كريس هرميز: في الذكرى الثالثة: البحرينيون في الشارع فيما يواصل جون تيموني وحكومة الولايات المتحدة دورهم في القمع الوحشي

2014-02-17 - 12:21 م

كريس هرميز، هافينغتون بوست، هاف بوست وورلد
ترجمة: مرآة البحرين


هذا الأسبوع ينزل البحرينيون إلى الشوارع للاحتجاج تزامنًا مع الذكرى السنوية الثلاثة للثورة الشعبية التي اندلعت مع ما يسمى الربيع العربي عام 2011. ولسوء الحظ، الذكرى ليست احتفالًا بقدر ما هي كفاح مستمر لمقاومة النظام القمعي للملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي لا تزال أسرته تحكم الجزيرة الخليجية الصغيرة ذات المليون نسمة منذ أكثر من 200 عام.

بدأت الاحتجاجات في 14 شباط/فبراير 2011، طالب البحرينيون خلالها بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية، لكنهم تعرضوا للهجوم مرارًا من قبل الشرطة. وعلى مدى ستة أسابيع، واصل النظام الملكي حملته الوحشية ضد المعارضين، معلنًا الأحكام العرفية في آذار/مارس 2011. كما واستقدمت الحكومة أيضا قوات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للمساعدة في قمع الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية. خلال هذه الفترة، قُتل 35 شخصًا وجرح مئات آخرين وسجن الآلاف، كما أفاد البعض منهم بتعرضهم للتعذيب أثناء الاحتجاز.

كان العنف والقمع السياسي شديدين، فاضطر الملك حمد إلى معالجة الاحتجاجات. ولكن بدلًا من القيام بشيء ذات معنى، كلف النظام الخليفي لجنة أجرت تحقيقًا غير فعال، ووظف جون تيموني، المشهور في الولايات المتحدة بوحشيته ضد المتظاهرين وتبييض الانتهاكات. في عام 1998، بعد ما يقرب من 30 عامًا من توظيفة في شرطة نيويورك ودوره في أعمال الشغب في تومبكينز سكوير بارك، أصبح تيموني مفوض شرطة فيلادلفيا، وصقل تيموني تكتيكاته القمعية ضد المتظاهرين في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في عام 2000. ثم أصبح تيموني قائد شرطة ميامي في عام 2003، وأشرف على أمن قمة منطقة التجارة الحرة الامريكية، ونفذ أحد أكثر ردات الفعل وحشية ضد احتجاج سياسي في الذاكرة الحديثة.

تيموني، الذي هو الآن أحد كبار المديرين في شركة أمن أندروز الدولية، وظفته وزارة الداخلية البحرينية في أواخر عام 2011 للمساعدة في علاج الانتفاضات الشعبية الشيعية بشكل أساسي والتي أصبحت مصدر إزعاج كبير للملك وحكم الأقلية السنية. والآن، بعد أن أنهى تيموني عقد السنتين، يتساءل الكثيرون عن الإنجازات والى أين نحن ذاهبون.

ماذا أنجز تيموني؟

قال الباحث الحقوقي جون هورن إنه لم ينجز شيئًا "باستثناء رصيد مصرفي جيد"، ، مشيرًا إلى راتبه السنوي الذي يصل الى 300 ألف دولار بالإضافة إلى الحوافز. أخبر هورن، من البحرين ووتش، بوليسي مايك أنه "بعد عامين، لا يزال الجلادون يعذبون، والشرطة تستخدم القوة المفرطة، والمواطنون يعانون من العقاب الجماعي بالغاز المسيل للدموع، وقوات الأمن تعمل بحصانة." ويشير موقع البحرين ووتش أيضا إلى استمرار عمليات القتل خارج نطاق القضاء، وكان آخرها ضد فاضل عباس- 19 عامًا- الذي أصيب بعيار ناري في الرأس على يد الشرطة خلال احتجاج نظم في 8 كانون الثاني/يناير. بعد أقل من عام من بدء تيموني عقد استشاراته، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أوردت ال سي إن إن مقتل أكثر من 100 مدني على أيدي الشرطة، وتضاعف العدد مع وصول تيموني إلى البحرين.

أخبرت مريم الخواجة، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، المينت برس نيوز الشهر الماضي أنهم ما زالوا يوثقون "التعذيب الممنهج والاختفاء القسري ومداهمة المنازل من قبل الرجال الملثمين بملابس مدنية، والهجمات بجميع أشكالها على الإحتجاجات. الخواجة حاليًا منفية من البحرين وكثيرون من عائلتها في الاحتجاز القسري. يقضي عم مريم وشقيقتها حاليًا عقوبات لجرائم ملفقة، وقد تم سجن والدها، عبد الهادي الخواجة، المؤسس المشارك لمركز البحرين لحقوق الانسان وأحد أبرز نشطاء حقوق الإنسان في البحرين منذ عام 2011.

في الأسبوع الماضي، صادق الملك حمد على قانون جديد لمكافحة الاحتجاجات ويسمح للنظام الملكي بفرض عقوبة السجن 7 سنوات وغرامة تصل إلى 26،500 دولار لمن يهين الملك علنًا، مع خيار تطبيق "الظروف المشددة " إذا كانت الإهانة " بحضور الملك."من خلال تضييق الخناق على أبسط أشكال التعبير السياسي، يبدو أن نظام آل خليفة يستعد لتصعيد حملة القمع ضد المعارضين، وبدعم غير مُقَيد من تيموني وقوة شرطة البحرين.

ووفقًا لتقرير صدر الشهر الماضي عن دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية الوفاق، المعارضة سياسيًا لنظام آل خليفة، هناك 745 احتجاجًا، 183 حالة اعتقال ، 207 اقتحام للمنازل، و 17 حالة تعذيب فقط في شهر كانون الأول/ديسمبر وحده. وقال سيد هادي الموسوي، الذي يرأس هذه المجموعة الحقوقية، أن أكثر من نصف الاحتجاجات " قُمِعَت من قبل قوات الأمن في البحرين، مما تسبب بإصابات في صفوف المتظاهرين واختناقات داخل المنازل كعقاب جماعي."

إحدى المشكلات الأكثر إلحاحًا في البلاد هي استخدام الغاز المسيل للدموع، السلاح المفضل لتيموني، الذي استخدمه الى حد كبير في ميامي ضد محتجي اتفاق التجارة الحرة للأمريكيتين FTAA. منذ عام 2011، كان هناك ما لا يقل عن 39 حالة وفاة نتيجة استخدام الغاز المسيل للدموع، وفقًا لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. قُتل عدد من البحرينيين نتيجة الاستنشاق المفرط للغاز، وفي بعض الحالات بعد أن أطلقت الشرطة العبوات مباشرة داخل المنازل. ولكن الشرطة كانت تستخدم عبوات الغاز المسيل للدموع أيضًا كأسلحة فتاكة. حيث أوردت البحرين ووتش أن علي جواد الشيخ - 14 عامًا- وسيد هاشم سعيد- 15 عاما- قُتلا بعد إطلاق عبوات الغاز مباشرة على الجزء العلوي من أجسادهم من مسافة قريبة.

في الواقع، الإصابات والوفيات الناجمة عن الغاز المسيل للدموع كانت المشكلة التي أطلقت من أجلها منظمة البحرين ووتش وغيرها حملة خلال الخريف الماضي لمنع قدوم 1.6 مليون عبوة غاز مسيل للدموع إلى البلاد عن طريق الضغط على المُصنعين والسلطات المسؤولة عن إصدار التراخيص. ذكرت البحرين ووتش الشهر الماضي أن حملة "أوقفوا الشحنة" نجحت في تجنب صادرات الغاز المسيل للدموع من مورد في كوريا الجنوبية، ولكن نظام آل خليفة لا يزال مصممًا على زيادة مخزونه منها.

ما القاسم المشترك بين ويكيليكس ووزارة الخارجية الأمريكية وجون تيموني؟

في مؤتمر صحفي في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بعد ما يقرب من عام على توظيف تيموني، حاولت وزارة الخارجية الأمريكية أن تنأى بنفسها عن قائد الشرطة السابق ودوره الذي لعبه في البحرين. تهربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية آنذاك فيكتوريا نولاند عندما سُئلت عن تيموني وحاولت التقليل من شأن المصالح السياسية والاستراتيجية للولايات المتحدة في هذا البلد الذي يستضيف أسطول البحرية الخامس، القاعدة البحرية الأمريكية الرئيسية في الشرق الأوسط.

ما فهمناه هو أنه في العام الماضي، دعت الحكومة البحرينية المسؤول السابق في الشرطة جون تيموني لمساعدة وزارة الداخلية في إصلاح الشرطة. هذه مبادرة من الحكومة البحرينية. [ تيموني ] لا يعمل لصالح حكومة الولايات المتحدة أو نيابة عنها.

وعندما سُئلت عن دور تيموني في البحرين، قالت نولاند أنها لا تستطيع التحدث عما ورط به نفسه داخل وزارة الداخلية، وأنها "لا تستطيع التحدث عما يفعله أو عما لا يفعله، لأنه لا يعمل لمصلحتنا". ولكن على ما يبدو، واستنادًا إلى البريد الإلكتروني الداخلي لوزارة الخارجية والذي يرجع تاريخه الى تموز/يوليو 2011 والذي نُشِر على موقع ويكيليكس في أواخر العام الماضي، فإن السفارة الأميركية في البحرين كانت تدرك جيدًا عملية التوظيف التي أمنت لتيموني هذا المنصب وكانت متورطة فيها بشكل وثيق. لم يكونوا فقط مسؤولين عن تقديم السير الذاتية التي يجري توجيهها من خلال السفارة، ولكن موظفي السلك الدبلوماسي كانوا أيضا مطلعين على المناقشات التي جرت بين وزارة الداخلية البحرينية والمرشحين المحتملين. ومتحدثًا بصراحة، كتب ضابط الأمن الإقليمي مارك سولو في بريده الإلكتروني لزميل له في السلك الدبلوماسي بأن هذا المنصب" يدعمه كبار صناع السياسة في [حكومة الولايات المتحدة ] نظرًا للأهمية الاستراتيجية لعلاقتنا مع [ الحكومة البحرينية ] والأحداث الأخيرة هنا ". وطارحًا الأهمية الجيوسياسية لدور تيموني في البحرين، يقول سولو:
تعتبر فرصة رئيسية للمشاركة مع حليف رئيسي خارج الناتو، ومن هنا مشاركتي الحالية كموظف أمن إقليمي.

فرص الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات حاسمة

بغض النظر عن مدى تورط الولايات المتحدة في توظيف تيموني، فإنه لا يمكن إنكار مصالحها. ففي حين أدانت حكومة الولايات المتحدة بفتور وحشية نظام آل خليفة ضد البحرينيين وأوقفت شحنات من الغاز المسيل للدموع إلى هذه الجزيرة الخليجية، فإنها تستمر في بيع الأسلحة إلى النظام الملكي وترفض فرض عقوبات ضد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في عائلة آل خليفة. وفقا لبرس تي في، فإن الولايات المتحدة قد باعت أكثر من 1.4 مليار دولار من الأسلحة الى حكومة البحرين منذ عام 2000، وأطلقت مؤخرًا مشروع بناء بقيمة تقرب من 600 مليون دولار لتحسين قاعدتها البحرية.

وفقط منذ أكثر من سنة، كتبت زينب الخواجة المسجونة بتهمة تمزيق صورة للملك حمد، افتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز، داعية إدارة أوباما إلى اتخاذ إجراءات حاسمة في البحرين:

إذا كانت الولايات المتحدة جادة في حماية حقوق الإنسان في العالم العربي، فإنه ينبغي لها أن توقف جميع مبيعات الأسلحة إلى البحرين، وأن تجذب انتباه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لانتهاكات البحرين، وتدعم جلسة استثنائية حول البحرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتبدأ الحديث عن العقوبات الدبلوماسية و الاقتصادية المحتملة. يجب على إدارة أوباما ان تطالب بتحميل المسؤولين البحرينيين البارزين مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان، والسماح للمنظمات غير الحكومية ومحققي حقوق الانسان في الأمم المتحدة والصحفيين بدخول البلاد، والتحقيق في الانتهاكات.

وأخبرت مريم، شقيقة زينب، المينت برس نيوز أن الحكومات الأجنبية مثل الولايات المتحدة تتجاهل الأحداث في البحرين باعتبارها " ثورة مزعجة، والأمر يرجع الى الفائدة الجيوسياسية والاقتصادية التي يحصل عليها الغرب مع ممالك مجلس التعاون الخليجي."دعت زينب الى اتخاذ " خطوات لبناء الثقة "، مثل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم زعماء المعارضة المسجونين، و" إنهاء حملة القمع اليومية."

في الذكرى الثالثة للانتفاضة، يتظاهر البحرينيون لإرسال رسالة، بالطبع، إلى الملك حمد، ولكن أيضا لتحدي دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين رفضتا حتى الآن إنهاء دعمهما لنظام آل خليفة القمعي. وللأسف، أدّى إرسال جون تيموني لاخماد المقاومة الشعبية في البلاد الى تفاقم الوضع، وبالتأكيد لم يفضِ الى التضامن مع الشعب البحريني أو تضاؤل انتهاكات النظام لحقوق الإنسان.

لم يتجاوب كل من جون تيموني ولا مسؤوليه أي شركة أندروز الدولية مع رغبتنا بالحصول على تعليق.


13 شباط/ فبراير 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus