إميل نخلة: عمق الخلافات بين مشيخات الخليج يتجلى في استدعاء السفراء

2014-03-09 - 10:55 م

إميل نخلة، موقع لوب لوغ 

ترجمة: مرآة البحرين

يشير الإعلان الرسمي الذي صرحت به أمس كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين باستدعاء سفرائها من قطر إلى وجود خلاف خطير داخل دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المحتمل أن تؤدي التغيرات الإقليمية المزلزلة التي تحدث منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي قبل 33 عامًا إلى نسف هذه المنظمة القبلية.

إن السبب المُصرح به لاستدعاء السفراء هو الدعم القطري المُتَصَور للإخوان المسلمين الذين تعتبر هذه الدول الثلاث بأنهم يشكلون تهديدًا لحكمهم. أما العضوان الآخران في مجلس التعاون الخليجي وهما الكويت وعمان فإنهما لم يؤيدا هذه الخطوة.

المملكة العربية السعودية ساخطة على قطر لأنها اعتمدت مسارًا سياسيًا خارجيًا مستقلاً فيما يتعلق بالاضطرابات العربية خلال السنوات الثلاث الماضية. وهي تنتقد قطر بشدة والسبب على الأرجح هو تراجع نفوذها في المنطقة. فعلى سبيل المثال، فشلت في الحصول على دعم جميع دول مجلس التعاون الخليجي لإرسال قوات إلى البحرين لقمع الانتفاضة المناهضة للنظام في عام 2011.

كما وأن السعوديين فشلوا في دعوتهم لتوحيد دول مجلس التعاون الخليجي. وقد حظي الموقف السعودي فقط بتأييد من ملك البحرين، فاضطر عندها السعوديون الى تعليق هذه الدعوة.

كما واختلف السعوديون أيضًا مع القطريين فيما يتعلق بموقفهم تجاه إيران وسوريا.  وباعتبار أن المملكة العربية السعودية هي أقوى عضو في مجلس التعاون الخليجي، فهي تشعر بالحنق من قطر بسبب تعاظم مكانتها الحيوية أكثر منها في المنطقة والعالم. ويشعر حكام الرياض بالقلق إزاء سعي الدوحة للحداثة والثقافة الغربية والبراغماتية السياسية والعقائدية. ولا تزال قناة الجزيرة القطرية تشكل عبئًا على السعوديين والبحرينيين.

وكان لدى مجلس التعاون الخليجي الذي أنشيء في 26 أيار\مايو 1981 هدف واحد فقط وهو الحفاظ على حكم العائلة المتوارث القبلي والسني في دول الخليج العربي ومواجهة التهديدات المحسوسة المتزايدة.

وقد شملت هذه التهديدات في ذلك الوقت الغزو السوفياتي لأفغانستان والثورة الإسلامية في إيران والحرب العراقية الإيرانية والغزو الإسرائيلي للبنان. وقد اعتبرت المشيخات والأمراء أن إيران وأنصارها الشيعة في جميع أنحاء منطقة الخليج وغيرها من المناطق هم مصدر موجة الإرهاب المتزايدة في المنطقة

وقد أجبر تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران والغزو السوفياتي لأفغانستان حكام الخليج على اللجوء إلى المسلمين السنة، بما في ذلك الإخوان المسلمين بهدف الحماية من الإتحاد السوفياتي" الملحد" في أفغانستان، و"الخطر الفارسي الصفوي"

عمد السعوديون إلى الدعوة إلى المذهب السلفي السني وتمويله للجهاد ضد هذين العدوين المتصورين. ولكن هؤلاء الحكام ومن خلال إعادة صياغتهم للإخوان المسلمين باعتبارهم العدو الحالي، فإنه يتم النظر إلى هؤلاء الحكام على أنهم منافقين وقصيري النظر. وهم أيضًا يلعبون لعبة خطيرة.

فقد عززت البحرين، على سبيل المثال، العقيدة السنية داخل البلاد ومهدت جيدًا للإخوان المسلمين باعتبارهم خط الدفاع ضد المعارضة الشيعية. وعلى مر السنين، أسس بعض القادة السياسيين ورجال الأعمال البحرينيين السنة علاقات وثيقة مع الإخوان المسلمين في المنطقة وفي أنحاء العالم، وفقًا لتقارير وسائل الاعلام.

ويعمل السعوديون والبحرينيون أيضًا على تمويل الجهاد السلفي السني في سوريا ضد نظام الأسد. وكانوا في وقت سابق قد دعموا جماعات سلفية مماثلة في العراق ضد الحكومة الشيعية. وفي الواقع، في العامين الماضيين، ذهب العديد من الناشطين السنة المتطرفين في البحرين إلى سوريا للجهاد ضد الأسد، وبموافقة السلطات البحرينية  على ما يبدو.

إن السخط السعودي والإماراتي والبحريني على قطر هو مظهر آخر من مظاهر التوترات التي تزايدت منذ سنوات داخل دول مجلس التعاون الخليجي. اعترفت هذه الدول بالتهديدات المتزايدة لحكمها في أوائل الثمانينات، إلا أنها اختلفت حتى ذلك الحين حول كيفية الرد على تلك التهديدات.

يجد نظام آل خليفة نفسه بشكل خاص في مأزق، فهو يدعم الحكومة العسكرية في مصر ضد الإخوان المسلمين، ويعتمد في نفس الوقت على الناشطين المؤيدين للإخوان لمحاربة المعارضة الشيعية وإيران التي يحملونها مسؤولية الاضطرابات في البحرين.

ومن ناحية أخرى، تسعى عمان وقطر والكويت الى إنشاء علاقات سياسية واقتصادية نشطة مع طهران معتمدين على البراغماتية والمصالح الاقتصادية المتبادلة.

خلال السنوات الثلاثين الماضية، سعى حكام دول مجلس التعاون الخليجي وراء مصالحهم الوطنية ولم يعيروا المجلس اهتمامًا على الرغم من القمة السنوية التي كانوا يعقدونها والخطاب العلني الذي يدعو إلى وحدة الخليج. وهم قلّما تعاونوا تحت مظلة الاتفاقية الأمنية الخليجية.

كان الاتفاق عند تشكيل مجلس التعاون الخليجي في أيار/مايو 1981 قد شدد على أهمية التعاون في مجالات التعليم وتدريب القوى العاملة والتنويع الاقتصادي. ولكن لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي عاجزة عن تخطي الأمن ووضع خطة عمل إقليمي تعاوني في مجالات أخرى.

أحجمت دول مجلس التعاون الخليجي عن التكامل الاقتصادي، كما جاء في الاتفاق الأصلي، وأنشأت شركات طيران وأنظمة مصرفية وشركات استثمارية ومؤسسات إعلامية منفصلة. ولكن الكويت، وعلى الرغم من تشبثها بالحكم الأسري المتوراث الإستبدادي، أنشأت ديمقراطية زائفة. أما البحرين، فقد شكلت ديمقراطية تمثيلية في أوائل السبعينات ولكنها سرعان ما ألغت هذه التجربة. وقد وضعت كل دولة نظامًا سياسيًا يتناسب مع خصوصياتها الثقافية والسكانية المتصورة بغض النظر عن التزاماتها تجاه مجلس التعاون الخليجي.

في منتصف الثمانينات عندما كنت أعمل على بحث لكتابي حول دول مجلس التعاون الخليجي، سألت أحد رجال الأعمال الخليجيين الناجحين عن رأيه بمجلس التعاون الخليجي، فأجاب بلهجة عامية أن المجلس هو مجرد كلام.

هناك فجوة حقيقية في ذهن المواطن الخليجي  بين خطاب دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها منظمة جماعية وبين إنجازاتها الاجتماعية والاقتصادية. وفي الوقت الذي تُنمي فيه الدول الأعضاء مساعيها الفردية، يبدو أن مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إلى زوال.

يذكر صناع السياسة الأمريكية والغربية دائمًا مجلس التعاون الخليجي في تصريحاتهم العلنية، ولكنهم، في الواقع، يتعاملون مع الدول الأعضاء كدول منفصلة دون أن يأخذوا المجلس بعين الاعتبار.

ورغم اتهام قطر بدعم الإخوان المسلمين، ولا سيما إيواء الداعية الشيخ يوسف القرضاوي ومشاريعه الخاصة، فإن التوتر بين قطر والمملكة العربية السعودية هو أعمق بكثير من القرضاوي وقناة الجزيرة التي تبث برامجه الخاصة.

ينبغي على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين معالجة سجلهم السيء في مجال حقوق الانسان والاستجابة لشعوبهم التي تطالب بالإصلاح الحقيقي والعدالة الاجتماعية بدلًا من إلقاء اللوم على قطر واستدعاء سفرائهم.

 

6 آذار/مارس2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus