطلبتُ منهم نشر أفكاري. يوصينا نبيل بمواصلة النضال حتى داخل السجن. لا تبقَ صامتًا أبدًا، بل قاتل وناضل ضد الاستبداد."

جوزيف سابروسكي:حدثنا عن حملة " مطلوب للعدالة ". ما الذي دفعك للتفكير في هذا، ولماذا تركت البحرين؟

سيد يوسف المحافظة:" قررنا أن نقوم بهذه الحملة بسبب ثقافة الإفلات من العقاب. النظام القضائي في الوقت الراهن ليس عادلًا، لأن عددًا من الذين نشرنا أسماءهم مسؤولون عن الجرائم التي ارتُكِبت في التسعينات، ولا يزالون في مناصبهم. حتى أن رئيس الوزراء قال لأحد الضباط المسؤولين عن التعذيب بأن القانون لا ينطبق عليهم. الملك يُعيّن القضاة ومعظمهم أعضاء من الأسرة الحاكمة، ولذلك لا سبيل لوجود عدالة في البحرين لأنها لا تتطابق مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة."

"أنا الشخص الوحيد في مركز البحرين لحقوق الانسان الذي ليس في السجن الآن. مريم الخواجة في المنفى ولا تستطيع المجيء. أنا الوحيد. إذا تم اعتقالي فإن ذلك سيضر بالمركز ... تحديدًا بسبب المنصب الذي أتولاه كرئيس لقسم التوثيق، كوني على اتصال بجميع القرى في البحرين. سوف تتضرر علاقتهم بالمركز. لهذا السبب أخشى الاعتقال على الأقل في الوقت الحالي " .

"وعلى صعيد آخر، تلقيت عددًا من التهديدات بالقتل في البحرين من المسؤولين. على سبيل المثال، أحدهم، [عادل فليفل]، هدّدني على تويتر، باسمه وصورته، بالقتل،: ذكرني وقال " أنا سوف أقتلك." وأنّي لن أعود إلى البحرين ولو للحظة .... وقد نُشِرَت صورتي في الصحف، التي أوردت بأني ومريم الخواجة مطلوبان، وكانت هناك دعوات لاعتقالي وتعذيبي عبر قناة التلفزيون الموالية للحكومة وحتى أني تلقيت تهديدات بالقتل عبر هاتفي النقال ... ولهذا السبب كان من الصعب جدًا بالنسبة لي كعضو في مركز البحرين لحقوق الانسان [البقاء]، ولهذا السبب قرّرت الخروج من البحرين.

"السبب الرئيسي في نشر صور للملك ورئيس الوزراء والعديد من الأسرة الحاكمة كمطلوبين للعدالة، هو أننا نريد محاكمة عادلة لهم خارج البحرين، وليس داخل البحرين. نريد اتّخاذ عقوبات بحقهم، ولا نريد أي شيء إلا محاكمة عادلة، لأنهم ارتكبوا جرائم ضد الشعب البحريني. "


29 كانون الثاني/يناير 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus