"مرگ بر امريكا": هل يقولها موالو النظام بلغة "الفوضى الغبية"؟

2011-07-11 - 1:22 م



مرآة البحرين (خاص): هل سيرفع الموالون للنظام البحريني شعار "الموت لأمريكا"؟ تبدو الصورة مربكة بالنسبة لمتابعي الحدث المحلي، فالنظام البحريني الذي يستضيف القاعدة العسكرية الأمريكية، ويعلن ملكه عن علاقات إستراتيجية مع واشنطن؛ يتحدث وزير دفاعه وطاقمه الأمني والسياسي والإعلامي عن مؤامرة أمريكية ضد البحرين، ويدفع مواليه لتنظيم مهرجانات تُشبه تجمعات الطلبة الإيرانيين أيام السفارة الأمريكية إبان الثورة! المعروف أنّ خطاب الرئيس أوباما الشهير بشأن الثورات العربية، والذي تطرّق فيه للاحتجاجات في البحرين، مثّل صدمة لمطبخ القرار "التقليدي"، وهو ما تسبب في اختطاف المطبخ ذات الشمال وذات اليمين.

    ليس خافيا أن جزءاً أساسيا من القوى السلفية تمثل ركنا في تحالفات النظام الجديدة، وخاصة بعد دخول القوات السعودية البحرين منتصف مارس الماضي. والسر في ذلك ليس خافيا على أحد أيضا، فقد أصبح متداولا أن النظام السعودي يقود ما يُعرف بالثورة المضادة في مواجهة ثورات العرب، ويوضح متابعون أن السعوديين استعانوا باحتياطي "القوى السلفية المتطرفة" وتولت أجهزة المخابرات السعودية "تنشيط الخلايا النائمة" في منطقة الخليج، على أن تتولى مهمة أساسية وهي "التشكيك في حقيقة الثورات العربية وربْطها بقوى أجنبية، مع التشديد على النزعة الطائفية لها". فما هي الأجندة المُعدّة للبحرين؟

      رغم أن البحرين معروفة تاريخيا بالتعايش السلمي بين مواطنيها، ولم تنجر الغالبية إلى المنزلقات المذهبية، إلا أن الوضع الحالي ليس على ما يرام. أحد المحللين يرى في هذه النتيجة "نجاحا كبيرا للسلطة" وهي استطاعت أن "تحقق في أشهر ما لم تستطعه خلال العقود الماضية"، ويضيف أن "هذا الأمر تم عبر تعاون مخابراتي إقليمي واسع، وقد وضع السعوديون والأردنيون الملامح الأساسية للخطة، واستخدام كل القيادات السنية في البحرين لتحقيقها على أرض الواقع".
 
      في هذا الإطار، تشير أوساط مطلعة أن المشير الركن القائد الأعلى لقوة الدفاع ومساعديه من جهة، والأقطاب الأمنيين والعسكر في السعودية من جهة أخرى، أخذوا بمشورة قدّمها أمنيون أردنيون مطلع مارس الماضي وأُطلق على الخطة عنوان "الفوضى الغبيّة"، وتهدف إلى خلط الأوراق كلها، وإعادة توزيع الأدوار والعلاقات.

      تتمحور "الفوضى الغبية" في محاور أربعة أساسية:

  • الأول إظهار التقسيم الطائفي إلى العلن وبشدة، والمطلوب على وجه الخصوص "إنهاض الوعي السني" عند الجميع، وإلحاق كل المكونات السنية في هذا الاتجاه. بفضل ذلك سيكون ممكنا تشغيل الخطاب الطائفي من غير أن يكون محسوبا على جماعة سلفية أو جهة متطرفة منبوذة، وبالتالي إيجاد التناقض التقسيمي الحاد.
  • الثاني: محاصرة المعارضة، والتي يمثل الشيعة غالبيتها، في زاوية التهمة الطائفية وملاحقتها بها من جانب جميع أصوات السنة (المعتدل منها والمتطرف، الإخواني والسلفي وغيرهم)، وهي آلية يُراد بها إلهاء المعارضة عن الدفاع عن نفسها من جهة، ومن جهة أخرى التعمية على التشكل الطائفي للمحور السني الجديد.
  • الثالث: استعارة الشحنة الثورية التي عُرفت بها "الطائفة الشيعية"، وشعاراتها بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة وتحقيق المطالب الكاملة، وعدم التراجع أو الاستسلام للحلول المجزأة. سيبرز التكوين السني بكل ذلك المواصفات التي كانت ختما على المعارضة، الشيعية خاصة.
  • الرابع: إشراك أكبر عدد من القوى الإقليمية لدعم اليد الضاربة لثورات الربيع العربي، أي (درع الجزيرة). وتمّ ذلك من خلال دعوة الأردن والمغرب، ومصر أخيرا، للدخول في مجلس التعاون الخليجي، وهناك أسماء لدول إسلامية، غير عربية أيضا. وهذه الفسيفساء (الغبية) كفيلة بإثارة العديد من الغموض وبالتالي الفوضى المطلوبة.
     بمثل هذه الملامح، اُسْتنفرت قوى إقليمية عدة لإعادة إنتاج المكون السني "الموالي" في البحرين، وفي هذا السياق يمكن استيعاب "الثورية" العارمة لهذه الجهة ضد الولايات المتحدة، ومن المؤكد أن هذه "النفرة" يقودها سلفيون على صلة أيديولوجية بفكر "القاعدة"، وهو أمر يُوقع الموالون في حرج شديد، ما يصدق معه وصف "الغباء" للفوضى الجارية الآن.

     يعلق أحدهم على ذلك بالتأكيد على "أن البحرين لا يمكن أن تُدار وكأنها معزولة عن العالم" مشيرا إلى "أن القوى المتطرفة في النظام سوف تدفع به إلى الهاوية على المستوى السياسي، وهناك دبلوماسيون كثر أخذوا يتحدثون عن (فشل) دبلوماسي ذريع للبحرين" وذلك بالإشارة إلى التصريحات المتناقضة، والمليئة بالتهور، التي يذيعها أطراف في السلطة وموالون لها بشأن ما يُقال عن "مؤامرة أمريكية وإيرانية" في البحرين.

     تشير بعض الأنباء إلى أن أطرافا إقليمية سارعت إلى تقديم نصائح عاجلة لمهندسي السياسة الخارجية في البحرين، داعين إلى "إنقاذ البحرين من هيمنة خطاب (القاعدة)، والذي ورط النظام في كثير من الأروقة الدولية". إلا أن صراع الأجنجة داخل النظام لا يتيح، حتى الآن، الاستماع إلى نصائح الأصدقاء المعتدلين.

     بحسب المتغيرات الجيو سياسية، فإن مخطط "الفوضى الغبية" لا يمكن له أن ينجح طويلا، والذين وضعوا هذه الخطة كانوا يدركون أنهم بصدد محاكاة الرؤية الأمريكية القديمة بشأن "الفوضى الخلاقة" التي لم تصمد أمام الإرادة التغييرية للشعوب. المخيف أن الأنظمة المنزعجة من ربيع الشعوب قد تضظر إلى توسيع الفوضى المجنونة، وأنها لن تتراجع في الوقت الآجل بتقديم تنازلات ترضي المطالبات الديمقراطية في المنطقة، وهذا يعني أنها ستتجه أكثر في الاستفادة من جموح "المارد السني" الذي يُعلن أنه لن يتردد في تحويل البحرين إلى مستنقع عراقي جديد في وجه الأمريكان. وبمعزل عن قدرة أصحاب هذا التهديد، وما إذا كانوا مجرد أدوات قابلة للإسكات كما الإنطاق بحسب رغبة الكبار، إلا أن الآثار النفسية والتداعيات السياسية لهذا الخطاب سيؤخر من العودة إلى ما قبل مرحلة فوضى درع الجزيرة.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus